رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المؤتمر الاقتصادي.. «طوق نجاة» مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

 أبرز ما يميز الجمهورية الجديدة التي تعيشها مصر حاليًا، أن كل الأبواب متاحة للمشاركة بالرأي وبالفكرة والتوجه، ما دام المقصد هو خدمة الوطن.

وهذا الأمر تجسد بشكل كبير فى دعوة الرئيس، عبدالفتاح السيسي، لعقد مؤتمر اقتصادي، نهاية الشهر الجاري، تشارك فيه كل عقول مصر وخبرائها، لرسم خريطة طريق لمواجهة التحديات الاقتصادية، ولإزالة كل ما يعيق انطلاق التنمية بمعدلات كبيرة.

إن العالم يمر بأزمة اقتصادية كبيرة، وتشير التوقعات الدولية إلى إمكانية الدخول في سيناريو الركود الاقتصادي العالمي خلال العام المقبل، ولأن مصر جزء من العالم، فمن المتوقع أن ينال منها تأثير هذا الركود.

ومثل دول العالم، تشهد مصر أزمة اقتصادية، نتيجة ظروف خارجية ليست لنا يد فيها، وظروف داخلية نتيجة اتباع سياسات اقتصادية ونقدية معينة خلال السنوات الماضية.

لم نكد نخرج من أزمة جائحة كورونا وتأثيرها في الاقتصاد، حتى بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى هروب الأموال الأجنبية من البلدان النامية إلى الدول الغربية وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، ما أثر سلبًا، وبشكل كبير في اقتصاد الدول النامية.

ونتيجة لهذه الظروف الدولية الخارجية والتأثيرات الداخلية في الاقتصاد المصري، دعا الرئيس، عبدالفتاح السيسى، الحكومة إلى عقد مؤتمر اقتصادي، يشارك فيه المتخصصون، لمناقشة الملف الاقتصادى المصري وكيفية مواجهة تحدياته، وتحويل محنه إلى منح، خصوصًا أن الاقتصاد المصري ينطوي على مؤشرات إيجابية عدة.

فرغم الأزمة الاقتصادية الحالية فإن الاقتصاد المصري حقق مؤشرات جيدة خلال السنوات الثمانى الماضية، فقد حقق أعلى معدل نمو منذ 14 عامًا مسجلًا 6.6% فى عام 2021/ 2022، مقارنة بـ2.9% عام 2013/2014، وزاد الناتج المحلي الإجمالى أكثر من 3 أضعاف، إذ بلغ 7.9 تريليون جنيه عام 2021/2022، مقابل 2.2 تريليون جنيه عام 2013/2014، وفقًا لتقرير صادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء.

واستمر الاقتصاد في تحقيق نتائج إيجابية فى معدلات البطالة لتصل إلى أقل معدل طوال أكثر من 30 عامًا، ليسجل 7.4% عام 2021، مقابل 13% عام 2014، وزاد صافي الاحتياطيات الدولية إلى 33.1 مليار دولار فى يوليو 2022، مقارنة بـ16.7 مليار دولار فى يوليو 2014.

وحققت الصادرات المصرية أعلى مستوى لها خلال 26 عامًا، مسجلة 47.1 مليار دولار في عام 2021/2022، مقابل 25.8 مليار دولار في عام 2013/2014، كما ارتفعت تحويلات العاملين بالخارج إلى 31.9 مليار دولار فى 2021/2022، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق، مقارنة بـ18.5 مليار دولار فى 2013/2014.

في هذا الملف ترصد «الوفد» أهم المشاكل التى يعاني منها الاقتصاد المصري وأبرز الحلول المقترحة للخروج من الأزمة الحاليةخصوصًا فى قطاعات الصناعة والزراعة وأسواق المال.

التمويل وتوفير مستلزمات الإنتاج.. أخطر أزمات القطاع الصناعى

 

القطاع الصناعى من أهم قطاعات الاقتصاد المصري، والاهتمام به بداية طريق التنمية الاقتصادية في أية دولة، ولذلك حظى القطاع باهتمام الدولة خلال السنوات الماضية، خصوصًا أنه يسهم بنحو 11.7% من إجمالي الناتج المحلي وبنسبة 28.2% من إجمالي العمالة.

