رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تسونامى الباعة الجائلين يجتاح الأسواق

أسواق
أسواق

أسواق وسط البلد والعتبة وإمبابة « كامل العدد» ولا عزاء لكورونا

 

مترو الأنفاق والقطارات فرصة للباعة الجائلين والمتسولين لتحقيق الأرباح

 

الأسواق الحضارية هى الحل وتجربة الترجمان وأسواق حلوان خير دليل

 

مع اقتراب موسم الأعياد فى مصر ينتشر الباعة الجائلون فى الأسواق والشوارع بشكل عشوائى، ورغم القرارات التى أصدرتها الحكومة مؤخراً بإغلاق المحلات والمولات والمطاعم فى التاسعة مساء، انتقل الزحام لفترات الصباح، ووجد الباعة الجائلون ضالتهم فى الأيام الأخيرة من الشهر الكريم، حيث افترشوا الشوارع والميادين فى انتظار الزبائن، الذين لم تمنعهم كورونا ولا قرارات الحظر من التكالب على شراء ملابس العيد.

ورغم أن الإدارات المحلية تعمل باستمرار للقضاء على تلك الظاهرة، فإن الباعة يعودون مرة أخرى بعد حملات الإزالة، فى ظاهرة يومية ومتكررة باستمرار، ورغم التحذيرات المتكررة من كل الجهات من تفشى وباء كورونا بصورة شديدة، فهذا لم يمنع الباعة ولا المشترين من التكدس فى الأسواق.

ورغم خطط الحكومة المتعددة لإنهاء أزمة الأسواق العشوائية، وإنشاء أسواق حضارية بديلة لافتراش الباعة الجائلين للشارع، لحمايتهم وضمان استقرارهم، إلا أن هذا لم يتحقق، رغم إعلان صندوق تطوير العشوائيات خطته لتطوير 1150 سوقاً عشوائياً بتكلفة تصل إلى 44 مليار جنيه، وترصد «الوفد» فى جولة ميدانية أحوال تلك المناطق وانتشار الباعة الجائلين بشكل كبير فى مواسم الأعياد.

والبداية كانت فى «صين مصر» أو منطقة العتبة، والتى تعد أحد أكبر أماكن تجمع الباعة الجائلين وبدأنا جولتنا من أسفل عمارة «التيرنج» التى يتخطى عمرها مائة عام، حيث يمتلئ الميدان بمئات الباعة الجائلين، الذين يبيعون الملابس والأحذية ومنتجات أخرى عديدة، يقبل المواطن البسيط على شرائها لانخفاض أسعارها، وهناك كان واقفاً تحت أشعة الشمس فى نهاية وقت الظهيرة على مصطفى بائع 27 سنة، «يفرش» بضاعته على لوح خشبى متين ويقوم بفك أربطة منتجاته لتصنيفها قائلاً: «كل شوية بنسمع عن كلمة التطوير لكن مفيش حاجة بتتم وماحدش بيبلغنا بحاجة، لكن ياريت يشملنا التطوير ويتم توفير محلات بسعر مناسب، فنحن لا نمانع فى التطوير ولكن يجب مراعاتنا وظروفنا مش معقولة يدونى محل بدل الفرشة وأدفع كل شهر 10 آلاف جنيه ايجار، ودى اسعار الايجارات بمنطقة العتبة لمحل مساحتة 35 متر وده أقل سعر واحنا بنفرش لأن ملناش مكان تانى وبندفع على كل فرشة 1500 جنيه»

وفى منطقة شارع العشرين وكفر طهرمس بشارع فيصل بالجيزة وفى الشوارع الجانبية ينتشر عدد كبير من الباعة الجائلين، ويؤكد «محمد سلطان» أنه أتى من إحدى القرى الريفية خصيصاً للوقوف على فرشة اكسسوار موبايل بمنطقة فيصل لأنها من أكبر المناطق تكدس بالسكان فى الجيزة، ويدفع مقابل ذلك أرضية لأحد كبار المنطقة على حد قوله، مشيراً إلى أنه لا يسمح لهم بالوقوف فى المنطقة إلا بعد الدفع، وعند نزول حملة الاشغالات نهرب، ثم نعود مرة أخرى.

ووافقه فى الرأى محسن عمر 33 عاماً بائع على «فرشة» شنط حريمى بمنطقة إمبابة، مشيراً إلى أن معظم الباعة الجائلين بالمنطقة ورثوا هذه الأماكن عن آبائهم، وليس لهم مصدر رزق سوى هذا العمل خاصة فى موسم الأعياد، والمواطنين يلجأون إلينا بسبب الأسعار المنخفضة، لأن أسعار المحلات مرتفعة جداً، ولذلك نقف فى المنطقة للبيع لأنه غير مخصص أى مكان لبيع منتجاتنا، وأضاف قائلاً: «يوفرولنا باكية نبيع منها وإحنا مش هنعترض، ومكان يكون كويس بدل ماحنا فى الشارع وساعات الإشغالات بتجرى ورانا وتصادر بضاعتنا».

