رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"التنمر" آفة حارتنا !

بوابة الوفد الإلكترونية

فى الوقت الذى يحتفل فيه العالم باليوم العالمى لذوى الاحتياجات الخاصة الذى يوافق شهر ديسمبر الحالى، ما زال أصحاب الهمم يعانون رغم كل ما حصلوا عليه من حقوق خلال الأعوام القليلة الماضية، ومعاناتهم نابعة من مشكلة التنمر التى أصبحت آفة يعانى منها المجتمع المصرى، حتى أصبح يمكننا القول yن «آفة حارتنا التنمر» مع الاعتذار للأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ صاحب الجملة الشهيرة «آفة حارتنا النسيان».

أصبح التنمر ظاهرة منتشرة فى مجتمعنا لا يستثنى منها أحد خاصة أصحاب الهمم الذين يمكن اعتبارهم من أكثر الفئات التى تتعرض لهذه الآفة، بل إن منهم من يعانون من أفعال إجرامية وشاذة سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر، هذه الأفعال قد تأتى على شكل تعديات لفظية أو إقصاء وترويع أو خطف وقد تصل لحد الاغتصاب.

هذه المشكلة يتعرض لها حوالى 15 مليون معاق منهم 150 ألف قزم يمثلون 1% من إجمالى السكان، رغم أنهم أثبتوا قدرتهم على قهر إعاقتهم وحصد النجاحات والبطولات فى كافة المجالات وتحدى مصاعب الحياة، ومكافحة جرائم التنمر وكافة أشكال التمييز خاصة بعد أن أصبح لهم قانون يحميهم وهو قانون ذوى الإعاقة..

«التنمر» ظاهرة خطيرة يتعرض لها حوالى 60% من الأطفال ذوى القدرات الخاصة وتتنوع أشكالها ما بين الإيذاء اللفظى والجسدى، وهؤلاء المتنمرون ينتشرون فى كل مكان، حتى فى الفضاء الإلكترونى، بل إن هذه الأفعال الإجرامية أصبحت أسلوباً شائعا للإهانة والسخرية والاستهزاء بجميع الإعاقات الذهنية والحركية وقصار القامة.

ويؤكد الخبراء أن التصدى للتنمر يحتاج إلى معالجة فكرية وثقافية، مع المواجهة القانونية الرادعة التى يضمنها القانون رقم «10» لسنة 2018، الذى يعاقب المتنمرين بالسجن المشدد حسب الضرر الذى لحق بالشخص، وبغرامة من 50 ألفًا إلى 200 ألف جنيه.

 

الرئيس أنصفهم فى احتفالية " قادرون باختلاف "

أصحاب القدرات الخاصة كنز مصر الحقيقى

منذ ثلاث سنوات أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2018 عاما لذوى الإعاقة والقدرات الخاصة.. ومنذ ذلك التاريخ تهتم الدولة بقضايا ذوى الاحتياجات الخاصة والعمل على حل مشكلاتهم.. وباتت قضية «ذوى الهمم» على رأس الأولويات لتتخذ اتجاها جديدا من الرعاية والاهتمام وتسليط الضوء على النماذج الناجحة فهم «قادرون باختلاف».

فى عام 2018 أصدر مجلس النواب المصرى القانون رقم 10 لسنة 2018، لينص على عدد من الامتيازات والمنح للحفاظ على حقوق ذوى الإعاقة فى التعليم والصحة وفرص العمل لضمان مستوى معيشى لائق، كما أسس «بنك ناصر الاجتماعى» أول صندوق استثمارى خيرى توجه عائداته لدعم المؤسسات التى تعمل فى مجال خدمة ذوى الاحتياجات الخاصة فى كافة المجالات، وكذا توجيه قوافل طبية للقرى خصيصا لرعاية ذوى الهمم.

وفى احتفالية «قادرون باختلاف» التى أقيمت بداية الأسبوع الحالى احتفاء باليوم العالمى لذوى الهمم، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أنهم «كنز مصر الحقيقي» وعبر عن سعادته بالتواجد دائما معهم، مشيرا إلى أن الدعم الإيجابى لهم لن يتوقف بل سيزيد.