 واتخذت الدولة مجموعة من الخطوات على طريق تنمية الصناعة الوطنية، تمثلت في توفير مستلزمات الإنتاج المحلية للنهوض بالتصنيع المحلي، وسد الفجوة بين الصادرات والواردات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من مدخلات الصناعة، وتنفيذ خطط إنشاء المجمعات الصناعية، وغيرها من الخطوات باعتبار الصناعة الوطنية أحد أعمدة الاقتصاد التي لا غنى عنها.

وكان برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته مصر نقطة الانطلاق للقطاع الصناعي، واتخذت الدولة خلاله الكثير من الإجراءات الاقتصادية والتشريعية لتحفيز الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

وعقب تعويم الجنيه وارتفاع أسعار العملات الأجنبية، زادت فاتورة الاستيراد بشكل كبير، ما أدى إلى تفكير الدولة في البحث عن حلول لهذه المشكلة، وكان من ضمنها توطين الصناعات محليًا بدلًا من الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

وبدأت مصر بالفعل في توطين عدد من الصناعات توفيرًا للعملة الصعبة وزيادة الإنتاج المحلي والتصدير في نفس الوقت، وكان من أبرزها توطين صناعات السيارات وخصوصًا الكهربائية، والصناعات الدوائية، والإلكترونيات وغيرها.

 

وارتفعت قيمة الإنتاج الصناعى في الناتج المحلى من 357.3 مليار خلال العام المالى 2013- 2014، لتصل إلى 982 مليار جنيه خلال 2021.

وكان للتصدير أيضا نصيب كبير من التطور، إذ شهدت الصادرات الصناعية تطوراً واضحاً فى السنوات الماضية، فبعدما كان إجمالى الصادرات السلعية المصرية فى عام 2015 نحو 18.6 مليار دولار، ارتفع مع نهاية 2021 ليصل إلى 32.3 مليار دولار بنسبة زيادة بلغت 73.6%، وهو أعلى رقم سجلته الصادرات السلعية المصرية في تاريخها.

لكن جاءت جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ليلقيا بظلالهما على العالم كله وليس مصر وحدها، وتأثر الاقتصاد المصري بشدة نتيجة الظروف الدولية، ما أدى إلى تطبيق قيود على الاستيراد أبرزها نظام الاعتمادات المستندية بدلًا من مستندات التحصيل، أثرت على توافر المواد الخام في المصانع، وبالتالي زيادة الأسعار على المستهلكين وتوقف عجلة الإنتاج.

وأدى ذلك إلى تدخل رئاسة الجمهورية لإلغاء هذه القيود على مستلزمات الإنتاج والعودة للإجراءات القديمة، والدعوة إلى عقد مؤتمر اقتصادي لمناقشة الوضع الاقتصادي ووضع مقترحات لحلول المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد المصري.

وبدأت الجهات المختلفة في عرض مقترحاتها للنهوض بالصناعة المصرية، ومنها اتحاد الصناعات الذي أكد أهمية إعداد دراسات حول الأثر الاقتصادي لأية أعباء جديدة يتم فرضها على القطاع الصناعي وقياس مدى جدواها، مع ضرورة تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلي في المشتريات الحكومية، وكذا في تنفيذ المشروعات القومية لانعكاس ذلك على زيادة إنتاجية المصانع وتوفير فرص العمل.

وشدد اتحاد الصناعات على أهمية تطوير سلاسل القيمة المحلية والتركيز على الصناعات المغذية بهدف تحقيق التكامل بين كل القطاعات الصناعية، مطالبًا بضرورة توفير المزيد من الآليات التمويلية الميسرة أمام المشروعات الإنتاجية بهدف منح دفعة للاستثمار في القطاع الصناعي.

من جانبه، قال محمد البهى، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إن الصناعة واجهت أزمات عدة بسبب السياسات النقدية التي تم اتباعها مؤخرًا، خصوصًا نظام الاعتمادات المستندية بدلًا من مستندات التحصيل.

