رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف على "والليل إِذَا عَسْعَسَ والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يسأل الكثير من الناس عن معنى قول الله فى سورة التكوير "واللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ إنَّهُ لَقَوْلُ رَسولٍ كَرِيمٍ" فقال بعض أهل العلم هذه قسم من الله سبحانه بالليل والصُّبح ، كما أقسم بأشياء كثيرة ، على أن القرآن الكريم مُوحًي به من الله سبحانه بوساطة جبريل الأمين، إلى النبي صلّى الله عليه وسلم.

 

 
ومعنى عسعسَ الليل أقبل من أوله وأظلم، أو أدبر من آخره وولَّى، فهو من الأضداد التي تستعمل في الإقبال والإدبار، ومعنى تنفس الصُّبْح امتدّ حتى صار نهارًا واضِحًا فالله يقسم بالليل في ظلامه وبالصبح في نوره على أن القرآن حقّ من عنده سبحانه، فكأنه يقول: كما أن هناك فرقًا واضحًا بين الظلام والنور هناك فرق واضِح بين كلام الله وكلام غيره، فكلامه هو الحق، وكلام غيره هو الباطل الذي زعموه، وكلامه نور يهدي وكلام غيره ظلام يُضِلُّ.

 
أو كأنه يقول: إن الذي قَدَّرَ على أن يمحو النهار بالليل، ويمحو الليل بالنهار، قَدَر على أن يجعل من محمد الأمي العادي رسولاً يتلقَّى الوحي ويبلغه، ويصير به معلمًا للإنسانيّة ما لم يكن تعلَّمَه من قبل، كما قال تعالى:( وأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظيمًا) (سورة النساء : 113) .

 

وقال ابن عباس {الجوار الكنس} البقر تكنس إلى الظل، وقال العوفي عن ابن عباس: هي "الظباء" "وكذا قال سعيد بن جبير ومجاهد والضحّاك"، وقال أبو الشعثاء: هي الظباء والبقر، وتوقف ابن جرير في المراد بقوله: { الخنس . الجوار الكنس} هل هو النجوم أو الظباء أو بقر الوحش؟ قال: ويحتمل أن يكون الجميع مراداً، وقوله تعالى: { والليل إذا عسعس} فيه قولان أحدهما: إقباله بظلامه، قال مجاهد: أظلم: وقال سعيد بن جبير: إذا نشأ، وقال الحسن البصري: إذا غشي الناس، والثاني: إدباره.

 

 وقال ابن عباس:{ إذا عسعس} إذا أدبر، وكذا قال مجاهد وقتادة والضحّاك { إذا عسعس} أي إذا ذهب فتولى، وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله: { إذا عسعس} إذا أدبر، قال لقوله تعالى: { والصبح إذا تنفس} أي أضاء، واستشهد بقول الشاعر أيضاً: حتى إذا الصبح له تنفسا ** وانجاب عنها ليلها وعسعسا أي أدبر، وعندي أن المراد بقوله: { إذا عسعس} إذا أقبل، وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضاً، لكن الإقبال ههنا أنسب، كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل، وبالفجر وضيائه إذا أشرق، كما قال تعالى: { والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى} ، وقال تعالى: {والضحى . والليل إذا سجى} ، وقال تعالى: { فالق الإصباح وجعل الليل سكناً} وغير ذلك من الآيات، وقوله تعالى:{والصبح إذا تنفس} قال الضحّاك: إذا طلع، وقال قتادة: إذا أضاء وأقبل، وقال سعيد بن جبير: إذا نشأ، وقال ابن جرير: يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبيّن، وقوله تعالى: { إنه لقول رسول كريم} يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم، أي ملك شريف حسن الخلق بهي المنظر، وهو جبريل عليه الصلاة والسلام، {ذي قوة} كقوله تعالى:{ علمه شديد القوى . ذو مرة} أي شديد الخلق شديد البطش والفعل، {عند ذي العرش مكين} أي له مكانة عند اللّه عزَّ وجلَّ ومنزلة رفيعة،{ مطاع ثَمَّ} أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى، قال قتادة:{مطاع ثم} أي في السماوات، يعني ليس هو من أفناد أفناد: جماعات الملائكة، بل هو من السادة والأشراف، معتنى به انتخب لهذه

الرسالة العظيمة، وقوله تعالى: { أمين} صفة لجبريل بالأمانة، وهذا عظيم جداً، أن الرب عزَّ وجلَّ يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمداً صلى اللّه عليه وسلم بقوله تعالى: {وما صاحبكم بمجنون} قال الشعبي وميمون: المراد بقوله {وما صاحبكم بمجنون} يعني محمداً صلى اللّه عليه وسلم، وقوله تعالى:{ ولقد رآه بالأفق المبين} يعني ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن اللّه عزَّ وجلَّ، على الصورة التي خلقه اللّه عليها له ستمائة جناح، { بالأفق المبين} أي البين، وهي الرؤية الأولى كانت بالبطحاء، وهي المذكورة في قوله: { علمه شديد القوى . ذو مرة فاستوى . وهو بالأفق الأعلى} ، والظاهر أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء، لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى، وأما الثانية وهي المذكورة في قوله تعالى: { ولقد رآه نزلة أُخْرى . عند سدرة المنتهى . عندها جنة المأوى . إذ يغشى السدرة ما يغشى} فتلك إنما ذكرت في سورة النجم، وقد نزلت بعد سورة الإسراء، وقوله تعالى: { وما هو على الغيب بظنين} أي بمتهم، ومنهم من قرأ ذلك بالضاد، أي ببخيل بل يبذله لكل أحد. قال سفيان بن عيينة: ظنين وضنين سواء، أي ما هو بفاجر، والظنين المتهم، والضنين البخيل، وقال قتادة: كان القرآن غيباً فأنزله اللّه على محمد، فما ضنّ به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده، واختار ابن جرير قراءة الضاد. قلت : وكلاهما متواتر ومعناه صحيح كما تقدَّم، وقوله تعالى:{ وما هو بقول شيطان رجيم} أي وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم، أي لا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له، كما قال تعالى:{وما تنزلت به الشياطين . وما ينبغي لهم وما يستطيعون . إنهم عن السمع لمعزولون} . وقوله تعالى: { فأين تذهبون} ؟ فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن، مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقاً من عند اللّه عزَّ وجلَّ! كما قال الصديق رضي اللّه عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين، وأمرهم فتلوا عليه شيئاً من قرآن مسيلمة الكذّاب الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال: (ويحكم أين تذهب عقولكم؟ واللّه إن هذا الكلام لم يخرج من إل) أي من إله،