رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى آخر حوار معه.. جمال سلامة لـ«الوفد»: مشوارى تخطى الـ1000 عمل فنى أعظمهم «محمد يا رسول الله»

الموسيقار الكبير
الموسيقار الكبير الدكتور جمال سلامة خلال حوارة مع الوفد

رحل عن عالمنا اليوم الموسيقار جمال سلامة بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 75 عامًا داخل مستشفى الهرم وكان قد نقله إلى المستشفى بعد إصابته بفيروس كورونا.

 

وكان الإعلامى محمد السماحى، ابن شقيقة الموسيقار جمال سلامة، قد صرح بأن خاله الموسيقار الكبير تدهورت حالته الصحية، وتم نقله إلى أحد مستشفيات المعادى، وهناك اشتبه الأطباء فى إصابته بفيروس كورونا بعدما انخفض نبض قلبه إلى 48.

 

وتعيد "الوفد" آخر حوار أجرته مع الراحل، الذى شغل منصب  نقيب الموسيقيين الأسبق، وهو أحد عمالقة الفن والتلحين، إذ تحدث عن مشواره الحافل بالإنجازات والنجاحات، وعن عطائه المتميز الذى تجاوز الألف عمل فنى.

*حدثنا عن نشأتك وعشقك للموسيقى والفن؟

** كان عمرى ست سنوات فقط عندما بدأت أعزف على البيانو، والدى كان عازف ترومب بفرقة أم كلثوم، وأخى فاروق عشق الأوكرديون، فعشق الفن عندنا وراثة، نحن عائلة موسيقية، والدى حافظ سلامة جعلنا نحب الفن وتعلمنا منه أشياء كثيرة وهو كان دائم التشجيع لنا، لدرجة إن أخى فاروق ترك المدرسة وصقل عزفه بالإوكرديون وعمل بفرقة أم كلثوم، ووالدى أصر على أن أتابع دروسى وأدخل أكاديمية الفنون التى تم إنشاؤها فى عهد جمال عبدالناصر ونظرًا لتميزى وكانت توجد بعثات للخارج سافرت وحصلت على درجة الدكتوراه من كونسيرفتوار تشايكوفسكى فى موسكو عام 1976 حيث أكملت دراستى هناك، وكنت أول موسيقار يحصل على الدكتوراه بالوطن العربى.
 

*ما الألحان التى تعتز بها بالنسبة إليك؟
 

** أعتز بألحان كثيرة جدا منها الوطنى والدينى والعاطفى، أحب «ساعات ساعات» لصباح، و«أحكى يا شهر ذات» و«قالى جانى بعد يومين»و «وحشنى بصحيح» لسميرة سعيد، ولكن أعظمهم أو على رأسهم يأتى لحن «محمد يا رسول الله»، والحمدلله الوحيد فى الوطن العربى الذى أفخر بأن لدى أكثر من 50 لحناً دينياً شهيراً.

 

*لماذا لم تجمع أعمالك الفنية ووضعها على أسطوانات «C D» ونُسخ على الإنترنت حتى تعرف الأجيال الحالية والقادمة قيمة وقامة ألحانك؟ وماذا قدمت من أعمال فنية رائعة ستظل تعيش معانا مدى الحياة؟
 

**للأسف لم أجمعها على أسطوانات ليتم توزيعها على الجمهور، كنت دائمًا مهتماً بالعمل وكل ما هو جديد فى عالم التلحين، والأيام والسنوات جذبتنى ولم أهتم بالأرشيف، لكننى أحتفظ بنسخ منها ولكنها تحتاج لمجهود ضخم لتجميعها على أسطوانات وخروجها للنور، والصحة أصبحت لا تقوى على فعل ذلك الآن.
 

*ما رأيك فيما يحدث الآن على الساحة الفنية فى التلحين والغناء وظهور أغانى المهرجانات؟

 

**مصر طول عمرها فيها أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب وكان فيها أيضًا الأغانى الهابطة ولكن كانت فى نطاق ضيق، ولا تخرج خارج حيز المكان التى تسمع فيه، ولكن بعد انتشار وسائل الإعلام والسوشيال ميديا أصبح ظهور هؤلاء وانتشارهم بهذا الشكل غير طبيعى، ما أدى لهبوط فى الذوق العام ويجب محاربة هؤلاء بالفن الجيد حتى يتم طرد الفن الردىء على غرار «العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة» ويا ريت لا نردد نغمة الجمهور عايز كدة» لأن الشعب المصرى برىء من هذا الذوق الهابط لأنه شعب متذوق وعاشق للفن الجميل.
 

