رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

روشتة علاج مشاكل الفلاحين

بوابة الوفد الإلكترونية

«ما أحلاها عيشة الفلاح متطمن قلبه مرتاح».. عبارة تغنى بها المصريون عقودا طويلة ولكنها لم تعد مناسبة لأوضاع الفلاحين هذه الأيام.

فالفلاح يعانى ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة وبذور ووقود وغيرها، وفى الوقت نفسه لم ترتفع أسعار المحاصيل بنفس النسبة، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف وانخفاض الأرباح.

فى ذات الوقت لم يشهد قطاع الزراعة اهتماما كبيرا من جانب الحكومة كالقطاعات الأخرى مثل الصناعة والسياحة والأمن، فضلا عن ضعف الاستثمارات العامة والخاصة فى هذا القطاع، وتفضيل قطاعى الصناعة والسياحة، ولذلك ينادى الكثيرون حاليا بعودة الاهتمام إلى الزراعة فى ظل ما تتمتع به مصر من مميزات فى هذا القطاع.

424 مليار جنيه هى حجم إجمالى الناتج المحلى لقطاع الزراعة والرى فى 2018/2019، وتستهدف الحكومة أن يصل هذا الناتج إلى 437.8 مليار جنيه بنهاية عام 2019/2020، لتحقيق نسبة نمو 3.2%، مع توجيه استثمارات قدرها حوالى 42 مليار جنيه لقطاعى الزراعة والرى لتنفيذ عدد من البرامج والمشروعات.

وقالت الحكومة فى تقريرها، إن الاستثمارات فى قطاع الزراعة بلغت 21٫86 مليار جنيه، فيما بلغت مساهمة القطاع فى الناتج المحلى الاجمالى 11٫1٪.

فى الملف التالى نرصد أكبر أزمات الفلاحين، ونطرح روشتة الخبراء لمواجهة تلك الأزمات وتحويلها من محنة إلى منحة.

 

«كارت الفلاح».. شروق عهد جديد

 

خلال العام الماضي بدأ التطبيق الفعلى لمنظومة كارت الفلاح أو منظومة الحيازة الإلكترونية، التى من خلالها سيتم تقديم خدمات الدعم للفلاح، وتهدف وزارة الزراعة لأن تحل الكروت الجديدة محل الحيازات الورقية، التى سيتم إنهاء العمل بها مستقبلا.

ويستطيع أى فلاح يحوز أرضا زراعية مهما كانت مساحتها ومسجلة بيانات حيازتها فى الجمعية الزراعية «سجل 2 خدمات» الحصول على كارت بشكل أتوماتيكى.

ومؤخرا، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وزير الزراعة السيد القصير، بضرورة تطبيق المنظومة لتسهيل عملية الإنتاج وضمان حقوق الفلاح.

وبحسب آخر إحصائيات للوزارة، تم الانتهاء من تسجيل 4 ملايين و995 ألفا و386 استمارة من عدد الحيازات الزراعية بنسبة قدرها 88.9% من عدد الحائزين البالغ عددهم 5 ملايين و617 ألفا و236 حيازة، وذلك من خلال مديريات الزراعة فى المحافظات.

وجرى تسليم 148 ألفا و784 كارت فلاح ذكى فى محافظتى الغربية وبورسعيد بالمرحلة الأولى للمنظومة، والتى بدأ العمل فيها وتوزيع أسمدة الموسم الزراعى الشتوى، حيث بلغ إجمالى صرف الأسمدة الشتوية بموجب الكارت 161 ألفا و339 شيكارة يوريا ونترات.

منظومة كارت الفلاح تتضمن ثلاث مراحل، الأولى حصر البيانات الدقيقة لأصحاب الحيازات الزراعية، والثانية ربط الفلاح بمستلزمات الإنتاج وتوفير المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار المناسب ووصول الدعم لمستحقيه، والثالثة عملية الميكنة، وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى وبدأت الحكومة المرحلة الثانية مؤخرا، وتستهدف الانتهاء منها هذا العام.

