عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية «دير السلطان» فى القدس التابع للكنسية المصرية

بوابة الوفد الإلكترونية

كاهن كنيسة مار جرجس: إسرائيل سلّمت الدير للأحباش نتيجة لموقفنا الوطنى الداعم للقضية الفلسطينية
 

 السفير على الحفني: الإثيوبيون لا يفصلون بين النزعتين الدينية والسياسية.. وقضية «دير السلطان» خير دليل

 

السفير رخا أحمد: «دير السلطان» لا يخص الأحباش.. والكنيسة المصرية قدمت وثائق تؤكد ملكيتها للدير

 

قضية «دير السلطان» بالقدس جذورها ممتدة لمئات السنين، حاول خلالها الإثيوبيون فى كل مرة إثبات أحقية ليست لهم بالحقيقة فى الدير، وحجتهم كانت دائما ضعيفة، لذلك تكررت محاولاتهم الفاشلة لاقتحام الدير بالقوة، أو بمساعدة قوات الاحتلال الإسرائيلى.

بينما تؤكد وثائق ومستندات الكنيسة المصرية ملكيتها للدير، وتنفى أى حقوق للغير فى الدير، لا الأحباش، ولا أحد غيرهم.

القصة وما فيها

نبدأ من عند أحدث المشاهد، وتاريخه يوم الخميس الماضى 29 إبريل الماضى، وفيه اقتحم عدد من الرهبان الأحباش التابعين لأثيوبيا، دير السلطان المملوك للكنيسة المصرية للأقباط الأرثوذكس، وقاموا بنصب خيمة فى ساحة الدير ومحاولتهم رفع العلم الإثيوبى على الخيمة، بحجة الاحتفال بعيد القيامة.

الأمر الذى أثار غضب الرهبان المصريين فى الدير، وحينما حاولوا إزالة الخيمة وإنزال العلم الإثيوبى، رد الأحباش عليهم بعنف، وهو ما دعا الأنبا أنطونيوس مطران الكرسى الأورشليمى وسائر الشرق الأدنى، إلى تنظيم وقفة احتجاجية احتجاجا على هجوم الرهبان الإثيوبيين.

بيان الكنيسة

وكانت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية قد أصدرت بيانا فى وقتٍ سابق، أكدت فيه أن دير السلطان هو أحد أديرة الكنيسة القبطية خارج مصر، ومبانى الدير ومشتملاته ومكوناته تدل على هويته القبطية شأنه شأن جميع الأديرة القبطية وهو جزء من ممتلكات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى الأراضى المقدسة فهو مجاور لبطريركية الأقباط الأرثوذكس والكلية الأنطونية وباقى الممتلكات بالمنطقة ولم تنقطع الرهبنة القبطية فى الأراضى المقدسة ولم يخلُ الدير إطلاقًا يومًا من الأيام من الرهبان الأقباط المصريين حتى الآن.

وتابع البيان «بالرغم من المحاولات المتكررة للاستيلاء على الدير لمئات السنين استطاعت الكنيسة القبطية الاحتفاظ بالدير وفى كل مرة كان يصدر الحكم فى صالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باستلام الدير بكل مشتملاته حتى المرة الأخيرة فى اعتداء 25 إبريل 1970 حكمت محكمة العدل العليا الإسرائيلية بتاريخ 16 مارس 1971 لصالح الكنيسة القبطية لما لديها من مستندات تثبت ملكيتها».

تاريخ الدير وأهميته

يرجع دير السلطان فى القدس إلى عهد السلطان عبدالملك بن مروان الذى وهبه للأقباط ولذا سُمى بـ«دير السلطان»، وقد تم التأكيد على ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لدير السلطان صلاح الدين الأيوبى فى القرن الثانى عشر.

ويحظى الدير بأهمية بالغة لدى الأقباط عموما والأرثوذكس خصوصًا، لأسباب عدة أبرزها أن ساحة الدير تقع فوق كنيسة القديسة هيلانة، وفى الزاوية الجنوبية الغربية منها تقع كنيستان تاريخيتان، الأربعة كائنات الروحية غير المتجسدة، والملاك ميخائيل، والكنائس الأربع تعد الطريق للوصول إلى كنيسة القيامة الشهيرة، مقر قبر المسيح عليه السلام.

كما أن للدير مكانة خاصة عند المسيحيين الأقباط، لأنه يعد بمثابة طريقهم المباشر للوصول من دير مار أنطونيوس، مقر البطريركية المصرية، والذى يؤدى أيضا إلى كنيسة القيامة، لذلك تدافع عنه الكنيسة المصرية بحق من خلال تقديمها المستندات والوثائق التى تؤكد تبعية الدير للكنيسة المصرية.

