عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحيل جميل راتب صاحب الأعمال الفنية المتعددة اللغات

الفنان الراحل جميل
الفنان الراحل جميل راتب

كتبت ـ دينا دياب:

 

باريس نقطة الانطلاق.. «الصعود إلى الهاوية» بداية النجومية

بصمة حقيقية فى الأداء ومعاملة الأصدقاء

اتقانه الفرنسية والإيطالية والإنجليزية سهّل له طريق العالمية

«البهظ».. «لطفى الدمنهورى».. «أبوالفضل» أداء السهل الممتنع

 

شيعت ظهر اليوم جنازة الفنان القدير جميل راتب من مسجد الأزهر الشريف عن عمر يناهز 92 عاما بعد صراع طويل مع المرض.

الفنان القدير، رحل فى هدوء بعد أن تمنى الموت، بعد أن عانى فى سنواته الأخيرة بسبب الشيخوخة وكانت اصابته الأخيرة بفقدان صوته سبباً فى حزنه الشديد، رغم اعلان مدير اعماله انه بدأ يتعامل مع الأمر، الا أن غياب الصوت ارتبط معه غياب الروح، جعله يتمنى الراحة ونالها قبل أن يرهقه المرض كثيراً.

الفنان القدير استطاع أن يضع اسمه كعلامة من علامات الفن مصريا وعالمياً، «بلغته وجاذبيته وقدرته المميزة على الأداء الراقى، تألق باللغة الانجليزية والفرنسية والايطالية وقدم أدوارًا باللهجات العربية المختلفة بين اللبنانى والتونسى والمصرى » ليصبح هذا الصوت الذى أثرى العالم بفنه أحد أهم وأبرز النجوم العرب، فهو الأكثر انتشارا فى مصر باللغات المختلفة بعد عمر الشريف.

 

البداية فرنسية

 بدايات الفنان القدير «جميل راتب» كانت من فرنسا، فهو من مواليد 16 أغسطس 1926، ولد في القاهرة لأب مصري من المنيا، من عائلة « سلطان » وهى عائلة من اثرياء صعيد مصر و أمه فرنسية، دخل مدرسة الحقوق الفرنسية وبعد السنة الأولى سافر إلى باريس لإكمال دراسته.

البداية الفنية كانت في فرنسا من خلال خشبة المسرح، حيث قدم العديد من العروض المسرحية هناك، وفى عام 1946 اختير لبطولة فيلم «أنا الشرق» فى مصر والذي قامت ببطولته الممثلة الفرنسية كلود جودار، بعدها سافر الى فرنسا وقدم عدة مسرحيات باللغة الفرنسية هناك، وانتقل بعدها الى امريكا ليقدم الفيلم الأمريكي Trapeze إنتاج عام 1956، والذي تظهر فيه أجواء السيرك بما يدور خلف كواليسه، وبعدها أطل مع عمر الشريف، مجسدا شخصية «ماجد» في الفيلم الإنجليزي الشهير Lawrence of Arab من إنتاج عام 1962، وإخراج ديفيد لين، ظهر في إحدى حلقات المسلسل الفرنسي Maigret et l'Affaire Nahour، والذي بدأ عرضه منذ عام 1967،وفى نفس العام شارك في الفيلم الفرنسي Peau d'espion، والذي أخرجه إدوار مولينارو.

وتزامنا مع كل هذه الاعمال الفرنسية والامريكية كانت مراحل نشأته الفنية فى مصر لافتة للانتباه، في بداية الأربعينيات حصل على جائزة الممثل الأول وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في مصر وكان فيلم «الصعود إلى الهاوية» نقطة التحول الرئيسية في مشواره مع السينما المصرية عام 1976 حيث جسد شخصية ضابط المخابرات الإسرائيلى.

وفي فترة السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي، ظهر «راتب» في عدة أفلام مصرية، منها فيلم «خائفة من شيء ما»، و «شعبان تحت الصفر»، و«حب فى الزنزانة» وحقق نجاحا كبيرا بشخصية « البهظ » فى فيلم الكيف عام 1985 وقدمها من جديد فى مسلسل يحمل نفس الاسم عام 2016.