*هل شاهدت حلقة الموسيقار حلمى بكر مع المطرب الشعبى مجدى شطة فى أحد البرامج؟
 

** لا لم أشاهد تلك الحلقة ولكننى سمعت بها ويعتبر موسيقار وملحناً كبيراً مثل الأستاذ حلمى بكر أخطأ خطأ كبيراً بظهوره مع شطة لأنه بذلك يسحب من رصيده الكبير لدى الناس وطبعاً يصب فى مصلحة الآخر.
 

*بعد الحلقة ثمة جملة أطلقها «شطة» أصبحت شعاراً يرددها البعض وتكتب على التكاتك والميكروباصات مثل «اللى شاطر فى مهنته يستاهل لقمته» و«الخايب فى مجاله يقعد جمب أمه وعياله».. ما رأيك هل تعتبر ده نجاح؟
 

** ساخراً ومتعجباً.. بالذمة ده فن يقدم للجمهور.. «لا تعليق».
 

أتمنى أن يعى الجميع أن القوة الناعمة وعلى رأسها «الفن الراقى» و«الإعلام الهادف» قادرين على تغيير المجتمع للأفضل ومحاربة العقول المتطرفة ومقاومة طيور الظلام وفتح نوافذ الفكر وتفتيح العقول، رسالة الفن لا تقتصر فقط على الجانب الترفيهى والمتعة فهى لها أثرعميق على النفس ولها مغزى وإثراء فى الحياة، وأيضًا الإبداع.
 

*مين من نجوم الغناء الحاليين يعجبك وترى فيه مستقبل جيد؟
 

** الحقيقة فى أصوات كتير جيدة، لكن المتجدد، ويأتى على رأس جيله تامر حسنى يعجنبى لأنه يعرف يختار أغانيه وألحانه ومتطور، و«سابق عصره»، وفى المطربات آمال ماهر خامة صوتها مختلفة عن الباقىين ومميزة أعتبرها «حنجرة ذهبية»، وكذلك أنغام خامة صوتها رائعة وإحساسها عالٍ.
 

*وبالنسبة للملحنين أيضًا من تعجبك ألحانه؟
 

**كنا الأول نلحن ونوزع ونعمل كل شىء أما الآن، لا تعرف من الملحن من الموزع وما إلى ذلك، التلحين حاليًا يمر بأزمة لا يوجد مبدعون ومجددون، البعض يعتبرها «أكل عيش» وفى هبوط واضح فى الذوق العام، ليس بالفن الهابط تحيا الشعوب.
 

*ولكن ملحن مثل عمرو مصطفى يعتبر نفسه مجدداً فى عالم التلحين؟

** عمرو مصطفى هو الأشهر بين جيله ولكنه ليس الأشطر.
 

*إذا انتقلنا للتكريمات فى حياتك فى أى عصر أو عهد تم تكريمك؟
 

**كُرِمت من الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذى كان عاشق للفن الراقى، وكذلك كرمت فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وحصلت على أعلى جائزة تقديرية لم يحصل عليها إلا ثلاثه فقط «أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وجمال سلامة» وأعتز كثيراً بأهم تكريم هو حب الجمهور لألحانى وفنى وبشكرهم دائماً على هذا الشعور.
 

* حدثنا عن علاقتك بالرئيس الراحل أنورالسادات؟

*السادات كان بيحبنى جدًا وبدأت علاقتى به بعدما عملت أوبرا «عيون بهية» بمناسبة انتصارات حرب أكتوبر وغنتها ياسمين الخيام فى أول ظهور فنى لها، واستمر عرضها 6 شهور، وحضر الرئيس السادات الافتتاح ومنحنى وسام الجمهورية من أكاديمية الفنون، وتدربت معى ياسمين مدة 6 أشهر، واستمر التعاون الفنى بيننا حتى اعتزلت الفن.
 