محاولات الأحباش للسيطرة على الدير

فى النصف الأخير من القرن السابع عشر التجأ الأحباش للكنيسة القبطية ليجدوا لهم مأوى مؤقتا للإقامة لديهم إلى أن تحل مشكلتهم ويعودوا إلى أماكنهم التى انتقلت عام 1645 إلى كنيستى الروم والأرمن؛ بسبب عدم قدرة الكنيسة الإثيوبية على دفع الضرائب، فاستضافت الكنيسة القبطية الرهبان الأحباش كضيوف فى بعض غرف دير السلطان بصفة مؤقتة.

وبتاريخ 17/10/1820، قامت الكنيسة القبطية بأعمال ترميم للدير، ما استدعى إخلاء الدير من كل قاطنيه (للأقباط والأحباش) وسمح للأحباش بالعودة للإقامة كضيوف بالدير فى عام 1840، ومن حينها قام الرهبان الأحباش بمحاولات متكررة للاستيلاء على الدير.

ففى نوفمبر 1850 حاول الأحباش الاستيلاء على مفتاح الدير، لكنه أعيد للأقباط بوثيقة رسمية من قبل الدولة العثمانية، ليكرروا الموقف عام 1860 ويعود المفتاح مجددا بوثيقة رسمية فى 1863 أيضا فى عهد الدولة العثمانية.

أما فى عام 1888، قام الأقباط بتجديدات فى إحدى كنائس الدير، وعلى إثره قام الأحباش بمحاولة منع الأقباط من الإصلاحات فقام الأقباط برفع دعوى لوزارة العدل العثمانية فى الأستانة عام 1891 وكان قرار السلطان العثمانى بتاريخ 1894 بأحقية الأقباط فى دير السلطان وإلزام الأحباش بعدم التعرض.

وبتاريخ 1906 طلب الرهبان الأحباش القيام بترميم الدير كخطوة أولية فى محاولة الاستيلاء عليه، ولذلك اسرعت الكنيسة القبطية بتقديم طلب للقيام بالترميم، مؤكدة بذلك أحقيتها كأصحاب الشأن والتصرف فى دير السلطان.

وبحلول عام 1945 فى فترة الانتداب البريطانى قام الأحباش بطلاء إحدى الغرف فأرسل محافظ القدس خطابا يؤكد أن ذلك العمل لا يمكن اعتباره فى المستقبل قرينة تؤيد حقا لهم فى دير السلطان، ووجه صورة هذا الخطاب لمطران الأقباط آنذاك.

- فى فبراير 1959م قام الأحباش بتضليل المتصرف الأردنى بالقدس وأقنعوه بأحقيتهم فى دير السلطان ومن ثم قامت الحكومة الأردنية بتسليم دير السلطان للأحباش بالقوة الجبرية فى 1961 ما اضطر البطريرك كيرلس السادس لإرسال وفد من المطارنة لمقابلة ملك الأردن وعرض الأمر عليه مدعوما بالمستندات والوثائق التى تثبت ملكية الكنيسة القبطية للدير، فأصدر الملك قرارا بوقف القرار السابق وتشكيل لجنة لدراسة المستندات، وأكدت بعدها أحقية الأقباط فى ملكية.

فى يوم 25/4/1970 وأثناء إقامة قداس عيد القيامة بكنيسة القيامة أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات عسكرية قامت بتمكين الرهبان الأحباش من دير السلطان بتغيير الكوالين وسلموا المفاتيح الجديدة للإثيوبيين، وعندما علم الرهبان الأقباط بهذا هرعوا إلى دير السلطان لاستعادة ممتلكاتهم، ولكن القوات الإسرائيلية منعت بالقوة دخول مطران الأقباط وكل من معه إلى دير السلطان.

رد كاهن كنيسة مار جرجس

وأكد القس بولا فؤاد رياض، كاهن كنيسة مارجرجس بالمطرية، تبعية دير السلطان بالقدس للكنيسة المصرية، لافتا إلى أنه حينما طردت الحكومة المحلية الأحباش من اديرتهم وكنائسهم منذ ثلاثة قرون لعجزهم عن دفع الضرائب استضافت الكنيسة القبطية بالقدس «الرهبان الأحباش» كضيوف فى دير السلطان بصفه مؤقتة.

وأضاف القس بولا فى تصريح خاص لـ«الوفد»، أن دير السلطان دير اثرى للأقباط محل نزاع عبر العصور، ولكن خلال القرون الثلاثة الماضية حاول الأحباش محاولات عديدة للاستيلاء على الدير وإخراج الأقباط منه.

وتابع «تبرع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بمبلغ 5 الاف جنيه لدير السلطان، مساهمة من الحكومة المصرية فى حركة الإعمار للدير فى ذلك الوقت، وفى يونيو 1967 ونتيجة للموقف الوطنى الذى وقفه مطران الكنيسة القبطية الأرثوذكسية نيافة الانبا باسيليوس الذى لم يجامل اليهود وقت ذاك فى دخولهم للقدس قام اليهود باغتصاب دير السلطان وسلموه للاحباش».