وللكارت استخدامات متعددة، منها صرف الدعم النقدى المشروط لحائزى الأراضى الزراعية والملتزمين بتطبيق السياسة الزراعية للدولة، وصرف الوقود اللازم لزراعة الأراضى الحائز عليها الفلاح من محطات الوقود، كما يعد إحدى أدوات تعويض النقص الشديد فى مجال الإرشاد الزراعى حاليا عن طريق إطلاق برامج إرشادية من خلال تطبيقات على المحمول والكمبيوتر فى المراكز الإرشادية المطورة.

ويستفيد الفلاح أيضا من الكارت فى عمليات صرف الدعم العينى من خلال تطبيقات صرف الكيماويات والأسمدة المدعومة من الحكومة، إضافة إلى استخدامه فى تقديم حزمة أخرى من الخدمات من خلال التعاون مع البنك الزراعى المصرى مثل صرف القروض الميسرة للفلاح، وسداد السلف الزراعية الخاصة بالحيازات المصدر لها الكارت.

ومن أبرز مميزات «كارت الفلاح»، توضيح الحيازة الحقيقية والمساحة المنزرعة، كذلك القضاء على الحيازات الوهمية، فضلا عن الحد من انتشار السوق السوداء للأسمدة، وتوزيع الأسمدة من خلاله بالكميات المطلوبة بناء على مساحة الأراضى المسجلة على الكارت، حيث تعتبر قاعدة بيانات صحيحة للفلاحين تساعد فى تحديد الكميات المطلوب توفيرها من الأسمدة والتقاوى ومستلزمات الإنتاج، وإحكام الرقابة فى الجمعيات والمديريات الزراعية، ولذلك سيحصل الفلاح على مستلزمات إنتاجه دون أى تلاعب فضلا عن المساعدة على عدم التعدى على الأرض الزراعية.

من جانبه، قال الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة، إنه تم تطبيق منظومة كارت الفلاح فى 4 محافظات جديدة، هى «الشرقية، والبحيرة، وأسيوط، وسوهاج»، بعدما أثبتت تجربة المرحلة الأولى نجاحها بقوة، والتى تم تنفيذها فى محافظتى الغربية وبورسعيد.

وأضاف القرش، فى بيان للوزارة، أن إلغاء المنظومة الورقية لم تؤثر فى شيء ولم يحدث أزمات بسبب فقدانها أو استبدالها بالكارت الذكى، لافتا إلى أن وزارة الزراعة اتخذت خطوة المرحلة الثانية بعد نجاح المرحلة الأولى.

وأوضح أن كارت الفلاح مر بالعديد من المراحل كان أولاها تحقيق البنية المعلوماتية، وتم الانتهاء منها، مضيفا أن الوزارة بدأت فى المرحلة الثانية، وهى مرحلة الحصر المتعلقة بتحديث بيانات الحائزين.

ولفت المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة، إلى أن كارت الفلاح يهدف إلى بناء منظومة حديثة للزراعة وتطوير القطاع تعتمد على إنشاء قاعدة بيانات زراعية دقيقة، تساعد فى تنفيذ الاستراتيجيات واتخاذ القرار المناسب.

وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن منظومة كارت الفلاح جاءت للتخلص من الحيازة الورقية التى يمتلكها الفلاح لتكون مميكنة تتعامل بالكمبيوتر.

وأضاف «أبوصدام»، فى تصريحات صحفية، أن الورق يمكن أن يتعرض للفساد أو التزوير، مشيرا إلى أن الكارت الذكى يقضى على الفساد الورقى.

وأوضح نقيب الفلاحين، أن الكارت الذكى يسهل على الفلاح عمله فى جميع العمليات الزراعية، كما أنه يحتوى على كل ما يخص المزارع، متابعا، «خطوة كبيرة نحو الزراعة المتطورة والحديثة».

