رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيادة القانون السلاح الأهم فى معركة الانضباط

خبراء: عقوبات كثير من الجرائم لا تتناسب مع حجم الجرم

الدكتور شوقى السيد: المواطنون شركاء فى تطبيق القانون.. ومنفذو القانون يجب أن يكونوا أول الملتزمين به

أسعد هيكل: غياب الوعى أكبر خطر يهدد المجتمعات

مفاجأة.. بعض القطاعات يحكمها قوانين عمرها 63 عاماً.. والدليل «البائعة الجائلون»

من يطالع صفحات الحوادث فى صحف مصر الصادرة فى خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضى، سيكتشف أن جرائم تلك العقود هى ذاتها التى تتكرر الآن.. فوضى.. سرقات.. غش.. نصب.. تزوير.. مخالفات بناء.. حوادث طرق.

والسؤال: لماذا يتوارث المصريون جرائمهم جيلاً بعد جيل؟.. ولماذا تستمر ذات الجرائم لعدة عقود بنفس السيناريو دون أن يكون لها رادع يوقفها أو يحد منها؟.. إجابة السؤالين لها علاقة بالقوانين القائمة وبطريقة تنفيذها، فالقوانين هى الحد الفاصل بين الفوضى والنظام.. بين دنيا الغابات وحياة المجتمعات المتحضرة.. بين دولة تريد أن تنهض وتنطلق واخرى استلذت العذاب وارتضت القاع الذى تعيش فيه،ولم تعد تفكر فى مغادرته.

وفى كتاب «كليلة ودمنة» الشهير كانت هناك حكمة تقول «من أمن العقوبة أساء الأدب» ولأن العقوبة فى مصر لا تتناسب مع حجم الضرر الذى يقع على الأشخاص او الدولة فكان لابد من إحداث ثورة تشريعية تتناسب مع العصر الحالى، فمعظم العقوبات فى القوانين المصرية لا تتوافق مع حجم الجرم الذى يتم ارتكابه، وهو ما دعا إلى قيام مجلس النواب بإصدار عدد من المشروعات المتعلقة بالقوانين لتتناسب مع الدولة الحديثة مصر 2030، فهناك حالات نرصدها يومياً لا نجد لها رادعًا رغم وجود قوانين لها إلا أنها مع إيقاف التنفيذ كالتدخين فى الشوارع والأماكن المغلقة والمؤسسات الحكومية ومخالفات عدم ارتداء الكمامات فى ظل وجود فيروس كورونا وغيرها من الحالات.

خلال دورة الانعقاد الأولى لمجلس النواب صدر 342 قراراً بقانون، كما نظر 82 مشروعاً جديداً، 80 منها مقدمة من الحكومة، وفى دور الانعقاد الثانى وافق البرلمان على 217 مشروع قانون مقدمة من الحكومة والأعضاء، وفى دور الانعقاد الثالث أصدر البرلمان 197 قانون. وفى دورة الانعقاد الرابعة أصدر 156 قانون بإجمالى عدد مواد بلغ 1701 مادة.

العديد من الخبراء أكدوا أن القوانين العقابية فى مصر، معظم العقوبات لا تتوافق مع حجم الجرم ولابد أن تكون مواكبة ومتطورة فيما يحدث فى المجتمع،  ولابد من اتخاذ خطوات جادة لتعديل كل هذه القوانين فى مصر.

هناك العديد من التشريعات التى صدرت بمنع التدخين داخل الأماكن المغلقة وفرضت عقوبات ضد المتجاوزين، منها قانون رقم 52 لسنة 1981، وتعديلاته، والتى تمنع التدخين نهائياً بكافة صوره فى مختلف المنشآت الصحية، والتعليمية والمصالح الحكومية والنوادى الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب، وألزم المدير المسئول عن هذه الأماكن، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع التدخين فيها ويعاقب عن إخلاله بهذا الالتزام بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه كما يعاقب المدخن بغرامة لا تقل عن 50 جنيهاً ولا تزيد على 100 جنيه، ورغم أن تلك القوانين لا تأتى بالأساس للحفاظ على صحة المدخن، إلا أن الجهات المختصة تحاول بقدر الإمكان حماية المدخنين السلبيين الذين من حقهم استنشاق هواء نقي.

