رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى «أبوعمر المصرى» إذا صلحت المعطيات.. أبهرتك النتائج!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

كتبت  - حنان أبوالضياء

فى ظل السباق الرمضانى، يظل للعمل الأدبى مكانته المتميزة، خاصة إذا كانت المعالجة الدرامية والسيناريو يملك ناصيتها، سيناريست متحكم فى أدواته، ومخرج قادر على تطويع قدراته لإيصال الهدف الحقيقى من تقديم المسلسل، وأداء واع لمفردات النص يتبارى فيه الجميع دون تمييز بين النجم والأدوار الثانوية وهذا يحتاج إلى بطل مبتعد عن أنانية النجومية، كل هذه المعطيات موجودة فى مسلسل «أبوعمر المصرى» وبالتالى فالنتائج تكون عملاً مميزاً يثبت نفسه بجدارة أمام هذا الكم الهائل من الأعمال.

وفى الحقيقة إن تحول روايتى «مقتل فخر الدين»، و«أبوعمر المصرى» لعز الدين شكرى فشير وهما عملان بنيا بشكل أساسى على قصة مستوحاة من أبطال حقيقيين، كانت تحتاج إلى تدخل واع من السيناريست مريم ناعوم لإضافة الأطروحات والخطوط الخيالية للعمل لتكتمل الصورة الإبداعية للمسلسل، والبداية كانت تحتاج العزف بحرفية لإخراج صورة من لحم ودم لشخصية «فخر الدين» المدافع عن قيمه ومبادئه الإنسانية، الرافض التستر على الجريمة، المكافح ضد النظام والدولة إبان وجود أمن الدولة، الرافض استغلال وظيفته كمحام، المصر على الدفاع عن المظلومين، والمضحى بنفسه من أجل ذلك.

وقدمت شخصية فخر الدين فى خطين متوازيين، بينما وصل إليه نتيجة لمعاناته، وخط الذكريات المعتمد على شخصية العاشق الذى خسر محبوبته وزواجها من آخر، ثم دفعت حياتها نتيجة لعلاقة عابرة بينهما أثمرت عن الطفل الذى يتم من خلاله العودة فلاش باك لمعرفة جذور شخصية «أبوعمر المصرى» لتمزج مريم ناعوم ومحمد المصرى بين ما هو حقيقى فى روايتى عز الدين شكرى فشير وبين ما هو من بنات أفكار الكاتب كشخصية الحبيبة «شيرين» أروى جودة، فروايتا «فشير» معتمدتان على قصة حقيقية بطلاها المحامى أسامة مصطفى حسن نصر، إمام مسجد ميلانو الشهير بالإمام المختطف، والمعروف باسم أبوعمر المصرى، والذى نال تدريباته فى السودان، قبل التحاقه بمعسكرات الجهاديين فى أفغانستان، ليتعلم استخدام السلاح وصناعة المتفجرات، وهناك أيضًا شخصية مفتى تنظيم الجهاد المصرى، محمد شرف، والمكلف ابنه بوضع قنبلة فى مكان عقد اجتماع أسامة بن لادن، وقيادات تنظيم القاعدة، إلى جانب انقلاب التنظيم على تلك الشخصية فى الحقيقة والخيال بعد رفضه الاستمرار.

وإذا كانت الرواية تتوافق مع الشخصية الحقيقية فى أنه كان عضوًا فى حزب الوفد وتعرض صديقه للقتل، فهرب بجواز سفر مزور منضمًا إلى الجماعات الجهادية فى أفغانستان متنقلًا بين فرنسا والسودان، فإن المسلسل ركز على جعل بطله مؤسساً، لما سمى بالنقابة المستقلة من مجموعة من المحامين المدافعين عن الغلابة، إلى جانب أن القتيل فى المسلسل كان ابن خالته، وقتل ظنًا من قاتله أنه فخر الدين، وبالطبع هناك مساحات كبيرة من الخيال يجب إيجادها عند كتابة العمل كرواية أو مسلسل، وربما هذا ما جعل منتج العمل ينوه فى البداية بأنه لا ترابط بين المسلسل والواقع حتى لا يقع فى براثن التقاضى من قبل الشخصية الحقيقية والتى كانت قاب قوسين أو أدنى من مقاضاة فشير عند نشر الرواية، خاصة بعد استعانته فى البداية بصورة الشخصية على غلاف لرواية بدون إظهار تفاصيلها، ثم تراجعه فى الطبعة التالية بتغيير صورة الغلاف.

وفى الواقع إن معالجة تلك الشخصية للإرهابى تناولها فشير فى ثلاثية روائية «مقتل فخر الدين» و«غرفة العناية المركزة» و«أبوعمر المصرى» بل وهناك امتداد لشخصية ابنه عمر فى روايته «كل هذا الهراء»، بينما المسلسل يعتمد على روايتى «فخر الدين» وأبوعمر المصرى» فقط.

ولعل المزج فى المسلسل بين الإرهاب والدراما الإنسانية لبطله أحمد عز أعطته نكهة مختلفة عن تلك النوعية من المعالجات للإرهاب فى الأعمال السابقة، والتنقل فى عدة أزمنة متداخلة وأماكن مختلفة كانت تحتاج إلى مونتير واع ومتحكم فى تلك النقلات.

ولعل من مميزات العمل عدم الوقوع فى براثن التوثيق للأحداث رغم استعانته ببعض المشاهد الوثائقية كما فى زلزال 92، ويحسب للمخرج أحمد خالد موسى ما حمل به من تحول فى الشخصية يبدو بوضوح ظاهريًا ولكن تبقى الروح كما هى، وإن خرجت عن كينونتها الأساسية، ولعل التركيز فى كادرات بعينها على وجه أحمد عز مع استخدام الإضاءة التى يغلب عليها الظل فى بعض الأحيان عمقت هذا المعنى.

وفى هذا العمل تبارى العديد من الممثلين فى مضمار الأداء وعلى رأسهم أحمد عز ليس كمؤد جيد للشخصية المتحولة داخليًا قبل الظاهر ولكن بعدم الأنانية أيضًا فى الاستحواذ على الكاميرا كنجم، فبرز باقتدار فتحى عبدالوهاب بشخصية بقدر ما تكرهها، تفكر فيما تطرحه من أفكار، إلى جانب تنوع فى الأداء للممثل منذر رياحنة والذى يمتلك ناصية الشخصية بكل تفاصيلها، وهو ممثل تجد عنده الجديد مع كل عمل يشارك فيه، أما اللافت للنظر فى هذا العمل فكان الممثل محمود الليثى بأدائه شخصية عصفورة الأمن طالبًا والمرشد وكاتب التقرير عن زملائه عندما أصبح صحفيًا بأداء وصل بالمشاهد فيه إلى حالة من الكره له نتيجة لذوبانه فى تفاصيل تلك النوعية من الشخصيات التى تستشعر لزوجتها وكأنك تلمسها، وتمسك بتفاصيل انسحاقها وفقدها لآدميتها.

ويبقى فى النهاية أن مفردات العمل تجعلك تتابع عن كثب كيف تحول فخر الدين ليصبح أبوعمر المصرى ومن إنسان مسالم محب للبشرية إلى نسر الجماعة وأحد كبار القادة المجاهدين فى التلاعب بتقنيات الزمن السردى، والتعمق فى وجدان الشخصية الأساسية وما حولها من شخصيات.