رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل حان الوقت لإنشاء وسائل تواصل اجتماعى مصرية؟

مارك
مارك

المؤيدون: ابتكار طرق محلية بديلة ضرورة لحماية التعاملات الرقمية

المعارضون: اقتصاديات التشغيل وضعف البنية التكنولوجية يعرقلان التنفيذ

مبرمجون مصريون يعلنون إطلاق تطبيقات بمميزات مختلفة عن «فيسبوك» و«تويتر»

 

ارتباك شديد ضرب العالم خلال أزمة توقف وسائل التواصل الاجتماعى العالمية التابعة لشركة «فيسبوك» (فيسبوك، واتساب، انستجرام)، مؤخراً، التى استمرت 6 ساعات لأول مرة منذ إنشائها، ولم يكن تأثير هذا التوقف على التواصل الشخصى بين الأفراد فقط، وإنما امتد إلى الشركات والمؤسسات العالمية التى تعتمد على هذه الوسائل بشكل كبير فى تسويق منتجاتها والتواصل مع عملائها.

ولم تكن مصر بعيدة عن هذه الأزمة، لأن مستخدمى هذه التطبيقات يتجاوز الـ40 مليون مصرى، ولذلك فالتأثير لم يكن بسيطاً، فضلاً عن أنه كان مفاجئاً لم يتوقعه أحد مما زاد من حجم الارتباك، ومن هنا ظهرت دعوات كثيرة تنادى بإيجاد طرق محلية بديلة عن التطبيقات العالمية، لتفادى مثل هذه الأزمات مستقبلاً، ولحماية التعاملات الرقمية الضخمة التى أصبح يعتمد عليها المواطنون حالياً فى قضاء مصالحهم سواء الاقتصادية أو المالية أو الخدمية.

وسائل التواصل الاجتماعى العالمية

وتباينت آراء الخبراء حول إمكانية إنشاء وإطلاق وسائل تواصل اجتماعى محلية تكون بديلة، حيث رأى البعض أن بإمكان الحكومة التعاون مع القطاع الخاص فى إنشاء هذه التطبيقات البديلة، لأنها تحتاج إلى استثمارات ضخمة وبنية تكنولوجية قوية، فيما أشار آخرون إلى أن إطلاق هذه التطبيقات محلياً أمر صعب فى الوقت الحالى لعدة أسباب أولها قلة عدد المستخدمين، وضعف البنية التحتية التكنولوجية، فضلاً عن نقص الكوادر والكفاءات التى تستطيع إنجاز هذا المشروع الضخم، وبالتالى لن تحقق أرباحاً.

عالمياً يبلغ عدد مستخدمى «فيسبوك» نحو 2,85 مليار مستخدم نشط شهرياً، وذلك وفقاً لإحصائيات عام 2021، فيما يبلغ عدد مستخدمى «انستجرام» نحو 1,074 مليار مستخدم نشط شهرياً، بينما «واتساب» نحو 2 مليار مستخدم شهرياً.

وتقدر الخسائر الإجمالية التى تسبب فيها العطل الأخير بنحو 114 مليار دولار، توزعت بين 60 مليار دولار إيرادات فقدتها المنصات التابعة لـ«فيسبوك» ، و47 مليار دولار تمثل التراجع فى القيمة السوقية لشركة فيسبوك.

ووفقاً لحسابات مؤسسة نيت بلوكس، التى تقدر تكلفة إغلاقات الإنترنت حول العالم، فإن خسائر توقف وسائل التواصل الاجتماعى على الاقتصاد العالمى بلغ نحو 968,537 مليون دولار، حيث تقدر المؤسسة الخسائر التى يتكبدها الاقتصاد العالمى فى حال توقف «فيسبوك» و«انستجرام» و«واتساب» لمدة ساعة بنحو 161 مليون دولار.

وليد رمضان

الأمر لم يكن خسائر فقط، بل على الجانب الآخر، هناك أطراف استفادت من هذا التوقف، وأبرزها التطبيقات المنافسة لـ«فيسبوك»  مثل «تويتر» و«تليجرام» و«سناب شات»، لأن المستخدمين اتجهوا إليها بدلاً من «فيسبوك» خلال ساعات التوقف وبعدها أيضاً، حيث انضم أكثر من 70 مليون مستخدم جديد إلى «تليجرام»، وزاد استخدام تطبيق «سناب شات» أكثر من 20%.