أما على مستوى مواجهة انتشار الأمراض وفى إطار الإجراءات الاحترازية التى تفرضها الدولة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، قرر رئيس مجلس الوزراء، ارتداء الكمامة بشكل إجبارى فى 6 أماكن، سواء للعاملين فيها، أو لكل المترددين عليها من الشعب المصرى، وهى جميع الأسواق وجميع المحلات والمنشآت الحكومية، مثل المحاكم ووحدات المرور والمنشآت الخاصة، وكافة البنوك، حيث لن يتم السماح لأى عميل بدخول البنك، دون ارتداء الكمامة، كما جرى اتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية بالبنوك، وإلزام الموظفين بارتداء الكمامات والقفازات للمتعاملين بالشبابيك مع الجمهور وجميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة، حيث أعلنت إدارة وتشغيل مترو الأنفاق إلزام جميع الركاب بارتداء الكمامات الطبية قبل دخول المحطات واستقلال القطارات، وسُيمنع دخول المواطنين دون ارتدائها. ونص قرار رئيس الوزراء فى مادته الـ14 على أنه «مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها، يُعاقب كل من يخالف حكم المادة الـ11 من هذا القرار بغرامة لا تجاوز أربعة آلاف جنيه، ويُعاقب كل من يخالف باقى أحكام هذا القرار بالحبس وبغرامة لا تجاوز أربعة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».

أما على صعيد المرور فنرى يومياً حوادث الجناة فيها أطفال، لا يمتلكون رخصة قيادة ليتحول الشارع لساحة صراع وصراخ وشتائم وسباب، وتطبيق القانون بحزم هو الرادع، رغم تغيرات إيجابية عدة طرأت على الطرق فى مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إذ تفخر مصر بـ«المشروع القومى للطرق»، والذى تم إقراره فى 22 يونيو عام 2014 لتنمية 4800 كيلو متر تمثل 20.4% من إجمالى الطرق فى مصر، بالإضافة إلى تطوير المناطق المحيطة بها باستثمارات تزيد قيمتها على 26 مليار جنيه مصرى بنحو 1.6 مليون دولار.

قانون المرور الجديد حدد خط سير لمركبات «التوك توك» بالقرى والنجوع والمناطق العشوائية، ومنع سيره على الطرق الرئيسية والمدن الكبرى والشوارع العامة وتغريم صاحبه غرامات كبيرة إذا خالف ذلك، والغرامات تتراوح من 2000 جنيه إلى 20 ألف جنيه لصاحب «التوك توك» غير المرخص وغير الملتزم بقانون المرور الجديد ومصادرة المركبة غير المرخصة والحبس من سنة إلى ثلاث سنوات لسائق يسير بدون ترخيص، مع فرض غرامة تتراوح ما بين 1500 و3000 جنيه على كل من يتأخر فى إصدار التراخيص عن المدة المبينة خلال ستة أشهر.

أما على مستوى الباعة الجائلين فمصر لديها قانون من 1957 لتنظيم الباعة

الجائلين والقانون هو مشكلة فى حد ذاته، فالقانون لم يمس منذ أكثر من 63 عاماً إلا فيما يتعلق بتغليظ الغرامات والعقوبات والتى تصل فى بعض المخالفات إلى الحبس.

وينص القانون على تخصيص أماكن للباعة الجائلين، لكن لا يحدد معايير الاختيار ولم يحدد اللجنة المنوط بها هذا الاختيار ويعطى كل الصلاحيات للوزراء ورؤساء الأحياء فى تحديد الأماكن.

