رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الروائي الجزائري بلكبير: ما يجمع المغرب والجزائر أكثر مما يفرقهما وللثقافة دور أعظم من السياسة على التغيير

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

في معالجة  أدبية اجتماعية بحتة تحمل الكثير من الشجن يرصد الروائي الجزائري بومدين بلكبير معاناة إنسانية مازالت تجثم على صدور الشعبين الجزائري والمغربي ، تلك الأزمة المتمثلة في غلق الحدود بين البلدين على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، يعبر عنها بطل روايته " زوج بغال" ممثلا لمواطن جزائري كان يحيا بين البلدين قبيل الأزمة.

وزوج بغال هو اسم المنطقة الحدودية المغلقة بين البلدين حيث مازال المغاربة يطلقونه عليه بينما غيره الجزائريون الى اسم احد الشهداء.

 

في حوارنا معه قال الأديب الجزائري بومدين بلكبير  إن الكثير من الأعمال الروائية التي حاولت معالجة الأزمات المختلفة (التي عصفت بالمنطقة على مدار العقود الماضية)، وقعت في فخ الاستعجال وعدم اكتمال الصورة، ما جعلها تخرج باهتة في أغلب الأحيان، أو تظهر كنصوص غير مكتملة ومبتورة بالأساس أو مشوهة وممسوخة فنيا؛ بسبب صبغتها المباشرتية ومعالجاتها الروتينية والتقريرية الجافة التي طبعت أغلبها. بالإضافة إلى خطورة أو إشكالية انحياز الكاتب لطرف على حساب طرف، أو طغيان صوته على أصوات شخوصه الروائية. 

 

يمكن هنا الحديث عن ما يسمى " بالأدب الاستعجالي"، حيث إن نسبة مهمة من الروايات الجزائرية (على سبيل المثال) التي تعرضت لأزمة الإرهاب والعشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي، تعثرت سرديا بمطبات اللغة التقريرية والمباشرة، وهي اللغة التي نجدها منتشرة في الإعلام عموما وفي الصحف على وجه الخصوص، علما أن أغلب النصوص الروائية في تلك الفترة كتبها إعلاميون. بعض النصوص فقط ظلت خالدة، أما البقية فقد طواها النسيان. 

 

 

أما روايتي " زوج بغال"، فقد تناولت الأزمة المغربية الجزائرية، من منظور فني بعيدا عن المعالجة السياسية الفجة. وحاولت أن أكون موضوعيا قدر الإمكان، وأن لا أنحاز لأي طرف من أطراف الأزمة، انتصرت للإنسان أولا وقبل كل شيء.

      *وعن دور الأدب وقدرته على حل مثل تلك الازمات  يرى بومدين أنه من المفروض أن الثقافة لها دور كبير وأكبر من الأدوار التي يلعبها السياسيون، خصوصا وأن الأشياء التي تجمع بين البلدين (المغرب والجزائر) أكثر بكثير من الأشياء التي تفرق بينهما (التاريخ واللغة والعادات والجغرافيا والدين...)!لكن المثقف العربي إما مُغيّب قصدا عن المشهد، بفعل التهميش والاستبعاد والإقصاء الذي يتعرض له، أو لا حول ولا قوة له، ومتقاعس عن القيام بأدواره وتحمل مسؤولياته، نظرا لانسحابه من قضايا الأمة بمحض إرادته من فرط سلبيته أو عجزه أو استسلامه. لكن لا يعني هذا إطلاقا القبول بالأمر الواقع، بل يجب أن تكون هناك مبادرات جادة من قبل المثقفين في كلا البلدين، حتى يتم ردم هوة الخلافات والصراعات والتجاذبات تدريجيا. وروايتي "زوج بغال" كغيرها من العديد من الأعمال الأخرى في المسرح أو في السينما أو في الفن والموسيقى تدخل ضمن هذا الإطار.

 

 

     *وعن دلالات استخدامه ل" زوج بغال" عنوانا لروايته يقول: بصراحة العنوان صادم بعض الشيء، وهو في ذات الوقت له دلالات رمزية في المنطقة المغاربية مقارنة بدول المشرق العربي؛ يرتبط عنوان الرواية في مخيال الإنسان المغاربي بالمد والجزر، اللذين ارتبطت بهما العلاقات المغربية الجزائرية، فلا تهدأ الأوضاع بينهما حتى تتوتر من جديد.

