رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سعاد حسنى تتألق وماركيز عاد ليحكى من جديد ومحى الدين ابن عربى نجم الليالى الجائحة

 

لسنوات طويلة ماضية تلبسنى شعور ضاغط بان الايام تتسرب من بين يدى كالماء لاأستطيع الامساك بتفاصيلها الصغيرة ، أعرفها من بعيد وكأنى خارج الدائرة اليومية للبشر، ليس لدى وقت لالتقاط الأنفاس ، بل إن نزلة برد طارئة ستلزمنى دفء الفراش لأيام معدودة نوع من الرفاهية ليس لأمثالى، فلازال هناك عمل لم يكتمل بعد ، فأدبيات الكفاح والسعى وراء الرزق جعلنى أنسى أننى جزء من تلك الحواديت البسيطة التى تحكى كل صباح بين من يعرفونني.

حتى فرضت على العزلة منذ مائة وعشرين يوماً ، بعدما تم الاعلان عن أن هناك فيروسا يسمى كورونا يجتاح العالم ويحصد الارواح بلاهوادة وفى كل اتجاه ، فى البداية انتابنى شعور بالذهول وأن نهايتى تقترب وأنا لازلت أركض دون توقف ، ثم عدم التصديق بأن اليقين الذى عشت به سنوات قد تبخر وأن الاستيقاظ مبكراً لدخول مصنع الحياة القاسى خوفاً وطمعاً فى تأمين الحياة، ماهو إلا تصحر وتجريف لكل ما أحب وأعشق ، لذلك أجلس اليوم فى فضائى اللانهائى ووحدتى الجبرية لكى أكتب عن يوميات العزلة وأبدأها بتقديم جزيل الشكر لهذا المجهول كورونا لأنه أتاح لى بعد سنوات عجاف أن أخرج لنفسى لكى أمرح معها بما قمت بتأجيله تحت مبررات عديدة أبسطها : لا وقت عندى .. فهناك آخرون ينتظروننى أن أفعل.

وسواء عشت أم أخذنى فيروس كورونا مع من أخذ ستظل أيام العزلة هى أصدق الفترات فى حياتى مارستها .

= محى الدين بن عربى =

فى زمن الخوف والعزلة لم يطمئن قلبى الا عندما لجأت إلى الله ، ومن أجمل ماصاحبت فى محبة الخالق فى ساعات الليل الطويلة الساكنة الشيخ الأكبر وسلطان العارفين « محى الدين بن عربى « المولود عام 1165 م فى مرسية فى الأندلس حينما كانت الحضارة العربية تنشر وهجها على ماتعرف اليوم باسم اسبانيا ، وتوفى فى دمشق عام 1240م.

ويُعرف ابن عربى لدى أتباعه ومريديه من الصوفية بألقاب عديدة، منها: البحر الزاخر،ورئيس المكاشفين.

وقد انتشرت تعاليم ابن عربى بسرعة هائلة عبر العالم. ولم تكن كتاباته حكراً على نخبة المسلمين، بل وجدت طريقها إلى الطبقات الدنيا من المجتمع نتيجة انتشار المد الصوفي. كما تُرجمت أعمال ابن عربى إلى اللغات الفارسية والتركية والأردية وهى لغة واسعة الانتشار فى الباكستان والهند، وتكتب بالأحرف العربية. فوقتها، كان عدد كبير من الشعراء يتبعون المذهب الصوفي، وكانت أفكار ابن عربى بمثابة إلهامٍ كبير لهم.

وتعود عائلة ابن عربى إلى أصول مختلفة ومتداخلة، فمثلاً، كان والده عربياً أصله من إحدى أشهر وأبرز قبائل العرب، وهى قبيلة طيء. أما والدته، فكانت من البربر الذين قطنوا شمال أفريقيا.

ومن أشهر ماكتب ابن عربى هو كتاب “الفتوحات المكية” الذى يعد أهم مؤلَّف فى التاريخ الإسلامي، ومن مؤلفاته كتاب “تفسير القرآن” الذى يقول فيه صاحب كتاب فوات الوفيات محمد بن شاكر الكتبى أنه يبلغ خمساً وتسعين مجلداً وربما هذا هو كتاب التفسير الكبير الذى بلغ فيه إلى سورة الكهف عند الآية: “وعلمناه من لدنا علما”، ثم توفى قبل أن يتمّه.

وله أيضاً: “فصوصُ الحِكَم” الذى يقول فى مقدمته أنه رأى الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم فى المنام وأعطاه كتابًا وقال له أخرجه للناس ينتفعون به، فأخرجه كما هو من غير زيادة ولا نقصان.

وله أيضاً من الكتب: “ترجمان الأشواق”، و “التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية”، و“مواقع النجوم ومطالع أهلّة أسرار العلوم”، و “كشف المعنى فى تفسير الأسماء الحسنى”، و“المعارف الإلهية”، وغيرها الكثير من الرسائل الصغيرة.

وقد قام الدكتور “عثمان يحيى” رحمه الله بتأليف كتاب قيّم فيه مؤلفات الشيخ الأكبر سمّاه: مؤلفات ابن العربى تاريخها وتصنيفها، وهو باللغة الفرنسية وتعد طبعة نادرة ، ثم ترجمه الدكتور أحمد الطيبى إلى اللغة العربية ونشر عام 2001 من قبل الهيئة المصرية العامة للكتاب.

وقد عاش ابن عربى فى زمن الفلاسفة العظام ابن رشد ، والسهروردى ، وجلال الدين الرومى .

يقول ابن عربى فى أحد تجلياته : لاراحة لك من الخلق ، فارجع إلى الحق فهو أولى بك!.

