رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العالم السرى لأطفال التسول

بوابة الوفد الإلكترونية

«سميرة»: أبيع الورد للإنفاق على شقيقتى بعد موت أبى وأمى

 

«محمد»: بيع المناديل خطر.. ومضطر لأجل «لقمة العيش»

 

النائبة رضوى إسماعيل: قريبًا.. مبادرة لتعليم أطفال الشوارع حزمة مهن مفيدة للمجتمع

 

لأنه شهر كريم، يتحول إلى موسم سنوى للمتسولين، فما أن تعلن دار الإفتاء عن ميلاد رمضان حتى تنتشر عاصفة من البشر فى الشوارع يطلبون «حاجة لله»، وهو ما يستجيب له كثير من المصريين فى رمضان أملًا فى الفوز بالثواب المضاعف فى الشهر الكريم.

طبقًا لآخر إحصائيات المركز القومى للبحوث الجنائية فإن عدد المتسولين فى مصر يتجاوز 40 ألفًا، منهم 4 آلاف فى محافظة القاهرة وحدها، أغلبهم من الأطفال وكبار السن، وقليل جدًا ممن هم فى سن الشباب.

وللتسول فى مصر عنوان كبير له ألف باب، أكثرها شيوعًا بيع المناديل فى الشوارع ووسائل المواصلات المختلفة، وأغلب محترفى هذا النوع من التسول يتجمعون فى إشارات المرور، ومنها ينطلق كل منهم إلى حال سبيله ليلتقط ما تيسر من إحسان الناس.

«الوفد» رصدت جانبًا من حياة أطفال التسول فى الميادين الرئيسية، وكانت البداية من ميدان العباسية، حيث يتجمع عدد من الصبية الصغار، كل منهم يحمل علبة مناديل ورقية، ويطارد ما يستطيع من سيارات، طمعًا فى أن يرق قلب أحد أصحاب السيارات، ويمنحه «حسنة» على حد قولهم!

«محمد» 13 عامًا - أحد هؤلاء الصغار، يسكن فى منزل والدته المتهالك بمنطقة شبرامنت التابعة لمركز «أبوالنمرس» بمحافظة الجيزة ويؤكد أن والدته منفصلة عنه ولديها ثلاثة أطفال من بينهم طفل لا يتعدى الـ7 سنوات وأخاه الأكبر يبلغ من العمر 15 عامًا يعمل صبى ميكانيكى بمنطقة الهرم، أما والدته فهى بائعة متجولة فى الأتوبيسات.

 

 

وببراءة كشف «محمد» عن مفاجأة مثيرة، مؤكدًا أن والدته تعمل بتكليف من «كبير الباعة» الذى يحدد لها مجال عملها، والمحطات التى تعمل فيها، مقابل 30 جنيهًا فى الوردية التى تبلغ 5 ساعات.

وأشار «محمد» إلى أن والدته هى من دفعته للانضمام لمجموعة من المتسولين فى إشارة المرور بعد انقطاعه عن الدراسة منذ الصغر.. وقال: «بيع المناديل فى الشوارع خطر، ولكن كله يهون من أجل لقمة العيش، مؤكدًا أنه يكسب من بيع المناديل فى اليوم الواحد 50 جنيهًا، ويصل المبلغ إلى ما يقارب 300 جنيه يوميًا بعد إضافة ما يحصل عليه من التسول!

وواصل: «التسول فى إشارات المرور له قواعد ومعلم ينظم الأفراد ويتولى توزيعها على الأرصفة ولا يستطيع أحد التعدى على مكان الآخر، ولو فعل ستتم مجازاته بالضرب من كبير المتسولين بمنطقة العباسية ويتقاضى كبير المتسولين 100 جنيه من كل طفل فى الوردية الواحدة التى تبلغ نحو 4 ساعات متواصلة».

وتابع: «الصافى الذى أحصل عليه يوميًا بعد دفع الإتاوة لكبير المتسولين يصل إلى 300 جنيه أو أكثر حسب مجهودى من استعطاف المارة وسائقى السيارات.

وعلى كورنيش النيل التقيت سميرة مجدى، 17 عامًا، بائعة الورد، تجوب شوارع القاهرة بحثًا عمن يمنحها المال مقابل «وردة» وتشكو مر الشكوى من تحرش الكثيرين بها وتقول: «كلمات كانت شخصية الطفل ضعيفة، كلما زادت حالات التحرش التى يتعرض لها كل ساعة».

 

 

وتضيف: «بعد أن توفى أبى وأمى وتركا لى أختى الصغيرة أمانة فى رقبتى، قررت أن أبحث عن عمل ولم أجد بسبب عدم حصولى على شهادة دراسية، ولم أجد سوى بيع أورد «للحبيبة وكبار السن»، فى إشارات المرور وعلى كورنيش النيل»، وتابعت: «بعد بيع كل ما لدى من ورد أم يدى للمارة طلبًا للمساعدة وتعرضت للكثير من حالات التحرش».