وواصل «المحكمة العليا الإسرائيلية قد أصدرت حكمها فى صالحنا وأمرت بإرجاع دير السلطان إلى الكنيسة القبطية، ولكن للأسف سلطات الاحتلال لم تنفذ القرار، فهذا الدير يمثل أهمية قصوى للأقباط باعتباره الممر الطبيعى الموصل بين البطريركية القبطية وكنيسة القيامة، ويقع على سطح مغارة الصليب وهى إحدى كنائس القيامة نفسها».

وفى الختام، تساءل القس بولا فؤاد، عن سبب تجدد مناوشات الرهبان الأحباش مع الرهبان المصريين حول قضية «دير السلطان»، خاصة مع أزمة «سد النهضة» الحالية؟!

دبلوماسيون يعلقون

من جانبه، قال السفير على الحفنى، نائب وزير الخارجية الأسبق، إن قضية دير السلطان تشبه «الترمومتر» فإذا كانت العلاقات بين مصر وإثيوبيا طيبة هدأت الأمور فى الدير، أما إذا كانت عكس ذلك استغل الرهبان الأحباش الخلاف ليثيروا المشاكل مجددا داخل الدير.

وأضاف الحفنى، فى تصريح خاص لـ«الوفد»، أن الكنيسة الإثيوبية ظلت قرابة الـ13 قرنا واقعة تحت تبعية الكنيسة القبطية المصرية، مؤكدا أن الكنيسة المصرية وهى الأم ظلت طوال هذه الفترة تُقدم الدعم بحكم أنها أقدم الكنائس فى القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.

وأكد نائب وزير الخارجية الأسبق، أن الكنيسة الإثيوبية لم تساعد على تهدئة الأمر أو التقارب؛ لأنها لا تفصل بين النزعة الدينية عن السياسية، مشيرا إلى أن الإثيوبيين لا يفرقون بين السياسة والدين، وللأسف هذه هى سياسة الأحباش على مرّ التاريخ.

وتابع: «الإثيوبيون على مرّ التاريخ لديهم نزعة لفرد السيطرة وبسط النفوذ والهيمنة على المستوى الإقليمى وظهر هذا فى أكثر من حالة، فهم يريدون أن يكونوا قوة إقليمية على حساب مصر، وهذا لن يحدث، ومشهد محاولة رفع علم إثيوبيا على دير السلطان يؤكد صحة كلامى فى حبهم للسيطرة وبسط النفوذ، ولكن سنضع الأمور فى نصابها الصحيح قريبا».

واختتم الحفنى حديثه، بأن الكنيسة المصرية بثقلها التاريخى تتعامل مع الكنيسة الإثيوبية سواء فى أديس أبابا أو القدس من منطق الأخ الأكبر إلا فى حدود معينة، لذلك تجد الكنيسة القبطية المصرية تتعامل بهدوء وحكمة مع التصرفات الصبيانية للرهبان الأحباش فى القدس.

وزير الخارجية الأسبق: سلطات الاحتلال تُحرض

وفى ذات السياق، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن دير السلطان بالقدس يتبع الكنيسة المصرية على مرّ التاريخ، ولكن سلطات الاحتلال منذ عام 1968 سلّمت الدير للرهبان الأحباش وتركت لمصر مساحة صغيرة للغاية داخل كنيسة القيامة.

وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، فى تصريح خاص لـ«الوفد»، أنه منذ عام 1968 والكنيسة المصرية تُطالب بعودة دير السطان كاملًا، وبالتالى سلطات الاحتلال الإسرائيلى هى الأساس فى هذا الخلاف، لافتا إلى أن الدير يتبع الطائفة الأرثوذكسية التابعة للكنيسة المصرية.

وأشار إلى أن الكنيستين الإثيوبية واليونانية كانتا تابعتين للكنيسة المصرية وبعد فترة حدث انفصال، مؤكدًا أنه لا يجوز رفع العَلم فى مكان دينى كما فعل الأحباش فى دير السلطان، وبالتالى لم يرفع المصريون علم دولتهم على المساحة الصغيرة المتروكة لهم فى كنيسة القيامة، بالإضافة إلى أن دير السلطان لا يخص الأحباش على الإطلاق.

وواصل «حينما احتلت إسرائيل القدس الشرقية سلّمت القساوسة الأحباش الدير، والأحباش حولوا القضية إلى طابع سياسى وليس دينيا، وهذه عادتهم على مرّ التاريخ».

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر قدمت الوثائق والمستندات التى تؤكد تبعية دير السلطان للكنيسة المصرية، لافتا إلى أن هذه القضية قديمة ولكن مازالت قائمة حتى يومنا هذا؛ بسبب استقواء الإثيوبيين بقوات الاحتلال الإسرائيلى.