عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شهاد الزور تهدم عبادة مئة سنة

شهاد الزور
شهاد الزور

 التمسك بالحق من الأعمال التى يحبها الله سبحانه وتعالى، وجاء في الصحيحين عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - ثَلَاثًا؟ قُلْنَا: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ"، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
 

 هذا الحديث الشريف يبين خطر هذا الذنب العظيم الذي بادر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالكلام عليه قبل أن يسألوه فقال "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"، "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"، "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"، ثلاث مرات، وعندما أراد أن يذكر قول الزور جلس بعد أن كان متكئًا وهذا دليل آخر على عظمة هذا الأمر وخطره، ثم أخذ صلى الله عليه وسلم يكرر ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، حتى قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم "ليته سكت".

 

 وقد قرن الله سبحانه وتعالى بين عبادة الأصنام وبين قول الزور فقال ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ ونزه المؤمنين عن قول الزور وجعل من أبرز صفاتهم الابتعاد عن قول الزور وشهادة الزور فقال: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾.

 

 وما ذلك إلا لأنه من أكبر الكبائر وأعظم الجرائر وأخطر الظواهر لما يترتب عليه من الكذب، والفجور والظلم، وهدر الحقوق ونشر البغضاء والضغينة فبسببه انتزعت أملاك بغير حق وأكلت أموال ظلمًا وانتهبت حقوق بالباطل، كم بريء بسبب شهادة الزور أصبح متهمًا، وكم من متهم بسبب شهادة الزور أصبح بريئًا، وكم من قضايا باطلة ودعاوى كاذبة ألبست لباس الزور فأصبحت قضايا مصدقة، وقضايا حقيقية أصبحت بشهادة الزور باطلة مكذبة، وكم من شخص ظلم في حقه أو أودع السجن وهو بريء بسبب قول الزور وشهادة الزور.

 

 وشهادة الزور تهدم عباد مئة عام وقال تعالى (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113).

 إن شهادة الزور تسبب لشاهدها دخول النار لأنها تطمس العدل والإنصاف وتعين الظالم على ظلمه وتضيع حقوق الناس وتظلم بعضهم على حساب بعض وتعطي الحق لغير مستحقه وتزرع الأحقاد في القلوب وتعصف بالمجتمع وتقوض أركانه وتزعزع أمنه واستقراره يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يذرها".

 

وإن هذا الذنب الخطير والشر المستطير موجود ومنتشر للأسف الشديد

في أوساط مجتمعنا فكم سمعنا عن أناس يجلسون على أبواب المحاكم يبيعون ذممهم ويعرضون شهادتهم ولا يستحون أن يقولوا " تريد شهادة"، أو "تريد أحدًا يشهد معك"، فيشهد معه في أمر لم يره ولم يعلم به، مقابل ثمن بخس يتحصله، أو عوض دنيوي يأكله، أو لأجل صداقة أو قرابة، أو عداوة للطرف الثاني، أو لأجل مجاملة، أو محاباة، أو خوف منه، وقد تكون سلفًا فيشهد له في قضيته على أن يشهد له في قضيته.

 

 يشهد أحدهم شهادة مزورة أو يجمع أقوالاً ملفقة أو يوشي بوشايات كاذبة لا يخافون الله فيها ولا يخشون عقابه عليها وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول "إن بعدكم قومًا يخونون ولا يُؤتمنون، ويشهدون ولا ُيستشهدون، وينذرون ولا يوفون"، رواه البخاري ومسلم.

 

 لقد نسي هؤلاء لقاء ربهم وظلمة قبرهم ونسيوا أن الحقائق قد تقلب في الدنيا لكنها عند الله في الآخرة لن يحق فيها إلا الحق ولن يصح منها إلا الصحيح فالحق في ميزان رب العالمين وأحكم الحاكمين سبحانه وتعالى لا تنفع في رده شهادة المزورين ولا فصاحة المحامين ولا تزوير المدلسين والمزورين يقول الله جل جلاله ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنَ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ويقول سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.