فى هذا السياق، قال الدكتور محمد حجازى، رئيس لجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، إن تحقيق اقتصاديات التشغيل بنجاح ووجود بنية تكنولوجية قوية تعد أهم عوامل إطلاق وسائل تواصل اجتماعى مصرية محلية.

إيهاب سعيد

وأضاف حجازى أن ميزة التنافسية والربحية محرك رئيسى لتفكير أى شركة لإطلاق تطبيقات مشابهة لـ«فيسبوك»  و«تويتر» و«واتساب»، مشيراً إلى أن حجم وعدد مستخدمى التطبيقات أيضاً من أهم العوامل المؤثرة فى اتخاذ شركة ما قرار إطلاق سوشيال ميديا محلية.

وأوضح رئيس لجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق أن عدد مستخدمى «فيسبوك» فقط يزيد على ٢ مليار شخص، وعدد مستخدمى الإنترنت فى مصر نحو ٥٠ مليون شخص ومن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعى يتراوح بين ٣٥ و٤٠ مليون شخص، وليس مضموناً أن يشتركوا جميعاً فى التطبيقات الجديدة، ولذلك فإن شرط حجم عدد المستخدمين لن يكون متوافراً فى اقتصاديات التشغيل، ولن تستطيع الشركة تحقيق أرباح.

وتابع: «كل تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعى العالمية المشهورة تملكها شركات خاصة، هدفها الربح فى المقام الأول، وإذا أرادت شركة إنشاء وسائل بديلة لها فى مصر سيكون هدفها الربح أيضاً». 

وأشار إلى أن هذا المشروع يحتاج إلى استثمارات ضخمة وتكنولوجيا عالية ونحن فى مصر لا نمتلك هذه التكنولوجيا حالياً وما زلنا نعتمد على التكنولوجيا الواردة من الخارج، إضافة إلى نقص الكوادر والكفاءات البشرية اللازمة لإطلاق مثل هذا المشروع حالياً، ولذلك فإننا بحاجة إلى مزيد من الوقت لإطلاق سوشيال ميديا بديلة محلياً.

وأضاف: «على المستوى الفردى نمتلك خبرات وكودار تكنولوجية جيدة تستطيع النجاح ولكن بشكل شخصى، وليس بشكل عام فى مشروع ضخم مثل هذا المشروع».

محمد حجازي

وحول تجربة امتلاك الصين وسائل تواصل اجتماعى بديلة عن «فيسبوك» و«تويتر» وغيرها من التطبيقات، قال حجازى إن عدد سكان الصين ١.٣ مليار نسمة يمكن من خلالها تحقيق اقتصاديات التشغيل بنجاح، مقارنة بمصر التى يبلغ عدد مستخدمى الإنترنت فيها ٥٠ مليوناً فقط.

وعن إمكانية إقامة سوشيال ميديا عربية وليست محلية فقط، أشار إلى أن استخدامات كل دولة فى الوطن العربى لوسائل التواصل تختلف عن الأخرى، فالدول الخليجية مثلاً تفضل «تويتر» بينما مصر تفضل فيسبوك، ولذلك سيكون من الصعب أيضاً تنفيذ مشروع عربى مشترك.

على الجانب الآخر، قال إيهاب سعيد، رئيس شعبة الاتصالات باتحاد الغرف التجارية، إن تعطل أى تطبيق من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعى العالمية أو أى طريقة يتم استخدامها فى تعاملات الاتصالات والخدمات، وارد حدوثه فى أى وقت، وهو ما حدث مؤخراً مع تطبيقات «فيسبوك» و«واتساب» و«انستجرام»، وأثر بشكل كبير على المجتمع العالمى وليس المصرى فقط، وتسبب فى شلل معظم التعاملات الاجتماعية والتجارية.

