رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليالى الحرمان!

بوابة الوفد الإلكترونية

«كان عمرى لا يتعدى الـ١٨ عاماً عندما أحببته وهمت به وتحديت العالم من أجله وأنا ابنة الصعيد المتصف بالعادات والتقاليد الصارمة والذى لا يعرف اهله حكايات الحب والغرام والبنت تتزوج من يفرض عليها دون اعتراض.. ولكنى واجهت أسرتى وعرضت نفسى للموت من أجل الزواج به».. بهذه الكلمات بدأت «أسماء» رواية حكايتها مع زوجها أو حبيبها الذى حول حياتها إلى جحيم رغم كل تضحياتها من أجله وأولادها.

٢٥ عاما مرت على الزواج الذى تم رغما عن أبى وأمى وعائلتى، وقاسى ابى ما قاسى من لوم وعتاب ومقاطعة العائلة له واتهامة بأنه لم يستطع تربيتى واننى خرجت عن طوعه ووضعت رأسه فى الطين كما يقال، رغم كل ذلك وتركنا قريتنا بل محافظتنا بناء على رغبة ابى خوفا من انتقام شباب العائلة منى وزوجى وتوجهنا الى عروس البحر الأبيض المتوسط الإسكندرية بجمالها وبحرها وتصورت اننى ذهبت الى جنتى فى الأرض ونلت كل المراد ولن يأتى يوم اشعر فيه بالندم على اختيارى لهذا الرجل الذى غمرنى بكلام الحب والعشق.

شهور زواجنا الاولى لا توصف سعادتها ولكنها مرت على عجل وشعرت بأعراض الحمل فى ابنى الأول وبدا زواجنا يدخل مرحلة تحمل المسئولية فهنالك طفل قادم وكأن زوجى صحا من غفوة الحب وأفاق من أحلامه وطلبت منه البحث عن عمل بعدما نفدت كل النقود التى جلبتها معى من اسرتى وبدا زوجى يطلب منى بيع بعض المصوغات الذهبية التى أتحلى بها ومرت الأيام بنا هادئة لا تحمل اى معنى انطفأت جذوة الحب وأنجبت طفلى الاول والثانى وابنتى الاخيرة. الحياة تمر بنا بالكاد نملك قوت يومنا لا اكثر فعمل زوجى لا يدر الكثير من العائد طلب منى مرارا ان اتصل باسرتى اطلب المساعدة ولكنى رفضت طلبه تماما وطلبت منه تحمل مسئوليات بيته واولاده.

ورغم قسوة الحياة وضيق ذات اليد كنت راضية واكتفيت بتربية أطفالى والكفاح من اجلهم وعثرت على عمل بسيط فى احد محلات بيع الملابس كى أزود دخلنا وتحملت عبء العمل والاولاد ولكن لم تتركنا الدنيا وحالنا. انقلب حال زوجى رأساً على عقب وأهمل البيت والاولاد وأدمن حياة السهر مع اصدقاء السوء وتحول الى مدمن مخدرات بما تعنى هذه الكلمة المرعبة من هم وذل وضياع مال، كان ينفق كل دخله عل جلسات المزاج وتحملت وحدى مسئولية الأولاد.

وفى إحدى الليالى الظلماء، طرق بابى من أخبرنى أن زوجى ألقى القبض عليه. هرولت إلى قسم الشرطة، وإحالته الى النيابة التى وجهت له تهمة التعاطى والاتجار بعد ضبط كمية من الحشيش بحوزته وحكم عليه بالسجن ٣ سنوات.

تجرعت فيها كل انواع الالم والعذاب والحوجة الى الناس كنت اقضى معظم الليالى أنعى أحظى وأصبر أطفالى على الجوع والحرمان. مرت الأيام ثقالاً مؤلمة والليالى معبأة بالخوف والحرمان.. وجاء يوم خروج زوجى من سجنه وذهبت لاستقباله خارج اسوار السجن، وقابلته بشوق السنين العجاف، وعدنا الى منزلنا واولادنا وحياتنا وتعهد زوجى بعدم العودة الى هذا الطريق مرة أخرى وأنه سوف يتفانى فى العمل لتعويضى اولادى عن كل أيام الخوف والحرمان التى عشناها.