 وأضاف «البهى» أن رئيس الجمهورية اهتم بهذا الملف ووجه بحل المشكلة جذريًا، وبعدها جاءت الدعوة لعقد المؤتمر الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الصناعة هي عصب وقاطرة التنمية والتقدم في الدول، لأنه بدون صناعة لن يكون هناك عائد من الاستثمار الأجنبي المباشر الذي نهدف إلى زيادته الفترة المقبلة.

وأوضح عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن فكرة المؤتمر الاقتصادي تتمثل في دعوة المستثمرين سواء كانوا المحليين أو الأجانب للتوسع في الاستثمار، والمحن دائمًا تولد منحًا كثيرة، ومؤخرًا حدث نقص كبير في المواد الخام لكثير من القطاعات، ولذلك جاءت الدعوة للمؤتمر.

ولفت «البهى» إلى أن اكتشافات الغاز والطاقة ومشروعات البنية التحتية التي نفذتها الدولة خلال السنوات الماضية مع تطوير الموانئ، تعتبر عوامل في صالح الصناعة، ولذلك يمكننا القول إن مصر أصبحت منطقة لوجيستية تتوسط العالم، بما يؤهلنا لكى نصبح «مصنع العالم القادم».

وأشار إلى أن مشكلة نقص الدولار وتراكم المواد الخام والبضائع العالقة في الموانئ، أصبحت هي المشكلة الرئيسية التي تواجه الصناعة الآن، لأن الغرامات والأرضيات على هذا البضائع في الموانئ، قد تفوق أرباح الشركات، وهذه مشكلة كبيرة لابد من حلها وبالفعل في طريقها للحل.

وأضاف: «مصر تقدم الآن تسهيلات غير مسبوقة للمستثمرين مثل تقديم الأرض بسعر الترفيق فقط، وهذا أمر لم يحدث من قبل، ويزيل من على كاهل الصناعة أعباء كثيرة جدًا، ومن الممكن استثمار هذه الأموال في زيادة الإنتاج وتمويل المشروعات، ولذلك نحتاج إلى استهداف الصناعات الموجهة للتصدير، لأن كل دولار يتم إنفاقه على الصناعة يجلب 3 أو 4 دولارات للبلاد، وبالتالي زيادة الاحتياطي النقدي وانخفاض التكلفة على المستهلك»، كما أن نقل التكنولوجيا للداخل يسهم في تطوير الصناعة المصرية والعمل على تعميق الصناعة القائمة.

وأكد عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن الطلب الأساسي والوحيد في الوقت الحالي، هو حل المشاكل المتعلقة بالتمويل، وعندما تقترض الدولة يجب عليها ضخ هذه الأموال أيضًا في شرايين الصناعة، لأن ضعف التمويل للمصانع أثر سلبيًا في كثير من القطاعات الصناعية، خصوصًا في توفير مستلزمات الإنتاج، قائلًا: «هناك بضائع في الجمارك تعطلت شهورًا بسبب عدم توافر الدولار وهذا الأمر يجب وضعه كأولوية الآن».  

وأضاف: «فى ظل نقص الغاز حالياً فى أوروبا وأزمة الطاقة التي تعاني منها، يجب علينا التركيز على الصناعات كثيفة الاستهلاك للغاز وتصدير منتجاتها لأوروبا، مثل السيراميك والحديد والزجاج والأسمنت وغيرها»، مشيرًا إلى أننا نستطيع زيادة الصادرات لأكثر من 100 مليار دولار المستهدفة، إذا توافرت مستلزمات الإنتاج واعتمدنا على الصناعات الهادفة للتصدير، واستغلال الفرص، وإدراك قيمة الوقت للنفاذ لهذه الأسواق، لأننا لا نعلم متى ستنتهي أزمة الطاقة في أوروبا.

كما أكد ضرورة حل مشاكل صناعة الأدوية ومراجعة أسعار الدواء، حتى نستطيع المنافسة والتصدير للخارج، فضلًا عن إنشاء مصانع المواد الخام للدواء محليًا لتخفيض التكلفة النهائية.

 

الإرشاد والزراعات التعاقدية.. أهم مشاكل الزراعة

 

 

تعتبر الزراعة من أهم العناصر الأساسية فى الاقتصاد المصري، وتساهم بنسبة 15% فى الناتج المحلي الإجمالي، و17% من الصادرات السلعية بقيمة 3 مليارات دولار، مع دورها الرئيسي في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وتوفير السلع بأسعار معقولة للمواطنين.

