رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فوضى المبيدات.... الموت فى طبق فاكهة!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

أرقام مُرعبة كشفت عنها منظمة الصحة العالمية، فى آخر إحصائيات لها، حيث أكدت أن هناك ما يقرب من مليون ونصف المليون شخص حول العالم يصابون كل عام بمرض السرطان، مؤكدة أن السبب الرئيسى للإصابة هو التلوث الذى يحيط بالإنسان من كل الجوانب وما يدخل جوفه من طعام وشراب، وهواء محمل بالمواد المسرطنة، مشيرة إلى أن نصف هذه الحالات سببها الطعام المسرطن.

وأكدت الدراسة أن هذا الطعام ناتج عن استخدام مبيدات وهرمونات فى الزراعة تحول العناصر الغذائية إلى مواد مسرطنة، ووفقا للمثل الشعبى المصرى «طباخ السم بيدوقه».. يتعرض العديد من المزارعين للإصابة بالسرطان أيضا نتيجة لعدم التزامهم بالإجراءات الاحترازية الخاصة باستخدام مثل هذه المبيدات أثناء الزراعة ومنها ارتداء القفازات.

هذا الأمر يزداد خطورة داخل مصر بسبب عدم وعى معظم المزارعين بخطورة استخدام مثل هذه المبيدات وغياب رقابة وزارة الزراعة.

يقلل من جودة الإنتاج

كل ما سبق أكده حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين قائلا: إن هناك الكثير من الفلاحين يستخدمون مبيدات بشكل عشوائى ما يؤدى إلى مخاطر عديدة سواء للمستخدمين أنفسهم أو لملايين المواطنين الذين يتناولون الخضراوات والفواكه المسمومة.

وأضاف نقيب الفلاحين أن استمرار مثل هذه الممارسات سيؤدى إلى حدوث خلل فى التوازن البيئى نتيجة للتلوث، مما يؤدى الى موت الكثير من الحشرات والأحياء النافعة وتلوث التربة مما يؤدى الى ضعفها وإنتاج محاصيل متدنية الجودة، بل إن الأمر قد يصل إلى ضعف انتاج التربة على المدى البعيد.

وتابع موضحا أن الاستخدام الخاطى للمبيدات يؤدى إلى تلوث  المياه الجوفية مما يؤدى إلى تسمم كل من يشربها، وبصفة عامة فإن استعمال المبيدات بدون اتخاذ الإجراءات اللازمة قد يؤدى إلى ايذاء من يستعملها وقد يصل الأمر إلى وفاته، علاوة على تلوث الهواء وإيذاء كل من يجاور الأرض التى ترش بمبيد غير مصرح به، كما أن استخدام هذه المبيدات بكميات كبيرة وفى وقت غير مناسب يؤدى الى تلوث المنتج الزراعى مما يتسبب فى أضرار بالغة للمستهلكين.

الكارثة الأكبر فجرها نقيب الفلاحين حينما قال إنه من الصعب معرفة إذا ما كان المنتج الزراعى صالحًا للاستخدام أم لا، إلا عن طريق المختبرات باخذ عينات من المزروعات وتحليلها، مشيرا إلى أن مصر تستهلك حوالى 10آلاف طن من المبيدات سنويا.

وعن الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها رد نقيب الفلاحين قائلاً إن كل من يستهلك المنتجات الزراعية يجب أن يغسلها جيدا، وعلى الجهات الرقابية متابعة المنتجات المعروضة للبيع وأخذ عينات يومية من الاسواق للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات وانها صالحة للاستهلاك.

الزراعة النظيفة

من ناحية أخرى أكد الدكتور محمد يوسف، أستاذ المكافحة والزراعة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، وعضو الاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن القيادة السياسية تحرص على زيادة الرقعة الزراعية بالتوسع الأفقى والرأسى فى الأراضى الزراعية، والتوسع فى المشروعات الإنتاجية سواء الزراعية أو الحيوانية بهدف سد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج وتقليل الاستيراد من الخارج فى ظل تراجع الرقعة الزراعية والزيادة السكانية والتغيرات المناخية العالمية.