ولا يستطيع منصف إنكار جهود الدولة فى مجال دمج ذوى الإعاقة مما يدفع لمزيد من الطموحات لكسر الحواجز التى تواجه ذوى الهمم فى المجتمع، ولعل مشكلة التنمر بسبب الإعاقة من أهم المشكلات التى تتطلب مزيدًا من الوعى المجتمعى، وهى أهم الدعائم التى تستند عليها مهمة «الدمج»، ومؤخرا قام المشرع بتغليظ العقوبات المتعلقة بالتنمر على ذوى الإعاقة لتصل إلى الحبس 5 سنوات.

 

«أنا إنسان مثلك».. «عارف إنى مختلف».. و«كلنا وياك»:

المبادرات.. «خط دفاع» عن الفئات الخاصة

«لا للتنمر»، «قادرون باختلاف»، «أنا إنسان مثلك»، «أنا ضد التنمر»، «عارف انى مختلف»، « كلنا وياك».. كل هذه الحملات والمبادرات التوعوية والتثقيفية ما هى إلا بداية للقضاء على ظاهرة التنمر التى انتشرت فى مجتمعنا، وتشارك فى تنفيذها العديد من المؤسسات والنقابات المهنية والنوادى الإجتماعية لحماية أطفال ذوى القدرات الخاصة من المضايقات والإساءات المتعمدة فى المدارس، والمساواة بينهم وبين أقرانهم الأصحاء، وإرساء قواعد احترام الآخر ومكافحة كل أشكال العنف والتمييز ضدهم، وزيادة الوعى بحقوقهم كاملة، تماشياً مع «رؤية مصر 2030 »، باعتبارهم قوة فاعلة داخل المجتمع، وأملاً فى مزيد من النجاحات فى كل المجالات، وتحقيق الأمن المجتمعى.

تحققت هذه المبادرات فى أكثر من برنامج، واستفاد منها حوالى 7 ملايين معاق من إجمالى ذوى الاحتياجات الخاصة، واستهدفت تنسيق وتكامل الجهود المبذولة للتعريف بمخاطر التنمر وحقوق ضحاياه من ذوى الاحتياجات الخاصة، وكان أبرز هذه المبادرات «أنا إنسان مثلك»، و«عارف أنى مختلف»، التى أحدثت تغييراً فى المفاهيم السلبية تجاه ذوى الهمم، مع التأكيد على مراعاة الكرامة والقيم وحقوقهم الإنسانية لممارسة الأنشطة المختلفة بحرية كاملة، والحصول على خدمات أفضل، ومنع التمييز بينهم وبين الأصحاء فى كل المجالات.

يذكر أن مبادرة «لا للتنمر على المكفوفين وأصحاب الإعاقات»، واجهت مختلف أشكال التنمر على فاقدى البصر، وهدفها التوعية من مخاطر مشكلة التنمر على المكفوفين خاصة على «السوشيال ميديا» ومواجهتها بمزيد من الوعى، مع العمل على تغيير الصورة النمطية عنهم.

يقول رامز عباس، الشهير بالأصم الناطق، صاحب مبادرة « أنا ضد العنف والتنمر»: أننا نواجه كافة أشكال العنف والإيذاء ضد كل الإعاقات منذ الصغر وحتى وقتنا الحالى، تلك الأفعال السلبية المجرمة قانونا واجتماعيا ودينيا، والتى نسعى لمحاربتها بكل الطرق، لذلك انطلقت العديد من المبادرات الهادفة إلى احترام الاختلاف والمساواة دون تفرقة أو تمييز فى الحقوق بين الجميع، وقبول الآخر، وأن يكون الحكم علينا من قدراتنا وليس أشكالنا أو إعاقتنا.