ويساهم القطاع الزراعي في توفير المواد الخام اللازمة للصناعات الوطنية، إضافة إلى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي والصادرات السلعية والقوى العاملة، كما أنه آلية مهمة في توطين التنمية المتوزانة.

واهتمت الدولة خلال السنوات الماضية بقطاع الزراعة بشكل خاص، تمثل في التأكيد المستمر على الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع في الاقتصاد القومي، وكذلك تُبنى مشروعات التوسع الأفقي والرأسي بما ساهم في زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية الاستراتيجية وغيرها تحقيقًا للأمن الغذائي.

ووضعت الدولة ضمن رؤية مصر 2030 حزمة أهداف استراتيجية لتدعيم ملف الأمن الغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة، تمثلت في الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وصيانتها وتحسينها وتنميتها وتحقيق قدر كبير من الأمن الغذائي وتقليل فجوة الاستيراد، وإقامة مجتمعات زراعية جديدة متكاملة، وتدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والدولية وتوفير فرص العمل خاصة للشباب والمرأة والتكيف مع التغيرات المناخية.

وتمثلت محاور تحقيق الاستراتيجية في مشروعات التوسع الأفقى التى تتركز في تنمية «جنوب الوادى – توشكى»، وتنمية شمال ووسط سيناء ومشروع الدلتا الجديدة ومشروع الريف المصرى الجديد ومشروع غرب المنيا ومشروعات التوسع الأفقي بالوادي الجديد.

ووفقًا لوزير الزراعة الدكتور السيد القصير، فإن القطاع الزراعى يساهم بنسبة 15% فى الناتج المحلى الإجمالى، والمساحة الزراعية تبلغ نحو 9.7 مليون فدان.

وقال الدكتور جمال صيام، استاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن القطاع الزراعى فى مصر يعانى عدة مشاكل من الممكن حلها بسهولة، وسينتج عنها نتائج إيجابية على القطاع والاقتصاد بشكل عام.

وأوضح «صيام» أن هذه المشكلات تتمثل فى غياب الإرشاد الزراعى، وعدم تقديم أى خدمات للمزارعين فى ظل التغيرات المناخية التى يشهدها العالم، مشيراً إلى أن الفلاح لا يعلم كيف يتعامل مع التغيرات المناخية، وبالتالى سيكون التأثير سلبياً على إنتاجية المحاصيل المختلفة. وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعى، أن الجمعيات التعاونية أيضاً لم يعد لها أى دور فى المنظومة الزراعية، لافتا إلى أنه من المفترض أنها تستورد مستلزمات الإنتاج بأسعار معقولة، وتنظم الإنتاج والدورة الزراعية، إضافة إلى تسويق المحاصيل لأعضائها.

وأضاف أن المشاكل تتضمن ضعف ميزانية البحوث الزراعية، التى لا تتجاوز 200 إلى 300 مليون جنيه، وهذا مبلغ ضئيل جدا بالنسبة لدور البحوث الزراعية فى اكتشاف أصناف جديدة عالية الإنتاج مقاومة للجفاف والملوحة والأمراض والتغيرات المناخية، مضيفاً: «هذه الأصناف تحتاج إلى ميزانيات ضخمة».

وقال: عدم تطبيق الزراعة التعاقدية يعد مشكلة أيضًا، ورغم أهميتها الكبيرة، فإنه يتم تطبيقها فى محاصيل محدودة وبكميات قليلة، كما أن البيانات الزراعية بها قصور شديد، وإذا سألنا عن مساحة القمح أو الأرز أو القطن أو أى محصول على أرض الواقع فلن نجد معلومات عنه، لدرجة إن وزير التموين أرسل لجاناً الموسم الماضى لمعرفة المساحات الحقيقية لمحصول القمح على أرض الواقع ولم يعترف بالبيانات المعلنة.

