رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فن صناعة الأزمات

بوابة الوفد الإلكترونية

 

السلع اختفت من معرض أهلاً رمضان ومبادرة «كلنا واحد»... ومواطنون يبحثون عنها

مسئول بالمعرض: سيارات تحمّل السلع بالجملة.. والفقراء يمتنعون

مطالب بتحديد كمية لكل مواطن.. وضبط الأسواق ضرورة

خبراء: لا بد من تطبيق القانون على المحتكرين.. وتوعية المواطنين هى الحل

 

مبادرات ومعارض عديدة نظمتها الحكومة فى العديد من مناطق القاهرة والجيزة وفى المحافظات المختلفة، تم من خلالها توفير السلع للمواطنين بتخفيض وصل إلى 50%، إلا أن الكثير منا لم يشعر بتوافر هذه السلع والسبب فى ذلك «صانعو الأزمات» الذين تكالبوا للحصول على هذه السلع الرخيصة، وقاموا بتخزينها لإعادة بيعها بأسعار مرتفعة.

فصانعو الأزمات هم فئة من التجار معدومى الضمير المتاجرين بأقوات الشعب المصرى، يستغلون الظروف لخلق أزمات حتى يستفيدوا من ورائها، ولكن هناك فئة أخرى تسهم فى صناعة الأزمات بجهل، وهم المواطنون الذين يقومون بشراء كميات كبيرة من السلع لتخزينها لوقت الحاجة، وهو ما يسهم فى زيادة الأزمات أكثر.

مبادرة توفير مستلزمات المدارس واحدة من أهم المبادرات التى أفسدها صانعو الأزمات، حيث قام التجار بشراء كميات كبيرة من السلع التى كانت تباع بأسعار رخيصة، وقاموا بعرضها فى محالهم بأسعار أعلى بكثير، مستغلين كونهم مواطنين لديهم الحق فى شراء ما يحتاجون من المعارض التى تقيمها الحكومة، ولا يتركون الفرصة لغيرهم من البسطاء لشراء احتياجاتهم.

وكما حدث هذا فى معرض أهلاً مدارس، تكرر نفس الشىء فى مبادرة «كلنا معاك» التى تهدف لتوفير حياة كريمة للمواطنين بعيدًا عن جشع التجار.

ومع اقتراب حلول شهر رمضان تزداد المخاوف من تكرار هذه الظاهرة، خاصة أن الكثير من المواطنين يحرصون على شراء كميات كبيرة من الخضراوات والفاكهة واللحوم والدواجن وغيرها من السلع الأساسية، ما يجعل قانون «العرض والطلب» هو المسيطر، وبالتالى ترتفع الأسعار أكثر مما هى عليه.

آلاف المواطنين أعربوا عن غضبهم الشديد من ممارسات صانعى الأزمات، حيث قال مراد كامل موظف: «مش لاقيين حاجة ناكلها»، مشيراً إلى أن الحكومة تقوم بعمل مبادرات ومعارض لتوفير السلع الأساسية، إلا أن الكثير من المواطنين يخزّنون كميات كبيرة من المعروض فيها، واصفًا هؤلاء بـ«الجبناء».  

وأشار الرجل الأربعينى إلى أنه يتابع نشرات الأخبار ويشاهد جهود الحكومة لتوفير متطلبات المواطنين، وكم يشدد الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة محاربة جشع التجار وتوفير السلع بأسعار مخفضة، ولكن الإشكالية تكمن فى بعض المواطنين الذين يتكالبون على شراء المنتجات بكميات كبيرة خوفًا من زيادة الأسعار، ولا يعلمون أن هذه السلوكيات هى السبب الرئيسى فى ارتفاع الأسعار فى الأسواق وانخفاض المعروض فى المبادرات.

والتقط أطراف الحديث صابر عبدالعال، عامل، قائلاً إنه كثيرًا ما يذهب للمبادرات التى تعلنها الحكومة لشراء متطلبات المنزل بأسعار مخفضة، ولكنه يفاجأ حينما يصل بعدم توافر كثير من المنتجات التى تم الإعلان عنها، وبالسؤال عن السبب يرد القائمون على المبادرة قائلين: «فيه ناس حملوا عربيات ومشيوا».

