رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان ابو الضياء تكتب عن: مأساة رجل باع ظهره"

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 بطرح تأملى تكشف المخرجة التونسية كوثر هنية  نقاب مآسى العالم ؛منذ بداية اول مشهد فى فيلم الأفتتاح فى مهرجان الجونة السينمائى فى دورته الرابعة The man who sold his back الرجل الذى باع ظهره؛ والتى تحاول من خلاله تصوير طرح رؤيتها الخاصة للوضع السوري متجاوزة الأحداث السياسية والاجتماعية لما يحدث؛ الى عمق مآسى اللاجئيين فى مجتمع مزدوج المعاير ؛الى جانب خط أخر لم يناقش بشكل مستفيض عن رساموا الوشم في عالم الفن المعاصر؛ وخاصة أن الرسم على القماش شيء ، والرسم على الجلد بالإبر هو قصة أخرى تمامًا.

ولفت نظرى بشدة سؤال قدمته المخرجة فى منتصف الفيلم على سؤال طفلة هل ليحصل الانسان على فيزا الى أوروبا يجب أن توشم على ظهره ؟

نحن فى هذا العمل أمام حالة تداخل بين أدانة الحرب فى سوريا والنظام الذى أدى اليها؛ وبين أدانة العالم المتحضر الذى يدعى التمدن والدفاع عن حقوق البشر؛ وهم يسحقون أدمية اللاجئين اليهم؛ من خلال رصد رحلة شاب سورى، "سامى على" وهو ليس ناشطا سياسيا ضد النظام السورى ولكنه يرى أن حريته تبدأ بالزواج ممن أحبها قلبه ؛ هذا الشاب أجبر على الهجرة إلى لبنان، هربا من سوريا فى سوريا؛ وهناك يعمل فى مكان لتفريخ الكتاكيت وكأنها أشارة الى تدجين الأنسان ذاته ؛ وفى أحدى المرات التى يذهب فيها الى المعارض الفنية لمجرد الحصول على الطعام المجانى؛ يلتقى ، بـ"جيفرى جودفرا" الفنان الأشهر، فى مجال الفن المعاصر، ويتوصلا إلى اتفاق غريب من نوعه، بحيث يرسم على ظهر "سام" عملا فنيا حيا، مقابل حصوله على فيزا للسفر للقاء حبيبته التى تزوجت وسافرت الى بلجيكا.

والجدير بالذكر أنه فى عام 1917 نشرت BBCتحقيقا مصورا بعنوان (The man who sold his back to an art dealer)الرجل الذي باع ظهره لتاجر قطع فنية؛ التحقيق كان عن تيم شتاينر الذى  لديه وشم متقن على ظهره صممه فنان مشهور وباع لهواة جمع الأعمال الفنية الألمانية؛ وعندما يموت شتاينر ، سيتم الحصول على جلده كلوحة ؛و حتى ذلك الحين يقضي حياته جالسًا في صالات العرض مع قميصه. الغريب أن هذا الشخص الذى باع ظهره مفتخر بذلك ويقول : "العمل الفني على ظهري ، أنا فقط الرجل الذي يحمله في الأرجاء". وبداية التحقيق بدأت قبل عقد من الزمان ، عندما التقت صديقته آنذاك بفنان بلجيكي يدعى Wim Delvoye ، اشتهر بعمله المثير للجدل في رسم وشم الخنازير.وأخبرها دلفوي أنه كان يبحث عن شخص ما يوافق على أن يكون لوحة بشرية لعمل جديد؛ وبعد عامين ، بعد 40 ساعة من رسم الوشم ، انتشرت الصورة على ظهرشخص بالكامل ؛ وتضمنت اللوحة طيور السنونو ، ورود حمراء وزرقاء ، وعند قاعدة ظهر شتاينر ، يمكن رؤية سمكتين كوي على الطريقة الصينية ، يركبهما الأطفال ، تسبحان أمام زهور اللوتس. وقع الفنان على العمل على الجانب الأيمن. وبيع العمل ، الذي يحمل عنوان TIM ، مقابل 150 ألف يورو (130 ألف جنيه إسترليني) لجامع الأعمال الفنية الألماني ريك رينكينج في عام 2008 ، مع حصول شتاينر على ثلث المبلغ.ويقوم شتاينر بإظهار الوشم من خلال الجلوس عاري الصدر في معرض ثلاث مرات على الأقل في السنة.

الفيلم التونسى "الرجل الذى باع ظهره" للمخرجة كوثر بن هنية، فاز بجائزتين فى الدورة الـ 77 لمهرجان فينيسيا السينمائى الدولى، الذى الاولى لبطل الفيلم يحيى مهايني جائزة أفضل ممثل، كما فاز الفيلم أيضا بجائزة أديبو كينج للإدماج، وهى جائزة مستوحاة من مبادئ التعاون الاجتماعى. ولقد شارك فى بطولة الفيلم النجمة العالمية مونيكا بيلوتشى، ديا إليان، كوين دى بو.