 

كما طالب «صيام» بضرورة إعادة تنفيذ التعداد الزراعى الذى كان يتم إجراؤه كل 10 سنوات، مشيراً إلى أن آخر تعداد كان فى عام 2010، وحتى الآن لم يتم إجراء تعداد جديد متسائلاً: «لماذا لم يتم إجراء التعداد الزراعى فى 2020»، مؤكداً أن هذا التعداد يوفر للمسئولين المعلومات الكاملة عن الفلاحين والمنظومة الزراعية والمحاصيل التى يتم زراعتها والمشاكل التى تواجه الفلاح.

وأوضح أن كارت الفلاح ليست له فائدة للمزارع سوى الحصول على الأسمدة، ولذلك يجب وضع كافة البيانات الخاصة بالزراعة على هذا الكارت ضمن التعداد الزراعى، كما نحتاج إلى استخدام الاستشعار عن بعد، من خلال الأقمار الصناعية، التى تعطى معلومات كافية عن كل محصول والمساحة الخاصة به.

وعن الاستفادة من حل مشاكل الزراعة، قال أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن الاستفادة الرئيسية هى زيادة الإنتاجية بنسبة لا تقل عن 50%، وبالتالى خفض الاستيراد بنفس النسبة، مع زيادة الصادرات وتخفيض الأسعار، قائلاً: «كل شيء هييجى بعد زيادة الإنتاجية»، مشيراً إلى أنه لو تركنا القطاع الزراعى على هذا الحال ولم يتم الاهتمام بالبحوث الزراعية واكتشاف أصناف جديدة عالية الإنتاجية، سوف نستورد 90% من غذائنا خلال 10 سنوات، لأن الفجوة الغذائية سترتفع بشكل كبير.

 إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية واستعادة الثقة.. أولى خطوات إنعاش البورصة

 

تعتبر البورصة مرآة الاقتصاد، ولذلك تنشيطها وتنميتها باستمرار لا بد أن يكون هدفاً رئيسياً للحكومات، وفى الربع الأول من العام الجارى 2022، كشفت الهيئة العامة للرقابة المالية، أن البورصة سجلت «أسوأ أداء» بين البورصات فى المنطقة العربية، وتذيلت قائمة «أسوأ أداء» بنحو 5.6%، بعد المغرب التى شهدت هى الأخرى أداء سلبياً، وخسرت بنحو 4.04%.

وقد تم مؤخراً تعيين رامى الدكانى رئيساً جديداً للبورصة المصرية، الذى أكد أن استراتيجية البورصة المصرية خلال الفترة الراهنة ترتكز على ٥ محاور رئيسية، يتمثل أولها فى تنشيط جانب الطلب بهدف زيادة السيولة المحلية والتى تعانى من تدن واضح خلال الفترة الأخيرة وهو السبب الرئيسى لعزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار فى البورصة.

وأضاف الدكانى أن إدارته تعول على تعظيم حجم محافظ المؤسسات الحكومية فى البورصة لزيادة السيولة، بالإضافة للعمل على زيادة شريحة المتعاملين الأفراد من خلال طرح المزيد من المنتجات والأدوات المالية المتوافقة مع التطورات التكنولوجيا الحالية بهدف مخاطبة عقول واحتياجات الشباب.

وأوضح رئيس البورصة أن المحور الثانى مرتبط بجانب العرض، والمستهدف أن تعول البورصة لتحقيقه على تنشيط سوق الطروحات، وعلى رأسها الطروحات الحكومية، ومن المقرر العمل على تسريع البدء فى تنفذيها، كخطوة رئيسية لاستعادة ثقة المستثمرين المحللين والأجانب.

ولفت إلى أن البورصة ستعمل خلال المرحلة القادمة على نشر الثقافة المالية

بين أفراد المجتمع المختلفة، مؤكداً أن المستثمرين المحليين كانوا أساس النهوض بالبورصات الإقليمية في كل الأسواق المختلفة، وأن جذب المستثمر المحلى واكتساب ثقته داعم رئيسى فى زيادة ثقة الأجانب فى البورصة.

وأشار الدكانى إلى الدور الذى تلعبه البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة لدعم التنمية المستدامة، وإلى الجهود والدراسات الراهنة لإطلاق منصة لتداول صكوك الكربون، بجانب الجهود الراهنة للمشاركة بدور فعال فى مؤتمر المناخ المقرر أن تستضيفه مصر نوفمبر المقبل.

