رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زفاف إلى القبر.. !!

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 «يا فرحة ما تمت»، مثل مناسب ينطبق على عروس شاء القدر أن يتحول عرسها إلى مأتم، وبينما كانت فى أوج الاستعدادات لحفل زفافها توفيت هى وأسرتها عقب اندلاع النيران فى شقتها، وفى أقمشة العرس.

 وبكى «عم على»، الموظف بالمعاش، أمام جثتي زوجته ونجلته العروس، التى كانوا يقومون بتجهيز تنجيدها ومتطلبات الزفاف، التى كانوا يحلمون به منذ ولادة طفلته، التى كان يحلم أن يراها عروسًا يقوم بتسليمها إلى عريسها، وليس إلى المقبرة، وهو أصعب شىء عليه، لم يعلم أن اليوم الذى حلم به كثيرًا هو وزوجته، وكان يبكى عندما يتأخر ميعاد زفاف نجلته، أنه سوف يكون وفاتها وليس دخولها لدنيا أخرى.

 وقال «علي» أنا راجل بالمعاش، ونقيم بأحد العقارات القديمة بمنطقة محرم بك، ولأن تلك العقارات الأسقف بها خشبية ومهلكة، تسببت فى اندلاع النيران بجميع أجزاء العقار، ما تسبب فى الحادث.

 وانهار فى بكاء مرير قائلًا: قبل الحادث توجهت زوجتى «ونجلتى» لشراء أقمشة التنجيد التى كان من المقرر عرسها الأسبوع المقلا، وأننى أنفقت كل ما أملك من أجل توفير احتياجاتها، لأنها أول فرحتى، وكنت أحلم بيوم عرسها منذ وقت أن جاءت للدنيا، ووضعتها على أيدى، وأن أقول لنفسى أشوفك عروسه وأسلمك إلى يد عريسك، وأطمئن عليك، ولم أعلم أنه سوف يأتى اليوم، الذى بدلًا من أن ترتدى نجلتى ملابس العرس، ارتدت «الكفن»، وبدلًا من أن أسلمها لعريسها سلمتها إلى قبرها.

 مات أول فرحتى وزوجتى التى كافحت معى طوال السنوات من أجل أن تحصد نتيجة كفاحنا، وأن نرى أولادنا فى الكوشة، ولكن انهارت أحلامى عقب علمى بالحادث المرير.

 وتابع «على»، أثناء قيام زوجتى بإعداد الطعام على البوتاجاز المسطح بجوارها فى الأرض سخن «محبس» البوتاجاز وانفجر فى وجههم، ما أدى لاشتعال النيران فى أقمشة التنجيد، واندلاع النيران فى أسقف الشقة الخشبى، وأثناء ذلك كنت نائمًا فوجئت بالنيران تصيبنا بحروق خطيرة بالجسم، وأصابتنى بحروق فى القدم، حاولت القفز من الشباك لأن النار كانت انتشرت فى كامل أجزاء الشقة.  وحضرت سيارات المطافى بعد

اندلاع الحريق بنصف ساعة، وتمكنوا من إنقاذى من شباك الشرفة، وتم نقلى للمستشفى لتلقى العلاج.

 وللأسف تسببت النيران فى انهيار أسقف الطوابق التى فوق شقتى لأن جميع الأسقف الخشبية والنيران اندلعت بها.

 انتهى الحريق وانطفأت النيران، ولكنها أخذت معها أعز وأغلى ما أملك ابنتى العروس وأمها.. تفحم جنينها تمامًا كما احترق فستان العرس وتجهيزاته، تحول المنزل الذى كان ينتظر الفرح والسعادة إلى مقبرة، إلى خرابة.. اطفأت النيران وانطفأ معها نور الحياة فى عينى.. ذهبت بفرحتى وحياتى وسعادتى.. وبدلًا من أزف ابنتى إلى منزلها وعريسها زففتها إلى القبر.. نعم إلى القبر.. إنه القدر الشىء الذى حرمنى من أقل حق لى فى الحياة والسعادة، كما حرمنى على مدار حياتى منها.. تصورت لبعض الوقت أن الدنيا رضخت عنى وستمنحنى بعضًا من السعادة وراحة البال، وماذا أطلب أكثر من أن أرى ابنتى بجانب عريسها فى الكوشة، وأنتظر أول حفيد لى، كل هذا كان يمر أمام عينى ليلًا ونهارًا لم أكل أو أمل عن التمنى والأحلام ورؤيته واقعًا أمام عينى.. وماذا يمنع ذلك تقديم تجهيز كل شىء.. كل شىء أيام ويتم الحلم ويتحقق الرجاء، وتدخل ابنتها قفصها الذهبى.. ولكن، كما يقال، ليس للفقر نصيب فى السعادة.. اندلعت النيران أحرقت كل شىء، وأخذت ابنتى إلى حيث اللاعودة، أقدمت فرحتى، وزفت عروس الدنيا إلى المقبرة.