 

 

وفى منطقة الإسعاف والوكالة بوسط القاهرة الأمر مختلف حيث هذا الشارع مخصص لبيع الملابس المستعملة «البالة» ومعظم وقوف البائعين ليس على فرشة ولكن على «استاندات حديدية» متحركة لعرض بضائعهم، وأكد أحد الباعة بوكالة البلح رافضاً ذكر اسمه، أن وقوفهم فى الشارع بالاتفاق مع الحى، وأنه لديه استاند بيقف يبيع عليه بضاعته المستعملة قائلاً: «أول ما بنحس بقلق أو بنتبلغ نلم الحاجة، رغم أننا بندفع فلوس عشان نقف بالاستاند، وساعات بتجيلنا أوامر بعد عرض البضاعة فى أحد الأيام، وأضاف: أنهم ينتظرون موسم العيد من عام لآخر، حيث يقبل المواطنون على الشراء، مشيراً إلى أن الأسعار ثابتة ولا تزيد، مضيفا: « كل شغلنا للغلابة اللى حقهم يلبسوا ويتبسطوا».

هؤلاء الباعة أكدوا أنهم وقوفهم فى مواسم الأعياد يكون بالاتفاق مع بعض موظفى الأحياء، ما يعجل بضرورة تطوير الإدارات المحلية ومراقبتها على مستوى الجمهورية.

وفى مطلع العام الحالى أعلن صندوق تطوير العشوائيات أن تكلفة تطوير الأسواق العشوائية فى مصر تبلغ 44 مليار جنيه وتم الانتهاء من تطوير 30 سوقاً عشوائية من إجمالى 1150 سوقاً، فى مختلف أنحاء مصر مستهدفة للتطوير، ويتم العمل حالياً فى 15 سوقاً آخر.

وأكد اللواء مجدى الشاهد، الخبير المرورى، أن تكدس الباعة فى الشوارع فى موسم الأعياد يعجل بتنفيذ مجموعة من الحلول العاجلة والآجلة لحل مشكلة الاختناقات المرورية التى تعانى منها العاصمة، وتسبب خسائر سنوية تتجاوز المليارات، فضلا عن الوقت الذى يضيع فى الإشارات، ويؤثر على العمل ومصالح المواطنين، وعلى رأسها إزالة الإشغالات والباعة من التقاطعات وجوانب الشوارع والأرصفة، وإعادة الحركة المرورية لطبيعتها، مع نقل الباعة إلى أسواق مجمعة وتكون قريبة من المواطنين.

وأضاف «الشاهد» أن تعطيل حركة المرور فى الشوارع من قبل الباعة الجائلين هو سلوك مرفوض ويجب المحاسبة عليه ونعلم أن الباعة يحصدون قوتهم من تلك الفرشة فى الشارع ولكن هذا ليس مبرراً، فلابد من عدم الوقوف وتعطيل الطريق وزيادة التكدس المرورى الذى أصبح يسبب هوساً لسكان القاهرة الكبرى، خاصة فى مواسم الأعياد والزحام، الذى يتضرر منه أصحاب الحالات الخاصة، فهناك سيارات إسعاف ومطافئ تسير وأسر ومعها أطفال وغيرها من تلك الحالات، ولا بد من التنسيق بين الإدارات المحلية والمرور لحل مشكلة الباعة الجائلين وانتشارهم.

 

تقنين أوضاع

 

وعلى الجانب التشريعى طالب النائب محمد الفيومى، عضو مجلس النواب، بضرورة أن يكون هناك تقنين لأوضاع الباعة الجائلين فى محطات المترو والسكك الحديد، قائلاً: «أصبحت ظاهرة منتشرة بصورة كبيرة جداً، وسلوك غير حضارى فى ظل تطور عمل المنظومة»، يأتى ذلك بعد تأكيد رئيس هيئة السكك الحديد، بأنه سيتم توقيع عقوبة على البائع المتجول داخل القطارات بدون ترخيص تصل لـ10 آلاف جنيه والحبس.

وأشار عضو مجلس النواب فى بيانه، إلى أنه أصبح هناك مرور متكرر للباعة بين عربات المترو مع الوقوف المتكرر بين المحطات ويزداد عددهم فى مواسم الأعياد بشكل كبير يعوق المواطنين الذين يسافرون من القاهرة إلى بلدانهم وقراهم، ما يعرض حياتهم للخطر، بالإضافة إلى أنه هناك بعض

الأساليب غير الأخلاقية تحدث منهم بهدف لكسب الأموال من الركاب، موضحا أن هناك عدد كبير من الباعة والشحاذين يقومون باستقلال قطار المترو، بالإضافة إلى بعض الحالات التى تقوم بالمتاجرة بأطفالهم للقيام بعملية «الشحاتة».