وأوضح أن المحور الخامس مرتبط بالعمل على إطلاق منتجات وأدوات مالية جديدة تتناسب مع احتياجات السوق، مشيراً إلى الحوار الذى عقدته إدارة البورصة مع جميع أطراف السوق، بهدف وضع رؤية مشتركة تستهدف استعادة نشاط سوق الأوراق المالية وتعزيز دورها كسبيل رئيسى لدعم الاقتصاد وخطط الدولة التنموية، ومن ثم عرضها على المستثمرين الأجانب بهدف استعادة رغبتهم فى ضخ استثمارات جديدة بالسوق.

فى السياق ذاته، أقر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية تعديلات على قواعد وقيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة، لتيسير بيئة ممارسة أعمال كافة الأنشطة المكونة للقطاع المالى غير المصرفى الخاضعة لإشراف ورقابة الهيئة.

واستحدثت التعديلات إمكانية القيد المؤقت لأسهم الشركات المصرية والأجنبية بجداول البورصة قبل التسجيل لدى الهيئة، بدلًا من التسجيل المسبق لدى الهيئة، عبر السماح بأن يكون قيد الأوراق المالية المذكورة قيدًا مؤقتًا دون استيفاء شروط الحد الأدنى لنسبة الأسهم المراد طرحها وعدد المساهمين (أو حملة شهادات الإيداع) ونسبة الأسهم (أو شهادات الإيداع) حرة التداول، على أن يتم التسجيل وتنفيذ الطرح أو بدء التداول خلال ستة أشهر من تاريخ القيد، بدلًا من شهر واحد من تاريخ التسجيل.

وتتضمن اشتراطات الطرح وفق بنود المادة 7 من قواعد القيد، ألا يقل عدد الأسهم المراد طرحها عن 25% من إجمالى أسهم الشركة وألا تقل نسبة الأسهم حرة التداول عن 10% من إجمالى أسهم الشركة و300 مساهم حد أدنى لعدد مساهمى شركات السوق الرئيسى و100 مساهم حد أدنى لمساهمى شركات سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأجازت التعديلات للهيئة وفق المادة 1 مكرر مد مهلة إتمام إجراءات الطرح للشركات التي سيتم قيدها قيداً مؤقتاً، وكذلك الشركات السابق قيد أسهمها بالبورصة قبل العمل بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم (122) لسنة 2017 الصادر بشأن تعديل قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة المصرية، وذلك وفقًا لما تقدمه هذه الشركات للهيئة من مبررات وخطة زمنية ووفقًا لما تقدره الهيئة حسب موقف كل شركة.

ويعتبر قيد أسهم هذه الشركات كأن لم يكن في حالة انتهاء المهلة المشار إليها دون تنفيذ الطرح واستيفاء شروط ومتطلبات القيد، وذلك بدلًا من اشتراط صدور قرار من مجلس إدارة الهيئة على مد المهلة للشركات التي تم قيدها قبل العمل بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 122 لسنة 2017.

وألزمت التعديلات الشركات التى تم قيدها قيد مؤقت ولم تقم بالطرح بنشر تقرير إفصاح قبل السير في إجراءات تعديل هيكلها أو رأسمالها مع استثنائها من سريان التزامات الإفصاح الواردة بالأبواب الثالث والرابع والخامس من هذه القواعد وذلك لحين استيفاء هذه الشركات لمتطلبات القيد والطرح بهذه القواعد وبدء التداول على أسهمها.

وتضمنت التعديلات مادة لتعريف القيد المؤقت وذلك في ضوء استحداثه بما يوضح المقصود به دون لبس أو غموض، ويقصد به قيد أسهم الشركات غير المستوفاة للحد الأدنى لنسبة الأسهم المراد طرحها وعدد المساهمين (أو حملة شهادات الإيداع) ونسبة الأسهم (أو شهادات الإيداع) حرة التداول على النحو المنصوص عليه بهذه القواعد.

وطالت التعديلات كل المواد التي تضم في طياتها شرط التسجيل المسبق لدى الهيئة قبل القيد بالبورصة وذلك ليتماشى الحكم المعدل مع التعديلات المستحدثة والتى لم يصبح بموجبها التسجيل شرط مسبق على القيد وإنما لاحق عليه.