وأشار إلى أن مبادرات «عالم موازى»، «قادرون باختلاف»، جاءت بجانب جهود حملات الدولة للتصدى للتنمر، حيث تركت بصمات مؤكدة للجميع أننا أسوياء ولسنا عالة على أحد، وأظهرنا قدراتنا فى كل مكان بجهد وإصرار على مواصلة الحياة دون ضعف أو تراجع، كما واجهنا كافة التحديات المجتمعية مهما بلغت، اتساقا مع دور الدولة فى تغيير نظرة المجتمع تجاهنا واحترام الكرامة الإنسانية وحقوق الآخر ونبذ العنف والتعصب ضدنا، وذلك ترسيخاً لمبادئ العدالة والمساواة والاندماج المجتمعى.

هذا بجانب مبادرة «ضد‏ ‏التنمر» ‏للتوعية وحماية‏ ‏أطفال المدارس من ذوى الهمم من كافة أشكال التنمر بما فيها السخرية‏ ‏والاستهزاء والتمييز‏ ‏والعنف‏ ضدهم، وتعليمهم السلوكيات الصحيحة، وذلك بناء على ‏تعليمات‏ ‏رسمية‏ ‏لجميع‏ ‏المديريات‏ ‏والإدارات‏ ‏التعليمية‏ ‏والمدارس بذلك.

وأكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: أن وسائل الإعلام لها الأثر الأكبر فى إنجاح الحملات والمبادرات التوعوية لمكافحة التنمر. موضحاً على أهمية غرس السلوكيات الإيجابية للتفاعل وبناء علاقات مع ذوى الاحتياجات الخاصة وزيادة وعى كافة شرائح المجتمع لمكافحة التنمر، من خلال تناول قضية التنمر من جميع جوانبها وآثارها النفسية والاجتماعية، والمواجهة القانونية لردع المتنمرين، مع التأكيد على حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة، وقال: أنا مؤمن بنتائج مسيرة الإصلاح الاجتماعى والإعلامى والتربوى والتى ستظهر سريعاً.

 

السجن 3 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه للمتنمرين

المحامى محمد أبو ذكرى‮

أخيرا أصبح فى مصر قانون يحمى ذوى الاحتياجات الخاصة، واعتبر قانون الإعاقة «قصار القامة» ضمن هذه الفئة، لضمان المحافظة على حقوقهم واحترام وجودهم داخل المجتمع، واضعاً عقوبات رادعة لحمايتهم من المضايقات أو خطر الاستغلال أو الإيذاء بتطبيق عقوبة الغرامة 200 ألف جنيه كحد أقصى والحبس 3 أعوام، وهو ما يمثل انتصاراً لهذه الفئة التى عاشت مهمشة بلا حقوق لأعوام طويلة.

ووفقا للمادتين « 50 مكرر، 309 مكرر ب» من باب العقوبات بقانون ذوى الإعاقة، يعاقب بالسجن لمدة عامين وتصل إلى 3 أعوام « كل شخص يعتدى على ذوى الإعاقة لفظياً أو بدنياً أو يستغلهم فى أفعال مجرمة أو يقوم بإهانتهم أو تعذيبهم داخل دور الرعاية، أو تشويه صورتهم فى وسائل الإعلام أو أى وسيلة أخرى ».

 وإذا ترتب على الفعل جريمة وكان الفاعل من أصول المجنى عليهم أو من المتولين تربيتهم تكون العقوبة السجن من 3 سنوات حتى 5 سنوات وغرامة من 100 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه، كما يعاقب كل من عرض طفلاً لإحدى حالات التنمر أو الخطر أو الاعتداء اللفظى والجسدى والتهديد والاستغلال داخل المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب الخاصة ودور الإيداع والتأهيل الواردة بالمادتين « 76، 96 » من قانون الطفل رقم 126.

