عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شارل أزنافور الشاعر المغنى والسياسى الذى قاوم الزمن بالغناء

شارل أزنافور
شارل أزنافور

كتب ــ أمجد مصطفى:

 

منذ أسبوعين تقريباً رحل عن عالمنا المغنى العالمى شارل أزنافور عن عمر 94 عاماً، وكان رحيل هذا المغنى بمثابة صدمة لجمهور الأغنية فى العالم، رغم أن عمره كما ذكرنا اقترب من منتصف التسعينيات، وهو ما يعنى أن الجمهور كان مهيأ على الأقل نفسياً لخبر رحيله بحكم السن، لكن على المستوى الفنى كان الرحيل صدمة كبيرة؛ لأن هذا الفنان الكبير كان لا يعترف بالسن، بدليل أنه كان يستعد لجولة غنائية خلال الأشهر المقبلة شتاء 2018، وصيف 2019.

كان شارل أزنافور يقاوم السن بالغناء، ويقاوم الزمن بأعمال غنائية تعيش سنوات طويلة، شأنه شأن كل الكبار سواء على مستوى العالم أو حتى على المستوى العربى، نحن الآن فى مصر والعالم العربى ما زلنا نسمع ونستمتع بأم كلثوم، وعبدالحليم، ووديع الصافى، وفيروز، وأسمهان، وليلى مراد، وما زال العالم يسمع ويستمتع بموسيقى بيتهوفن وموتسارت، وكل هذا أن النغمة الصحيحة لا تموت بل تعيش وتعيش، ويكون عمرها أطول من مبدعها الحقيقى، لذلك مات من مات من كبار المبدعين، وظلت أعماله تُغنى وتُسمع وكأنها نفذت هذه الأيام.

هكذا كان شارل أزنافور، هناك أعمال له من خمسينيات وستينيات القرن الماضى، ومازالت تحظى بنسبة استماع لا مثيل لها على مستوى العالم، وهذا يأخذنا لمنطقة اختيار الكلمة واللحن، فهذا الغناء كان يخاطب المشاعر، لذلك صنع أغانى تعيش وتخاطب المستقبل، أما الآن فالكل يخاطب السوق، والمرحلة التى يعيشها، لذلك لن تجد أغنية من التى تصدر الآن لنا من الممكن أن تعيش للمستقبل، لكنها تنتهى بانتهاء الأسبوع أو الشهر الأول لها على الأكثر وهو ما يؤكد أنها أعمال منتهية الصلاحية، ولا تصلح للاستهلاك السمعى.

 شارل أزنافور، على سبيل المثال، لماذا عاش كل هذه السنوات؟ وسوف يعيش مائة عام أخرى قادمة؟ لأنه لم يكن مجرد مغنٍ، لكنه كان شاعراً يغنى، فهذه الأحاسيس التى كانت تخرج منه أثناء الغناء لم تكن مجرد مشاعر مجردة، لكنه كان إنساناً يعيش داخل الكلمة، وتعيش الكلمة بداخله، فتخرج فى صورة هذا الشكل الغنائى الفريد، سوف يعيش شارل أزنافور باعتباره رمزاً للأغنية الرومانسية الدافئة الحنونة فى زمن اجتاحت العالم الأغنية المجنونة.

جمع هذا افنان بين دفء الشرق، ومشاعر ورومانسية الغرب، صوت جمع كل المحبين والعاشقين من كل الجنسيات حتى الذين لا يفهمون لغته، كانوا يتجاوبون معه، ويتمايلون طرباً.

سوف يعيش شارل أزنافور مائة عام ومئات من الأعوام؛ لأنه علمنا كيف نحترف الغناء الغربى، ونقدره ونضعه جنباً إلى جنب غنانا الشرقى، وهذا هو الفارق بين إنسان عاش للفن، وآخر عاش لجمع الثروات مستخدماً الفن.

مئات من الأغانى تصدر وتحقق انتشاراً كبيراً، تحقق مليارات من المشاهدات مثل أغنية ديسباسيتوس

التى انتشرت عام 2017، وعندما حلَّ علينا 2018 لم يعد لها وجود وأصبحت فى خبر كان.

شارل أزنافور كانت حفلاته أشبه باحتفاليات بفنه الراقى الذى عاش معه، وظل حتى يوم الرحيل المغنى الأول فى أوروبا وربما العالم.

كان يحلو لـ«أزنافور» القول كما ذكر موقع فرنسا 24 «لست عجوزاً لكنى متقدم فى العمر، والأمر ليس سيان».

النجاح الفعلى أتى متأخراً لهذا الفنان فى سن 36 عاماً، ولكن عندما جاء النجاح لم يتخل عنه بل تمسك به، ولم يكن شارل إنساناً ذاتياً، لكنه وسط أعماله الغنائية التى صاغها لنفسه، فقدم أعمالاً لكبار الفنانين أمثال أديبت بياف وجوليب جريكو، وجيبيربيكو.

مشوار شارل أزنافور يدرس فى كل شىء، حتى على المستوى السياسى؛ حيث عُين سفيراً لأرمينيا فى سويسرا؛ تقديراً لعطائه لوطنه الأصلى أرمينيا؛ حيث إنه ابن لأبوين من الأرمن ممن فرا من الإبادة الجماعية فى بلادهما، وظل «أزنافور» يحمل على عاتقه قضايا وطنه أرمينيا، رغم أنه كان يحمل الجنسية الفرنسية، وكلل بتعيينه سفيراً لأرمينيا فى سويسرا. أيضاً اشتهر أزنافور بأعماله الخيرية؛ حيث أسس مؤسسة خيرية بعد الزلزال الذى ضرب أرمينيا عام 1988 مع صديقه ليفون سايان.

لذلك فهو فنان يحمل مواصفات خاصة جداً على الصعيدين الفنى والسياسى، لذلك لم يكن غريباً أن يشارك الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى جنازته، وقال الرئيس الفرنسى جملة شهيرة تشبه الحكمة، وتؤكد أهمية دور الفن؛ حيث قال ماكرون: «فى فرنسا لا يموت الشعراء أبداً»، كما قال: «أزنافور أراد أن يعيش قرناً من الزمن كتحدٍ منه للزمن والحياة التى لم تحرمه من الحب والأمل، ولكن على عتبة تحقيق أسطورته رحل». وواصل ماكرون كلامه: «لقد كان يتحدث عن مشاعرنا وجعل من حياتنا أكثر حباً ونعومة وقبولاً»، كلمات الرئيس الفرنسى لخصت مشوار هذا الفنان.