عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"الجينيوم".. فيه شفاء للناس

2 مليار جنيه تكلفة المشروع... ومتخصصون: يخفض تكلفة الرعاية الطبية ويساعد فى علاج الأمراض المستعصية

 منذ عقود طويلة، ومعركة فكرية مشتعلة وسط المثقفين حول تحديد هوية المصريين .. هل نحن فراعنة أم عرب .. أفارقة أم  شرق اوسطيين ، أم أوربيون ام خليط من كل هذا ؟.. القول الفصل فى هذه المعركة يحسمها مشروع علمى ضخم ، يمثل طفرة هائلة فى المنظومة الصحية  المصرية.

بداية المشروع كانت فى مارس الماضي، حينما اعطى الرئيس السيسى اشارة البدء فى مشروع الجينيوم المصري، والذى يعد أحد أهم وأكبر المشروعات التى تسعى الدولة المصرية لتنفيذها خلال السنوات القادمة، حسبما وصفه خبراء ومتخصصون..

يستهدف المشروع إنشاء قاعدة بيانات رقمية لتسلسل الحمض النووى للمصريين، يتم تجميعها بواسطة العلماء لتحديد صفات عامة للإثنيات والعرقيات التى ينتمى إليها الشعب المصري.

وكان فيروس كورونا دافعًا لدراسة «الجينيوم» لمعرفة الاختلافات الوراثية بين المصريين، بعدما تبين أن هناك اختلافات بين المصابين بكورونا فكل شخص يكون له علاج مختلف.

ويشارك فى المشروع عدد من الجهات العلمية والتنفيذية المصرية، وأكثر من 15 جامعة ومركز بحثى ومؤسسة مجتمع مدني، وينتهى تنفيذ المشروع أواخر 2025، بتكلفة مبدئية تصل إلى 2 مليار جنيه.

وحسبما وصف متخصصون، فإن «الجينيوم» يعد العمود الفقرى لأى منظومة صحية، لأنه يساهم فى خفض تكلفة الرعاية الطبية، ورسم خطط صحية وقائية، مشيرين إلى أنه الأبحاث منذ نهاية السبعينيات اكتشفت أهمية علاقة الحمض النووى المعروف بـ DNA بالأمراض، وبالتالى فإن العلاج الحقيقى للأمراض لن يكون إلا بمعرفة الخلل الجينى المسؤول عنها ومن ثم يتم علاجه.

وأكد دكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى أن المشروع يواكب التقدم الكبير فى مجال الطب الشخصى والذى يُقسم الناس إلى مجموعات مختلفة تساعد على تحسين القرارات والتدخلات الطبية، وكذلك المنتجات العلاجية المصممة خصيصًا للمريض استنادًا إلى الاستجابة المتوقعة أو خطر الإصابة بالمرض.

 نوه «عبدالغفار» إلى أن العديد من الجهات البحثية قدمت مقترحات بحثية للمشاركة فى هذا المشروع الضخم، مثل جامعة القاهرة والمركز القومى للبحوث وجامعة عين شمس وجامعة الإسكندرية، وجامعة المنصورة، وجامعة طنطا، وجامعة النيل، والجامعة الأمريكية، والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا ومركز القلب بأسوان ومركز الطب التجديدى والخلايا الجذعية، ونوه إلى أنه تم تشكيل لجنة من خبراء دوليين لدراسة وتقييم المقترحات المقدمة.

أكد د. محمد سلامة، المدير السابق لمركز البحوث الطبية التجريبية لدى جامعة المنصورة، وأحد أهم المشاركين فى المشروع، أن التركيب الوراثى أفضل طريق للعلاج ، مشيراً إلى أن مشروع الجينيوم البشرى للمصريين يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصرى تضمن تحديد المؤثرات الجينية فى تأثير الأدوية وعلاج الأمراض المختلفة وتحديد العوامل الجينية المؤثرة فى الاستجابة لأسباب الأوبئة المختلفة.