وقال الخبير الزراعى إنه تم مؤخرا التصديق على قانون الزراعة العضوية لكى يتيح الفرصة للتوسع فى مساحات الأراضى المنزرعة عضويا بهدف زيادة الإنتاجية من المحاصيل الزراعية العضوية أملا فى إنتاج غذاء صحى آمن يخلو من متبقيات المبيدات الحشرية، ويصلح للاستهلاك المحلى والتصدير إلى الخارج وبالتالى زيادة الواردات.

وتابع موضحا أن الكثيرين يعتقدون أن الزراعة النظيفة والزراعة العضوية هما نفس الشىء، ولكن هناك اختلافات جوهرية بينهما، فالزراعة النظيفة هى أحد أنواع الزراعة التى تستخدم فيها الكيماويات فى الحدود المسموح بها وفقا لتوصيات لجنة المبيدات التابعة لوزارة الزراعة، أما الزراعة العضوية فهى نظام متكامل يسمح باستخدام الأسمدة الحيوية والمخصبات العضوية والمركبات الحيوية والمستخلصات النباتية بالإضافة للطفيليات والمفترسات الحشرية النافعة بهدف إنتاج غذاء نظيف صحى  دون الإخلال بالنظام البيئي بحيث يكون للنظام جدوى اقتصادية.

أما الزراعة التقليدية فهى الزراعة التى تستخدم فيها المبيدات الزراعية والأسمدة الكيماوية ومنظمات النمو والهرمونات الزراعية بصورة عشوائية دون رقابة من المرشد الزراعى أو حتى لجنة المبيدات، ولا تتبع فيها فترة التحريم وهى تلك الفترة التى تنقضى منذ رش المبيد على المحصول وأول جنى له.

ويعتبر القدماء المصريين أول من وضعوا أسس الزراعة العضوية منذ سبعة آلاف سنة، فكانت الزراعة تعتمد على التسميد بالمواد العضوية والطمى الناتج عن فيضان النيل، واستمرت هذه الزراعة متبعة فى مصر حتى القرن التاسع عشر، إلا أنه بسبب زيادة السكان وتناقص الرقعة الزراعية فى ظل الطلب المتزايد على المنتجات الزراعية فكان من الضرورى التوسع الرأسى فى الإنتاج الزراعى حتى لا تحدث مجاعات فبدأ الاستخدام المكثف للمبيدات والأسمدة الكيماوية، فضلاً عن استخدام الهرمونات المصنعة ومنظمات النمو حتى أصبحت الصبغة الكيماوية من سمات الزراعة المصرية، ونتيجة الاستخدام غير الرشيد لتلك الكيماويات ظهرت مشاكل لا حصر لها باتت تدق ناقوس الخطر على البيئة المصرية.

مواد مسموح بها فى الزراعة

وقال خبير التنمية الزراعية، إن هناك مواد مسموحًا بها فى الزراعة العضوية منها التسميد الحيوى أو العضوى وكذلك الكمبوست والفيرميكمبوست والبوكاشى والبوتشار، والمركبات الحيوية مثل المستخلصات النباتية مثل زيت النيم والنيم فورس والمورينجا والجوجوبا والثوم، والمفترسات والطفيليات الحشرية النافعة مثل اسد المن الاخضر وابى العيد وذباب السرفس وطفيل التريكوجراما، والمركبات الحيوية التجارية لمكافحة الافات الحشرية والاكاروسية مثل البكتيريا والفطر والفيرس والنيماتودا المتطفلة والمفترسة والنوزيما.

وتابع: من أهم هذه المركبات البيوكيللر Bio-killer، الدايبل، الدايبل 2 اكس، البيوسيكت، البيوباور، البيوفار، البيوفلاى، البروتكتو، البيوجرين، البيوكلين والباك ونيما والبيوروتس والبايوكنترول والبايوجرين والهايبرجرين والبايوبيست والبايوانسكت غيرها.. واستخدام المصائد بأنواعها المختلفة المتخصصة فى مكافحة ذبابة الفاكهة والخوخ.

وأشار أستاذ المكافحة والزراعة الحيوية إلى أن المواد غير المسموح بها فى الزراعة العضوية هى أن يمتنع صاحب المزرعة عن اى معاملات كيميائية مثل رش المبيدات الحشرية والهرمونات ومنظمات النمو والمبيدات الفطرية الجهازية ومبيدات الحشائش والامتناع عن استخدام الأسمدة الكيميائية، وعدم استخدام شتلات أو بذور او تقاوى مهندسة وراثيا، وعدم الرى بمياه الصرف الصحى والصناعى والزراعى.