المحامى محمد أبوذكرى، مؤسس اتحاد معاقى مصر، مدير مركز المناضل للدفاع عن ذوى الاحتياجات الخاصة، قال : لا شك أن تنفيذ العقوبات المصحوبة بظروف مشددة على مرتكبى جرائم التنمر العمدية، هو أمر فى غاية الأهمية، وهو ما يمثل رداً رادعاً وقاطعاَ للتصدى لهذه الأفعال العدوانية المجرمة المتزايدة والتى تلحق الأذى بذوى الإعاقات المختلفة، والتى تتنوع وتختلف أشكالها مثل: مشاركة المعلومات والصور الشخصية لشخص ما عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أو الاعتداءات اللفظية والجسدية، أو إلقاء أكياس المياه والحجارة عليهم فى المناطق الشعبية، أو إطلاق عبارات وأسماء معيبة مثل « قصير ماكر، أهبل، بركة، أعمى، أعرج، مفيش منه أمل »، كل ذلك بقصد السخرية والاستهزاء بهم، وجميعها سلوكيات مجرمة قانونياً وغير مقبولة على الإطلاق، وتصل عقوباتها ما بين السجن المشدد حسب الضرر الذى لحق بالمعاق والغرامة التى تبدأ من 50 ألفًا إلى 200 ألف جنيه، كما ينص قانون الطفل فى مادته رقم «96» بمعاقبة كل من يرتكب انتهاكا فى حق الطفل بالحبس من 6 أشهر حتى 3 سنوات.

وأضاف - «مؤسس اتحاد معاقى مصر» - أنه لذوى القدرات الخاصة أهمية كبيرة لدى الدولة، إيماناً بقدراتهم وإمكاناتهم، وسخرت لهم جهات فاعلة لتلبية احتياجاتهم، لدعمهم ورعايتهم إجتماعياً وصحياً ورياضياً، بينما نواجه مشكلات عديدة فى تنفيذ اللائحة التنفيذية لقانون ذوى الإعاقة، فمعظم المؤسسات الأخرى لا تهتم أو تراعى مختلف جوانب الإعاقة، مما يستدعى إجبار صاحب العمل على توفير نسبة 5% من مجموع الوظائف الحكومية والخاصة، وإن كانت فى مجملها نسبة ضئيلة، مع عدم التمييز أو الحرمان من أى مزايا، حتى يمكنهم المشاركة بإيجابية داخل أماكن العمل، والتواصل والاندماج مجتمعياً.

وأشار إلى أنهم عادة ما يواجهون بعض المشكلات فى رحلة الحصول على « شهادة الفقر» وهو البحث الاجتماعى للمساعدة فى استخراج كارت الخدمات المتكاملة، مع أهمية زيادة المعاش التضامنى الذى لا يزيد على الحد الأدنى الأجور، وأن تمتد مظلة التأمين الصحى لجميع الإعاقات الحركية، كما أن سيارات المعاقين المخصصة للأقزام تتطلب قبل استخراج رخصة قيادة السيارات وجود سائق مرافق.. كل هذه المشكلات تحتاج إلى إعادة نظر فى الترتيبات التيسيرية الملائمة لتلك الفئة.

 

فى الشارع والمدرسة أيضاً:

«ذوو الهمم» فى مرمى المتنمرين

من رحم المعاناة خرجت الآلاف من حكايات ذوى القدرات الخاصة وقصار القامة وأطفال متلازمة «داون» الذين قهروا الصعاب وتغلبوا على محاولات التنمر وحققوا المستحيل بالارادة والإصرار، وأصبح الكثيرون منهم مشهورين على المستويين المحلى والدولى فى مختلف المجالات.

لبنى مصطفى، لاعبة منتخب السباحة البارالمبية واحدة من هؤلاء، تمتلك فكرا طموحا وتدافع عن أصحاب الهمم قائلة: نحن أصحاب قدرات ومهارات مميزة، ولسنا عالة أو عدواً لأحد، ونعيش حياة جيدة وكريمة، ولدينا قانون كافٍ لردع المتنمرين على ذوى الهمم، ومع ذلك فهناك من يعانى من التنمر والسخرية من حالاتهم الصحية أو مظهرهم رغم أنهم ليس لهم دخل فى ذلك.

وقالت صفاء مصطفى، والدة اللاعبة لـ«الوفد»: أبناؤنا ليسوا مختلفين عن الأطفال العاديين فى شيء، لكنهم أكثر تفوقاً وتميزاً وموهبة بشكل استثنائى، لذلك يكونون عرضة أكثر لأفعال التنمر والإساءة، ودائما أسعى جاهدة لتغيير الصورة السلبية تجاه أبنائنا من ذوى الهمم، وذلك من خلال رسائل أوجهها للأطفال الأصحاء لحثهم على الاندماج معهم، مثل: «هم أشخاص مثلكم.. ليه بتبصوا عليهم.. بتكلموهم ليه كدة.. زيهم زيكوا.. متخفوش منهم.. اتعرفوا عليهم.. والعبوا معاهم».

