رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"المستريح": "نصاب" يسرق "طماع"!!

بوابة الوفد الإلكترونية

«مستريح» الصعيد يستولى على 20 مليون جنيه.. وسيدة تجمع 8 ملايين جنيه من ضحاياها

«الزينى» فقد 250 ألف جنيه بسبب الطمع.. ولاعب كرة شهير يخسر 800 ألف جنيه

حسن عادل دفع فلوسه لشخص لأنه «إمام» المصلين

رشاد عبده: الأموال المشبوهة السبب وراء انتشار الظاهرة

«المستريح» اسم ظهر حديثاً للنصابين، وذلك بعد إلقاء القبض على شخص يحمل هذا الاسم منذ سنوات فى الصعيد، ومن بعدها أصبح لقب «المستريح» يطلق على كل نصاب يقوم باستغلال أحلام البسطاء وسرقة أموالهم.

وخلال السنوات القليلة الماضية انتشرت ظاهرة المستريح فى معظم محافظات مصر، واستغل هؤلاء رغبة الكثيرين فى الربح السريع، وأوهموهم بتحقيق أرباح كبيرة فى فترة زمنية قصيرة، معيدين مسلسل «الريان» وشركات توظيف الأموال إلى الأذهان مرة اخرى، وزاد من انتشار الظاهرة انخفاض أرباح البنوك، مما أسهم فى خداع الآلاف ولجوئهم للمستريحين الذين استولوا على «تحويشة العمر» بحجة استثمار الاموال

وفى البداية، يحرص النصاب على أن يدفع نسب الأرباح المتفق عليها لعدة شهور لينال ثقة الأهالى، الذين يقومون بإغراء آخرين من أهلهم وأقاربهم باستثمار أموالهم طمعاً فى المكسب، وبعدها يجد الضحية نفسه أمام نصاب يتهرب من سداد الأرباح المتفق عليها، بل يهرب بأصول المبالغ نفسها.

وكان أول «مستريح» قد ظهر فى الصعيد، وتمكنت وزارة الداخلية من خلال قطاع الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة من القبض عليه، وهو رجل الأعمال أحمد مصطفى الشهير بـ«أحمد المستريح»، وقررت النيابة العامة ضبطه وإحضاره بتهمة النصب على عدد من المواطنين، بعدما ادعى توظيفه للأموال، وتم إحالته لنيابة الشؤون المالية والإدارية للتحقيق معه، بعدما اتهم بالنصب على المواطنين واستولى على 30 مليون جنيه.

وفى العام الماضى شهدت محافظة دمياط ظهور مستريح جديد استولى على مبالغ مالية كبيرة بلغ التقدير المبدئى لها 20 مليون جنيه، بغرض توظيفها فى استيراد وتصدير الفاكهة، وترجع تفاصل الواقعة إلى تقدم عدد من المواطنين بعدة بلاغات إلى مباحث الأموال العامة ضد «ع. ل» تاجر فاكهة، تم قيدها تحت أرقام 4951/4952 جنح دمياط الجديدة، تتهمه بخيانة الأمانة والنصب، وقيامة بالاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة بغرض الاتجار مقابل ربح، ولكنه فر هاربا ولايعلم احد مكان تواجده، وقدم عدد من المتضررين شكوى إلى المحامى العام لنيابات دمياط يطالبون بسرعة التحقيق فى الواقعة، وضبط المتهم المذكور ومنعه من مغادرة البلاد، ولكن حكم المحكمة كان محزناً للضحايا أكثر، وهو حبس المتهم 3 سنوات مع الشغل، وغرامة 100 ألف جنيه فقط، ووضعه تحت الرقابة المشددة لمدة عامين، مع إلزامه بالمصاريف الجنائية وهو ما يضعهم فى تساؤل كيف يستردون أموالهم المنهوبة.

19 جريمة ادرجها القانون تحت مسمى «غسل الأموال» تركزت أنشطتها فى شراء الشركات، أو العمل فى مجال المقاولات والعقارات، وتشير الأرقام إلى وصول غسيل الأموال فى قطاعات السيارات والعقارات إلى 3 مليارات جنيه، بحسب ضبطيات الجهات الرقابية التى نشرت خلال 2020، هو ما يؤكد ضرورة قيام صانعى السياسات بتحديد ماهية العوامل الرئيسية التى تدفع المواطنين للعمل بأسلوب غير رسمى تحت مسميات كالاقتصاد السرى او الخفى، وفشل دمجه حتى الان مع الاقتصاد الرسمى، أو تدفعهم إلى الاقتصاد الأسود «الإجرامى» لغسيل الأموال.