كانت له مشاركات عربية من بينها الفيلم اللبناني «عروس البحر» من إنتاج عام 1980مع وليد توفيق، وفى 1990 ظهر فى الفيلم التونسي الرومانسي «شيشخان»، مع الممثلين جليلة بكار، وفتحي الهداوي. ورشح الفنانة شريهان للظهور معه في الفيلم التونسي Checkmate الذي عرض عام 1994.

وعاد «راتب» للمشاركة في الأفلام العالمية حين أطل عام 1996 في الفيلم الفرنسي A Summer in La Goulette، ثم ظهر بعدها في الأفلام الفرنسية tête de Turc من إنتاج عام 2010، وA Cloud in a Glass of Water من إنتاج عام 2011.

 

مشاهد مؤثرة فى حياته

اختيارات جميل راتب الفنية كانت مدروسة، ففى كل دور قدمه كانت له بصمة حقيقية

على مستوى الاداء ومستوى المعاملة مع أصدقائه فى الكواليس ايضا.

«بالحجم العائلى»، آخر أعمال الفنان القدير، ظهر كصديق مع يحيى الفخرانى، وكانت كلماته فى هذا العمل، « هو فى الدنيا حياة مافيهاش مشاكل»، «النجاح مايحبش شريك»، ورغم مرضه الا انه حاول التمسك بظهوره الأخير فنيا فى هذا المشهد ، ورغم صعوبة الحديث حاول ان يرسل برسائله الأخيرة لجمهوره.

«الراية البيضا» وكان مشهد استيلاء فضة المعداوى على الفيلا فى مسلسل «الراية البيضاء» من أهم مشاهده، فهى رؤية سياسية للكاتب الكبير اسامة انور عكاشة الذى مثل مصر وطبقاتها الاجتماعية وأظهر الصراع بين الثراء المرتبط بالانفتاح الاقتصادى والذى مثله فى غنا الجهلة وصراع المثقفين، رغم بساطة هذا المشهد الا انه الاكثر توضيحا لرؤية سياسية بين عصر ناصر والسادات.

«الكيف».. تعتبر شخصية «البهظ» بيه أهم شخصياته ومشهد اقناع «البهظ بيه» للكيميائى « الذى يجسد شخصيته يحيى الفخرانى» فيقول له « هما سابوا حاجة ماقالوش انها بتجيب سرطان كلها اشاعات علشان يحببوا الناس فى الجوع ويخوفوهم من العز، احنا فراعنة ربنا ادانا صحة مادهاش للعالم كله، ماحدش بيموت ناقص عمر، احنا بنبسط الناس، الكيف شهوة والشهوة هى اللى بتشد القرش من جيوب الناس ».

«ونيس وعائلته ».. شخصية أبو الفضل والد محمد صبحى فى سلسلة المسلسلات، اقوى مشاهده كانت الذى جمعه بمحمد صبحى قائلاً فيه « ياواد ياونيس ربيتك وخليتك راجل واكتشفت انى بربى نفسى وانا بربيك، عشت مشاعرى معاك وكشفت كل عوراتى معاك».

وكان دوره فى «رحلة المليون» شخصية لطفى الدمنهورى من أهم أدواره أمام محمد صبحى

«الكعبة المشرفة».. جسّد جميل راتب شخصية « إبليس » فى مشهد فلسفى راقى المستوى، فظهر فى اولى دقائق المسلسل فى حوار مع النفس ليقول « لا أحد يتخلف عن الطواف حول الكعبة، ماذا أفعل، إننى عاجز، لقد توعدت آدم بالويل وعظائم الأمور ومع ذلك لم أفعل شيئا منذ غواية قابيل وتحريضه على قتل هابيل، لقد خرجت عن طاعة ربى، لقد استبد بى الغضب فأعمانى وأوقعنى فى الخطيئة ».

أعمال الفنان القدير كثيرة وصلت لأكثر من 400 عمل  ما بين المسلسلات والمسرحيات والافلام، لتظل أعماله باقية وعلاقاته باصدقائه ورقيه فى التعامل هى الذكرى الأساسية. وكانت آخر تصريحاته فى برنامج فحص شامل «الموت راحة من المشاكل والمرض»، « رفضت الإنجاب من أجل الفن ».