تذكرت ذلك المعنى العميق لابن عربى، وهو يجالسنى فى زمن الكورونا وكل نفس بشرية وحيدة على الرغم من أنها محاطة بملايين المخلوقات، وبدأت أقرأ ماكتبه جيمس موريس أستاذ اللاهوت الإسلامى فى جامعة بوسطن  فى تحليل شخصية ابن عربى حيث يقول: ان وجهات نظر ابن عربى (مثل وجهات نظر العديد من المعلمين الصوفيين الآخرين) تركّز على الواجبات والمسؤوليات التى يتشاطرها البشر -روحياً وأخلاقياً وفكرياً- بدل التركيز على ما يُفرّقهم. ولذلك لا يزال ابن عربى جذّاباً للغاية بالنسبة للباحثين الجدد.

إن أسلوب ابن عربى التفسيرى فى ردّ التعاليم الدينية المُنزّلة إلى تجربتنا الروحية الضمنية، التى نتشاركها كبشر فى كل الأزمنة والمواقف. لقد قدّم ما يمكن أن نسمّيه «ظاهرة روحية» عالمية، فى إحالة إلى الأشكال الروحيّة للوعى والخبرة التى يستطيع

البشر الوصول إليها مهما كانت ثقافتهم ولغتهم.

وعن تأثير شيخنا ابن عربى فى عصر الحروب الكبرى ورحلات الفضاء والقرية الكونية يقول  موريس: هناك سلسلة معقّدة كاملة من التأثيرات لابن عربى تمتدُّ حتّى يومنا هذا. ويمكن أن نأخذ كمثال، تأثّر الشاعر الفارسى حافظ الشيرازي، الذى عاش بعد حوالى مئة عام، بعمق بتعاليم ابن عربي. ومن ثم بعد عدة قرون، تعلّم الشاعر والأديب الألمانى «غوتة» الفارسية ليقرأ شعر حافظ. ليس فقط كتاب غوتة الشهير «الديوان الشرقى للمؤلف الغربي» بل أيضاً الكثير من مسرحيته «فاوست» تستند بعمق إلي فهم القرآن الذى نُقِل إلى الشاعر الألمانى عن طريق شعر حافظ. ومن ثم فى يومنا هذا، حين نواجه إعادة السرد الاستثنائى لفاوست فى فيلم المخرج الألمانى «فيم فيندرز» الشهير «أجنحة الرغبة»، تبقّى القصة بشكل مذهل قريبة إلى تعاليم القرآن لدرجة أننى غالباً ما استخدمها لتعريف طلاب السنة الأولى بالقرآن.

= ماركيز يعود =

« الحب فى كل زمان وفى كل مكان، ولكنه يشتد كثافة، كلما اقترب من الموت»، والمرء لا ينتمى لأى مكان مادام ليس فيه ميت تحت التراب”و“ لا تتوقف عن الابتسام حتى وإن كنت حزينًا فلربما فتن أحد بابتسامتك.” و “البشر لا يولدون دوماً يوم تلدهم أمهاتهم , وانما تجبرهم الحياة على ولادة انفسهم بأنفسهم ثانية ولمرات عديدة”.. من هنا عرفت كيف تتسع عيناى وتضيق من سيناريوهات الحياة المدهشة ، والفضل يرجع لابن غابرييل إيليخيو ولويسا سانتياجا ماركيث ، والشهير بغبرييل ماركيز المولود فى مدينة  أراكاتاكا، فى كولومبيا عام 1927، كما يشير الروائى الشهير فى مذكراته ذات المجلدات الثلاثة والتى منحها عنوان يلخص سر الوجود البشرى : « عشت لأروى « .

حيث يمثل غارثيا ماركيث صورة ساطعة فى ألبوم الادب الأمريكى اللاتيني.

وقد جذبت أعماله العديد من النقاد، فيما أشاد العديد من الباحثين بأسلوبه وإبداعه الخاص. وعلى سبيل المثال، قام الكاتب التشيلى بابلو نيرودا، الحائز على جائزة نوبل، بتناول عمله مئة عام من العزلة، واصفًا إياه: «بأنه أعظم إنجاز فى تاريخ اللغة الإسبانية منذ كتابة ثيربانتس لروايته دون كيخوطى فى بدايات القرن السابع عشر».

ووفقًا للناقد الكولومبى كارلوس فوينتس ، فإن غارثيا ماركيز اكتسب واحدة من أعظم ملامح الخيال الحديثة؛ حيث تبدأ عملية تحرير الوقت بدءًا من اللحظة التى تسمح للإنسان بأن يعيد اكتشاف نفسه وزمنه.

فصاحب نوبل عام 1982 ماركيز، الذى أبدع رواية الحب فى زمن الكوليرا ومائة عام من العزلة – والتى اقتبست منها عنوان موضوعى بتصريف - وذكريات عاهراتى الحزينات والجنرال فى متاهة ، يقدم لنا قبل أن يعانى من الزهايمر فى سنواته الأخيرة، ويتُوفِى فى مكسيكو سيتى فى 17 أبريل 2014 فى سن الـ 87، موضوع العزلة بألف وجه، فنحن البشر التعساء نحيا لكى نشعر بالوحدة فى الحب .

= سعاد حسنى تتألق =

ليالى الكورونا تأبى ان تنتهى ، تعاند البشر بجرأة وجبروت ، تساومهم الحياة بلا شفقة أو رحمة ، أنتظر الالطاف الالهية رحمة بالعباد والبلاد ، وصوت صانعة البهجة سعاد حسنى  يلمع كالماس وهى تردد فى الآجواء رباعية عمنا صلاح جاهين :

“إنسان .. أيا انسان ما أجهلك

ما أتفهك فى الكون وما أضألك

شمس وقمر وسدوم وملايين نجوم

وفاكرها يا موهوم مخلوقة لك؟

عجبى”