يستكمل الرجل الخمسينى حديثه قائلاً: إن معدومى الضمير هم السبب فى اختلاق أزمة لغيرهم من البسطاء الذين يحتاجون فعلاً لمثل هذه التخفيضات، وتابع: «الناس دول أكيد تجار.. لأن مفيش بنى آدم عادى يشترى كل هذه الكميات مرة واحدة».  

ويطالب «عبدالعال» بضرورة صدور قرارات لتحديد كميات للمشترين من هذه المبادرات حفاظاً على حقوق غيرهم من المواطنين.

ومن أمام معرض أهلاً رمضان، فى فيصل، سألنا عدداً من المواطنين عن توافر المنتجات، فردوا قائلين إن الأسعار فى متناول محدودى الدخل، حيث سجل سعر كيلو السكر 14.5 جنيه بدلاً من 21 جنيهاً فى المحلات، وكيلو الأرز بـ14.5 جنيه بدلاً 20 جنيهاً فى المحلات، والمكرونة 350 جراماً بـ5.25 جنيه، وكيلو الدقيق بـ17 جنيهاً، والأرز بسمتى سوبر بـ55 جنيهاً، والوسط منه بـ40 جنيهاً.

 

وبسؤال دسوقى السيد، أحد المقبلين على المبادرة عن أسعار الفول رد قائلاً: إن الفول المدشوش يباع بـ28 جنيها، و2كيس ملوخية بـ15 جنيهاً، و2كيس فاصوليا أو سبانخ أو خضار مشكل بـ15 جنيهاً، وطبق البيض بـ80 جنيهاً، والزيت الخليط 800 مللى بـ35 جنيهاً، وكيلو الأرز السائب بـ12 جنيهاً، وكيلو الفراخ المجمدة بـ65 جنيهاً، وبينما سجلت أسعار اللحوم البرازيلى المجمد 500 جرام بـ60 جنيهاً، والسودانى بـ135 جنيهاً.

تعددت الأسباب

وعلق الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى على هذه الظاهرة قائلاً: إنَ الأزمات الاقتصادية والصراعات والتوترات التجارية تستغلها بعض المؤسسات والشركات والأفراد لتكوين ثروات غير مشروعة، حيث إنه فى الأزمات تصنع الثروات الهائلة بسبب الجشع والاحتكار من قبل بعض التجار، الذين يقومون بتعطيش السوق والسعى الدائم إلى زيادة الأسعار مما يؤثر بالسلب على المواطنين فى شراء السلع الاستراتيجية.

وأضاف الخبير الاقتصادى أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة فى أسعار السلع الغذائية بشكل سريع، حيث لا يتوقف الأمر على ارتفاع سعر السلعة التى ترغب فى شرائها فى وقت معين، ولكن الارتفاع دائم ومستمر، ما ينعكس على الأسواق بشكل سلبى، بالإضافة إلى زيادة الأعباء على المواطنين، وخلق معادلة صعبة فى تحقيق التوازن بين مدخلات الفرد ومخرجاته فى شراء السلع الغذائية.

ويرى «خضير» أن الفترة القادمة ستشهد زيادة فى معدلات الاستهلاك، وبالتالى لا بد من إحكام السيطرة الكاملة على الأسواق ومحاربة استغلال التجار.

وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن أزمة ارتفاع الأسعار ترجع إلى زيادة الصراعات والتوترات العالمية ومدى تأثير ذلك على الأوضاع الدولية والداخلية، بالإضافة إلى انخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار، وبالتالى أصبح ارتفاع الأسعار يمثل صداعاً مزمناً لربات البيوت والأسر المصرية، لذلك بدأت ربات البيوت المصرية بوضع بصماتهن الخاصة

للتعايش مع تلك الظروف ومساعدة أزواجهن فى إدارة المنزل بحكمة، والاتجاه إلى ترشيد الإنفاق للخروج من تلك الأزمة، فبدأت فكرة إعادة التدوير والاقتصاد فى شراء الكميات التى تحتاجها فقط، وتوقفت معظمهن عن شراء الأطعمة المعلبة لأن أغلبها مستورد، ولجأت لطرق جديدة فى إعداد الطعام لترشيد النفقات.