تبكى «سميرة» متذكرة أحد المواقف الصعبة التى عاشتها، وتقول: «فى إحدى المرات تجمع حولى عدد من الشباب، وحاولوا اغتصابى، ولكنى صرخت بأعلى صوت فتركونى وفروا هاربين، خوفًا من وصول صوتى إلى رجال الشرطة التى تقف بجوار الحديقة». وأضافت: «حدث هذا قبل سنوات ولكنى اليوم أستطيع الدفاع عن نفسى، حالة من الرعب والخوف تصيبنى عندما أصل إلى إشارة المرور بمنطقة الدقى والمهندسين والهرم هكذا بدأت مروة عبدالحميد، 37 عامًا من سكان محافظة الجيزة حديثها مؤكدة أن هذه الحالة تتكرر معها كثيرًا عند مرورها بالسيارة من إشارات المرور.

وتقول إنها توقفت بالسيارة فى إشارة المرور أثناء العودة من المدرسة وفوجئت أنا وابنتى بثلاثة أطفال أحدهم يحمل علب مناديل والثانى منظفًا لزجاج السيارة والثالث يحمل علب شيكولاتة واقتربوا من السيارة وكأنهم مدربون على ما يفعلونه، وأمام هذا المشهد صرخت طفلتى رعبًا من هجوم المتسولين على السيارة مما دفعنى إلى إبعادهم بعد أن بدأوا يمارسون حركات التسول والاستعطاف ورش المياه على زجاج السيارة الأمامى بكميات كبيرة تعيق الرؤية ولم أستطع فتح زجاج السيارة خوفًا من أن يمد أحدهم يده داخل السيارة ليأخذ أى شىء منها، خاصة أن جارتى

«إيمان عبدالوهاب» تعرضت لسرقة محتويات سيارتها بهذه الطريقة ولم تجد من ينقذها من المتسولين فى إشارات المرور!

وقال إبراهيم عيسى، 35 عامًا، مدرس بالإدارة التعليمية بمحافظة الجيزة: فى ظل غياب الرقابة داخل وسائل المواصلات المختلفة تنتشر ظاهرة تسول الأطفال وممارسة التسول خاصة فى المواصلات العامة ومترو الأنفاق، إضافة إلى باعة جائلين يبيعون حلوى ومنتجات مجهولة المصدر وآيات قرآنية وأدوات تجميل، فإذا لم يجدوا مشترين، يتحولون من بائعة إلى متسولين ويشكون من صعوبات الحياة!

من جانبها أكدت النائب رضوى إسماعيل، عضو لجنة التضامن بمجلس النواب أن اللجنة تعد دراسة حديثة حول أطفال الشوارع المنتشرة لمنع استغلال الأطفال فى ظاهرة التسول وتعليمهم حرفًا مختلفة للتمكين من احتراف أعمال مشروعة يحتاجها المجتمع، وسيتم طرح هذا الأمر فى شكل مبادرة تعمم على جميع المحافظات فى الشهور القادمة.

وأشادت النائبة بتجربة محافظة الإسماعيلية فى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، حيث قامت بتجميعهم وضمهم إلى دار رعاية تابعة لوزارة التضامن ودمجهم مع المجتمع، وقالت: للأسف بعض أطفال الشوارع رفضوا البقاء فى دار الرعاية وهربوا منها إلى الشوارع من جديد.

وتابعت: إن القانون المصرى يجرم جميع أنواع استغلال الإصابات والعاهات المصاب بها الفرد فى التسول، وكشفت عضو لجنة التضامن بمجلس النواب عن أن اللجنة نظمت العديد من الجولات الميدانية بالتنسيق مع وزارة الداخلية للتصدى للخارجين عن القانون فى استغلال الأطفال وإجبارهم على التسول، مؤكدة أن الحملات مستمرة لتعميمها على ربوع الجمهورية للقضاء على ظاهرة التسول للأبد.

وتوضح هنادى عبدالوهاب، مستشارة قانونية أن المتسول هو كل من يحصل على مقابل مادى دون وجه حق نظير خدمة يصطنعها وأن «الركّين» و«السايس» من ضمن أشكال وصور التسول المتعددة، وأن القانون المصرى لم يترك مثل تلك الأفعال إلا ووضع له عقوبة، نظرًا لما يتركه من آثار سلبية وأضرار للمجتمع والمواطنين، وهناك من يقوم بسرقة الأطفال والاعتداء عليهم لإحداث عاهات بجسدهم لاستخدامهم فى التسول وسرقة محتويات السيارات فى إشارات المرور والمواصلات العامة واستعطاف المواطنين لحصولهم على الأموال دون جهد أو خدمة مقدمة.

واستشهدت بالقانون 49 لسنة 1933، الذى نصت المادة 1 من أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز شهرين كل شخص صحيح البنية ذكرًا كان أم أنثى يبلغ عمره 15 عامًا أو أكثر وجد متسولًا فى الطريق العام أو المحال، ونصت مادة 2 «يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا كل شخص غير صحيح البنية وجد فى الظروف المبينة بالمادة السابقة متسولًا فى مدينة أو قرية لها ملاجئ وكان التحاقه بها ممكنا» ونصت مادة 3 «يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر كل متسول فى الظروف المبينة بالمادة الأولى يتضح الإصابة بجروح أو عاهات أو يستعمل أى وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور، قائلة: «كل من استخدم صغيرًا فى هذه السن أو سلمه لآخر بغرض التسول وإذا كان المتهم وليًا أو وصيًا على الصغير أو مكلفًا بملاحظته تكون العقوبة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، وفى حالة العودة تكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون الحبس مدة لا تجاوز سنة».