ونوه إلى أنه المشروع سيكون جزءا من المنظومة الصحية لدراسة الأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والأورام والأمراض الوراثية، كما أنه وسيلة لاكتشاف الخصائص الوراثية للأمراض فى مصر، فكل الأمراض بداية علاجها سيكون من خلال الخريطة الجينية المصرية وهناك تحاليل قبل الزواج للتعرف على أن المولود سيصاب بأى مرض.

وأوضح أن المشروع يستهدف أيضاً دراسة الجينوم المرجعى للقدماء المصريين والجينات المتعلقة ببعض الأمراض الشائعة فى مصر، لافتاً إلى أن المشروع نتاج عن التعاون بين الباحثين المصريين والخبراء العالميين من أصل مصري.

وأكد أن المشروع سيشجع العديد من العلماء والمتخصصين على العودة الى أرض الوطن لتحقيق الاستفادة من خبراتهم المكتسبة من العمل بالجامعات العالمية بالخارج ، فضلا عن إعطاء الفرصة للعلماء المصريين

فى الخارج للمساهمة فى بناء مصر وتنميتها العلمية والتكنولوجية وربطهم بوطنهم.

ولفت إلى أن المشروع كان بمبادرة من فريق بحثى مشترك بين جامعة المنصورة وجامعة لوبك بألمانيا لدراسة التركيبة الجينية للمصريين، واعتمدت الدراسة على تحليل عينات من الحمض النووى من 110 أفراد من أصول مصرية باستخدام تقنيات متطورة. وبفحص البيانات ومقارنتها بنظائرها الأفريقية والأوروبية، تمكن القائمون على هذه الدراسة من اثبات أن المصريين يتمتعون بما قد يطلق عليه «الجين المصرى الفريد» و تعد هذه الدراسة، الأولى من نوعها، فهى اول دراسة عن التركيب الجينى للمصريين والدراسة خطوة هامة نحو مزيد من الأبحاث التى قد توفر لنا فى المستقبل إلماما دقيقا بالطفرات الجينية الخاصة بالمصريين وعلاقتها بنشوء وانتشار الأمراض.

وكان  خبراء من جامعة المنصورة وجامعة لوبك، قد أجروا دراسة على 110 مصريين من محتلف المحافظات ، وتبين من خلال نتائج الدراسة أن المصريين لهم شفرة وراثية خاصة بهم متشابهة فيما بينهم بنسبة كبيرة جداً .. وهى مختلفة عن بقية الشعوب بحوالى 26000 وحدة وراثية، واتضح أن المصريين متأثرون بالمكونات الجينية السائدة فى الشرق الأوسط بنسبة 27% وبعدها الأوروبية بنسبة 24% وشمال افريقية بنسبة 15% والشرق افريقية بنسبة 9% .

الجدير بالذكر أن دراسة الخريطة الجينية أصبحت أداة طبية هامة لفهم طبيعة الطفرات وارتباطها بالصحة العامة للمجموعات السكانية المختلفة حول العالم. وعلي الرغم من الجهود المبذولة فى هذا المجال، لا تزال الأبحاث معتمدة بشكل كبير على الخرائط الوراثية لأفراد من أصول أوروبي.

وحسبما أكد الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى ، أن هذا البرنامج سوف يكون له العديد من العوائد، فهو يعد مرجعا علميا هائلا خاصةً  كثيرا من الأمراض التى تواجه الإنسان سببها تغير فى الجينات بشكل ما عن الطبيعى .. ليس فقط الأمراض المزمنة لكن ايضاً الأوبئة وتأثيرات الأدوية واللقاحات وحاجات كثيرة متعلقة بصحة الإنسان بتتغير بتغير الجينات .. فبدون وجود جين مرجعى للمصريين يتم مقارنتهم بالبيانات الموجودة عن الجينات لباقى الشعوب زى الشعوب الأوروبية مثلاً .

وأشار إلى أن وضع خريطة جينية للأمراض فى مصر يساهم فى وضع عادات غذائية وصحية للوقاية من الأمراض وهو ما سوف ينعكس على تكلفة وجودة الرعاية الصحية، كما يفتح الباب إلى تطبيق العلاج الجينى فى الأمراض المستعصية داخل مصر.