رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«قابيل».. شبكة عنكبوتية من الإثارة والتشويق

بوابة الوفد الإلكترونية

من الأعمال الدرامية التى حجزت لها مكاناً فى صدارة أعمال رمضان مسلسل «قابيل» وخاصة أنه برع منذ أول مشهد فى وضع المسلسل فى إطار الإثارة والتشويق؛ وبعيداً عن تشابه هذا العمل مع عدة رؤى إبداعية فى مسلسلات وأفلام أجنبية وخاصة أننى واثقة من أن قابيل سيكون شخصية تراها يومياً فى المسلسل؛ ومن المستحيل أن تكون هى القاتل ومع ذلك فأنا أرى أن ثلاثى كتابة السيناريو كريم يوسف ومصطفى صقر ومحمد عز ملكوا نواصى الفكرة وطرحوها بشكل رائع تعدى منذ البداية فكرة أن يدور المسلسل حول جريمة قتل فتاة، بدأت باختفائها وانتشار صورتها عبر مواقع التوصل الاجتماعى.

ومحاولات الشرطة معرفة مكان الجثة وتحديد هوية القاتل؛ خاصة أن البناء الدرامى لشخصية الضابط طارق «محمد ممدوح» المكلف بمعرفة قاتل الفتاة المختطفة، رسمت بمزيج من السلاسة والتشابك النفسى مما سيجعل المشاهد مع آخر مشهد يعيد فى مخيلته تفاصيل المسلسل من جديد بعد كشف حقيقة القاتل؛ وعلى الرغم أن فكرة معرفة الضحايا تتم من خلال منشور على حساب وهمى لشخصية تدعى «قابيل» بداية من إعلانه قتل الفتاة سما «أمينة خليل» وهذا الأسلوب استخدم من قبل فى أعمال درامية عدة ومنها أعمال مصرية؛ إلا أن قدرة المخرج على توظيف السيناريو لم تفقد تلك الطريقة بريقها. وبدأ البناء الدرامى لشخصية المقدم طارق كمال (محمد ممدوح) من خلال إيجاد زمة فى حياته الشخصية إذ فقد زوجته فى حادث مما تسبب له فى حالة نفسية جعلته يرفض العودة إلى العمل حتى أجبره نبيل نور الدين (مديره فى العمل) على العودة للعمل؛ ليحقق فى قضية اختفاء فتاة تدعى «سما» والتى تجسد شخصيتها الفنانة أمينة خليل.

والرائع فى هذا العمل هو حالة التشويق والإثارة التى تبدأ ولا تنتهى وكأنها مربوطة بخيط وهمى عنكبوتى؛ سيربط الشخصيات فى النهاية بدائرة واحدة ستجعل من المنطقى أن يكون شخصية قابيل هو قاتلهم؛ وظهر هذا جلياً منذ القبض على أكرم «حسنى شتا» الشاب الذى يحب سما؛ وينكر صلته بالحادث، ومدير الكافيه الذى كانت تعمل به، وبعد انتهاء التحقيق معه وخرجوه من قسم الشرطة يجىء شخص مجهول يهدده بألا يذكر اسمه فى التحقيقات؛ مما لا يخرج أكرم من دائرة المشكوك فيهم؛ ويبرع المخرج فى تضفير الهلاوس التى تصيب طارق مع أحداث المسلسل؛ بل أن تلك الهلاوس تعطى له مفاتيح العديد من النقاط الغامضة فى الاحداث لنرى تلك المطاردات من «سما» وزوجة الضابط «سارة» للبطل.

وأعتقد أن بداية حل اللغز فى المسلسل يبدأ مع ظهور زوجته «سارة» وتوجيه إلى مراسلة صديقته التى كان ينوى الزواج منها قديمًا، كما أرشدته إلى «باسورد» جهاز «اللاب توب» الخاص به؛ وبين الحين والآخر يريد المخرج إثبات تمكنه من أدواته بمشاهد تحتاج من المشاهد قدراً من التفكير كمشاهدة «طارق» فيديو لـ«سما» تبدو فيه مراقبة من شخص تعرفه، ثم تظهر فى أحد الشوارع بملابس أنيقة، وفى شارع آخر مجاور بعد عشر دقائق بملابس «رثة». ويظهر السيناريو من البداية عدم التوافق بين طارق والضابط عادل، المكلف ليتابع مع طارق و«عبدالرحمن» حل لغز القضية. وتبدأ المباراة فى الأداء بين محمد فراج ومحمد ممدوح منذ نشر الحساب الوهمى «قابيل» صورة آدم «محمد فراج» مقتولاً عبر «فيس بوك» وتتصاعد الأحداث من خلال وجود صورة تجمع آدم بثلاثة من أصدقائه فارس ورامى وجيسى، الذين جمعتهم فرقة غنائية بسبب حبهم للمزيكا ولكنهم افترقوا منذ سنوات، إلى جانب أن «فارس» توفى من قبل نتيجة جرعة زائدة للمخدر، و«جيسى» كانت على علاقة قديمة مع«آدم» ولكنها انتهت فور وفاة صديقهم «فارس».