ويرى بعض الخبراء والمختصين أن «الشمول المالى» الذى تنتهجه الدولة المصرية قد يكون طوق النجاه للقضاء على اقتصاد الظل، ومن ثم القضاء على تلك النوعية من الممارسات الاقتصادية التى تدمر كيان أى دولة اقتصادياً.

وضحايا النصب والاحتيال لكل منهم قصة تختلف عن الآخر وكيف تم خداعه، وكيف دفعه طمعه إلى البحث عن الربح السريع دون مجهود أو تعب.

أحمد الزينى والذى تعرض للنصب على يد مستريحة بولاق قبل عده سنوات، أكد أنه انخدع بحال صديقه الذى تغير سريعاً، حيث فوجئ بأن صديقه اشترى شقة تمليك وسيارة حديثة وما إن سأله عن السبب فأخبره بأنه وضع تحويشة العمر مع إحدى السيدات التى تعمل بإحدى شركات الأدوية، وتقوم بشراء اسهم فى الشركة، وتتقاسم الارباح مع المشاركين حتى سارع بدفع مبلغ 100 الف جنيه، وبدأ يحصل على أرباح لمدة ستة أشهر، وكانت الأرباح خيالية فى البداية، وهو ما دفعه إلى استقدام آخرين من أصدقائه وأقاربه بدافع مساعدة أصدقائه، وظلت دائرة المعارف تتسع فمنها اطباء ولاعب كرة مشهور وجميعهم سعداء بالارباح التى يتقاضونها كل ثلاثة أشهر، حتى جاء اليوم الموعود فقبل ميعاد دفع الارباح لم يجدوا السيدة المحتالة وما إن بدأ البحث عنها حتى عثروا عليها بشقة ابنتها الكبرى، لتخبرهم بأنها عاجزة عن دفع الأرباح أو استرجاع أموالهم مرة أخرى.

ويكمل «الزينى» انه فوجئ برد السيدة التى صرحت لهم بأنها كانت تأخد الاموال وتعطيها لشخص يدعى انه يعمل بشركة الادوية، وانها تحاول الوصول اليه منذ أيام ولا تستطيع، وكأنه «فص ملح وداب» وأوضح «الزينى» أنه تم تقديمها للمحاكمة بعد ان اقر جميع الشهود والضحايا انها كانت تحصل على الاموال، ولكن الشخص الآخر النصاب أنكر معرفته بها، ورغم ذلك لم تعد لنا أموالنا حتى الآن.

وأشار «الزينى» إلى أنه فقد ما يقرب من 250 الف جنيه وصديقه لاعب الكرة خسر 800 ألف جنيه أيضاً، ووصل المبلغ الكلى الذى حصلت عليه السيدة من ضحاياها لنحو 8 ملايين جنيه.

أما حكاية حسن عادل والذى تعرض للنصب بطريقة لم يكن يتوقعها، حسب وصفه، فهى حكاية عجيبة يرويها قائلاً: «فى أحد الأيام عرض على أحد الأصدقاء مشاركة واحد من معارفه المشهود له بالنزاهة والانضباط، حيث انه يقوم بدور إمام المصلين فى المسجد يومياً، وعرض عليه فكرة مشروع مربح وهو استيراد أجهزة موبايلات من الخارج، وبيعها فى الأسواق المحلية، وأنه لديه بطاقة استيراد تتيح له استقبال الأجهزة من الخارج، وما إن سلمه مبلغ 500 ألف جنيه، حتى جاء اليوم الموعود واكتشف ان ذلك الشخص مهرب وتمت مصادرة الأجهزة المستوردة فى أحد المطارات، وفوجئ حسن عادل بالرجل يبلغه انه يحتاج إلى ضعف المبلغ للافراج عن الهواتف.

ويكمل حسن ان النصاب استغل عدم معرفتى بقواعد الاستيراد واوهمنى ان تلك الهواتف جديده، ولكننى فوجئت بعد ذلك انها مستعملة، وان

مبلغ الافراج عن البضاعة من بنات أفكاره للحصول على المزيد من الأموال.

 

وهم فى وهم

الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية صرح فى أحد اللقاءات التليفزيونية عن ظاهرة المستريح، قائلاً: ان بعض ضعاف النفوس يستغلون البسطاء وغيرهم تحت مبررات كثيرة جدًا ودعوات تنمية المال وتكثيره، وان المستريح يقدم جملة من الإغراءات الوهمية التى لا تقوم على واقع أو حقيقة أو دراسة»، مردفًا: «وهم فى وهم» وأوضح مفتى الديار المصرية أن «المستريح يعمل على سرقة ما فى جيوب الناس بحجة زيادتها»، والناس لم تتعلم الدرس جيداً، مشيراً إلى أن ظاهرة المستريح كُتب عنها كثيرًا وتم القبض على عدد كبير منهم وهرب البعض الآخر للخارج».