من جهته، قال سمير رؤوف، محلل أسواق المال، إن المشكلة الرئيسية التي تواجه البورصة المصرية هي ضريبة الأرباح الرأسمالية، التى تضر وزارة المالية على تطبيقها.

وأضاف «رؤوف» أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تمثل عائقًا كبيرًا جدًا في تعاملات البورصة، لأن بها إزدواجية ومشاكل كثيرة في التطبيق تصل إلى حد استحالة تطبيقها.

وأوضح محلل أسواق المال أن إلغاء هذه الضريبة سيسهم في تشجيع القطاع الخاص للدخول في البورصة وطرح شركاته بها، مع إعادة تنشيطها وجمع تمويلات وقتية للحكومة منها.

وفي مطلع يناير 2022، أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية بدء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على المستثمرين المقيمين فى مصر بالبورصة، ويعنى هذا أنه يتعين على المستثمرين المقيمين سداد ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 10% على تعاملات البورصة، وسيجرى تطبيق الضريبة على صافى أرباح محفظة الأسهم بنهاية كل سنة ضريبية، بعد خصم رسوم السمسرة.

وأشار «رؤوف» إلى أن هناك طرقًا أخرى لزيادة عمليات التداول في البورصة، مثل عمل شاشات لعملية البيع والشراء في بورصة السلع وإضافة سلع أخرى مثل الذهب والمتاجرة بالعملة وغيرها من السلع التي يجب أن تدخل ضمن أعمال البورصة المصرية.

وأكد أننا نعاني من مشكلة إعادة الثقة للمستثمرين في البورصة، ومؤخرًا تم طرح نادي غزل المحلة وفشل هذا الطرح بسبب فقدان المستثمرين الثقة في البورصة، فالمستثمر كان يضع أمواله في البورصة المصرية باعتبارها ملاذًا آمنًا بشكل كبير، لكن تم وضع قيود من هيئة الرقابة المالية على التعاملات أثناء فترة تولى الدكتور، محمد عمران، رئاستها مثل وقف التداول على سهم ما عندما ترتفع قيمته بشكل كبير، بدعوى أن هناك مضاربات عليه من المضاربين وهذا غير صحيح.

وتابع «ولذلك الإدارة الجديدة للهيئة ألغت هذه القيود، وهذه خطوة جيدة لتنشيط البورصة، لأن دورها مراقبة التلاعبات لو حدثت، وإلغاء العملية خصوصًا بالتلاعب دون الإضرار بالأسهم والبورصة»، مطالبًا بضرورة إعادة هيكلة السوق قبل البدء فى برنامج الطروحات الحكومية المنتظر حتى يكتب له النجاح.

كلام الصور: سمير رؤوف محلل أسواق المال

البيروقراطية ومنظومة الضرائب المتضخمة.. أبرز معوقات الاستثمار

 

أكد خبراء اقتصاديون أهمية عقد المؤتمر الاقتصادي الذى دعا إليه الرئيس، عبدالفتاح السيسى، مشيرين إلى أن نجاح المؤتمر يتوقف على الجهة التى ستنظمه وتحديد جدول أعماله وأهدافه، فضلًا عن متابعة تنفيذ قراراته مع الوزراء المعنيين.

وأوضح الخبراء أن مصر تمر بأزمة اقتصادية حاليًا والمشكلات فيها معروفة وحلولها من الممكن تنفيذها والخروج منها بنجاح، لافتين إلى أن أبرز هذه المشاكل تتمثل في معوقات الاستثمار التي تمنع المستثمرين الأجانب من دخول السوق المصرى، وارتفاع أقساط وفوائد الديون الخارجية المطلوب سدادها خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى قيود الاستيراد التي تم تطبيقها خلال الشهور الماضية وأدت إلى أزمة في توافر المواد الخام وارتفاع أسعار السلع. وقال الدكتور، هانى توفيق، الخبير الاقتصادي، إن نجاح المؤتمر الاقتصادي سيتحدد بناء على الإعلان عن الجهة التى ستقوم بتنظيمه وتحديد جدول أعماله، ومستهدفاته، وأسماء المدعوين، ومتابعة تنفيذ قراراته مع الوزراء المعنيين، متمنيًا النجاح لهذا المؤتمر الذي طال انتظاره.