*ما حكاية لقائك الأول بالرئيس الراحل أنور السادات؟

** التقيت الرئيس السادات فى فرح ابنته عام 1974، حيث أعددت أغنية الفرح مع الشاعر حسين السيد والأوركسترا السيمفونى وفرقة أم كلثوم وكورال الأوبرا، وحضر الحفل الذى كان مقامًا بمنطقة المعمورة بالإسكندرية، وحضر ضيوف على أعلى مستوى داخل مصر وخارجها، وعقب مغادرتنا وانتهاء وصلات الغناء، ونحن فى الأتوبيس فى أول الطريق الصحراوى وجدنا شرطة النجدة توقفنا وتطلب منا الرجوع، وقالوا لنا «الرئيس عاوزكم ترجعوا تانى علشان يسمع الأغنية مرة أخرى، وبعد انتهاء الحفل جلس معى السادات وقال لى «احكى لى حكايتك» وعندما خلصت كلامى ورويت له قصتى، كان معجباً بى جدًا ومنحنى عدة جوائز رحمة الله عليه، كان يعتبرنى علم المستقبل لأنه يحب ويؤمن بالفنون.
 

*وماذا عن علاقتك بالفنانة الكبيرة ماجدة الرومى ونجاحاتكم معاً؟
 

**بداية التعارف بينه وبين ملاك الطرب، كما أحب أن ألقبها عندما كنت فى بعثتى لروسيا اتصل بى الملحن الكبير كمال الطويل والشاعر الكبير صلاح جاهين وأخبرونى بأن هناك عملًا فنيًا كبيراً يستعد له المخرج يوسف شاهين، وأن هناك مطربة لبنانية صغيرة ستغنى فيه، وكان ذلك عام 1974، وشاهين قال لى

عاوز لحن عالمى، وبالفعل تدربت معى ماجدة الرومى على ألحان الفيلم، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع علاقتى بها، وجاءتنى فى الثمانينيات أثناء الحرب اللبنانية ومعها قصيدة لنزار قبانى وطلبت منى تلحينها، وكان بداية القصيدة «نعترف أمام الله» كنت مهتماً بأن تكون بداية الأغنية جاذبة للجمهور.
 

لذلك اقترحت أن تبدأ مطلع الأغنية بعبارة «يا بيروت يا ست الدنيا»، وهو ما استجاب له الشاعر الكبير نزار قبانى ونجحت القصيدة نجاحاً ساحقاً وأصبحت بمنزلة السلام الجمهورى لدولة لبنان.
 

وبالمناسبة هذه ليست الواقعة الأولى التى يستجيب لها نزار قبانى توجد واقعة أخرى طلبت فيها تعديلات على قصيدة «مع جريدة» وكانت طلبت منى ماجدة الرومى تلحين تلك القصيدة لأنها تريد أن تغنيها فى نصف ساعة، فقلت لها لو اتلحنت مش هتاخد أكتر من 3 دقايق فقط».
 

وعلى الفور اتصلت بالشاعر الكبير وطلبت منه تطويل القصيدة، وقلت له ممكن أدلعها وأطبل مع كلمة «ذوبنى»، فضحك، وقال لى «طبل وعفرتنى، فضحك وقال لى «عمرى ما غيرت فى حياتى كلمات قصيدة غير مرتين مرة لعبدالحليم ومرة لنجاة الصغيرة لكن علشان خاطرك هاغير».
 

*وماذا عن تعاونك مع الفنانة الكبيرة صفاء أبوالسعود؟
 

** تعاونت معها فى الأغنية الشهيرة «أهلًا بالعيد مرحب مرحب بالعيد» التى أحبها الصغار والكبار على السواء، وعلى فكرة كانت زميلتى بالكونسرفتوار، وأشهر من غنت للأطفال، والأغنية ما زالت تعيش بين الناس حتى اليوم وكأنها وليدة الساعة، وصورها حينها المخرج شكرى أبوعميرة فى الشارع مع الأطفال والحنطور، وكان أول فيديو كليب يخاطب الأطفال والكبار معًا، وتذاع دائمًا مع كل الأعياد.
 