ولفت إلى أن «الإسلام قصد المحافظة على الدين والنفس والمال والعقل والنسل»، موضحًا أن «استثمار الأموال يجب أن يكون من خلال منظومة الدولة». وان الأخلاق جزء من أحكام المعاملات، فالمعاملات مغلفة بالأخلاق والأخيرة متغلغلة فى الأولى»، مؤكداً أن بيان العوار فى السلعة جانب أخلاقى.

الدكتور رشاد عبده، خبير الاقتصاد الدولى، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، يرى أنه لا يمكن اعتبار المستريح ظاهرة لأنها حالة أو اثنتان أو حتى عشر حالات، وهى نسبة قليلة مقارنة بتعداد السكان فى مصر وحجم البلاد، موضحاً أن هناك مشكلتين الأولى تتعلق بالمواطن الذى يدفع المال والأخرى تتعلق بالنصاب.

ويبين «رشاد» أن الجشع هو العامل الأساسى فى هذه العملية إضافة إلى الجهل أحياناً والفساد فى أحيان أخرى، لأن البنوك تعطى فوائد تتراوح ما بين 10 و12 بالمائة، فى ظل كون نسبة التضخم فى مصر 4.3 بالمائة، مضيفاً أنه فى الماضى كانت نسبة التضخم تصل إلى 30 و40 بالمائة، وكانت القوة الشرائية تقل إلا أن انخفاض نسبة التضخم فى الوقت الحالى يجعل فوائد البنوك جيدة.

ولفت إلى أن انخفاض نسبة الفائدة فى مصر مدعاة لتشجيع الاستثمار فى البنوك، منوهاً إلى أن الأفراد فى الغرب لا يقومون بعملية كنز الأموال بالبيوت كما يجرى فى مصر، ويعتبرون المال فى البنك مضموناً بشكل أكبر من إمكانية صرفه أو تعرضه للسرقة.

وأشار إلى أن المواطن الغربى اعتاد الإنفاق الكثير والحصول على دخل كثير والعيش فى رفاهية بسبب الإنفاق مع زيادة الإنتاج، إلا أن المواطنين فى مصر أحياناً يبحثون عن النصاب بأنفسهم ويطمعون فى الفوائد والعوائد التى سيحصلون عليها دون التركيز على الضمانات بشكل فيه طمع كبير ورغبة فى تحقيق أرباح كبيرة.

وأضاف «رشاد» أن بعض الأشخاص الذين يلجأون للنصابين لاستثمار أموالهم قد حصلوا على تلك الأموال بشكل غير شرعى، ما يجعلهم يتجنبون الاستثمار بالطرق الشرعية، ويلجأون للاستثمار دون ضمانات، من أجل زيادة أرباح أموالهم، مثل بعض الموظفين الفاسدين الذين يخشون انكشاف أمرهم حال استثمارهم فى البنوك، أو إدخال أموالهم فى المسارات الشرعية حتى يتجنبوا المساءلة عن مصدر تلك الأموال لزيادتها دون إثارة مشكلة قانونية، فيكون الملاذ الآمن هو غسيل الأموال وشركات توظيف الأموال، ووجه عبده نصيحة للمواطنين بالعمل بشكل شرعى وقانونى وسؤال المختصين لاختيار الأفضل قبل الاستثمار.

والتقط وائل النحاس، الخبير الاقتصادى، أطراف الحديث قائلاً: إنه على الدولة خلق البدائل كالصناديق الاستثمارية الضخمة فى المشروعات القومية الكبرى، لكى يستثمر فيها الافراد دون الامتلاك، على أن تكون الملكية حصرية للصناديق، وبذلك تستقر الملكية، وبالتوازى مع ذلك لا بد من التوجه للمشروعات الابتكارية للشباب من دول كالهند، فهم لا يملكون المال وإنما يملكون الابداع، وستكون المحصلة خلق فرص عمل بالملايين، فتتحسن أحوال الاسر المعيشية مع ضرورة ان تؤمن الدولة ان ما يصلح للخارج من سياسات اقتصادية قد لا يصلح معنا، ولذلك فالشمول المالى مؤخراً قد لا يأتى بالنتائج المرجوة، ومنها القضاء على ظواهر المستريحين وغسيل الأموال، طالما لا تزال العراقيل وعدم الشفافية هى شعار البنوك بمصر، والتى تحولت فى الواقع إلى بنوك تجارية وليست استثمارية فى معظم الأحوال، وعندئذ فقط يمكن القضاء على جمهورية المستريحين، الذين انتشروا فى عدد من المحافظات، ومنهم من يدخل فى أعمال مكاسبها تتعدى الـ1000%.