وأشار إلى أن صاحب الحيازة هو من يملك الكارت الذكى، وإجراءات استخراجه بسيطة للغاية، فعلى الفلاح أن يتجه نحو الجمعية الزراعية أو مقر البنك الزراعى المصرى الخاص بقريته ويملأ النموذج المعد لذلك ويستلم الكارت بعد التأكد من البيانات المدونة فيه عن طريق الوزارة.

 

تسويق المحاصيل.. أزمة كل عام

 

تسويق المحصول عملية يجنى فيها الفلاح ثمار تعبه سنة كاملة، إلا أن الفلاحين فى مصر يعانون بشدة من فشل تسويق محاصيلهم، وخاصة المحاصيل الاستراتيجية كالقطن والقمح والقصب وغيرها.

وترتبط عملية التسويق ارتباطا وثيقا بتحديد سعر المحصول، وهنا تكمن المشكلة فالفلاح يزرع الأرض بتكاليف عالية بعد ارتفاع أسعار الوقود ومستلزمات الإنتاج عقب تعويم الجنيه فى نوفمبر 2016، وفى المقابل تحدد الحكومة أسعارًا غير مناسبة للمحاصيل الاستراتيجية، ما يؤدى إلى ترك الفلاح زراعة ذلك المحصول والاتجاه إلى زراعة محصول آخر، أو استمراره فى زراعة نفس المحصول مع تحمله للخسائر أو عدم الربح.

ولذلك يطالب الفلاحون دائما الحكومة بحل مشكلات تسويق المحاصيل، وتطبيق المادة 29 من الدستور التى تؤكد على الالتزام بتطبيق الزراعة التعاقدية للمحاصيل الاستراتيجية وتحديد السعر قبل بدء موسم الزراعة، حتى يطمئن الفلاح على محصوله ويستمر فى الزراعة.

وتنص المادة 29، على أن الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها، كما تلتزم بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى، وتشجيع الصناعات التى تقوم عليهما، وتلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية، كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الأراضى المستصلحة لصغار الفلاحين وشباب الخريجين، وحماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون.

وقال محمد برغش رئيس جمعية السلام لاستصلاح الأراضى بالبحيرة إن مشكلة تسويق المحاصيل لن يتم حلها إلا بالتطبيق الكامل لنص المادة 29 من الدستور.

وأوضح «برغش»، أن الحكومة يجب عليها إعلان أسعار المحاصيل قبل بدء موسم الزراعة وخاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والقصب وغيرها، وتطبيق الزراعة التعاقدية بشكل دائم كما ينص الدستور.

وأشار «برغش»، إلى أن فشل تسويق المحاصيل قد يؤدى إلى اتجاه الفلاحين إلى زراعة محاصيل غير استراتيجية ويتم تصديرها إلى الخارج لتحقيق مكاسب وأرباح مثل النباتات الطبية والعطرية وغيرها.

وعن مشكلات الفلاحين فى توريد محصول كالقمح مثلا، قال مجدى أبوالعلا، نقيب فلاحي الجيزة، إن عدم تجهيز الشون الزراعية بشكل جيد، وترك الفلاح فريسة للتجار، وطول المسافة بين أماكن التوريد وأراضى الفلاحين، تؤدى إلى فقدان نسبة من الإنتاج نحن فى أشد الحاجة إليها.

وأضاف «أبوالعلا»، أن إنتاج مصر من القمح من الممكن أن يرتفع فى حالة تشجيع الحكومة للفلاح لزراعته والتوسع فيه، من خلال وضع سعر مناسب للقمح قبل الزراعة يتناسب مع ارتفاع تكاليف الإنتاج من وقود وأسمدة وتقاوى، لأن الفلاحين يحجمون عن زراعة القمح بسبب السعر المنخفض الذى تحدده الحكومة مقارنة بارتفاع التكاليف.