وأكد أن هناك دورا كبيرا يقع على شرطة النقل والمواصلات والتى تسمح بمرور الباعة والشحاذين للوصول لعربات المترو، فى الوقت الذى يقف فيه أفراد شركة الأمن لمراقبة الحالة الأمنية ومنع التسلسل بين ماكينات المرور للركاب، وشدد البرلمانى، على ضرورة تدخل وزير النقل ورئيس شركة المترو للحد من تلك الظاهرة، والتى أصبحت تمثل خطرا على الركاب ومستقلى القطارات.

وأكد حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية، أنه من المفترض ان يكون هناك تخطيط فى المدن الجديدة لإنشاء أسواق حضارية, وان يتم تحديد 3% من مساحة اى مدينه جديدة للإقامة الأسواق , كما هو موجود فى الدول الأوروبية , فنحن لدينا ما يقرب من 5 ملايين بائع متجول , وهناك أسواق عشوائية مقامه تحت الكبارى وامام المدارس, وعلى الرغم من وجود القانون رقم 105 لسنه 2012 والذى ينظم عمل الباعه الجائلين ويعاقب المخالفين بالحبس والغرامات المالية, الا انه لم يفعل حتى الآن، هذا رغم وجود جهات عديدة مهمتها الاشراف على الباعة, ويرى ان الباعة الجائلين يحتاجون لتنظيم، وهذا غير موجود فى مصر، فالأسواق الحضارية موجودة فى عدة مناطق لكنها تخدم سكان منطقة محددة فقط , لذا يرفض الكثيرون الذهاب اليها لكونها بعيدة، لذا فالحل الوحيد هو إقامة سوق حضارى بعد 5 كيلو من كل شارع وبشكل منظم، وإقامة عدد من الباكيات بكل حديقة وبطرق منظمة , حتى لايترك الباعة أماكنهم ويعودوا للشارع مرة أخرى, فحجم متوسط بيع البائع الواحد يصل يتراوح من 50 الى 150 جنيهاً يومياً , لذا يجب على الدولة دمجهم فى الاقتصاد الرسمى, خاصة أن اسعارهم اقل من المحلات بنسبة 40% على الاقل , كما ان أكثر من 35 % منهم من خريجى جامعات الذين عجزوا عن ايجاد فرص عمل فى الجهاز الادارى للدولة والقطاع الخاص, كما ان بعض المصانع قامت بتخفيض العمالة لتوفير النفقات، فلم يعد أمام تلك الفئات سوى النزول إلى الشارع.

 

تجارب ناجحة

 

ونعرض نموذج لتطوير الأسواق الحضارية، وهى خطة ليست جديدة ولجأت الحكومة منذ سنوات لإقامتها فى جميع المحافظات للقضاء على ظاهرة الباعة الجائلين، بعد ان بلغ عددهم نحو 5 ملايين الف بائع متجول فى مصر طبقاً لاتحاد عمال مصر عام 2019، وبداية نقل الباعة الجائلين للأسواق الحضارية كانت فى عام 2014 الماضى , ووقتها قررت الحكومة البدء فى نقل الباعة الجائلين بعد الانتهاء من إنشاء الأسواق الحضارية لهم , وكانت البداية بنقل الباعة من منطقة وسط البلد وطلعت حرب إلى سوق الترجمان، حيث تم نقل 1700 بائع متجول، وبلغت تكلفه إنشاء هذا السوق وقتها نحو 10 ملايين جنيه، ويحتوى على 1000 باكية بمساحة تقدر بنحو 9 آلاف متر مربع، أما المرحلة الثانية من خطة الحكومة لنقل الباعة الجائلين فقد كانت فى بداية عام 2015، حيث تم نقل الباعة من منطقة رمسيس الى سوق احمد حلمى، الذى اقامته المحافظة بموقف احمد حلمى خلف محطة السكة الحديد، ويستوعب السوق نحو 565 بائعاً، وتصل مساحته إلى 3 آلاف متر مربع ويستوعب نحو 365 بائعاً, هذا السوق الذى نجح بمرور الوقت فى جذب العديد من الزبائن إليه لقربه من المصالح الحكومية ووسائل المواصلات, كما أقامت محافظة القاهرة سوق حلوان وتوشكى بمنطقة حلوان بتكلفة مالية 100 مليون جنيه , لنقل 3 آلاف بائع متجول كانوا يحتلون الشوارع المحيطة بمحطة مترو الأنفاق، مسببين اختناقاً مرورياً بتلك الشوارع، ولذلك تم تسكينهم بتلك الأسواق، حيث تبلغ مساحة سوق عين حلوان 5 آلاف متر، ويستوعب السوق 700 باكية, أما سوق توشكى فتبلغ مساحته نحو 1200 متر، ويضم نحو 800 باكية , وفى نهاية عام 2016 الماضى تم إنشاء أول سوق حضارى للباعة الجائلين بمنطقة الكونيسة بحى العمرانية بالجيزة , وتبلغ مساحته 140 متراً ويستوعب 61 باكية وبلغت تكلفته 3 ملايين جنيه بتمويل من صندوق تطوير العشوائيات، هذه التجارب الناجحة يجب أن يتم تعميمها للقضاء على ظاهرة الباعة الجائلين المنتشرين فى القاهرة ومدن المحافظات