من جانبه، قال الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى: هناك أمور كثيرة يجب التصدى لها إذا كنا جادين فى مواجهة فوضى الشارع المصرى، أولها ضرورة التزام منفذى القانون أنفسهم بالقانون، ففى بعض الأحيان يكون المسئول عن تنفيذ القانون هو نفسه أول من يخالفه، وهذا الأمر واضح جداً فى قانون منع التدخين فى بعض الأماكن، نفس الحال فيما يتعلق بالقوانين والقرارات الحكومية المتعلقة بتحقيق الانضباط فى الشوارع والميادين، وأيضاً قرارات ارتداء الكمامة الطبية بحسب المعايير التى أقرتها منظمة الصحة العالمية، دون تحايل على الأمر، حفاظاً على صحة وسلامة المواطنين، وبالتالى فلابد من وجود جهات أخرى أو مندوب عنها مثل وزارة البيئة لتحرير محضر بالمخالفة.

ودعا الفقيه الدستورى المواطنين إلى ممارسة دور أكثر إيجابية فى التصدى لأية خروقات للقانون.. وقال: «على المواطنين الإبلاغ عن المقاهى والمطاعم والمحال والمراكز التجارية المخالفة لاتخاذ الإجراءات حيالها، أو كانت التعديات على حرمة الطرق والكبارى أو أراضى الدولة أو محاولات إثارة الفوضى دون حساب المخاطر والبناء دون ترخيص، وبالتالى يجب التعامل مع المخالفين بشكل صارم، من منطلق أن المصلحة العامة تعلو فوق أى اعتبار، وإنفاذ القانون، بعيداً عن أى مخالفات»، مؤكداً أن عملية التطوير مسألة مهمة، ترفع فيها شعار «كلنا شركاء فى عملية الإصلاح»، خاصة أن هناك تطورًا ملحوظًا فى ثقافة المواطنين، باعتبارهم شركاء فى المسئولية، ويجب إنهاء المشكلات والأزمات المجتمعية وآثارها الخطيرة.

وفيما يتعلق بالإجراء المتبع مع مخالفات المقاهى، أضاف الفقيه الدستورى، أنه فى حال ضبط مقاهٍ تقدم الشيشة يتم مصادرتها وغلق وتشميع المقهى وتحرير محضر بالواقعة.

وأشار «شوقى» إلى أن النص القانونى إذا لم يطبق فهو ولد ميتاً وحياة القانون فى تطبيقه، وبالتالى فعلى المواطن أن يبلغ عن المخالفة أيًا كان المخالف حتى نبث فى النصوص القانونية الحياة.

وأرجع أسعد هيكل، المحامى والناشط السياسى، الأمر إلى أن مصر تعانى من غياب الوعى منذ اكثر من 60 عاماً.. وقال: للأسف أهملنا الكثير من الأخلاق والأفكار المهمة، أدى ذلك إلى ظهور أجيال غير قادرة على التفكير ولا تعى القدر اللازم بما يدور من أحداث وبالتالى لابد من احترام القوانين ومنح السياسيين فرصة الحديث للشعب وتوجيهه إلى احترام القوانين.

وأشار إلى أنه لا توجد قوة على الأرض تستطيع تطبيق القانون بنسبة 100% ومثال على ذلك صعوبة تطبيق الغرامة على المتخلفين على الانتخابات وبالتالى فإن القضية الأساسية هى الوعى عند المواطن، وهو ما دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أن الوعى هو الذى يساعد الدولة على التطوير.

وأوضح أن مصر بها عشرات الأجهزة الرقابية مثل النيابة الإدارية المنوط بها  مراقبة الجهات الحكومية فى الدولة، إضافة إلى الجهاز المركزى للمحاسبات وغيرها الكثير من الجهات ولكن القضية فى المقام الأول هى الوعى.

وأوضح أنه لا شك أن مخالفات البناء تزداد فى وضح النهار، وهناك حالات لن يتم فيها التصالح، مثل الأعمال التى تخل بالسلامة الإنشائية للبناء، والتعدى على خطوط التنظيم المعتمدة وحقوق الارتفاع المقررة قانوناً، والمخالفات الخاصة بأماكن إيواء السيارات، والمخالفات الخاصة بالمبنى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز، وتجاوز قيود الارتفاع، والبناء على الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار، والبناء على الأراضى المملوكة للدولة، والبناء على الأراضى الزراعية دون علم الإدارة المركزية لحماية الأراضى، وسط الكتل السكنية المتاخمة.