رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأسواق العشوائية والإعلانات ..وجع..فى قلب مصر

المناطق العشوائية السبب الأول فى ظهورها.. ولا بد من إنشاء أسواق حضارية

الملصقات الدعائية تشوه جدران المدارس والجامعات والمصالح الحكومية والمساجد أيضاً

أسواق عشوائية، أرصفة لا وجود لها، تعديات على الطرق، وملصقات إعلانية فى كل مكان، تشوه المناطق الحيوية بجميع المحافظات، هذا هو حال الشوارع فى مصر، ورغم أن هذه الأزمات قديمة، فإنها متجددة باستمرار، فمعاناة المواطنين منها تتزايد، رغم تعاقب الحكومات والوزارات، ورغم الشكاوى المتعددة منذ سنوات طويلة من هذه المظاهر الغريبة، فإنه لم يستطع أحد إيجاد حل لها، وأصبح السؤال الذى يدور فى أذهان المواطنين: هل نحن بحاجة إلى استيراد عقول لحل مشكلاتنا؟ أم أنه سيأتى يوم من الأيام تنتهى فيه معاناة المواطن المصرى مع مظاهر التشويه فى الشوارع، ويصبح حقه فى الشارع محفوظاً؟

لا توجد محافظة فى مصر إلا وتعانى من انتشار الأسواق العشوائية فى كل أحيائها، ما يترتب عليه العديد من السلوكيات الخطأ، وتعلم الشباب والأطفال الكلمات البذيئة، وانتشار البلطجة، وبيع منتجات غير صالحة، أو غير مرخص ببيعها، لأن هذه الأسواق لا يحكمها إلا قانون القوة، كما أنه يحدث بها العديد من المخالفات الأخرى التى تضيع حق الدولة، مثل سرقة التيار الكهربائى.

وبحسب الإحصائيات التى ترصد عدد الأسواق العشوائية فى مصر، يقدر عدد هذه الأسواق بنحو 4425 سوقاً، ويقدر حجم الأموال المهدرة على الدولة سنوياً بنحو 120 مليار جنيه، عبارة عن رسوم الحصول على رخص فقط.

ورغم صدور قانون الباعة الجائلين رقم 105 لعام 2012، الذى يقضى بعدم بيع أى سلعة إلا بعد الحصول على رخصة من الحى المختص، ومن يخالف ذلك يعاقب بالحبس والغرامة إلا أنه لم يتم تفعيله حتى الآن.

وأكد خبراء السياسة والمحليات، أن انتشار الأسواق العشوائية والاعلانات التى تشوه المنظر العام، ما هى إلا نتيجة طبيعية، لترك قنبلة موقوتة على مدار عقود من السنين تسمى المناطق العشوائية، والتى خلقت لنا أجيالاً دون علم أو وعى.

كما أن تخاذل الحكومات والأنظمة السابقة فى مواجهة مشكلة المناطق العشوائية، كان سببا فى تخريج مواطنين يشوهون الذوق العام، والشكل العام للشوارع، كما أن الحكومات السابقة رسخت مفاهيم خاطئة لدى المصريين حول القيم المادية، وأهمية المال فى تخليص المصالح، وهدم الذوق وقيمة الانسان المصرى، وتلخيصه فيما يمتلك من أموال، ولذلك اتجه الكثير لجمع الأموال سواء بطريقة سليمة أو غير سليمة، بالحرام أو بالحلال بطريقة صواب أم خطأ، لذلك انتشرت الأسواق العشوائية التى يباع فيها كل شىء غير صالح، وتتعالى فيها الأصوات والصيحات بما يحدث تلوثا سمعيا، ناهيك عن لمناظر السيئة للمخلفات التى يتركها هؤلاء وراءهم بعد انتهاء وقت العمل فى السوق.

لذلك طالب الخبراء الحكومة بضرورة وضع خطة سليمة للقضاء على الأسواق العشوائية بطريقة مدروسة، لتكون أسواقاً ذات منظر حضارى، تدر دخلاً على الدولة، وتسهم فى تحسين المظهر الحضارى للدولة المصرية.

وتحاول الكثير من المحافظات القضاء على تلك الأسواق العشوائية والاعلانات العشوائية، ومنهم اللواء عصام سعد، محافظ أسيوط، الذى أطلق مبادرة «لا تشوهها» للقضاء على إعلانات الشوارع والملصقات التى تشوه المنظر العام، وأصدر تعليماته لرؤساء المراكز والأحياء، ورؤساء القطاعات التنفيذية، ومديريات الخدمات بالمحافظة بتحرير محاضر فورية لأصحاب الاعلانات غير المرخصة، ولجميع الملصقات على جدران المنشآت الحكومية والعامة، وأعمدة ومحولات الكهرباء، ومواجهة ظاهرة تشويه المدن بالكتابة على الجدران مع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أصحابها، وإلزام المخالفين باتباع اللوائح والقوانين المنظمة للأعمال الدعائية والإعلان.