وأشار «يوسف» إلى أن هناك بعض معوقات الزراعة العضوية فى مصر، منها عدم وجود عمالة مدربة على الزراعة العضوية، وعدم وجود مهندسين زراعيين متخصصين فى الزراعة، وعدم اقتناع بعض المزارعين بمردود الزراعة العضوية، ونقص مكاتب التسجيل والتفتيش والاعتماد المحلية، وغياب دور الاعلام فى نشر ثقافة الزراعة العضوية، وغياب دور الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص والحكومى فى تفعيل دور الزراعة العضوية، وعدم توافر معامل متخصصة لانتاج المفترسات والطفيليات الحشرية والمسببات المرضية النافعة مثل الفطر والبكتيريا والفيروسات والنيماتودا المتطفلة على الحشرات، وعدم الاهتمام بالقوانين المنظمة للزراعة العضوية.

واختتم الخبير حديثه قائلاً: بعد صدور اللائحة التنفيذية يصبح قانون الزراعة العضوية رقم 12 لسنة 2020 مفعلا بالتالى علينا جميعا كمتخصصين فى مجال الزراعة الحيوية والعضوية والمكافحة البيولوجية ومنتجين ومصنعين وتجار ومصدرين ومستوردين التكاتف معا للاستفادة القصوى من هذا القانون، كما نتمنى صدور قانون زراعة عضوى عربى موحد يجمع بين جميع الدول العربية.

أضرار عديدة

 

وأشارت الدكتورة أمل السفطى، أستاذ الطب المهنى والبيئى بكلية الطب جامعة القاهرة، ومدير المركز القومى للسموم سابقا، إلى أن استخدام المبيدات بكافة اشكالها فى الزراعة يهدف إلى

الوصول إلى أقصى انتاجية، وهذا عن طريق التخلص من الآفات التى تصيب المحاصيل، كما أن هذه المبيدات أفادت الإنسان من مخاطر بعض الحشرات والآفات الناقلة للأمراض. ولكن الخط الفاصل بين الالتزام بالاستخدام والتداول الآمن للمبيدات والافراط فيها غير واضح، فلابد من وجود معايير محددة للاستخدام من حيث الكميات والأنواع لأن التجاوز فى هذا الأمر يتسبب فى كثير من الأمراض، أما بسبب الجهل أو عدم الالتزام بالتعليمات والمحظورات لكل نوع من المبيدات، أو الجشع لكسب المال بغض النظر عن المخاطر فى غياب الإشراف الدقيق من الجهات الرقابية على التصنيع والتعبئة والاستيراد والتسجيل واستعمال المبيدات.

وأضافت: إن هناك شعورًا بالقلق الزائد بشأن استعمال المبيدات المسرطنة واحتمال الإصابة بمرض السرطان، وقد تزامن هذا القلق مع الأبحاث الحديثة التى تشير الى ارتباط التعرض المهنى للمبيدات والتطور والزيادة المطردة فى الإصابة بأنواع من السرطان على مدار السنوات القليلة الماضية.

 وأشارت إلى أن مصطلح المبيدات واسع جدًا حيث ان هناك انواعًا كثيرة للسيطرة على الحشرات أو الأعشاب الضارة أو الفيروسات أو الفطريات أو سائر الآفات الأخرى، وقد أظهرت بعض مبيدات الآفات أدلة على كونها مواد مسرطنة فى حين أن البعض الآخر لم يثبت هذا التأثير.

واستكملت الدكتورة أمل حديثها قائلة: أثبتت الدراسات أن أكثر المبيدات المسببة للسرطان هى: المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والفطريات، ومن أمثلة المبيدات المتوفرة «راوند آب» الذى يستخدم لمكافحة الحشائش المستعصية مثل النجيل والحلفاء، وكذلك «الفيرتيمك»، و«الردوميل»، و«التيمك»، و«اللانيت»، وهناك مبيدات مسرطنة أخرى مثل الداى مسويت وهو أحد مشتقات الـ«دى دى تى» ويستخدم لرخص سعره، وهناك أيضا الكالسين، والميثايل برافيون, والمالاثيون والباراثيون.