وتابع: الدولة تسعى إلى زيادة المبادرات بهدف تحسين نوعية حياة المواطنين وتوفير السلع الغذائية والاستراتيجية بأسعار مخفضة تناسب كافة المستويات لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار العالمية وتأثيرها على الأوضاع الداخلية، ومواجهة جشع واحتكار التجار لاستغلال الأزمات والصراعات، وعدم إضافة أعباء على المواطنين فى ظل تصاعد وتيرة الأزمات، ومع كل المبادرات العامة لمواجهة موجه الغلاء نجد بعض التجار الجشعين الذين يسعون لشراء السلع الغذائية من تلك المنافذ وتخزينها وبيعها فى السوق السوداء، لذلك لا بد من إحكام السيطرة الكاملة على الأسواق، وكذلك المنافذ والمبادرات الحكومية وعدم بيع كميات كبيرة للمواطنين حتى لا تستغل تلك المبادرات لصالح معدومى الضمير، بالإضافة إلى ضرورة التوسع فى نشر تلك المنافذ لتصل إلى كل أنحاء مصر لتخفف الأعباء عن كاهن المواطن.

ووجّه الخبير الاقتصادى نصائح للمواطنين قائلًا يجب أن نقوم بشراء الاحتياجات الأساسية الضرورية وتغير ثقافة الاستهلاك والتخزين، ومحاولة تأجيل نفقات الرفاهية غير الأساسية لمواجهة موجة الغلاء الفاحش، والضرب بيد من حديد على التجار المستغلين وصانعى الأزمات.

إرهاب

من جانبه، قال الدكتور عمرو يوسف، خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، إن الدولة تحاول بجميع أدواتها مواجهة موجات التضخم عن طريق استخدام توليفة متنوعة من السياسات النقدية والمالية والتى تستهدف خلق حلقة انكماشية حول التضخم لتقييده، فقد أخذ المركزى المصرى وكذلك وزارة المالية جميع الاحتياطيات لفعل ذلك والجدير بالذكر أن موجات التضخم تجتاح المعمورة بشكل كامل حتى إن جميع الاقتصادات حول العالم أياً كانت قوة نظامها تأثرت وبشكل كبير خاصة بعد تلقى العالم لعدة أزمات متتالية.

وأضاف الخبير الاقتصادى أن زيادة الأسعار الناتجة عن هذا التضخم شىء، وتلك الزيادة الناتجة عن أسواق الاحتكار غير المشروع وكذلك سلوك المواطنين والمستهلكين وثقافة الاستغناء شىء آخر، فالدولة تواجه حرباً منظمة وإن صح التعبير من قبل محتكرى السلع والبضائع، حيث يؤثر حبس السلع عن العرض على أسعار السلع بشكل مطرد، ولذلك نأمل فى وضع تشريع عاجل وبشكل طارئ للتعامل مع هؤلاء المتلاعبين وإخضاعهم لقانون رادع، فهذه الأفعال لا بد أن تندرج تحت الجرائم الماسة بأمن الوطن واستقراره، فهى لا تقل خسة عن أعمال الإرهاب والتخريب.

واستكمل قائلاً: ثقافة الاستغناء لا يفهمها السوق الاستهلاكى بمصر للأسف، فالأمر الغريب أنه كلما زادت الاسعار زاد معها الاستهلاك، وكأننا نصنع بأيدينا فقاعة تضخم خاصة بنا، ليجد مروجو تلك السلع البيئة الخصبة لممارسة أعمال الاحتكار, ولذلك لا بد من إطلاق حملات توعوية ونقل تجارب الدول وسلوك مواطنيها فى مجال الاستغناء.

وعن كيفية نجاح سلاح الاستغناء فى مواجهة جشع بعض التجار ومحتكرى السلع، أكد أن أكثر من 40% من موازنات الأسر تضيع على بعض السلع والخدمات، لذلك فلو تم الاستغناء عنها سوف تخفف من وطأة التضخم الحالى، وأهم هذه السلع هى: السجائر والإنترنت وغيرها من الأشياء التى يمكن التقليل منها.

وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن الدولة تقوم بالعديد من الجهود لتخفيف وطأة الأسعار من خلال إطلاق المبادرات لتوزيع السلع من خلال جهاز تنمية المشروعات ووزارات التموين والداخلية، وذلك لمعرفة الدولة بأن الأشهر القادمة هى ذروة استهلاك الأسر نظراً لطبيعة تلك الأشهر، ولذلك ولإنجاح تلك التجارب لا بد من وجود حملات توعية بين ثقافة الاستهلاك والترشيد والاستغناء حتى نعبر تلك الأزمة الحالية.