وقال النائب على عبدالواحد، عضو لجنة المحليات بمجلس النواب، أن انتشار الأسواق العشوائية أصبح شيئاً غير حضارى، خاصة مع الجهود التى تقوم بها الدولة للقضاء على العشوائيات، وإقامة طرق وكبارى حديثة تسر الناظرين، لافتاً أنه من غير الطبيعى أن نجد كوبرى تكلفته ملايين الجنيهات وطرق حديثة ونجد بجواره سوقاً عشوائية، كما أن الزحمة الإعلانية التى أصبحت تسيطر على أغلب المناطق الحيوية بالمحافظات، شىء غير حضارى، مؤكدا أن إعلانات الطرق والكبارى تشهد حالة من الفوضى والعشوائية، وتشويه المظهر الجمالى للشوارع، بخلاف إهدار أموال ضخمة على خزانة الدولة، نتيجة تعدد الجهات المنوط بها تنظيم إعلانات الطرق وتداخل اختصاصاتها، ما كان يتيح لبعض الشركات غير الحاصلة على تراخيص أن تضع إعلاناتها دون دفع أى رسوم.

وأوضح أن هناك جهوداً تُبذل على أرض الواقع من قبل الحكومة للقضاء على كل مظاهر العشوائية فى جميع المحافظات، لافتاً أن الكثير من المحافظين يقومون بالقضاء على تلك الأسواق العشوائية واعلانات الشوارع، بصفة مستمرة، ولكن حجم تلك الأسواق ليس بقليل لكى تستطيع الحكومة القضاء عليها فى وقت قصير، مضيفاً أن تلك الأسواق لم تنشأ فى عام أو اثنين بل أنها أنشئت فى عشرات السنين، وليس من الطبيعى أن يتم القضاء عليها فى عام أو اثنين.

خطة متكاملة

وقال الدكتور يسرى طاحون، أستاذ الاقتصاد بجامعة، إنه يجب على الحكومة أن تضع خطة متكاملة للقضاء على الأسواق العشوائية بطريقة مدروسة بشكل سليم، وإنشاء أسواق ذات مظهر حضارى فى كل حى، مطالبا بأن تكون هناك أسواق بديلة أكثر تنظيماً، قائلاً إن المواطن والبائع، إذا وجد البديل الشرعى سوف يتخليان عن الأسواق العشوائية التى تم إنشاؤها، ولكن إذا لم يجدوا البديل سوف تستمر الأسواق العشوائية بشكلها السيئ الذى يشوه الأعين وصورة الدولة أمام الزائرين.

وعن الإعلانات التى تنشر بصورة عشوائية، والتى تشوه المنظر الحضارى للأماكن العامة وأسوار المصالح الحكومية والمدارس والمساجد أيضا، فقال إن التعامل معها سهل جدا، وقد تكون مصدر دخل جيد وجديد للدولة، وذلك من خلال التواصل مع أصحاب تلك الإعلانات من خلال أرقام الهواتف التى يضعونها فى الاعلان، والاتفاق معهم على تصميم إعلاناتهم بشكل حضارى تقبله العين والذوق العام، ورسم إعلان بصورة جيدة، أو تغريمهم بسبب تشويه المنظر العام الذى حدث للسور من خلال لصق بوسترات سيئة الشكل، وتشويه الأماكن

العامة.

وأضاف طاحون قائلاً: المشكلة مشكلة افلاس فكرى، لدى المسئولين، وعدم التفكير بشكل جيد، لتحسن الذوق العام، وإضافة مصادر دخل جديدة للدولة، بدلا من تحميل المواطن ضرائب جديدة، قائلاً الدول المتقدمة هناك أسواق تسمى أسواق البراغيت، والتى تنشأ فى أماكن عامة من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة التاسعة أو بحسب الاتفاق، ثم يتم إعادة تلك الأماكن لطبيعتها بعد انتهاء عمل الأسواق والباعة منها، فلماذا لا يتم تطبيق هذه التجارب فى مصر؟

