رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الزراعات التعاقدية.. قوة ثلاثية

بوابة الوفد الإلكترونية

على مدى التاريخ، كان السؤال الأبدى الذى يشغل كل فلاح مع بداية كل موسم زراعى هو: هل أزرع المحصول «الفلانى» أم الأفضل أن أزرع محصولًا غيره؟.. وغالبًا ما كان قرار كل فلاح على هذا السؤال أشبه بضربة حظ، يصيب حينًا، ويخطئ فى أحيان أخرى، ومع كل خطأ كان يخسر كثيرًا..

وكان يتزامن مع حالة «اللخبطة» والخسائر، وجود فارق بين بين أسعار بيع المحاصيل فى الحقول، وبين سعر بيعها للمستهلك فى الأسواق

الآن انتهت الحيرة وولت الخسائر دون عودة، ولن يكون هناك فارق كبير بين سعر بيع المحاصيل فى الحقول وسعرها فى الأسواق، والسبب «الزراعة التعاقدية»، وهى أفضل الخطوات الجادة التى اتخذتها الحكومة، لحل العديد من الأزمات التى يقابلها المزارعون، وإنقاذهم من التخبط الذى يحدث دائمًا أثناء زراعة المحصول وبعد حصاده الذى دائمًا ما يشهد اختلافًا فى الأسعار أو زيادة المعروض من سلعة معينة ونقصان فى سلع أخرى،

وبدأت الحكومة فى تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية، التى تستهدف تقليل فاتورة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائى والتحكم فى الأسعار، كما أنها تحمى المزارعين من مخاطر تقلبات السوق، وعبء التسويق.

والتحول إلى الزراعة التعاقدية يسهم فى ضبط الأسعار، بسبب التحكم فى حجم المعروض بما يتناسب مع حجم الطلب، وبالتالى فهو واحد من مسارات تحقيق الاكتفاء الذاتى وفى الوقت نفسه دعم المزارعين.

وتعتبر الزراعة التعاقدية إحدى أهم آليات لتحقيق أهداف التنمية الزراعية وإنفاذها على أرض الواقع من خلال التوفيق ما بين المصالح المتضاربة وكسر حلقات الاحتكار داخل المسلك التسويقى وتصحيح مسارها وإزالة التشوهات الجارية بين سعر البيع فى الحقل والسعر للمستهلك.

وتعنى الزراعة التعاقدية قيام المزارعين بإبرام اتفاقيات مع أطراف أخرى، مثل المصدرين ومصانع إنتاج الأغذية وكبار تجار الجملة والذين يتسلمون بدورهم المنتجات الزراعية محل العقد والتصرف بها فى نهاية الموسم.

لذلك فهى معاملات استباقية ويجرى خلالها الاتفاق على كميات وأسعار محددة وحسب مواصفات معينة، وبالتزام من جميع الأطراف، وهو خيار مختلف عن مجرد طرح المنتجات فى السوق والحصول على أسعار متقلبة ومخاطر عالية.

وفكرة الزراعة التعاقدية ليست جديدة ولكنها متعارف عليها ومطبقة فى العديد من الدول، وحققت نجاحات متفاوتة، وهى ناجحة بشكل كبير فى تسويق المنتجات الحيوانية والسمكية على وجه الخصوص.

وتستهدف الحكومة من تطبيق نظام الزراعة التعاقدية تحقيق الأمن الغذائى، وفى الوقت نفسه ضبط الأسعار وحماية المزارعين من تقلبات السوق.

كما أنها سوف تسهم فى حل معاناة المزارعين خاصة فى مجالات التسويق، وتطوير نظم الإنتاج، وجذب الاستثمار للقطاع الزراعى، كما أنه آلية رئيسية فى تجميع صغار المنتجين الزراعيين باعتبارهم أحد المحركات الأساسية للنمو والتنمية الزراعية، بالإضافة إلى ذلك أصبح الاهتمام بصغار الزراع ضرورة ملحة للنهوض بالقطاع الزراعى، باعتبارهم العصب الأساسى لتحقيق التنمية الزراعية، والعقود تتأسس على التزام المزارع بإنتاج وتسليم منتج زراعى معين بكميات ومستويات جودة متفق عليها وفى خلال فترة زمنية محددة، وتشمل بعض العقود التزام المشترى سواء كان مصدرًا أو مصنعًا أو تاجرًا بتقديم بعض الخدمات الارشادية المتخصصة أو الخدمات التمويلية وذلك فى حدود متفق عليها ومدونة بالعقد.

وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن الزراعة التعاقدية تربط المنتج بالمراحل التسويقية، مضيفًا أن المزارع دائمًا ما يبيع محصولة للتجار ودائمًا ما كان يحدث استغلال للمزارع، ودائمًا ما كانوا يعرضون عليه سعر أقل وكانوا دائمًا ما يحصلون على عملات تسويقية عالية جدًا لا تتناسب على الخدمة التى يقدمونها، بمجرد نقل المحصول من الأراضى الزراعية للمنتج فقط، ولكن الزراعة التعاقدية سوف تكون عاملًا قويًا فى حل تلك المشكلة، كما أن تطوير منظومة الزراعة التعاقدية للمحاصيل، يسهم فى دعم المزارعين والفلاحين وتعزيز دخلهم وزيادة أرباحهم.

وأكد أن الزراعة التعاقدية تكون قبل زراعة المنتج وقبل بدأ الموسم، بحيث يتعاقد المزارع مع موزع السلعة سواء كانت مصانع أو شركات أو سوبر ماركت، كما أنه بخلاف ذلك يحصل المزارع على مقدم التعاقد وإرشاد زراعى يحصل عليه المزارع وتقاوى جيدة تتناسب مع التصنيع إذا كان المنتج قابلًا للتصنيع.

مطالبًا بضرورة إيجاد حلول وضمانات قوية لضمان حق المزارع فى حال رفض المصدر أو الجهة المتعاقدة مع المزارع الالتزام بالعقد فى حالة انخفاض سعر المحصول وقت حصاده، كما أنه من الممكن أن يتهرب المزارع ويرفض التسليم نتيجة حدوث ارتفاع مفاجئ فى سعر المحصول عما وقت توقيع العقد، مطالبًا بأن تكون هناك غرامات على الطرفين فى حالة مخالفة بنود العقد، ولا بد أن يكون هناك نظام قضائى يحكم بين الطرفين.

وأكد «صيام» أنه يجب أن تتولى الجمعية الزراعية التعاقد مع الشركات الكبير، لكى تكون القوة متكافئة بين الطرفين، لكون أن المزارع لن يستطيع أن يقف أمام الشركات الكبرى فى حالة مخالفتها للعقد، كما أن الشركات الكبرى دائمًا ما تذهب للتعاقد مع المزارعين الكبار الذى دائمًا ما يعرفون طريقها عبر التعاقد مع شركات كبرى، مضيفًا أن لدينا فى مصر ما يزيد على 85% من المزارعين يملكون مساحات زراعية أقل من ثلاثة أفدنة، وهؤلاء بحاجة إلى جمعيات زراعية تقوم بجمعهم وتتعاقد بأسمائهم وتقوم بعد ذلك بتوزيع قيمة العقد بحسب كل مزارع ونسبة، بحيث تكون هناك جمعيات نوعية تضمن حقوق مزارعيها.

وأكد أنه يجب أن يكون هناك مجلس سلعى يكون مهمته الإرشاد الزراعى وتحديد المساحات التى تتم زراعتها وفقًا لاحتياجاتنا

من كل منتج، ويكون هناك استرشاد سلعى بحيث تحدد سعر المنتج للعام القادم.

 

وقال محمد العقارى، نقيب الفلاحين، إن الزراعات التعاقدية مطلوبة فى الوقت الحالى ونحن نطالب بها منذ زمن، لكون الزراعات التعاقدية تضمن للمزارع محصوله وأنه لن يبيع بسعر منخفض للتجار، مضيفًا أن المزارع يضمن حقه فى الزراعات التعاقدية، مؤكدًا أن مستقبل مصر كله يكمن فى الزراعة التعاقدية، مضيفًا أن تجارب جميع دول العالم فى شرق آسيا مثل الهند وتايلاند والبرازيل وكنيا وجنوب أفريقيا الذى سبقتنا فى هذا المجال تقول إن الزراعة التعاقدية هى الحل الأمثل لحل الأزمات فيما يخص المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والذرة، مضيفًا أن الزراعة التعاقدية هى التى ترفع نسبة الاكتفاء الذاتى لمصر من تلك المحاصيل.