*هل أنت راضٍ عن مشوارك الفنى؟
 

**راضٍ تمامًا عما قدمته وأستطعت تحقيق ألحان وطنية ودينية وعاطفية سيتذكرها التاريخ ورددتها الأجيال السابقة وترددها الأجيال الحالية وإن شاء الله سترددها الأجيال القادمة لأنها اتعملت عشان تعيش وتخاطب المشاعر والوجدان، وطبعًا لم أستطع تحقيق أشياء أخرى وهذه سنة الحياة.

 

*أخيراً.. ما الدعوة التى ترددها بينك وبين نفسك؟
 

** يا رب اشفينى واشفِ كل مريض يعانى الألم، فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المريض، والحمدلله على كل شىء، فضل ربنا على لا حدود له، ويخلي لى أسرتى وأولادى وعائلتى وأصدقائى ومحبينى ويبارك فيهم، وممتن لمشاعر الحب والود التى ألمسها دائمًا من الجمهور، وزملائى داخل الوسط الفنى دائمو السؤال عنى، وأتوجه لهم جميعًا بالشكر.

 

سيرة ذاتية
 

يذكر أن الدكتور «جمال سلامة» موسيقار مصرى، درس الموسيقى على أعلى مستوى فى الاتحاد السوفيتى، وحصل على أعلى مؤهل للتخصص فى كونسيرفتوار تشايكوفسكى فى موسكو عام 1976، وقام بعمل أكثر من ألف عمل فنى خلال مشواره الفنى الحافل، وتم تكريمه من الرئيس الراحل «أنور السادات» بمنحه وسام الجمهورية من أكاديمية الفنون وعدة جوائز أخرى، وكذلك تم تكريمه من الرئيس الأسبق «حسنى مبارك»، ووزارة الثقافة المصرية، ومن أشهر أعماله أغانى فيلم «ليلة بكى فيها القمر» للفنانة «صباح»، وكان من بين أغانيه أغنية «ساعات.. ساعات»، كما لحّن لـ«سميرة سعيد» عدة أغانٍ أبرزها «احكى يا شهرزاد»، «مش حتنازل عنك أبداً»، «قال جانى بعد يومين»، «واحشنى بصحيح».
 

«كذلك عدّة أغان ناجحة للمطربة اللبنانيّة «ماجدة الرومى» من بينها «بيروت ست الدنيا» وقصيدة «مع جريدة» للشاعر السورى «نزار قبّانى»، كما كانت له تجارب ناجحة جدًا فى الأغانى الوطنيّة، حيث لحّن للفنانة شادية «يا بلادى يا أحلى البلاد يا بلادى»، «يا حبيبتى يا مصر» وأيضًا أغانٍ وطنية للفنان «محمد ثروت» «مصر يا أول نور فى الدنيا» و«مصر اليوم فى عيد» للفنانين «هانى شاكر ومحمد ثروت» و«المصريين اهمه» كما لحن للمطربة التونسيّة «صوفيّة صادق» أغنية «شباب العهد» التّى يتغنّى بها الشعب التونسى الشقيق، كما لحن الكثير من الأفلام والمسلسلات المصرية فى حقبة الثمانينات والتسعينات التى ما زالت فى ذاكرة الناس مثل «مسلسل الحب وأشياء أخرى» وفيلم «حبيبى دائماً» و«أونكل زيزو حبيبى» و«رحلة النسيان» و«أفواه وأرانب» و«أريد حلاً» لسيدة الشاشة «فاتن حمامة» و«حبيبى دائماً، العذاب امرأة، لا تبكى يا حبيب العمر، أهل القمة، أميرة حبى أنا، الكرنك، حتى لا يطير الدخان، أنا لا أكذب ولكنى أتجمل، قضية سميحة بدران، جحيم تحت الماء، وكذلك مسرحية (شارع محمد على) لوحش الشاشة «فريد شوقى» و«شريهان».
 

كما لحن الموسيقار الكبير مجموعة من الأغانى الدينية التى غنتها «ياسمين الخيام»، تأتى على رأسها مقدمات مسلسلى «محمد رسول الله»، و«ساعة ولد الهدى»، وهى تحمل قدرًا كبيرًا من التعبير يختلف عن الغناء الدينى التقليدى الذى يستعمل الدفوف بشكل أساسى، وأول مرة يدخل البيانو فى عمل دينى بشكل راقٍ يتماشى مع جلال وعظمة كلمات الأغانى الدينية.