وأوضح نقيب فلاحي الجيزة، أن حل مشكلات الفلاحين أثناء عملية توريد القمح عقب الحصاد ستؤدى إلى زيادة الإنتاج وتقليل الفجوة بين الاستيراد والاستهلاك، ولذلك يجب على الحكومة الإسراع فى حل مشكلات هذا المحصول، لأن فشل تسويقه وإحجام الفلاحين عن زراعته يؤدى إلى زيادة الاستيراد من الخارج وبالتالى فقدان العملة الصعبة التى نحتاجها.

وتراوحت مساحات القمح المزروعة هذا العام ما بين 3.1 و3.2 مليون فدان، ما يقل عن المستهدف البالغ 3.5 مليون فدان، وفقا لتصريحات رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة، عباس الشناوى.

وكانت وزارة الزراعة تستهدف زراعة 3.5 مليون فدان هذا العام، مقارنة بنحو 3.16 مليون فدان فى العام الماضى.

وقال وزير التموين، على المصيلحى، فى نوفمبر الماضى، إن مصر تستهدف شراء قمح ما بين 6 إلى 6.2 مليون طن خلال العام المالى الجارى 2019-2020.

وتنتج مصر نحو 9 ملايين طن قمح سنويا، وتستهلك نحو 16 مليون طن، حيث يستهلك رغيف الخبز المدعم 9.6 مليون طن، يتم توفير 3.6 مليون طن من الإنتاج المحلى، والدولة تستورد 6 ملايين طن.

وحول مشكلات تسويق محصول القطن، قال الدكتور محمد عبدالمجيد، مدير معهد بحوث القطن السابق،إن تسويق القطن له أساليب مختلفة، ونحن فى مصر لدينا مشكلة فى أسلوب تسويق المحصول.

وأضاف «عبدالمجيد»، أن أسلوب تسويق القطن فى الولايات المتحدة الأمريكية يتمثل فى أن الشركات والمصانع هى التى تطلب من الفلاحين زراعة القطن لحاجتها إليه فى التشغيل والتصنيع، وبالتالى سعر القطن يكون جيدا بالنسبة للمزارع لأنه يضمن بيعه فى النهاية لهذه الشركات.

وتابع: «أما فى الصين والهند الحكومة هى من تدعم زراعة القطن وتزود الفلاحين بكل ما يحتاجونه من مستلزمات سواء بذورًا أو أسمدة وغيرها، من أجل الحصول على الإنتاج فى نهاية الموسم لتشغيل المصانع العملاقة لديها والتى غزوا بها العالم كله، من خلال تصدير الملابس الجاهزة للدول المختلفة، وكذلك الحال فى دولة اليونان التى تدعم فيها الحكومة مزارعى القطن».

وأوضح مدير معهد بحوث القطن السابق، أن مصر تعتمد على أسلوب إعلان سعر ضمان المحصول قبل موسم الزراعة وهو سعر استرشادى وليس إلزاميا، ولذلك بعد الانتهاء من الحصاد قد نجد الأسعار أقل من السعر المعلن، وبالتالى تحدث مشكلات فى التسويق لدى الفلاحين، ولذلك فإن مصر فى حاجة لإعادة النظر فى منظومة أسلوب تسويق القطن.

وخلال عام 2016 انخفضت مساحة القطن إلى 130 ألف فدان، مقارنة بـ2 مليون فدان أواخر القرن الماضى، ثم بدأت فى الارتفاع خلال 2017 لتصل إلى 216 ألف فدان، ثم 336 ألف فدان موسم 2018، إلى أن انخفضت من جديد خلال موسم 2019 لتصل إلى 237 ألف فدان، ومن المتوقع أن تصل إلى 150 ألف فدان فى الموسم الحالى.

 

أسعار الأسمدة تقفز 300%

 

تعد الأسمدة الزراعية سواء العضوية منها أو الأزوتية، أحد العناصر الأساسية فى الزراعة بالنسبة للفلاح، ولذلك فإن توافرها باستمرار بأسعار مناسبة، أمر هام للغاية يساعد الفلاحين كثيرا فى تحسين جودة الأرض الزراعية وزيادة الإنتاج.