وأضاف سعيد أن العطل أظهر الأهمية الكبرى لهذه الوسائل فى المجتمعات، ولذلك من الضرورى ابتكار طرق غير تقليدية للتعامل مع مثل هذه المشاكل بما لا يعوق العمل محلياً، ولا يعرقل مسيرة التعاملات فى كل مناحى الحياة.

وأوضح رئيس شعبة الاتصالات باتحاد الغرف التجارية، أننا فى مصر يجب علينا ابتكار طرق بديلة يتم التعامل من خلالها داخل البلاد لتفادى حدوث مثل هذه المشكلة من جديد، من خلال تعاون الحكومة والقطاع الخاص لابتكار «برامج تقنية» محلية تحافظ على كل التعاملات تحت مظلة واحدة تجمع تعاون القطاعين.

وأشار سعيد إلى أن هذه البرامج تحتاج استثمارات كبرى، ولذلك لابد أن تكون هناك شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص فى هذا الشأن، من خلال دراسات جدوى لظهور منتج مصرى تقنى «تطبيق» يتم إنشاء بنية تحتية له، ومعرفة كيفية التسويق والانتشار، وهو الأمر الذى يجب وضعه فى الاعتبار فى الفترة التالية استفادة من أزمة التواصل الاجتماعى التى حدثت مؤخراً، وإنشاء تطبيق خاص بنا محلياً للحفاظ على كل تعاملاتنا اليومية فى جميع الأصعدة.

فيما قال وليد رمضان، عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية ورئيس المجلس الاقتصادى لشباب الأعمال، إن وسائل الاتصالات الرقمية أصبحت تشكل الجزء الأهم فى حياتنا اليومية، ومؤثراً قوياً فى جميع مناحى الحياة، والعالم الافتراضى أصبح يفرض نفسه علينا بشكل واضح وصريح فيما يتعلق بالتحول والتعاملات الرقمية.

وأضاف رمضان أنه بعد حدوث هذه المشكلة أصبح ابتكار طرق محلية غير تقليدية بديلة ضرورة حتمية، فضلاً عن ضرورة تأمين الخدمات والتعاملات الرقمية التى أصبحت هى الأهم فى حياتنا حاليا، وهو ما كشفت عنه المشكلة التى ظهرت لساعات نتيجة توقف وسائل التواصل الاجتماعى عالميا، وتأثيرها الكبير الذى شاهدناه على منصات البيع والشراء وتعاملات البنوك، وإتاحة التعامل بالمحافظ الرقمية والتعاملات الإلكترونية والحياتية.

وأكد رمضان أن الأمر لابد أن يأخذ حيز الاهتمام بشكل جدى وبتعاون كل المؤسسات الحكومية والخاصة من أجل مواكبة التطورات العالمية، خاصة أن هذه الأزمة ستكون نقطة انطلاقة وبداية لعهد جديد لكثير من الدول فى ابتكار طرق تحافظ على تعاملاتها الداخلية على الأقل وتأمين التكنولوجيا المالية وقواعد البيانات ضد أعمال القرصنة والاختراق لتفادى أى خلل يعوق عملية تقدمها وتنميتها، لأن التعاملات الرقمية أصبحت تعتمد عليها معظم الدول فى تحقيق خططها التطويرية والتنموية، وهو ما ستنظر إليه دولتنا فى الفترة المقبلة.

وعقب هذه الأزمة، أعلن عدد من المبرمجين المصريين عن إطلاقهم تطبيقات تواصل اجتماعى بديلة للتطبيقات العالمية، منها «آى توب» و«فيسبوك إيجيبت».  

أما الأول، فكان المبرمج سامح شافعى، الذى أعلن عن إطلاق تطبيق ينافس «فيسبوك» و«تويتر» فى مصر، يحمل اسم «آى توب»، مشيراً إلى أن التطبيق مختلف عن «فيسبوك» ولا يشبه أى تطبيقات أخرى.

وأضاف شافعى، أنه يعمل على هذا التطبيق منذ سنوات، وكان فى البداية خدمياً ثم طور منه حتى أصبح طفرة وسط مواقع التواصل الاجتماعى، مشيراً إلى أن التطبيق أصبح متاحاً للتحميل منذ فترة ولديه قرابة مليون مستخدم حتى الآن.