وأضافت «صفاء»: الأطفال فى المدارس يتنمرون بأبنائنا ممن يعانون من مشكلات صحية أو إعاقات مختلفة ويوجهون لهم كلامًا جارحًا مثل: «أنت ليه شكلك كدة، ده مبيتكلمش كويس»، والأمر لا يختلف عند الكبار، حيث يعانى أبناؤنا من النظرات والمعاملة السيئة من أمهات الأطفال العاديين فى النوادى أو الملاهى أو المحال التجارية، وهو ما لمسناه فى مواقف متكررة ومحرجة.

وتحكى صفاء قصة إحدى صديقاتها قائلة: كانت صديقتى فى الملاهى ومعها طفلها من ذوى الهمم، وعندما شاهدت إحدى أمهات الأطفال العاديين وهى تعامله بشكل غير لائق، وتنظر إليه نظرات التحقير، فلم تتقبل هذه الإهانة ولجأت لمدير المكان الذى توجه للأم وقال لها: «اللى متضايق هو اللى يبعد.. فطفلك زى ابنها.. مفيش أى ضرر منه».

وأضافت قائلة: هذا بخلاف ما ينشر من رسائل السخرية والتهديد المتزايدة على مواقع التواصل الإجتماعى والرسائل الإلكترونية والنصية ضد ذوى الهمم، مؤكدة أن ذوى الهمم وأسرهم يتضررون من نظرة المجتمع والتنمر على فلذات أكبادهم نتيجة عدم وجود وعى ثقافى، ونتج ذلك عن الأفلام والمسرحيات التى تظهرهم فى صورة مهرجين للضحك والكوميديا فقط، وهو ما يتسبب فى ألم وحسرة أمهات وآباء ذوى الهمم، وأشارت إلى أن هذا لا يليق بما تحقق من إيجابيات على كافة المستويات من أهمها منح ذوى الهمم حقوقهم كاملة دون تمييز بينهم وبين الأصحاء، وتوفير سبل الحياة الطبيعية الكريمة، وفى ضوء وجود نماذج ناجحة ومشرفة لأبنائنا من ذوى الهمم فى جميع المجالات، وخاصة بعدما أثبتوا أنهم قادرون على التغلب على الصعوبات وتحمل المسئولية كاملة، وحققوا بطولات رياضية على المستويين المحلى والعالمى، وهو ما أوصل رسالة مهمة للعالم أن مصر تحترم حقوق الإنسان مهما كانت إعاقته.

مؤكدة أن كافة مؤسسات الدولة عليها مسئولية كبيرة فى التوعية بجميع الإعاقات والتعريف بحقوقهم وتوضيح احتياجاتهم وتوفير بيئة إجتماعية آمنة قدر الإمكان.

قبل 21 عاماً، واجهت آية الله أيمن عباس، بطلة السباحة البارالمبية، العديد من الصعوبات منذ ولادتها بعيب خلقى فى العمود الفقرى أدى إلى إصابتها بشلل نصفى، وقال طبيب لعائلتها: «مش هتقدروا تعملولها حاجة سبوها مش هتعيش»، مما تسبب فى إرهاق

نفسى لأسرتها التى رفضت تركها وحيدة بل أصروا على علاجها، تلك النظرة السلبية تجاه أى معاق والتعامل معه على أنه عديم الفائدة و«ملوش هدف أو مستقبل» لم تمنع آية وأسرتها من التحدى، بل شجعتها الأسرة على ممارسة رياضة السباحة، حتى دخلت «فراشة النيل الذهبية» تاريخ بطولة العالم للسباحة البارالمبية.

