عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السيول ..الامتحان الصعب...كل خريف

بوابة الوفد الإلكترونية

مخاوف من غرق الطرق فى «شبر مية» وإجراءات مكثفة

لتجنب المخاطر.. والتنسيق مطلوب بين الرى والأرصاد

ـ السدود «الزجزاج» أفضل من الرملية

و«الهرابات» مفيدة لزراعة الخوج والزيتون

وضعت الطبيعة الحكومة المصرية امام اختبار صعب، فارتفاع منسوب النيل يلاحقها من جهة، وامطار السيول المتوقعة من جهة اخرى، وبدورها أعلنت وزارة الرى حالة الاستنفار استعدادا لهذا الاختبار الصعب، وحذرت سكان اراضى طرح النهر من خطورة ارتفاع منسوب مياه نهر النيل،  والمتوقع أن تتراوح زيادته بين 80 و120 سم عن المعتاد،وكالعادة حذرت هيئة الأرصاد الجوية مثل كل عام من خطر السيول، وأعلنت الجهات المعنية كالرى والإسكان والزراعة استعدادها للمواجهة حتى لا تغرق مصر فى «شبر مية»، وتتحول السيول فى مصر من نعمة إلى نقمة، وبحسب الخبراء يتساقط على مصر 51 مليار متر مكعب مياه معظمها مهدر فى الصحراء أو فى المدن مسببة خسائر بشرية واقتصادية، مؤكدين أن السيول فى مصر أماكنها غير متوقعة رغم قيام الوزارات المعنية باتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وتشير الاحصاءات إلى وجود 117 مخرًا للسيول فى مصر، تتبع مديريات الرى وتقوم بتطهيرها من حين لآخر، لأنها تتحول إلى مقالب قمامة والدلائل تؤكد أن اختبار العام الحالى سيكون أصعب على الوزارة بعد أن استجابت رئاسة الوزراء وضاعفت المبلغ المخصص لأعمال إنشاء وصيانة مخرات السيول فى المحافظات العام الماضى إلى 4 مليارات جنيه من الميزانية العامة للدولة.

السيول كل عام تؤثر على الطرق وتعيق حركة المرور إلى جانب حالات الوفاة التى تصاحبها الخسائر الاقتصادية، ورغم قيام وزارة الرى بإنشاء 28 سدًا ونحو 16 بحيرة صناعية، وعدد كبير من الخزانات الأرضية، ضمن الخطة التى بدأت عام 2014 والمقرر الانتهاء منها عام 2019/2020، إلا أن تجارب مصر مع السيول فى الأعوام الماضية كانت سيئة جدا، لذلك فالمخاوف تتزايد كل عام.

وتوجد مخرات السيول فى 10 محافظات وهى: «نجع هلال»، و«أبوجبير» بمحافظة أسوان، و«الشيخ عيسى» و«كرم عمران»، و«وادى قنا» و«الكلاحين» و«زرنيخ الحلة» بمحافظة قنا، و«نجوع مازن» و«مركز دار السلام» و«السلامونى» و«الصوامعة» بقرية أخميم، وقرى «عرب بنى واصل» و«الجلاوية» و«الحاجز» و«الكوثر» بمدينة ساقلتة وقرى «أولاد سلامة» بالمنشأة، و«الجبيرات» بطهطا، و«الجواهين» و«المحاسنة» بجرجا فى محافظة سوهاج، و«درنكة» و«نزلة القواصير» بمحافظة أسيوط، و«ملوى» و«ديرمواس» و«البراشا» و«دير البرشا» و«تل بنى عمران» بمحافظة المنيا، و«المنشى» و«الديسمى» بمحافظة الجيزة، و«كوتسيكا» و«كفر العلو» بمحافظة القاهرة، و«الصف» و«أطفيح» بمحافظة حلوان، و«بياض» و«غراب» بمحافظة بنى سويف، و«رأس غارب» و«الزعفرانة» و«الغردقة» و«سفاجا» و«القصير» و«مرسى علم» و«رأس بناس» و«حلايب».

وقد أعلنت وزارة الرى انها تتبع الوسائل الحديثة فى مراقبة مناسيب المياه على طول مجرى النيل والترع الرئيسية والرياحات وأمام القناطر،  من خلال المنظومة المتطوّرة للرصد الآلي (التليمتري)، التى ترتكز على تدفق البيانات من 250 محطة رصد،  تنتشر عبر النقاط الحاكمة والفاصلة على امتداد شبكتى الرى والصرف لكامل رقعة الجمهورية.