وأكد الدكتور طاحون أننا فى حاجة إلى فكر تنموى، للتقدم للأمام، مطالبا بإيجاد البديل السليم للمواطن، وقتها سوف يتخلى المواطن عن الحاضر العشوائى، ضاربا مثالاً لذلك بالتبول فى الشوارع، فهناك قرارات بمنع هذا الفعل، كما أنه فعل مناف للتحضر والأخلاق أيضا، ولكن هناك مواطنون لديهم أمراض مثل السكر والكلى لا يستطيعون التحمل، وليس هناك مراحيض عامة فى الشوارع، فماذا سيفعل أصحاب هذه الأمراض، ففى هذه الحالة المواطن ليس عشوائيا ولا غير متحضر، وإنما هناك من أجبره على فعل ذلك، وهو عدم التخطيط بإنشاء مراحيض عامة، فالمواطن المصرى ليس عشوائيا، ولكن هناك عشوائية من متخذى القرارات فى الدولة.

العشوائيات هى السبب

وقالت النائبة الدكتورة بسنت فهمى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، والخبيرة الاقتصادية، إن انتشار الأسواق العشوائية، ما هو إلا نتيجة طبيعية، لترك قنبلة موقوتة على مدار العقود الماضية، وهى المناطق العشوائية، ما خلق لنا أجيالاً دون تعليم أو وعى أو تربية سليمة، قائلة المصريين كانوا أرقى شعوب العالم، وكانت أوروبا تأتى لتتعلم فن الأتيكيت من المصريين، مضيفة أن انعدام الخدمات وتركهم لعقود طويلة تصل لخمسين عاما كانت سببا فيما وصلنا إليه الآن.

وأضافت النائبة قائلة: إن أعظم مشروع قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى من بين العديد من المشروعات العظيمة، هو مشروع القضاء على المناطق العشوائية، لأن هذه المناطق خرجت أجيالاً بائسة فقيرة، لا يمكنها أن تبنى مصر التى نريدها.

وأكدت أن محاربة العشوائيات، هى أولى خطوات إعادة بناء الإنسان المصرى، مضيفة أن نقل أصحاب المناطق العشوائية إلى مناطق راقية وحياة جديدة، وتعليم أبنائهم فى المدارس وممارسة الرياضة، كلها خطوات لتوفير حياة آدمية لهم، وخلق أجيال قادرة على العمل والبناء، لافتة أن القضاء على العشوائيات ليس بقانون، ولكن بتثقيف أصحاب العشوائيات من خلال تعليمهم وتذوقهم لحياة جديدة.

وأكدت أن وزارات الاعلام والرياضة والثقافة عليهم، دور كبير لمحاربة السلوك العشوائى الذى يقوم به بعض المواطنين الذين خرجوا من المناطق العشوائية، من خلال إقامتهم لأسواق عشوائية وسلوكيات غير حضارية، بلصق بوسترات على أسوار الجامعات والمدارس والأماكن العامة، مضيفة أن من يلصق ورقة عليها إعلان لسمكرى أو مدرس أو غيرها، لو يعلم قدر وقيمة سور الجامعة، أو ما يمثله كوبرى فى مناطق حيوية، ولا يعرف معنى الجمال الذى يجب أن يكون فى كل مكان.

أسواق عشوائية

وقال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، إن إجمالى عدد الأسواق العشوائية يبلغ نحو ٣٤٢٥ سوقاً، تم إهمالها عبر العقود الماضية، ولا بد أن يقوم مجلس إدارة صندوق العشوائيات بالتعاون مع المحافظين بوضع عدد من البرامج والمشروعات لتنفيذ خطة تطوير الأسواق العشوائية، التى يجب أن تشمل تطوير الموقع وجمع المخلفات وتحسين المنتجات وإنشاء نقابة للباعة بالأسواق، وأضاف: أن عدم توفير أسواق للباعة الجائلين يضيع على الدولة سنوياً دخل بقيمة 92 مليار جنيه.

وطالب جميع المحافظين فى محافظات الجمهورية بتوفير أماكن للباعة الجائلين من خلال إصدار تعليماتهم الى رؤساء الاحياء، وبدون تأخير بتوفير أماكن مخصصة لمزاولة أعمالهم، حيث إن هناك بالفعل أماكن عديدة متوفرة تملكها الدولة ولكن ينقصها جدية بعض المسؤولين فى المحليات.

وأكد أن الأسواق العشوائية والباعة الجائلين يعد اقتصاداً موازياً للدولة يساعد على حركة التجارة الداخيلة، ولكنه يحتاج إلى تنظيم، حيث يبلغ متوسط مبيعاتهم 350 جنيهاً يومياً للفرد بمعدل مليار و800 مليون جنيه شهرياً.