وأكد أن الزراعة التعاقدية تعالج مشكلة تفتت الحيازة هناك العديد من المزارعين لا يملكون سوى قيراطين وثلاثة نتيجة التوريث، لافتًا أن الزرعة التعاقدية سوف تعيد تجميع هذه الأراضى المفتتة عبر الجمعيات الزراعية.. وقال «تستطيع الشركات والكيانات الكبرى أن تتعاقد مع الجمعيات الزراعية على المنتج بصفة معينة وبسعر مناسب وكتابة عقود، وهنا الجمعيات تستطيع أن تجمع المزارعين وتطالبهم بزراعة محصول محدد، مضيفًا أن هناك قرارًا فى عام 2015 بإنشاء مركز للزراعات التعاقدية، وهذا المركز بمثابة وسيط بين المزارع والطرف الثانى المتمثل فى المشترى.

وأكد أن الزراعات التعاقدية ليست شيئًا جديدًا على مصر، حيث إن هناك شركات السكر تتعاقد مع مزارعى بنجر السكر ومزارعى القصب فى الصعيد، مؤكدًا أن مصر لها باع قوى فى الزراعات التعاقدية قبل ثورة يوليو 1952

وأكد أن الزراعة التعاقدية لا يمكن أن تتم إلا بموافقة الطرفين على سعر المنتج ومواصفات لمحصول بسعر معين وجودة محددة ووقت محدد، مؤكدًا أن مركز الزراعات التعاقدية سوف يكون الوسيط لحل أى أزمة بين الطرفين فى حالة وجود أى خلافات فى هذا الأمر.

وقال الدكتور ممدوح عمر أستاذ بكلية الزراعة بجامعة الأزهر، إن الزراعة التعاقدية ستعمل على زيادة نمو الاقتصاد وتحديد مسار الزراعات الاستراتيجية، ومواجهة عشوائية الزراعة السابقة التى تكون بدون خطة، ولكن الزراعات التعاقدية تعتبر زراعات بخطة لكون التعاقد بين المزارع وشركات والمصانع.

مضيفًا أن الزراعات التعاقدية كانت موجودة بشكل ليس كبيرًا، بعد التخلى عن الدورة الزراعية، فالزراعات التعاقدية من الزراعات الواعدة التى تضمن مستوى جيدًا من المحصول للشركة المتعاقدة، واهتمامًا من المزارع بالمحصول الذى يخرج وعائدًا جيدًا له من المحصول وقت حصاده.

وأكد أن الزراعات التعاقدية سوف تكون بعقود مبرمة وبها شرط جزائى كبير يعاقب من يخالفه، مضيفًا أن الزراعة التعاقدية تتوافق تمامًا مع الخطة الاستراتيجية للدولة، لافتًا أن الخطة الاستراتيجية للدولة تكفل تحقيق الأمن الغذائى للبلاد التى يكون اهتمامها بالزراعات مثل القمح والسلع الاستراتيجية، مضيفًا أن قطاع الزراعة يشهد اهتمامًا كبيرًا من الدولة فى السنوات الحالية سواء بالتوسع الأفقى والعمل على زيادة المساحة المنزرعة بمشارع رائدة مثل مستقبل مصر الزراعى، والدلتا الجديدة وتوشكى. أو بالتوسع الرأسى والدفع ببذور قادرة على التكيف وزيادة الإنتاجية.

وأكد أن الزراعات التعاقدية تتضمن إنشاء مناطق زراعية متخصصة مما يرفع كفاءة التسويق، ويخفض من تكاليف الإنتاج، ويحد من انتشار الأمراض والأوبئة الزراعية وتنمية مهارات المزارع وخبراته فى تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة واستخدام التقنيات الحديثة فى الزراعة، وبالتالى مد الأسواق المحلية والأجنبية بمنتجات آمنة وعالية الجودة.

وأوضح أن الزراعة التعاقدية مفيدة للمزارعين الذين يملكون فوق العشرين فدانًا فأكثر لكونها يصرف عليها أموال أكثر، كما أن المزارعين الصغار يستطيعون التعاقد مع الشركات والمصانع من خلال الجمعيات الزراعية.