وأوضح شافعى، أن ما يميز تطبيقه «آى توب» وجود تعليقات بالصوت أو تدوينة بالصوت وليس كلام فقط، وكذلك ميزة «العالم» وهى تخص جميع التدوينات العامة لجميع المستخدمين على مستوى العالم أما لو اختار المستخدم ميزة «هوم home» فسيشاهد التدوينات الخاصة للأشخاص الذين يتابعهم فقط.

وأشار إلى أن «فيسبوك» بدأ منذ 17 عاماً للوصول إلى الشكل الحالى الذى نراه اليوم، ولا يوجد شىء يبدأ وينتشر فجأة، ولكن تطبيقه بدأ الانتشار وهناك فريق يساعده فى تطويره.

والثانى هو المبرمج أمير عبدالعزيز، الذى نجح فى ابتكار منصة محلية للتواصل الاجتماعى تحمل اسم «فيسبوك إيجيبت»، بعد موافقة مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة «ICANN»، على استخدام الاسم كمنصة تواصل اجتماعية تضاهى المنصات العالمية.

وقال عبدالعزيز إن المنصة عبارة عن شبكة تواصل اجتماعى بدأت من مصر ومن المخطط أن تصل للعالمية من خلال المحتوى الذى ستتناوله، خاصة بعد العطل الذى تعرضت له التطبيقات العالمية.

وأضاف أن شبكة «فيسبوك» المصرية «فيسبوك إيجيبت» تعمل باللغتين العربية والإنجليزية كمرحلة أولى، وستتم إضافة لغات أخرى حسب خطة عمل الشبكة خلال الفترة التالية، مشيراً إلى أن الدخول لا يتطلب بيانات كثيرة عن المستخدمين، ولا يستغرق التسجيل أكثر من ثلاث دقائق، بإدخال البريد الإلكترونى واختيار اسم المستخدم وكلمة السر فقط، بعدها يمكن الدخول على المنصة بكل سهولة.

وأوضح أن المنصة غير تابعة لشبكة «فيسبوك» العالمية الأكثر استخداماً حول العالم، وأن الهدف منها فى المرحلة الأولى هو جذب أكبر فئة من المجتمع المصرى والمجتمعات العربية، لا سيما من فئة الشباب كبداية نحو الانطلاق للعالمية، لافتاً إلى أن مستخدمى منصة «فيسبوك» العالمية يواجهون العديد من المشاكل التى دفعته إلى إنشاء شبكة «فيسبوك» مصرية للحد من هذه المشكلات.

وأشار إلى أن أبرز هذه المشكلات، عدم وجود دعم فنى من جانب الشبكة العالمية فى مصر والدول العربية، وتعنت إدارة شبكة الـ«فيسبوك»  العالمية خاصة فى التعامل مع الدول العربية، وليس أدل على ذلك من عدم وجود مقرات للشبكة العالمية داخل الدول العربية، سوى مقر دبى الذى يخدم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالكامل، كما أنه لا توجد أى وسيلة للتواصل مع خدمة عملاء شبكة الـ«فيسبوك»  العالمية فى حالة وجود أى مشكلة، إلا من خلال حجز «تيكت» وإرسال رسالة بالمشكلة لخدمة عملاء الشبكة العالمية، فضلاً عن عملية حجب الصفحات والحسابات، واختراقات الحسابات وعدم حماية حقوق الملكية الفكرية ومشاكل خاصة بالتشهير والابتزاز.

وأعلن مؤسس «فيسبوك» المصرى، أنه تم الإطلاق الرسمى للمنصة بعد تصميم وإنشاء الموقع الرسمى لها والانتهاء من البرمجة والتطوير والجرافيك الخاصة بالموقع، وذلك بعد موافقة منظمة الأيكان على استخدام هذا النطاق، مشيراً إلى أنه من المقرر أن تكون الشبكة أقرب للبساطة فى الشكل مع السرعة فى الأداء، والأهم من ذلك هو حماية خصوصية المستخدمين ومواجهة الاختراقات التى تحدث على الـ«فيسبوك»  وحماية حقوق الملكية الفكرية وفلترة المحتوى غير المناسب.