رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في ذكرى ميلاد صاحب القنديل ..عندما يصبح النقد تنويرا للمجتمع

يحيى حقي
يحيى حقي

حانت اليوم ذكرى ميلاد "يحيي حقي"، التي توافق 17 يناير، و يعد حقي علامة بارزة في تاريخ الأدب بما قدمه من إبداع مختلف على مدار تاريخه الأدبي .

نشر رائد القصة العربية الحديثة،العديد من الروايات و أربع مجموعات من القصص القصيرة بالإضافة إلى العديد من المقالات، ومن أشهر رواياته "قنديل أم هاشم" التي تتطلب التحليل والتأمل في إيحاءاتها ورموزها النابعة من الحوار والسرد ورسم الشخصيات ، وهو ما يجعلها خالدة في ذهن القارئ أكثر من غيرها،  فهي لا تقتصر على كونها رواية اجتماعية بل إنها تعد من أبرز الروايات التي قدمت نقدًا للمجتمع الشرقي والمصري على لسان بطلها"سي إسماعيل"، لكن ما يهمنا هو الصورة  الرمزية غير المباشرة بها، وذلك لأن الكاتب جعلنا نتوصل لهذا النقد دون جهد منه، ونقد ايضًا الازدواجية المتمثلة في الشخصية الشرقية، والتذبذب بين الإيمان المطلق من ناحية، والرغبة في التحرر من قيود العادات والتقاليد من ناحية أخرى، ويمكن التمثيل لذلك بـ "الشيخ الدرديري"، خادم ضريح أم هاشم، فهو من ناحية يجب أن يكون مثالا للطهر والنقاء – لخدمته ضريح السيدة زينب-، ومع ذلك فهو من جانب آخر يعيش في حياة السكر والملذات.

كما عبر الكاتب عن هذا النقد في روايته على لسان إحدى شخصياته وهو الطبيب الأوروبي لإسماعيل حين قال له: "إن بلادك في حاجة إليك، فهي بلد العميان"، كما يدل على شدة الجهل والتخلف الموجودة في بلاد الشرق ومصر بالأخص.  تختلف رواية "قنديل أم هاشم" عن غيرها من الروايات لأنها تجعلنا نفهم الشخصيات والأحداث عن طريق الرموز والإيحاءات غير المباشرة، لا توجد شخصية بها بغير دلالة؛ فعلى سبيل المثال شخصية "ماري الأروبية" التي تمثل المجتمع الأوروبي بكل صفاته، وبكل الحرية التي يتمتع بها والتي تفتقر إليها المرأة الشرقية.

تبدو الرمزية جلية في شخصيات الرواية وأحداثها ، فشخصية الأب ترمز  للأصالة والانتماء إلى الجذور الشرقية، فكان منطقيا بالنسبة لمعطيات الشخصية أن يرفض اي شكل للمدنية والتحضر فهو حين ألحق ابنه بجامعة أوربية كان مضطرًا، فها هو يصطدم مع ابنه اسماعيل ويرفض رميه المصريين بالتخلف ويثور عليه عندما ينتقد زيت القنديل قائلا :  " هل هذا هو كل ما تعلمته في بلاد بره؟ كل ما كسبناه أن تعود إلينا كافرًا".

جدير بالذكر أن يحيي حقي ولد في 17 يناير 1905 في بيت صغير من بيوت وزارة الأوقاف المصرية، في حي السيدة زينب بالقاهرة؛ لأسرة تركية مسلمة متوسطة الحال غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من الأناضول، تلقى يحيى حقي تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب "السيدة زينب"، وبعد أن انتقلت الأسرة من "السيدة زينب" لتعيش في "حي الخليفة"، التحق سنة 1912 بمدرسة "والدة عباس

باشا الأول" الابتدائية بحي "الصليبية" بالقاهرة، وهذه المدرسة تتبع نفس الوقف الذي كان يتبعه (سبيل أم عباس) القائم حتى اليوم بحي "الصليبية"، وهي مدرسة مجانية للفقراء والعامة، وهذه المدرسة هي التي تعلم فيها مصطفى كامل باشا. قضى "يحيى حقي" فيها خمس سنوات، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان، وقد مكث بها سنتين حتى نال شهادة الكفاءة، ثم التحق عام 1920م بالمدرسة "السعيدية"، انتقل بعده إلى المدرسة "الخديوية" التي حصل منها على شهادة (البكالوريا)، ولما كان ترتيبه الأربعين من بين الخمسين الأوائل على مجموع المتقدمين في القطر كله، فقد التحق في أكتوبر 1921م بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وكانت وقتئذٍ لا تقبل سوى المتفوقين، وتدقق في اختيارهم. وقد رافقه فيها أقران وزملاء مثل: توفيق الحكيم، وحلمي بهجت بدوي، والدكتور عبد الحكيم الرفاعي؛ وقد حصل منها على درجة (الليسانس) في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر. كما حصل يحيى حقي في يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين ؛ تقديرًا لما بذله من دور ثقافي عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحداً ممن أسهموا مساهمةً واضحةً في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءًا من الربع الأول من القرن العشرين. كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983، وسام الفارس من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ اعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة. وكان واحدًا ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي ـ لكونه رائدًا من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990. وتوفي يحيى حقي في 9 ديسمبر عام  1992.