أكدت «آية»: أن الإعاقة ليست مرضاً، ولسنا عبئاً على مجتمعنا مثلما يتصور البعض، ولكنها التزام وإصرار على النجاح وقهر المستحيل، فقد نتفاجأ كثيراً بنظرات النقص والازدراء منا، وهذا ناتج عن غياب الوعى المجتمعى بإحتياجات ومتطلبات تلك الفئة، وقلة برامج إدماج الطلاب ذوى الهمم بالمؤسسات التعليمية. وأوضحت أن والدتها هى داعمها ومشجعها الأول، وسر قوتها لاجتياز كل المشكلات والصعاب التى واجهتها فى حياتها، حيث كرست حياتها لرعايتها منذ أن كانت طفلة وواجهت معها كل الانتقادات التى وقفت عثرة فى طريق مستقبلها، وكانت سندها الدائم فى كل الصعاب ورفيقتها فى البطولات المحلية والدولية منذ عام 2014، ودعمتها فى حصد عدد من الميداليات المحلية والعالمية، حتى حصلت على وسام الجمهورية للرياضيين، بجانب مساندة والدها وأخيها لها، بالإضافة إلى دعم مدربى السباحة ممن ساعدوها على صقل موهبتها الرياضية، منذ بدايتها عام 2006، وكان عمرها وقتها 6 سنوات.

أحمد عبدالرازق، كابتن منتخب مصر لكرة القدم من قصار القامة، قال: أجتهد لزرع الأمل والثقة داخل فريقى لتحقيق النجاحات المتتالية، وأدعمهم وأتفهم ظروفهم، وما يعانونه مع مشكلة التنمر وشعورهم بالرفض من زملائهم فى المدارس والسخرية منهم على مواقع التواصل وفى الشارع، وهو ما تعرضت له « فرحة» منذ 3 أعوام، وكانت وقتها فى أولى إعدادى، وانعكس على نفسيتها بالسوء، وهو ما دفعنى للتوجه مع والديها إلى مديرة المدرسة لإزالة التفرقة والحواجز أمام « فرحة » وتوضيح أنها لا تختلف عن زملائها فى شيء، بل بالعكس قد تحتاج إلى بعض الدعم منهم والمعاملة الطيبة، وبعدها بدأ القبول والمحبة يزداد بينها وبين زملائها ودعمهم لها جميعا، والان أثبتت «فرحة» أنها «أد التحدى»، وأصبحت بطلة سباحة تحصد الجوائز محلياً وعالمياً.

وقالت سما رامى صبحى، سفيرة النوايا الحسنة لذوى الهمم: تعرضت لواقعة تنمر مؤخراً بعد بنشر صور لأصدقائى من حفل زفاف مفترض «ضمن عرض مسرحى لذوى الهمم»، ليقوم المتنمر بالتعليق بشكل ساخر على المنشور بكلمات جارحة منها «محدش ينزل صوره.. الناس بتقرف منكم.. أنتوا طفرة مش لازم تستمر ووجودكم يأذى المجتمع»، وإرفاقه بصورة قرد واعتباره « ابنهم المستقبلى »، لتتبع ذلك ردود وانتقادات كبيرة من المعلقين على هذا الشخص.

وأضافت «سما»: اتخذت قرارا رادعا وتقدمت ببلاغ للنائب العام حول الواقعة للمطالبة بمحاسبة المتنمر، وألقت الشرطة القبض عليه وأمرت النيابة بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق فى أقل من 24 ساعة بعد اعترافه بالواقعة، معلنة أنها « لن تتنازل عن حقها وحق أصدقائها وستأخده بالقانون ضد أى شخص يتنمر عليهم، مؤكدة «إحنا مش معاقين ذهنياً إحنا بنفهم.. وبنعرف نتعامل مع الناس بطريقة كويسة ومحترمة.. وأحلم مثل غيرى من أصحاب الهمم بتغيير نظرة المجتمع تجاهنا للأفضل».