و قامت الوزارة بأعمال الصيانة الدورية لحوالى ١١٧ مخر سيل ورفع كفاءتها، ويوجد بمحافظة أسوان ٣٦ مخر سيل، وهو الأمر الذى يعكس موقع المحافظة الهام على خريطة السيول،  والتى توليها الدولة أهمية خاصة فى أعمال الحماية من مخاطر السيول،  والتى بلغت خلال الست سنوات الماضية قرابة الـ ٦٠٠ مليون جنيه، تنوعت ما بين ١٦ سدًا وحاجزًا ترابيًا بالإضافة الى إنشاء ٧ بحيرات صناعية، فى حين يجرى تنفيذ نحو ١٦ سدًا وحاجزًا ترابيًا و١١ بحيرة صناعية للتعزيز من قدرة منظومة الحماية من أخطار السيول للذود عن المحافظة من أى أخطار، فى حين بلغت الاستثمارات المخصصة لتطهير ورفع كفاءة هذه المخرات وشبكتى الترع والمصارف بالمحافظة نحو ٣٠ مليون جنيه سنويا.

وأكد وزير الرى الدكتور محمد عبد العاطى أن المنظومة أثبتت نجاحها كأداة فعالة فى توفير بيانات دقيقة ومستمرة على مدار الساعة، توضح حالة سرّيان المياه فى المجارى المائية، من خلال توفير البيانات بصورة لحظية على الهواتف المحمولة لمتخذى القرار والمسئولين فى جميع إدارات الرى فى مختلف محافظات مصر، باستخدام أحدث تكنولوجيات نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنترنت الأشياء ودون أدنى تدخل للعنصر البشري.

وأعلنت الوزارة عن تنفيذ أعمال بقيمة ( 510 ملايين جنيه ) خلال الفترة من 1/7/2019 إلى 31/3/2020،  تضمنت أعمال الحماية من مخاطر السيول، وإنشاء كباري، وحماية جسور الترع، وأعمال الطرق،كذلك تأهيل المجارى المائية، وأعمال تغطيات، وغيرها من الأعمال .

ففى محافظة جنوب سيناء تمت إقامة عدة مشروعات لمواجهة خطر السيول منها تنفيذ 11 سدًا ونحو 5 بحيرات بتكلفة 227 مليون جنيه، وفى محافظة البحر الأحمر تم تنفيذ أعمال الحماية من السيول والتى تضمنت أعمال إقامة 11 سدًا و6 بحيرات بتكلفة 415 مليون جنيه.

وفى مرسى مطروح تم إنشاء خزانات أرضية بنحو 175 خزانًا بسعة 100 متر مكعب، لحصد المياه لزيادة الرقعة الزراعية وتوفير مياه الشرب بتكلفة قدرها 15 مليون جنيه، أما فى القاهرة فتم إنشاء سد لحماية وادى دجلة بتكلفة 2.8 مليون جنيه.

وفى محافظة أسيوط، تم الانتهاء من أعمال حماية البنية الأساسية من أخطار السيول لوادى الشيح بتكلفة تقدر بنحو 13.5 مليون جنيه، وتنفيذ أعمال حماية وتطهير مخر سيل أمام وخلف سد لحماية منطقة وادى الشيح ومركز البدارى بتكلفة تقدر بنحو 6 ملايين و300 ألف جينه، وأعمال حماية منطقة عرب العوامر بمركز أبنوب بتكلفة تقدر بحوالى 9.5 مليون جنيه، وأعمال الحماية لذات المنطقة بتكلفة تقدر بنحو 11 مليون جنيه، كذلك جارٍ الانتهاء من تنفيذ أعمال حماية البنية الأساسية لوادى أيمو مركز ساحل سليم بتكلفة تقدر بنحو 25 مليون جنيه.

من جانبه أكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن السيول موعدها ثابت كل عام، مع بداية ونهاية فصل الشتاء تحديدًا فى شهرى سبتمبر وأكتوبر وفى نهاية الشتاء مع شهرى أبريل ومايو، ولكن خطورتها فى تغير أماكنها كل عام، فالعام قبل الماضى ضربت محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والدقهلية، والعام

الماضى ضربت رأس غارب وقبل 3 سنوات دمرت أماكن بجنوب سيناء، وقطعت طريق الغردقة – البحر الأحمر.

وأشار نورالدين إلى أن الأماكن الصحراوية لها استراتيجية فى مواجهة السيول تختلف عن الأماكن المأهولة بالسكان، فأغلب محافظات الصعيد معرضة للسيول لوجود جبل البر الشرقى وجبل البر الغربى، وبالتالى فإن سقوط تلك الأمطار يكسبها سرعة شديدة وقوة تدميرية هائلة، لذلك قامت الدولة بعمل مخرات للسيول متصلة بأسفل بنهر النيل، وبالتالى تقليل أضرارها ولكن يجب ان نشير الى اهمية التنسيق بين مركز الارصاد الموجود بوزارة الرى وبين الهيئة العامة للارصاد الجوية،  فدائما ما يحدث تضارب فى التوقعات بين الجهتين ودائما ما تكون هيئة الارصاد الجوية هى صاحبة التوقع الصحيح .

