عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"سيف" شهيد لقمة العيش..الطفل سيف ذبحه مجهولين وسرقوا التوك توك

بوابة الوفد الإلكترونية

يعم الصمت أرجاء المكان، وتتحرك الرياح يمينًا ويسارًا، فتتخلل المنازل، تدخل من أبوابها وتخرج من نوافذها، اللون الأسود يكسو القرية، التى أعلنت حدادها، على فقيدها الذى لم يعرف من الدنيا إلا الشهامة والوقوف بجانب كل من يحتاجه، واسمًا يتكرر على الألسنة، يتمتم به المارة، ويفصح به الجالسون، وصوت يأتى من بعيد «هو فى حد زى سيف»، وآخرون يحدثون أنفسهم بكلمات مسموعة «هو عمل ايه عشان يتعمل فيه كدا»، لحظات لا تنسى مرت على عدسة «الوفد».. وهى تتنقل فى قرية القلج التابعة لمركز الخانكة محافظة القليوبية، تبحث عن منزل الطفل «سيف»، الذى راح ضحية الغدر.

تمتد جميع الأصابع، لتشير بعيدًا، إلى بيت متواضع، فى نهاية الشارع، الجميع يعرف المنزل، فاسم «سيف» قد ترك بصمة فى قلوب الجميع، لا أحد يجهله، وصوت عذب يعلو كلما اقتربنا من البيت، إنه صوت القرآن الكريم، يرافقه صوت أنفاس مرتفعة، مصحوبة ببكاء متقطع، إنها الأم، تنتابها حالة من التشنج، والصراخ المرتفع على مدار اليوم، كلما سمعت أسم فلذة كبدها، والتى لم تصدق بعد أنه ذبح بيد الغدر، لسرقة التوك توك الذى يعمل عليه.

رجل يجلس بجوار الام المكلومة، واضعًا يده على خده، انه «رجب سيف»، والد الضحية، الذى أخذ نفسًا عميقًا، ملأ صدره، حتى يستطيع أن يروى لنا ما حدث مع نصف قلبه، مبتدأ كلامه، كان سندى وذراعى اليمين، وشايل البيت على كتفه، لا يكل ولا يمل، رغم صغر سنه، فهو بالنسبة لنا كان «راجل البيت»، تحمل مسئولية المنزل بجانب دراسته فى الصف الثالث الإعدادى، فكان يعود من المدرسة، ليعمل سائق على توك توك، ليساعدنى فى مصروف البيت، جميع أهالى القرية يشهدون بمواقفه الرجولية معهم، يخفًض الأجرة، للمساكين، قلبه قلب رجل شارف على الأربعين.

ويتابع الأب حديثه، فى يوم الواقعة عدت من عملى متأخرًا، ومنهكًا، فقد غمر التعب كل جسدى، حيث إن عملى شاق للغاية، فأنا أعمل فى مجال المعمار، جلست داخل غرفة نومى أقاوم النُعاس، فمن عادتى ألا أنام حتى يعود « سيف»، وأطمئن أن كل البيت بخير، وفجأة حضر رشاد صديق نجلى صارخًا، «يا عم رجب إحنا مش عارفين مكان سيف دورنا عليه فى كل مكان ومش موجود».

أكمل الأب خرجت لأبحث عن ابنى، حدثتنى نفسى ربما يكون ذهب لمكان بعيد، وتعطل منه التوك توك، ساعدنى أهل القرية على البحث فى كل مكان لكن دون جدوى، فكرت أنه تم حجزه

فى مركز الشرطة، لقيامه بارتكاب مخالفة، ذهبت إلى القسم والمركز، ولم أجد سيف بعد، وبدأ يتسرب القلق إلى قلبى، واهتز كيانى، إلا اننى تمالكت نفسى، أتعلق ببصيص أمل، بأن زوجتى ستتصل بى لتخبرنى بأن سيف عاد للمنزل.

وأضاف الأب المكلوم، وفى أثناء ذلك سمعت أحد الجيران يقول، إنه وجد جثة شاب، فى مكان بعيد على جانب الطريق، وقعت على الكلمات كالصاعقة، وذهبت على الفور إلى المكان الذى أرشدنا إليه، واقتربت من الجثة ويملؤنى الخوف، فوجدته طفلى سيف جلست أحرك رأسه، وأقترب من صدره، أملًا أن أستمع لنبضة من نبضات قلبه، أى شىء يخبرنى بأنه مازال حيًا ولكن قد نفذ أمر الله، فالمجرمون تعدوا على سيف بـ4 طعنات بالكتف و8 طعنات بالبطن، وطعنة بالرقبة، ثم سرقوا التوك توك.. قتلوا «فلذة كبدى»، لم أعتبره يوما ابنى بل كان صاحبى، أشاركه فى رأى، وفى همومى وافراحى وأحوال الأسرة والأزمات كان سندى.

واشتدّ بكاء الأم كثيرًا، التى لم تقتنع بعد أن فلذة كبدها لن يعود ولن تراه، وقالت بأى ذنب قتلوه ماذا فعل لهم، حتى ينهوا حياته.. ليه كدا، توقفت كلماتها، واختفى صوتها، ثم رفعت يدها لرب السماء، تدعو على من تسبب فى حرمانها من إبنها، وأن يلهمها ربها هى ووالده الصبر والسلوان.

حتى تلحق به عاجلًا وليس اجلًا وأصبح كل هم الأب هو البحث من قاتلى ابنه وأصبح مشواراً فى الأساس كل يوم هو الذهاب إلى قسم الشرطة لسؤال رجال الأمن هل توصلوا إلى قاتل ابنه.. ومازال منظرًا ربما القبض عليهم يريح قلبه ولكن هيهات منذ انفطر القلب بغياب سيف.