وأضاف «توفيق» أن المعوقين الرئيسيين للاستثمار في مصر هما البيروقراطية المستقرة، المصحوبة غالبًا بالفساد، ومنظومة الضرائب المتضخمة، مطالبًا بمنع تقابل مانح الخدمة مع طالبها، وخفض الضرائب، قائلًا: «وبعدها الاستثمارات هتيجى لوحدها».

وأشار إلى ضرورة حل مشاكل ارتفاع أسعار الأراضي الصناعية، وأسعار الطاقة للمصانع، وبطء إجراءات التقاضي، ونقص العمالة الفنية المدربة، والسياستين المالية والنقدية المعوقتان للاستثمار، وعدم مزاحمة الدولة للقطاع الخاص.

كما طالب بسرعة تشغيل المصانع، ودوران البضاعة، ووضع قيمة حقيقية للجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية وعدم تثبيت سعره، لأن أى دولة تستهلك أكثر مما تنتج، وتستورد أكثر مما تصدر، وتدخر أقل مما تستثمر، ستظل عملتها في حالة تدهور مستمر، ويحتاج اقتصادها لإعادة هيكلة.

وأكد الخبير الاقتصادى أن العملة تعكس قوة اقتصاد الدولة لأسباب حقيقية تتعلق بإنتاجها وتصديرها ومعدلات ادخارها، وليس بقرارات إدارية من البنك المركزي كل عدة أعوام، قد تؤجل المشكلة ولكنها لن تحلها.

وتابع: «ولأن السياسة النقدية وحدها لا تكفى، فالمطلوب، بالتوازي مع خطة تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية، إزالة معوقات الاستثمار، وحل مشاكل المستثمرين الحاليين قبل دعوة مستثمرين جدد، وإعطاء تحفيزات مالية وضريبية واضحة لمشروعات الاستثمار المباشر، تماثل تلك التي تمنحها الدول المنافسة، وبصفة خصوصًا المشروعات التي تقوم بتشغيل عددًا كبيرًا من العمال، أو تلك التي تقوم بالتصدير».

ولفت إلى أن حلول بيع الأصول والأسهم لسداد المديونية العاجلة هو حل مقبول على المدى القصير ولا مجال لمناقشته في هذه الأزمة، لكنه ليس بديلًا لإعداد خطة متوسطة الأجل لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري، ووقف التدهور المستمر في مؤشراته، وتشغيل المواطنين بدلًا من دعمهم المتضخم سنويًا، ووقف التدهور المستمر في قيمة العملة.

من جانبه، قال الدكتور، عبدالنبي عبدالمطلب، الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الأسبق، إن هناك منها والإجراءات المقيدة للاستيراد التي أسهمت فى تفاقم مشكلة توافر مستلزمات الإنتاج والخامات للكثير من المصانع.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه من ضمن المشاكل أيضًا الانخفاض المتواصل في قيمة الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزى المصري، والمفاوضات الصعبة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد خلال الفترة المقبلة.

وأشار «عبدالمطلب» إلى أن البعض يعتقد أن حل كل هذه المشاكل يتوقف على حل المشكلة الأساسية، وهي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولكن طول آمد المفاوضات، وعدم وضوح الرؤية بشأن السياسات النقدية «سعر الصرف، وسعر الفائدة»، خلال الفترة القادمة يجعل الصورة ضبابية، ويجعل المستثمر يتريث كثيراً قبل اتخاذ قراره، وهذا يضر كثيرًا بالاقتصاد المصري.

وتابع: «أما الحلول المقترحة لهذه المشاكل فتستلزم وضع خطة عاجلة للتعامل معها، والمؤتمر الاقتصادي سيكون خطوة جيدة في طريق حل هذه المشاكل»، مشيراً إلى أنه إذا انعقد المؤتمر الاقتصادي قبل توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى فسوف يكون ضربة معلم، أما إذا انعقد بعد الاتفاق مع الصندوق فسيكون تحصيل حاصل.