لتبدأ المخرجة التونسية كوثر بن هنية نوعا من الهجاءً شديد اللهجة الى  عالم بلا رحمة متسترا فى ثوب عالم الفن؛ مع أستعراض خطوات تحول اللاجئ السوري المثير للجدل لأن يصبح قماشًا حيًا موشومًا الى لوحة تعبر عن الفيزا.

ويبدأ السيناريو بكل الشجن يقفز من الرقة إلى بيروت إلى بروكسل ، طارحا مأساة الرجل الذي باع جلده  من خلال تداخلات غاية فى الانسانية والشجن وخاصة مع ظهور

مونيكا بيلوتشي الشقراء الجليدية ذات الدور المحوري بالفيلم؛ و(بيلوتشي) المساعدة جيفري تتعامل من البداية بقسوة بداية من التوقيع على الميثاق الذي يغير الحياة؛ وحصوله على تأشيرة شنجن الأوروبية ، والتي تتيح للزوار سهولة الوصول إلى 22 دولة في الاتحاد الأوروبي بعد أن فر من الاضطهاد في وطنه ، حيث لا يستطيع سامى الحصول على المستند بشكل قانوني بنفسه ، وهو واقع يعلق عليه جيفري عن قصد.

ويلعب الدور الرئيسي في فيلم “الرجل الذي باع ظهره” الممثل الكندي من أصل سوري يحيى مهايني، إلى جانب الممثلين الفرنسيين ديا أليان وكريستيان فاديم والبلجيكي كوين دي بو والفنانة اللبنانية السورية دارينا الجندي والتونسيين نجوى زهير وبلال سليم.

وقد استوحت بن هنية فيلمها من أعمال الفنان البلجيكي المعاصر ويم ديلفوي الذي رسم وشما على ظهر رجل وعرض العمل للبيع. وقالت إن “البضائع يمكن أن تنتقل بحرية في العالم ولكن ليس الأفراد”، حتى عندما يتعرّضون لأبشع أشكال الاضطهاد. والطريف أن مشهد المتحف صور فى المتحف الملكي للفنون الجميلة في بلجيكا حيث يعرض أعمال Wim Delvoye.

ويبقى مشهد النهاية ليضع المشاهد أما تساؤلات عدة حول أستنساخ اللوحة الذى تم من خلال الفنان عندما حصل على الحامض النووى للبطل ليخلق منه جلد جديد رسمت عليه اللوحة الجديدة، التى زادت قيمتها بعد مقتل البطل على يد الدواعش فى مدينة الرقة التى عاد اليها؛ وفى الحقيقة ان مشهد قتله من الدواعش كان محيرا لى لأن تم بأطلاق الرصاص وهو اسلوب لايستخدمه الدواعش؛ فهم يقتلون بفصل الرأس أو الحرق ؛وفسر هذا بظهور البطل لنعرف أن ثمة اتفاق تم مع الدواعش من قبل الفنان لتمثيل هذا المشهد بدون أن يذكر هذا الفيلم ؛وكأنه أتفاق بين عالمين كلاهما ضد الانسانية ولكن النتيجة كانت حرية البطل الذى أعلن وفاة امام العالم أجمع.

المخرجة وكاتبة السيناريو أخرجت عددا من الأفلام القصيرة، فاختارت النوع الوثائقي في “الأئمة يذهبون إلى المدرسة”، ثم أخرجت “شلاّط تونس” في العام 2014 وبعد سنتين “زينب تكره الثلج” عن الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، وقد صوّرته بين تونس ومقاطعة كيبيك الكندية.

وفي العام 2017 بلغت مرحلة مهمة ومصيرية في مسيرتها السينمائية عندما حصد فيلمها “على كف عفريت” إعجاب الجمهور وتصفيقه الحاد لدى عرضه ضمن قسم “نظرة ما” في مهرجان كان الدولي، ويستند العمل إلى قصة حقيقية حدثت عام 2012 تعرّضت خلالها فتاة جامعية للاغتصاب على يد رجال شرطة، وتكافح على مدى ليلة لتقديم شكوى في حقهم. بينما الجهة التي يفترض أن تتلقى الشكوى وتحركها نحو القضاء هي ذاتها الخصم.وأول فيلم روائي طويل لكوثر بن هنية  Beauty and the Dogs عن صانعة أفلام تحمل في نفسها وعلى شخصياتها مظهرًا فريدًا ومؤثرًا.

حنان ابو الضياء