وخلال السنوات العشر الأخيرة، عانى الفلاح بشكل كبير من ارتفاع أسعار الأسمدة، والتى تضاعفت أسعارها بنسبة تقترب من 300% مقارنة بما كانت عليه قبل عام 2011، ما شكل عبئا إضافيا على المزارعين أدى إلى انخفاض أرباحهم وارتفاع تكاليف الزراعة.

هذا الارتفاع المتواصل فى أسعار الأسمدة جعل الفلاح يضطر إلى شراء ما يحتاجه من الأسمدة عن طريق الدفع بالتقسيط والاستدانة من التجار، ما أدى إلى تراكم الديون على عدد من الفلاحين الذين أصبحوا مهددين بدخول السجن فى حالة عدم دفع ديونهم، نتيجة انخفاض أسعار المحاصيل فى نهاية موسم الزراعة، وبالتالى تنخفض إيراداتهم وأرباحهم ويتخلفون عن السداد.

ويشكل ارتفاع أسعار الأسمدة سببًا رئيسيًا فى تهديد الفلاحين بالسجن، حيث يسعى الفلاح دائما إلى رعاية أرضه وزراعتها بشكل جيد حتى تنتج فى النهاية إنتاجا وفيرا يغطى التكلفة ويحقق أرباحًا، وبسبب تأخر صرف الأسمدة من الجمعيات الزراعية أو احتياج الأرض إلى أسمدة أكثر من التى يحصل عليها من الجمعيات الزراعية، يضطر الفلاح إلى شراء ما يحتاجه من السوق الحر بضعف ثمن السماد فى الجمعيات الزراعية.

وعقب قيام ثورة يناير 2011، شهدت أسعار الأسمدة سواء العضوية أو الأزوتية ارتفاعات متواصلة فى الأسعار، ففى شهر يونيو 2011، بدأت أول زيادة فى أسعار الأسمدة، وتضاعف سعر طن اليوريا من 650 إلى 1400 جنيه وسعر طن النترات من 620 إلى 1100 جنيه.

واستمرت القفزة فى الأسعار خلال الأعوام التالية حتى عام 2018، الذى وصل فيه سعر طن الأسمدة العضوية إلى 1860 جنيها، وطن اليوريا إلى 3290 جنيها، والنترات إلى 3190 جنيها، بينما وصلت فى السوق الحرة إلى

5400 جنيه للطن.

ومؤخرا، كشف الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، أن أسعار معظم المنتجات الزراعية من تقاوٍ ومبيدات وأسمدة ارتفعت خلال الفترة الأخيرة، حيث سجلت أسعار الأسمدة بمختلف أنواعها ارتفاعا خلال عام 2019.

وقفز متوسط سعر سماد اليوريا للأغراض الزراعية إلى 4088 جنيها للطن حتى شهر سبتمبر الماضى مقابل 2825 جنيها للطن خلال الشهر نفسه من العام السابق عليه، بزيادة قدرها 1263 جنيها فى العام.

وأضاف جهاز التعبئة والإحصاء، وفقا لتقرير صادر عنه، أن متوسط سعر طن سماد النترات المخصوص ارتفع إلى 2826 جنيها خلال شهر سبتمبر 2019 مقابل 2730 جنيها خلال الشهر نفسه من العام السابق عليه، بزيادة قدرها 96 جنيها.

وتنتج مصر 22 مليون طن مترى من الأسمدة، يتم ضخ 12 مليونا منها بالسوق المحلية، و10 ملايين توجه للتصدير، طبقا لبيانات نقابة الزراعيين.

من جانبه، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن الفلاحين يواجهون مشكلة فى تأخر صرف الأسمدة من الجمعيات الزراعية فى بعض المناطق.

وأضاف «أبوصدام»، أن هذا الأمر يجعل الفلاح يضطر لشراء ما يحتاجه من السوق الحر، كما أن بعض الأراضى تحتاج إلى أسمدة أكثر مما تصرفه الجمعيات الزراعية لكل فلاح فيلجأ إلى السوق ليشتريها ولكن بضعف الثمن.

