رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

توم هانكس يفك شفرة «مستر روجرز» في يوم جميل في الحي

بوابة الوفد الإلكترونية

يعد الإعلامى الأمريكى الراحل فريد روجرز إحدى أكثر الشخصيات الثرية فى عالم التليفزيون، حيثُ كان الأب الروحى للبرامج التليفزيونية التعليمية للأطفال فى أمريكا. وبالتالى ليس غريبا أن يوجد فيلم أو مسلسل يتناول سيرة الإعلامى الراحل، خاصة إذا كانت رحلة نجاحه ثرية بالأحداث، لذا ستظل حياته دوما صالحة للطرح ومثيرة باعتبارها فكرة خلاقة لصناع السينما.

إلا أن الأداء غير المسبوق والابتسامة المعهودة المفعمة بالأمل والتفاؤل التى كان يطل بها «روجرز» على مشاهديه يوميا، فى برنامجه الصباحى «مستر روجرز»، جعل تجسيد شخصيته يضع كل من ينوى تقديمها فى مأزق، مهما بلغت إمكانياته ومهاراته الفنية خوفا من المقارنة.

لكن المثير للاهتمام أن الجمهور أبدى سعادته وتشوقه للعمل فور إعلان إسناد بطولة فيلم إلى الممثل العالمى توم هانكس، وهو ما فسره البعض بكون الجمهور مدركا حالة النضج الفنى التى يعيشها هانكس سواء على مستوى الأداء أو الاختيارات، مما طمأن محبى «روجرز»، إلى جانب مشوار هانكس مع أفلام السيرة الذاتية، التى جسدها ببراعة شديدة رشحته الرقم الأول فى هذه النوعية من الأعمال. فقد اشتهر هانكس خلال مسيرته الفنية التى بدأت منذ عام 1978 بتجسيد أدوار مقتبسة من قصص حقيقية، من أشهر أعماله: المحامى جيفرى بورز، الذى تم طرده من شركة بعدما علم زملائه بإصابته بالإيدز فى فيلم «فليلادلفيا»، كما جسد شخصية رائد فضاء فى فيلمه الشهير «أبولو 13»، وجسد دور المحقق فى عملية الملاحقة الشهيرة للنصاب والمزور فرانك أباغنيل الذى حير المباحث الفيدرالية الأمريكية وهو لم يتم العشرين بعد. كما لعب شخصية الجاسوس فى فيلمه «جسر الجواسيس» وغيرها من الأفلام التى أضافت لرصيده الفني.

بشهادة الناقد البريطانى بيتر ديبروج، لم يحاكِ هانكس «روجرز» ليس فقط السلوكيات فحسب، ولكن نجح فى استعادة الروح الداخلية الغامضة، فى دراما ناعمة تؤثر فى قناعاتك وأفكارك ولو بشكل جزئي. إنه يجعلك تؤمن بهذه الشخصية الأسطورية. ثم يأخذنا خلف الستار لنرى كيف نجح روجرز فى حل القضايا الثقافية والاجتماعية فى النصف الثانى من القرن العشرين من خلال حكمته فى الحياة والتفكير الرحيم.

وتابع: «السيد روجرز يجعلنا جميعًا أن نكون أشخاصا أفضل، ولا يمكننا أن نفخر أكثر بأن نكون جزءًا من سرد قصته».

واستطرد قائلا: عندما تم الإعلان عن أن هانكس هو الذى سيقدم شخصية روجرز، تساءلت عمّا إذا كان الاختيار صحيحاً. على الرغم من علاماته المضيئة فى أفلام السيرة الذاتية، حيثُ يتمتع برصيد من الشخصيات الحقيقية التى جسدها فى أفلامه نال عليها جوائز عدة، لكن روجرز مختلفا عن أى شخصية أخرى، فمن الصعب أن تسكن شخصية بريئة مثله، لذا كنت متخوفاً فى البداية من هانكس من كونه سيكون لطيفًا بما يكفى للعب مع الأطفال والإنصات لمشكلاتهم مثلما كان يفعل فريد روجرز. لكن هانكس دائما ما يفوز بالرهان فى كل عمل يُقدم عليه، بعد أن جسد الشخصية بالشكل الذى يرضى طموح جماهيره.