وقالت والدتها سوزان طلعت: ابنتى شخصية محبوبة لا تعرف معنى الكراهية، كما أنها تهتم بالمشاركة فى كافة الأنشطة المتعلقة بمتحدى الإعاقة، ولم تكتفِ بما حققته من تغير مسمى «البله المغولى» فى مناهج التربية والتعليم، بل تحاول جاهدة تغيير الصورة النمطية وتقويم الاتجاهات السلبية تجاه تلك الفئة. مضيفة أننا نقدر دور الدولة فى دعم ومساعدة أبنائنا من ذوى الهمم، ونحن كأمهات شعرنا بهذا التغير الملحوظ على مدار الـ7 أعوام المتتالية.. لكننا نأمل فى إتاحة الفرص التعليمية فى المدارس الحكومية، والتى يمكن أن تساهم فى تحسين الأداء المهارى لذوى صعوبات التعلم وتنمية قدراتهم على الاندماج والتحصيل المناسب.

وتضيف «سوزان»: من المؤسف تعدد طرق السخرية والاستهزاء بأبنائنا فمازال المتنمرون يتعاملون معهم بشكل سيئ فى الشارع، ويتعرضون للتهكم والتنمر عليهم بكلمات مثل «بركة، وزى قلتهم »، وقد يصل الأمر لوصفهم بألفاظ جارحة وتعبيرات توحى بنظرة استهزاء وسخرية وتنمر فى بعض الأماكن، بخلاف ما يعانونه من الإساءة لهم وخاصة فى بعض الأعمال الدرامية، رغم أن أبناءنا من متلازمة داون طبيعتهم ودودة.

وأشارت «سوزان» إلى أن ابنتها طالبة بالفرقة الثالثة بالأكاديمية العربية لتكنولوجيا العلوم والنقل البحرى قسم اللوجيستيات، كما أنها أول سفيرة للنوايا الحسنة من داون سيندروم، كما لقبت بملكة الجمال فى عام 2018، كما تمتلك « سما »، صاحبة الـ 20 عاماً، مواهب متميزة فهى سباحة ولاعبة كرة سلة وأيروبكس.

الكابتن على شعبان، مؤسس منتخب مصر لقصار القامة ونادى نجوم مصر التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، قال: أسعى لتحقيق أحلام 32 لاعباً من نجوم كرة القدم قصار القامة بالدمج المحلى والدولى والتواصل البناء مع الجميع، بعد أن أثبتوا للعالم أنهم « قادرون باختلاف » على مواجهة مساوئ التنمر قولاً وفعلاً، حيث واجهوا مشكلات بشكل متعمد لتحقيرهم بعبارات تحط من قدر ذوى الهمم «الأقزام» مثل معايرتهم بلونهم أو بهزال اجسادهم أو بدانتهم، أو استغلال ظروفهم الإجتماعية الصعبة، ثم سرعان ما تغلبوا على ذلك وتركوا بصمات مضيئة فى كل الألعاب الرياضية بل تألقوا فى عالم الساحرة المستديرة بتسديد الكرات الصاروخية ووصول اللاعبين لأهم البطولات الوطنية والعربية والدولية ليتحول قصرهم إلى ميزات ونجاحات كبيرة.

وقال «شعبان» إننا نرسل رسالة سلام ومحبة من مدينة شرم الشيخ إلى كل قارات العالم، فى نهاية شهر ديسمبر، بدعوة 9 دول عربية وآسيوية وأوربية للمشاركة فى بطولة لكرة القدم تقام هناك، وقد شرفت بأنى أمثل الوفد المصرى كرئيس للوفود العربية بالأردن بمناسبة اليوم العالمى لقصار القامة.

 

فيديوهات صادمة على «السوشيال ميديا»:

جريمة فى الفضاء الإلكترونى!

 

«التنمر الإلكترونى».. من العناوين التى أثارت الفزع خلال الأعوام الأخيرة، فجرائم العنف والإيذاء ضد ذوى الاحتياجات الخاصة تزداد يوماً بعد آخر داخل مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة بعد أن أصبح ذوو الاحتياجات الخاصة هدفا سهلا للمتنمرين، واشتملت حالات التنمر على أفعال إجرامية متكررة ومتعمدة، مما يهدد أمنهم وسلامتهم.