وأوضح أبو صدام، أن بعض الفلاحين يعتقدون أن تسميد الأرض بكميات كبيرة يعطى إنتاجية أكبر، وبالتالى يستنزف الأرض الزراعية التى تحتاج إلى راحة وعدم الزراعة باستمرار طوال العام، فيحتاج فى العام التالى سمادًا أكثر وهكذا، ما يدفعه إلى شراء السماد من التجار بالتقسيط أو بشكل آجل، وفى حالة انخفاض أسعار المحاصيل عقب الحصاد لا يستطيع دفع ديونه للتاجر فيقيم ضده دعوى قضائية ويهدده بالحبس.

وأشار إلى أن مصر تنتج حوالى 21 مليون طن أسمدة أزوتية سنويا و2 مليون طن من الأسمدة الفوسفاتية وحوالى 400 ألف طن سماد بوتاسى، وتستهلك 55% من هذه الكمية ويتم تصدير الفائض.

ولفت أبوصدام، إلى أن تصدير الأسمدة للخارج يحقق عوائد كبيرة من العملة الصعبة، كما أن مصر تصدر الأسمدة إلى معظم دول العالم، ولذلك فإن تصديرها يقوى الاقتصاد الوطنى ويضيف قيمة كبيرة للخامات المصرية للاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة وتعظيم المردود الاقتصادى منها، فمصر تمتلك مخزونًا كبيرًا من الغاز الطبيعى والفوسفات، حيث يقدر احتياطى مصر من الفوسفات بنحو 3.1 تريليون طن.

وكشف نقيب الفلاحين، أن سعر طن أسمدة اليوريا حاليا 3290 جنيها فى الجمعيات الزراعية، وسعر طن أسمدة النترات 3190 جنيها، بينما يصل السعر فى السوق الحر إلى 5 آلاف جنيه، موضحا أن الطن يحتوى على 20 شيكارة.

الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، قال إن مصانع الأسمدة هى السبب فى أزمة تأخر الصرف للفلاحين.

وأضاف صيام، أن تعنت المصانع فى تقليل الإنتاج والتصدير للدول الخارجية سبب رئيسى فى عدم وجود الأسمدة فى السوق وارتفاع سعرها وبيعها فى السوق السوداء بأضعاف سعرها.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى، أن مشروع الأسمدة الفوسفاتية الذى تم افتتاحه العام الماضى سيساعد بشكل كبير فى القضاء على أزمة الأسمدة وارتفاع أسعارها بشكل مستمر، مشيرا إلى أن الأسمدة الفوسفاتية تعد من أهم الأسمدة فى الفترة الأخيرة وتخدم المحاصيل بصورة كبيرة، لأن عنصر الفوسفات له أهمية كبيرة للغاية فى المحاصيل الزراعية.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، افتتح مجمع الأسمدة الفوسفاتية والمركبة بالمنطقة الصناعية بالعين السخنة أغسطس الماضى.

 

خبراء يرسمون ملامح سياسة زراعية ناجحة

 

اقترح خبراء زراعيون، عددا من الحلول لمواجهة مشاكل وأزمات الزراعة فى مصر، تمثلت أبرزها فى زيادة الاستثمارات العامة فى القطاع الزراعى، واستخدام سياسات جديدة فى الزراعة عن طريق الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والبحوث الزراعية.

وأضاف الخبراء، أنه لابد من تحسين سلسلة تسويق المحاصيل، سواء التخزين والتبريد والنقل أو إنشاء الأسواق الجملة فى المحافظات، فضلا عن زيادة تفعيل دور مركز البحوث الزراعية حتى يستطيع توفير أفضل البذور للفلاحين، وتشديد الرقابة على سوق المبيدات التى تباع للمزارعين.

من جانبه، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن قطاع الزراعة لا يجد الاهتمام الأمثل من الحكومة فى السنوات الأخيرة، سواء فى مشكلات تسويق المحاصيل أو تحديد أسعارها أو انتقاء البذور الجيدة.

