رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوصية .. متسولة تترك ثروتها لسيدة ثرية تعرف على السبب

بوابة الوفد الإلكترونية

اعتاد أهالى المنطقة التى تقيم فيها أن يشاهدوها فى إشارات المرور وعلى الأرصفة وفى محطات المترو تبيع المناديل الورقية وتتسول من المارة، لم يروها يوماً غيرت هذا الجلباب الأسود البالى المتسخ الملىء بالرقع، هكذا اشتهرت بينهم منذ أن صحوا يوماً وجدوها بينهم ومن خلال لغتها عرفوا أنها آتية من صعيد مصر.

شعروا بالقلق من غموضها وإصرارها على إخفاء حكايتها عن الجميع ولكن هذا القلق لم يمنع أحد أصحاب العقارات من منحها غرفة متواضعة أعلى سطح العقار ووضع لها بها كنبة كان قد وضعها فى مخزنه ومنحها أصحاب القلوب الرحيمة بعض الأغطية وعاشت بينهم، ولكن ابتعد عنها الجميع بسبب غموضها وحالتها الغريبة كانت تخرج صباح كل يوم ولا تعود سوى آخره، أعتقد الجميع أنها تسعى للحصول على قوت يومها.

بائسة هى الحزن لا يفارق وجهها وأحياناً كثيرة تنساب الدموع من عينها دون أن تدرى ربما تعاطفوا معها ولكن دون إظهار ذلك فغموضها وعدم معرفة من أين أتت أو لماذا، جعل الجميع يشعر بالريبة تجاهها والجميع سرد حكايات حولها ربما هاربة من شىء ما.. ربما ثأر، ربما زوجها.. والكثير من الظنون ولكن لم يستطيعوا أن يصلوا إلى سر وجودها.

هكذا عاشت بينهم نفروا منها وابتعدوا إلا امرأة ثرية معروفة للجميع اقتربت منها رغم اعتراض زوجها على علاقتها بها ولكن السيدة أبت ألا تساعدها وتسأل عنها باستمرار وتأتى إليها بكل ما لذ وطاب من الأطعمة فى كل المناسبات وتحضر لها الملابس التى رفضت العجوز ارتداءها وأصرت على ارتداء جلبابها البالى وكأنها أخذت عهداً على نفسها ألا تنزعه عن جسدها إلا عند الموت.

مرت الأيام والسنون على العجوز الغامضة كما بدأت، الكل يبتعد عنها وهى مستمرة فى التسول وبيع المناديل الورقية وبقيت السيدة الثرية على علاقتها بها لا تنقطع عنها بل قضى لها حاجتها وتجلب لها ما تحتاجه وما لا تحتاجه.

وعندما شعرت العجوز بالعجز ولم تعد قدماها قادرتين على حملها توقفت عن الذهاب إلى إشارات المرور ومحطات المترو واتخذت من رصيف لا يبعد كثيراً عن المنطقة مكاناً لها تبيع فيه

مناديلها ومن يرغب أن يساعدها كان يأتى إليها وبقيت هكذا حتى أصيبت بمرض عضال ولم تعد تقوى على الحركة وأصبحت طريحة الفراش.

أتت إليها صديقتها بالأطباء والأدوية ولم تتركها يوماً واحداً لم تزرها أو تسأل عنها والعجوز يوماً بعد آخر تتدهور صحتها وفى أحد الأيام جاءت السيدة لزيارتها ومعها زوجها الذى أمرها أن تصعد لرؤيتها والعودة مسرعة فهو أيضاً لم يكن يشعر بالراحة تجاهه ولكنه سمع صوت بكاء زوجته وهو خارج الحجرة فقد ماتت العجوز ومعها سرها.

واتفق الجميع على دفنها فى مقابر الصدقة، وتكفلت السيدة الثرية بكافة المصاريف.. لم تنته الحكاية هنا.. جاء صاحب العقار لاسترداد الحجرة وطلب من بعض العمال التخلص من محتوياتها وإحراقها، وبدأوا بالفعل فى ذلك.

وأثناء لملمة حاجيات العجوز المتسولة عثروا بداخل كنبة بالية على نصف مليون جنيه.. نعم هذا رقم صحيح وكمية من المصوغات الذهبية.. كما وجدوا ورقة قديمة سطرت بخط يكاد يقرأ بالكاد توصى فيها العجوز بنصف ثروتها للسيدة التى أحبتها وكفلتها ولم تبتعد عنها مثل الجميع وأعطتها من وقتها الكثير، والنصف الآخر من الثروة للجمعيات الخيرية واليتامى.. وقف الجميع فى ذهول من هول ما حدث ومن العجوز التى جاءت إليهم من المجهول وبقيت بينهم ما يقارب نصف قرن دون أن يعرف عنها أحد شيئاً وتركت وصية تعجب منها الجميع، وانتهت حكاية المتسولة الغامضة دون الوصول إلى سرها.