رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بيرم التونسي ..شاعر المنفى الذي حارب الفساد وحاربه الإنجليز

صورة بيرم التونسي
صورة بيرم التونسي

بيرم التونسي، شاعر الشعب، وشاعر المنفى، أشهر شعراء العامية المصرية والعربية على السواء، صاحب النقد اللاذع والأسلوب الساخر، أكثر من صور مشاكل الناس والفقراء. وُلد في (23 مارس 1893 ، وتوفي في  5 يناير ، 1961،   حيث حلت ذكراه هذا الشهر.

شهرته "بيرم التونسي" شاعر مصري، ذو أصول تونسية، ويُعد من أشهر شعراء العامية المصرية، ولد الشاعر بيرم التونسي لعائلة تونسية، كانت تعيش في مدينة الإسكندرية، بحي السيالة، وفي وقت مبكر من بداية شبابه، ربط الفن بينه وبين سيد درويش، وعمق صداقتهما، وجمعهما في السهرات الفنية التي كانت تشهدها الإسكندرية في ذلك الوقت، وكتب بيرم لسيد درويش عدة أغان. خطى على نهج "أزجال محمد توفيق "،صاحب جريدة "حمارة منيتي" آنذاك، وكان هذا بمثابة بداية لسريان روح النقد اللاذع في دمه، فأسلوب محمد توفيق في هذه الجريدة كان يتسم بقمة السخرية، وتعمق في طريق الأدب والفن بواسطة أستاذ تركي اسمه محمد طاهر، وقد رأى في بيرم ميله للشعر فأهداه كتاباً في فن العروض، وكان هذا الكتاب نقطة تحول فاصلة في حياته، حيث بعدما انتهى منه حاول كتابة بعض الأزجال والشعر، وبعد مروره بفترة من التعاسة المبكرة، لم يجد بيرم من الشعر والزجل إلا مخرجًا.

* بيرم ومحاربته للفساد:

  بدأت خطوات بيرم مع دفع الفساد بقصيدة "المجلس البلدي" التي رددها أهالي الإسكندرية، فلا يوجد من لم يتكلم عنها، أو يحفظها، وجعل بها بيرم المجلس "مسخرة" على ألسنة الناس، وذلك بسبب مفاجأة بيرم ذات يوم بالمجلس البلدي في الإسكندرية،  يحجز على بيته الجديد، ويطالبه بمبلغ كبير كعوائد عن سنوات لا يعلم عنها شيئًا، وقرر أن يرفع راية العصيان ضد المجلس البلدي، ونشرت القصيدة كاملة بجريدة «الأهالي» وفي الصفحة الأولى، وكانت أول قصيدة تُنشر لبيرم، وقد طُبع من العدد الذي نشرت فيه أربعة آلاف نسخة، وكانت النسخة تباع بخمسة مليمات، وأحدث نشرها دوياً، كما طلب موظفو المجلس البلدي ترجمتها إلى اللغات الأجنبية ليستطيعوا فهمها، فقد كانوا جميعاً من الأجانب، ولكن سرعان ما أدرك بعد فترة أن الشعر وسيلة محدودة الانتشار بين شعب 95 في المائة منه لا يقرأون؛ فاتجه إلى الزجل، ليقرب أفكاره إلى أذهان الغالبية العظمى من المصريين، وكانت أزجاله الأولى مليئة بالدعابة والنقد الصريح الذي يستهدف العلاج السريع لعيوب المجتمع، وكان يعتمد في لقطاته الزجلية على السرد القصصي. ولم يكتف بيرم بهذه القصيدة ليدفع الفساد والبطش، بل نشر قصيدة "البامية الملوكي والقرع السلطاني" التي تسببت بغضب الملك فؤاد عليه وإبعاده عن مصر ونفيه إلى "تونس"، وبتوصية من زوج الأميرة فوقية ابنة "الملك فؤاد"، حيث هاجمه في مقال تحت عنوان "لعنة الله على المحافظ" حيث كان آنذاك محافظًا للقاهرة، وما إن وصل لتونس حتى بدأت معاناته بسبب تضييق الخناق عليه لأنه مشاغب ومثير للمتاعب، حتى رحل إلى باريس ليبدأ مرحلة جديدة من المعاناة، ولكن لم يطق هذا

الحصار ، فعاد إلى مصر متخفيَا، وبدأ يكتب من جديد الأزجال السياسية بشرط ألا يُوضع اسمه، واتسمت بالنقد للحكم بل تخطت ذلك بكثير، وأدى تعقد الأحوال السياسية وتشابكها، وانشغال القصر بالصراعات مع المعارضة إلى اطمئنان بيرم وإلى تماديه في كتابة أزجاله التي تترجم إحساسه بالضيق والثورة، ولكن هيهات، فقد قُبض عليه للمرة الثانية وتم ترحيله إلى باريس، وبعد تسع سنوات قضاها في فرنسا بعد نفيه من مصر للمرة الثانية، لا ينقطع فيها بيرم، رغم الألم النفسي والجسدي الذي عاناه، عن تأليف أبدع الأزجال التي كان يرسلها إلى الصحف وناشري الكتب بصفة مستمرة، ولم يمنعه من مواصلة الكتابة سوى خروج الصحف الفرنسية ذات يوم وبها إنذار يطالب الأجانب بالاستعداد لمغادرة البلاد والعودة إلى أوطانهم فورًا، وهذا ما جعله يقول: الأولة مصر

  قالوا تونسي ونفوني

  والتانية تونس

 فيها الأهل جحدوني

 والتالتة باريس

 وفيها الكل نكروني

  وأثناء ترحيله لبلد إفريقي، هرب مرة أخرى إلى مصر وهنا طلب العفو عنه وقد كان، وذلك لأن محمد محمود رئيس الوزراء ومحمود فهمي النقراشي وزير الداخلية، وأحمد حسانين الأمين الأول في القصر،كانوا من أشد المعجبين ببيرم، وكانت أول مرة ينشر فيها الأهرام زجلاً في الصفحة الأولى كان لبيرم التونسي.

 اشترك بيرم في ثورة "1919"، وفي ثورة "1952" حيث كان جالسًا على أحد المقاهي حين  سمع في الراديو إعلان الجيش قيام الثورة، فيقف ليقول للمستمعين زجلًا على نفس وزن بحر الزجل الذي شتم به السلطان فؤاد، ويبدأ هذا الزجل بنفس مطلع الزجل القديم، فيقول: 

العيد ده أول عيد عليه القيمة

 مافيهشي تشريفة ولا تعظيمة

  صابحين وأعراضنا أقله سليمة

 والقيد محطم والأسير متحرر

 مرمر زماني يازماني مرمر

 

فارتبط بيرم بوجدان الناس وأذهانهم بسبب تلك الأزجال والأغاني الوطنية التي تغنى بها الشعب ومازال يتغنى بها، ومنها أغنية " يا جمال يا مثال الوطنية"، "بالسلام احنا بادينا".  منحه الرئيس "جمال عبد الناصر" جائزة الدولة التقديرية عن جهوده في الأدب والفن عام 1960.