لم تكن واقعة إجبار معاق خلال عودته لمنزله بالمطرية على التوقف لخلع ملابسه تحت تهديد السلاح وإرغامه على الرقص وسط ضحك وسخرية المارة، هى الأولى من وقائع التنمر المتكررة على ذوى الاحتياجات الخاصة، بل سبقتها جرائم عديدة، منها واقعة تعرض شاب من ذوى الاحتياجات الخاصة للتنمر والاعتداء بالضرب والتخويف من قبل حلاق وصديقه داخل صالون الحلاقة، فى الشرقية فى شهر أغسطس الماضى، كما حدثت واقعة تنمر من قبل 3 أشخاص ضد طفل مصاب بـ«متلازمة داون» والسخرية منه وضربه عمداً، والخطير فى كل هذه الوقائع أنه تم نشر فيديوهات لها على شبكة الانترنت، حيث تم انتهاك حرمة حياة المجنى عليهم الخاصة، واستخدام حسابات إلكترونية لتسهيل ارتكاب تلك الجرائم.

كما انتشر على مواقع التواصل الإجتماعى فيديو لشاب مصاب بـ« متلازمة داون»، يتعرض لإرهاب مجموعة من الصبية مستخدمين كلب حراسة مدرباً بمنطقة مصر القديمة، وكان ذلك فى شهر مايو الماضي.

وفى شهر يناير الماضى تم تداول مقطع فيديو على «السوشيال ميديا»، يظهر فيه شابان علق أحدهما شابًا من ذوى الإعاقة الذهنية على مسمار بأحد الأبواب، بينما يقوم الآخر بتوثيق الواقعة بالفيديو داخل إحدى قرى محافظة الشرقية، ليظهر المعاق يرتعد خوفاً وهلعاً، بينما تتعالى الضحكات وعلامات السعادة البالغة التى رسمت على وجهيهما.

وفى محافظة الدقهلية قام 5 أشخاص بالتنمر على شاب عمره « 24 عاماً » من ذوى الاحتياجات الخاصة عن طريق توثيقه بحبل وسحبه من رقبته وإنزاله من«توك توك» وربطه فى عمود إنارة مع استمرار التهكم عليه والسخرية منه، وهو ما دفع شابًا من ذوى الاحتياجات الخاصة بنفس المحافظة للتخلص من حياته، حيث لم يحتمل الشاب الذى كان يعانى من إعاقة فى يديه وقدميه نظرات وتعليقات الآخرين، لذلك قرر التخلص من حياته بتناول أقراص حفظ الغلال.

من جهتها، نفت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع السياسى والعسكرى، وجود ظاهرة التنمر فى المجتمع. موضحة أن التنمر هو سلوك غير طبيعي فردي يتسبب فى إيذاء شخص آخر بصورة عمدية، ويحتاج إلى جهود كبيرة وطويلة المدى بالتعاون مع مؤسسات متعددة الأطراف، للعمل على مكافحة مشكلة التنمر، وإزالة الحواجز أمام أصحاب الهامات والمجتمع، سواء من خلال مواجهتها إعلامياً ودينياً من خلال وسائل الإعلام المختلفة والأعمال الدرامية، أو عن طريق الإجراءات التنفيذية لمؤسسات الدولة المختلفة، أو تنفيذ التشريعات التى تجرم ممارسة تلك الأفعال غير المقبولة اجتماعيا، ومنع تعرض أحد لأى أذى أو تمييز فى المعاملة، بما يحقق الأمن والاستقرار المجتمعى.

وأشارت أستاذة علم الاجتماع السياسى إلى أن التنمر يعد مشكلة اجتماعية موجودة فى الثقافة السائدة، ومسبباتها هى شعور المتنمر بالدونية والتجاهل وفقد الأمان النفسى، أو وجود علاقة سيئة بين الأبوين، واتخاذ ذوى الهمم مجالا للسخرية والإضحاك فى الأعمال الدرامية والمسرحية وعدم الوعى بالأثر السيئ لتلك التصرفات عليهم.

مشيرة إلى أن جرائم التنمر بأصحاب الهمم تأخذ ضجة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى لأنها شىء غير معتاد، عكس ما يحدث فى الخارج من عدم الاهتمام بهذه الجرائم لاعتيادهم عليها.