فرحت بعهوده ولكن قلبى يخاصمه الاطمئنان ولكن صدق حدسى. لم تمر شهور حتى عاد زوجى إلى طريق الإدمان مرة أخرى وما زاد الطين بلة أنه طور من نوعية المخدرات وألقى القبض عليه ودون تفاصيل سيدى حكم عليه هذه المرة بالسجن ٥ سنوات كاملة دون نقصان، تغيرت أنا لم أعد أحزن

أو أجزع أو أهرول وراءه فى أقسام الشرطة وامتنعت عن زيارته فى السجن.

كبر اولادى فكبيرهم تخطى الـ١٨ عاما اصبحوا طلبة فى الجامعة والمدارس من عملى، نصحنى الكثيرون برفع دعوى طلاق او خلع للخلاص من هذا الرجل ولكنى رفضت العرض من اجل سمعة اولادى حتى لا يحملوا أكثر مما حملوا من سمعة والدهم المدمن وأن يصبحوا أبناء مطلقة أيضاً.

مرت سنوات سجن زوجى وعاد إلى البيت بفرده وكان اللقاء باهتاً لا معنى له والسلام بارداً شعر زوجى بهذا التغيير ولكن لم يبال نام ليلته وصحى دون عهود او وعود هذه المرة.

مرت ايام ليست بكثيرة ولكنى لم أعدها فقد مللت عد الأيام وعاد زوجى إلى سيرته الأولى وعاد لإدمانه وما زاد الطين بلة أنه نقل جلسات المزاج إلى منزلى فى عقر دارى وليس فقط.

لن تصدق سيدى أنه استقطب ابنه فلذة كبده إلى طريق الإدمان وأصبح يحضر معه جلسات المزاج باختصار حول ولدى إلى مدمن، نعم هذا ما حدث.

تطورت حياتى بشكل دراماتيكى سيدى لا تصدق سردى لك تعرفت ابنتى الكبرى على شاب ملتزم وجاء لخطبتها من والدها ورجوته كثيرا كى يحسن مقابلته من أجل سعادة ابنتنا ولكن ما حدث كان كارثياً،  افتعل مشاجرة مع الشاب وتعدى عليه بالضرب المبرح وخرج الشاب مكسور الخاطر واصيبت ابنتى بانهيار عصبى.

وهنا كان لا بد من وقفة، لملمت اولادى وتركت منزلى حفاظا على ما تبقى من كرامتى  وتدخل الجيران واصروا ان ابقى فى منزلى ويطرد هو ليجد مكانا اخر لجلسات مزاجه التى فاحت رائحتها فى المنطقة..واخذت القرار الصعب أقمت دعوى خلع كى انزع هذا الهم من قلبى والذى لازمنى ٢٥ عاماً وتصورت أننى سأنهى مرحلة عصيبة من حياتى وألملم أولادى مرة أخرى فى حضنى وأحاول إنقاذ ابنى.

علم زوجى بدعوى الخلع التى أقمتها ضده، جن جنونه انتظرنى عند خروجى من المنزل وانهال علىّ بسلاح أبيض مزق وجهى وجسدى وأصابنى بنزيف داخلى نقلت إلى المستشفى بين الحياة والموت وألقى القبض عليه، وها أنا أمامك امرأة مشوهة ليست خارجياً فقط بل داخلياً.

ولكن رغم ألم الجروح أشعر بالراحة فقد انتهت ليالى الحرمان وسأكمل دعوى خلعه وأنتظر خلاصى منه وسأترك هذه البلاد وسأعود إلى حضن أهلى كى أعتذر على فعلتى وحبى واختيارى!