وأشارت خبيرة السموم إلى أن هناك كثيرًا من الأدلة على وجود علاقة وطيدة بين التعرض لمبيدات الآفات وحدوث بعض أنواع السرطان مثل سرطان الدم والغدد الليمفاوية، والورم النخاعى المتعدد، والبروستاتا والكلى، وكذلك علاقتها بأمراض الجهار العصبى مثل الزهايمر، والباركينسون وخاصة المبيدات التى تحتوى على مركبات فسفورية، والاضطرابات الهرمونية، واضطرابات النمو والعُقم والآثار على الجهاز العصبى مثل فقدان الذاكرة، وفقدان التنسيق، وانخفاض القدرة على الإبصار، بخلاف الأنواع المختلفة من الحساسية كالربو وغيره.

وتابعت: هناك عدد من المهن الأكثر تعرضًا لمخاطر المبيدات مثل الأفراد العاملين فى إنتاج هذه المبيدات صناعيا، والناقلين والموزعين لها، وكذلك عمال المزارع المشاركين فى خلط ورش المبيدات بشكل منتظم.

وأكدت أن التعامل مع المبيدات يحتاج إلى ثقافة وتوجيه، وكثير من المزارعين أميون، لا يستطيعون قراءة التعليمات المدونة على العبوة قبل استخدامها، ولا يجدون مَن يقدم لهم الإرشاد الزراعى لتحديد الجرعة المطلوبة دون إفراط أو مبالغة فى عدد مرات الرش، كما لا توفر لهم وزارة الزراعة أدوات الوقاية مثل القفازات والأحذية والكمامات التى تحميهم من أضرار التعامل المباشر مع المبيدات.

ونوهت بضرورة عدم الإسراف فى استخدام المبيدات المسرطنة والتى تعد بمثابة فاتورة خسائر كبيرة يدفعها أولا العاملون بالتصنيع والمزارعون والدولة فى حالة وضع صحة المواطنين من ضمن أولوياتها.

تجارة المبيدات فى مصر

ووفقا للخبير الاقتصادى أسامة زرعى، فإن حجم تجارة المبيدات فى مصر يبلغ حوالى 2 مليار جنيه، 70% منها يتم استيراده من الخارج، وتم إلغاء استيراد 9 مبيدات لخطورتها على الصحة العامة ودخول نحو 4% فى نطاق البطاقة الحمراء.

وأوضح زرعى أن المزارعين يجنون أرباحًا كثيرة تصل للملايين لزيادة وسرعة نمو الفواكه والخضراوات، بل إن بعض أصحاب المزارع الكبرى يلجأون إلى استخدام الهرمونات والمنشطات الصناعية للتعجيل بنضج المحاصيل، أو زيادة التلوين، بما يتماشى مع حاجة السوق، لتحقيق أكبر ربح ممكن».

وأوضح زرعى، أنه يتم الاستعانة بالهرمونات نتيجة لارتفاع أسعار الأسمدة، حيث إن الأولى رخيصة الثمن وتعطى محصولا أكثر وتكلفته أقل.

وأشار زرعى إلى أن صادرات مصر الزراعية تخضع لرقابة صارمة من قبل الدول المستوردة، وتم رفض العديد من شحنات الصادرات المصرية للسوق الأوروبية، نتيجة لارتفاع نسب المبيدات عن الحدود المسموح بها، ولكن ما تم رفضه يتم تداوله فى السوق المصرى» وذلك بسبب عدم وجود رقابة أو ضوابط محددة على استخدام المزارعين لتلك المركبات الكيميائية، وهو ما يجعلها خطرا يهدد صحة المواطنين المصريين لأن الدول الأوروبية ترفض التعاون نهائيا مع أى نوع من الخضراوات والفاكهة يحتوى على هرمون.

وأكد زرعى أن هناك تقارير عديدة من الاتحاد الأوروبى تؤكد وجود مشاكل فى الرقابة على السوق المصرية، ولذلك تشترط الدول الأعضاء بالاتحاد إجراء تحاليل لكافة الشحنات المطلوب تصديرها من مصر إليها، وهو ما لا يحدث فى أى من الدول الأخرى لوجود بروتوكولات خاصة بالرقابة على المزارع، بخلاف ما تشهده مصر من استخدام كافة المركبات دون رقابة من أحد والأمر متروك للمزارعين، لذلك فالحل الوحيد هو الرقابة على الفلاح والأسواق وتغريم من يقوم باستخدام تلك الهرمونات الضارة لحماية المصريين من الأمراض.