     فاختيار العنوان لم يأت خبط عشواء أو لغرض الإثارة  والاستثارة، إنما هو بالنسبة لي شيء أهم بكثير. كما أن "زوج بغال"، اسم اشتهرت به المنطقة الحدودية الفاصلة بين المغرب والجزائر، وهو الاسم الرسمي للمعبر الحدودي من جهة المغرب، أما من جهة الجزائر فقد غيرت التسمية بعد عام 1962، وعلى الرغم من تغيير التسمية فقد ظلّ الجزائريون وإلى اليوم محافظين على ذات التسميّة.

*وعن رؤيته للمشهد وكيفية حل

الازمة سياسيا قال :   أعتقد أن الموقف يجب أن يصدر أولا من مركز القرار الجزائري، وأنا كغيري من المتتبعين في انتظار مبادرة سياسية من المغرب أو من الجزائر. أما بخصوص رأيي الشخصي بالموضوع؛ يجب ان تتصف المبادرة بالشجاعة والإرادة في هدم الهوّة بين البلدين والدفع بالعلاقات الثنائية إلى الأمام بعد الجمود الذي عرفته طيلة عقود. لكن في ذات الوقت يجب على كل طرف الالتزام بالتعاون والابتعاد عن التوتر والتشنج السياسي، وأن يتحمل مسؤولياته كاملة أمام التاريخ وأمام الأجيال؛ أي العمل من كليهما (أي المغرب والجزائر) على أن تكتمل كل الشروط والمسوغات الضرورية حتى تلاشى كل المثبطات والعراقيل والقيود التي كانت بمثابة حجر عثرة أمام تطبيع العلاقات بين البلدين، وأمام تقدم عجلة التعاون بينهما على مختلف الأصعدة. وإلا تتحول كل المبادرات التي تصب في ذات السياق إلى مجرد شعارات أو خطابات سياسية فارغة المحتوى ومستحيلة التطبيق على أرض الواقع.

* أما مدى تأثير الأدب والابداع وأهميته لدى المواطن العربي وأهميته رغم غول التكنولوجيا ، يرى بومدين أنه لا أحد ينكر عودة الروح وانتعاش مقروئية الأدب وخصوصا الرواية في العقد الأخير بالذات، فهناك أجيال جديدة من القراءة بدأت تتصالح تدريجيا مع فعل القراءة. لكن المشكل المطروح هي أن القراءة عندهم تحركها آلة التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، تجدهم يختارون الأعمال الأدبية التي (ستكون محل اقتنائهم) بالعدوى وليس من منظور الجودة الفنية والقيمة المضافة للنص، إذ تحتل واجهات المكتبات في البلدان العربية مجموعة من الروايات (الأكثر مبيعا)، و نحو الأعمال التي تتميز بالفقر الإبداعي والمعرفي واللغوي، وضعف الخيال، وانعدام الموهبة، وعدم التحكم في الأدوات الفنية للكتابة. فمن يفتح أي عمل من تلك الأعمال، يلحظ كم الأخطاء اللغوية والنحوية والمطبعية المرتفع، والزلات الفنية غير المقبولة، وغيرها مما تتسم به من ضحالة وسطحية في الطرح، 

     يمكن الإقرار بأن مدعاة ذلك، ترجع بصفة كبيرة إلى ترويج "صفحات القراءة" الأكثر شعبية على وسائط التواصل الاجتماعي لمثل تلك الأعمال، خصوصا وأن تلك الصفحات يديرها مراهقون أو شباب خبرتهم ضعيفة ولا باع لهم في مجال الكتاب؛ لأن مستوى مطالعتهم توقف عند المنفلوطي والروايات الشعبية الخفيفة. ومؤهلاتهم لا تسمح لهم بالحكم على مدى جودة الأعمال الإبداعية. لكن الواقع أن تلك الصفحات الافتراضية هي التي توجه جمهور القراء وخصوصا الشباب منهم نحو تلك الأعمال الضحلة.