بحواجب كثيفة وشعر فضى مسطح، يفتح الباب ليتسلق القطار فى «حى مستر روجرز»، وهو يخلع حذاءه فى الشارع ويبدله بحذاء رياضى وسترة حمراء، وبابتسامة هادئة للغاية يدخل الاستوديو وهو يغنى افتتاحية برنامجه الشهير «حى السيد روجرز» متمما «إنه يوم جميل فى هذا الحي.. أتمنى لك يومًا جميلًا يا جارى العزيز.. فهل لك أن تكون جارى؟».

لقد تعرض السيد روجرز، بالطبع، للسخرية مرات عديدة، لكن ما فعله

هانكس، ولعبه بإخلاص شديد، فهى ليست مجرد دردشة مع طفل. وهذه هى الطريقة التى يستخدمها روجرز لتوفير مساحة آمنة من الاستفسار بينه وبين الأطفال، بحيث تبدأ فى ملاحظة الأشياء التى لم تكن لتكتشفها بطريقة أخرى.

الفيلم من إخراج مارييل هيلر، وسيناريو وتأليف نوح هارفستر وميكا فيتزيرمان بلو، وهو يستند إلى قصة غلاف عام Esquire فى عام 1998 والتى قام فيها توم جونود، كاتب النجوم البارز، الذى تم تكليفه لإعداد ملف تعريف عن فريد روجرز، والذى كتب فيه: لن يعد روجز مجرد زر يمكنك الضغط عليه للحصول على الابتسامة وتزويدك بجرعات الأمل والتفاؤل، وإنما هو شعاع شمس يدخل إلى بيتك المظلم ليضيئه بمصابيح الحب والتسامح». فقد كان «الحب» فلسفته الحياتية، التى يتعامل على أساسها مع الإسقاطات الكفيلة أن تهد جبلا، لكنه لم تهده يوما.

وأثنى ديبروج على صُناع الفيلم، الذين تعاونوا للخروج بفيلم مثير يتحدث عن شخصية مثيرة، فقد حرصت مخرجة العمل مارييل، على تصوير المشاهد من البرنامج الحقيقى «Mister Rogers 'Neighborhood» كما لو كنا نشاهدها على شاشة فيديو قديمة، وهى تلعب بدورها فى تصميم الهيكل المصغر للقطارات، والدمى تبدو كما لو كانت قد تم شراؤها فى متجر ألعاب رخيصة. كل ذلك يبرز البعد الخاص بملعب التلفاز الخيالى للقصة التى ترويها. ما يدل على ذكاء المخرج وعبقريته فى معايشة المشاهد للفيلم وكأنه حقيقة.

«يوم جميل فى الحي» ليس مجرد فيلم وثائقى أو سيرة ذاتية يتناول كيف أن شخصية تليفزيونية محبوبة تحولت إلى مدرب حياة متحمس، وإنما يكشف سر العلاقة والترابط الحميمى الذى جمع بين روجرز الأطفال، والذى تبين أنه هو نفسه طفل متضخم فى جوهره وتكوينه النفسي.

فقد أظهر الفيلم أن فريد كان على اتصال دائم بطفله الداخلى لأنه يدرك أن الأطفال أكثر ثراءً من البالغين. فهو يبدو كالأطفال البدائيين فى ضعفهم وحزنهم، وسخطهم وفرحهم، وبراءتهم وحبهم. روجرز ليس ساحرًا؛ ولا بابا نويل آتى من العالم الآخر لتحقيق الأمانى، وإنما هو رجل يؤمن بفكرة الحب ويقوم بتطبيقها فى حياته على كافة الأمور والأشياء.

يشارك هانكس فى بطولة الفيلم كل من النجوم ماثيو ريز ومادلين كورمان وتامى بلانشارد وكريس كوبر وإنريكو كولانتونى وسكينة غارفى وويندى ماكينا وغيرهم.