وأوضح نورالدين أن الوضع فى سيناء مختلف حيث تقام سدود رملية وترابية كسد الروافعة، ويقوم بحجز نحو خمسة ملايين متر مكعب من المياه، ولكنه سد قديم ومتهالك، ولابد من إقامة سدود أخرى بطريقة «الزجزاج» لحجز المياه وتقليل آثارها التدميرية، حيث دمرت المركز الأوليمبى منذ 3 سنوات.

وأكد نادر أن البدو يتعاملون مع السيول بطريقة «الهرابات»، وهى عبارة عن حفر عميقة فى الأرض مبطنة بالأسمنت لتخزين مياه السيل والاستفادة منها فى زراعة الخوخ والزيتون، أما وزارة الرى فتلجأ إلى البحيرات الصناعية.

وأشار إلى أن مصر بعيده تماما عن سيناريو السودان، فما حدث هو تزامن التقاء فيضان جميع روافد نهر النيل، وفيضان الروافد التى تصب بمياهها الغزيرة الكثيفة فى النيل الأزرق من الهضبة الاثيوبية، وفيضان بحيرات الهضبة الاستوائية التى تصب بمياهها فى النيل الأبيض، وهذه الفيضانات تزامنت واجتمعت معا عند العاصمة الخرطوم، واجتمعت مع العديد من الروافد الأخرى بنهر السوباط ونهرى الدندر والرهد ونهر عطبرة على النيل الرئيسى شمال الخرطوم، مع تزامن سقوط أمطار غزيرة وكثيفة مباشرة صاحبتها سيول على معظم الولايات السودانية، مما أدى إلى ارتفاع قياسى فى مناسيب مياه النيل وروافده إلى مستويات غير مسبوقة خلال المائة عام الماضية،  اما فى مصر فلدينا 3 بحيرات بأبو سنبل تكونت منذ عشر سنوات، يمكنها استيعاب 22 مليار متر مكعب .

وأوضح احمد عبد العال رئيس هيئة الارصاد السابق أن مصر بحكم موقعها فى الركن الشمالى الشرقى من القارة الأفريقية، بالإضافة إلى سيناء التى تقع فى قارة اسيا، فمعظم أراضيها تقع ضمن الإقليم المدارى الجاف الذى يسيطر عليه الضغط المرتفع دون المدارى،  وما يصاحبه من هواء هابط يقلل من فرص سقوط الأمطار،  وهناك شريط ضيق من الأراضى فى شمال مصر، يمكن إدخاله تجاوزاً فى نطاق إقليم شبه البحر المتوسط، ويعنى ذلك أن الأراضى المصرية تكون عرضة للرياح التجارية الشمالية الشرقية الجافة ولاسيما فى فصل الصيف، حيث تتزحزح نطاقات الضغط الجوى شمالا مع الحركة الظاهرية للشمس، ولهذا فإن الأراضى المصرية تكون عرضة للمنخفضات الجوية، التى تتكون على حوض البحر المتوسط، وتسبب سقوط أمطار فى فصل الشتاء، كما تتعرض مصر لحالات عدم الاستقرار فى الاعتدالين بسبب تعرضها للمنخفض السودانى الموسمى وللتيار النفاث القطبي.

وأوضح عبد العال ان الأمطار تسقط على الأراضى المصرية نتيجة لعاملين أساسيين: الأول هو سقوط الأمطار المرتبطة بالجبهات الباردة الممطرة المصاحبة لمنخفضات حوض البحر المتوسط، وتستمر لعدة أيام، وهذا النوع من الأمطار يحدث ابتداء من النصف الثانى من شهر نوفمبر وينتهى من الأسبوع الأول من أبريل، والثانى هو سقوط الأمطار المرتبطة بعدم استقرار بين طبقات الجو العليا والطبقة الملامسة لسطح الأرض،  ويحدث هذا النوع من المطر فى فصل الخريف أو فى فصل الربيع حيث يمتد منخفض السودان الموسم، إلى الشمال فوق البحر الأحمر وشرقى مصر إلى سيناء.

واشار عبد العال الى أن الحكومة المصرية وضعت خطة لمواجهة تلك الظاهرة خاصة أن مصر تستعد لاستخدام رادارات حديثة لرصد حجم المياه الموجودة بالسحب الممطرة واماكن سقوطها، ولهذا كنت انادى باعتماد وزارة الرى على التنبؤات الخاصة بهيئة الارصاد لانها الأدق.