أما نقطة اشتعال الأحداث فبدأت مع هجوم طارق على حمزة الكومى «أحمد كمال» الذى يتهمه بقتل زوجته سارة «روزالين البيه»، ثم إعلان حساب «قابيل» عبر «فيس بوك» عن مقتل حمزة الكومى، وتعليقه على الصورة قائلاً، إن هذه هدية ستسعد الكثيرين. ثم وجود الهاتف الخاص بطارق فى إحدى غرف فيلا الكومى، وإزالة طارق جميع صور حمزة الكومى التى كان يعلقها على أحد حوائط منزله؛ يعقب ذلك ظهور ضحية جديدة لقابيل رؤوف «هشام الشاذلى» فى مكان مظلم يتم تعذيبه بالكهرباء دون الكشف عن وجهه، ويرسل له قابيل الطعام من أسفل الباب مرفقًا برسالة مفادها بأنه إذا أحدث صوتاً سيستمر فى تعذيبه بالكهرباء؛ ولنكتشف من خلال اللاب توب الخاص برؤوف أنه يقيم علاقات سرية عبر «الجروبات» على «الفيس بوك»، وله علاقة بامرأة اسمها هدير «فاطمة عادل».

ورغم نجاح رؤوف من الهرب إلا أن

قابيل يعيده مرة أخرى وبالطبع قابيل يظهر مرتديا قناعًا. وبعد ذلك يذيع فيديو يقوم فيه بإطلاق الرصاص عليه؛ ليربط السيناريو بين رؤوف وسلمى «بسنت شوقى» زوجة آدم «محمد فراج»، والتى ذكر أسمها ويكتشف طارق فى الحساب الشخصى لسلمى أنها ضمن الجروب الخاص برؤوف، وانها على علاقة به من سجل مكالماتها فى آخر ثلاثة شهور. وتعترف سلمى أنها كانت على علاقة غير مشروعة مع «رؤوف»، بعدما تعرفّت عليه عبر جروب العلاقات الزوجية والأسرية على «فيس بوك»، وتنفى صلتها بقتله. ووسط الظهور المتتالى لأشباح القتلة أمام طارق ونعته بالفاشل نجد أن الضابط عادل «تامر نبيل» يطابق بين فصيلة الدم الخاصة بطارق وفصيلة الدم الموجودة فى أظافر حمزة الكومى بتحليل DNA للعينة ومطابقتها بها؛ وتتوالى نشر صورة جديدة من قابيل ومنها «شهيرة العبد»، المختفية منذ 20 سنة، وكانت من زوار عيادة «آدم». وأنها أم «سما» التى كانت تتعاطى المخدرات، وعلاقة «آدم» بشيماء «نهى عابدين» زوجة حمزة الكومى.

ويتوصل طارق إلى أن الجمل التى يكتبها قابيل مقتبسة من مدونة «خالد المصرى» وأن موقع القمار الذى كان يتردد عليه آدم كان يلعب فيه أمام شخص واحد فقط ويخسر لأجله هو خالد المصرى وأن آدم هو صاحب مدونة خالد المصرى؛ وأنه أنتقم من زوجته سلمى «بسنت شوقى» بعد خيانتها له، فقام بربطها ووضعها فى بانيو يملؤه المياه بمساعدة سما «أمينة خليل» وتركها حتى تموت غرقًا. ومع كل مشهد تظهر فيه أمينة خليل، فى المسلسل نجدها من خلال شخصية «سما»، تقدم دوراً جديداً عليها من خلال شخصية مركبة. وفى الحقيقة أن محمد ممدوح أثبت من خلال دور طارق فى قابيل وطايع فى ولد الغلابة أنه يبذل الكثير من الجهد والعمل الشاق والوقت على الأدوار التى يقوم بها. أما محمد فراج، مجسد دور «آدم»؛ فيؤكد أنه ممثل له مفرداته الخاصة التى تجعله دوماً ينقلك إلى مساحات إبداعية تخصه هو؛ ويشكل التمكن الجسدى والعقلى لدى فراج النقطة الأساسيّة لأسلوبه فى التمثيل، فيبدو دوما مُسيطرًا على كافة انفعالاته. ويستكمل كريم الشناوى أسلوبه فى فن التشويق والإثارة بعد فيلمه «عيار نارى» ولقد أظهر المسلسل أن كريم الشناوى يعمل على أدق التفاصيل فى ذلك العمل لإخراجه بشكل جيد، لتحويل النص المكتوب من أحداث وشخصيات افتراضية إلى مشاهد وأصوات وشخصيات حقيقية، وتمكنه من استخدام التقنيات الفنية للتصوير، والمؤثرات المضافة، والأصوات، والزمن المخطط لتتابع الأحداث؛ بالتزامن مع الواقع الذى يتم التعامل معه.

وتوصيل الأفكار والخلفيات والعناصر لتكون ذات وقع جيد على المشاهد، وساعده فى إبراز إمكانياته مدير التصوير أحمد جبر، الذى عرفناه من قبل فى «هذا المساء»، و«حجر جهنم»، و«كأنه امبارح»، وفيلم «اشتباك». وفى النهاية لا يستطيع أحد إنكار أن من أسباب نجاح المسلسل وجود مجموعة كبيرة من الممثلين، المميزين على رأسهم أحمد كمال، وخالد كمال وعلى الطيب، وحسنى شتا، وبسنت شوقى، ونهى عابدين، وفاطمة ناصر، وروزالين البيه، وعلى قاسم، وتامر نبيل وأحمد خالد صالح.