وأضاف صيام، أنه لابد من إعطاء الزراعة أهمية أكبر من الوضع الحالى، لأنه لا يوجد اهتمام بالخدمات الرئيسية التى من المفترض أن تؤدى للمزارعين من جانب الحكومة، كالإرشاد الزراعى والبحوث الزراعية بسبب ضعف ميزانياتها.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أن نصيب الزراعة فى الاستثمارات العامة ضئيل جدا، ولا يتجاوز 2% مقارنة بالقطاعات الأخرى مثل الصناعة والخدمات كالسياحة والاتصالات، ولذلك فإنه لا يمكن إحداث نهضة زراعية إلا من خلال تغيير جذرى فى السياسات الزراعية فى ظل مساحة الرقعة الزراعية التى تكاد تكون ثابتة أو تتراجع سنويا، وكميات محدودة من المياه تتمثل فى 55 مليار متر مكعب من النيل والمياه المعاد تدويرها من الصرف الزراعى.

وأكد صيام، أنه لا مفر من استخدام سياسات جديدة فى الزراعة عن طريق الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والبحوث الزراعية بشكل كبير لتحقيق أقصى استفادة من هذه الكميات المحدودة من المياه والرقعة الزراعية الصغيرة، كما يجب إنتاج أصناف تقاوى عالية الإنتاجية توفر المياه، فضلا عن ضرورة التخطيط طويل الأجل للزراعة حتى 2050، بسبب مأزق المياه الذى تواجهه مصر حاليا، ليس بسبب سد النهضة فقط وإنما بسبب الزيادة السكانية الكبيرة التى تؤدى إلى خفض نصيب الفرد من المياه إلى 400 متر مكعب مقارنة بـ600 متر حاليا.

وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعى، إلى أنه لابد من حل مشاكل تسويق المحاصيل، لأن 30% تقريبا من الإنتاج الزراعى فى الخضراوات والفاكهة تفقده الدولة، و10% فى الحبوب بسبب التسويق السيئ للمحاصيل، ولذلك لابد من تحسين سلسلة التسويق، سواء التخزين والتبريد والنقل أو إنشاء الأسواق الجملة فى المحافظات، لأن مصر لا يوجد بها سوى 4 أسواق لبيع الجملة فقط، وهذه مشكلة كبيرة للفلاح وخاصة إذا كان من محافظات بعيدة لأنها ترفع تكلفة النقل عليه بشكل كبير.

وطالب «صيام»، بضرورة عودة دور التعاونيات من جديد فى مسألة التعامل مع الفلاحين وخاصة الصغار منهم لتنظيم العمل بشكل أكبر، إضافة إلى ضرورة التوسع فى استخدام الطاقة الجديدة فى توليد الطاقة للزراعة من أجل تخفيض التكلفة على الفلاحين وضخ استثمارات ضخمة فى هذا المجال.

النائب رائف تمراز، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، قال إن الفلاحين يعانون من مشاكل كثيرة ويجب على الحكومة أن تتحرك سريعا لحلها على أرض الواقع.

وأضاف تمراز، أن أبرز هذه المشاكل تتمثل فى أزمات البنك الزراعى المصرى المتكررة مع المتعثرين من الفلاحين، ومشكلة استيراد البذور من الخارج، مشيرا إلى أن مصر تستورد بمليار دولار بذور خضراوات فقط سنويا من الخارج بأسعار مرتفعة جدا.

وتابع تمراز، «لذلك لابد أن يكون لدينا مركز بحوث قوى يستطيع توفير أفضل البذور للفلاحين، لأنه لو حدثت مشكلة فى استيراد أى نوع من البذور فى أى دولة نستورد منها، فإن ذلك سيتسبب فى مشكلة كبيرة لدينا لأننا لن نزرع هذا الصنف وسيتأثر بذلك المجتمع المصرى، ونضع أنفسنا تحت رحمة هذه الدول».

وأوضح عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، أن من ضمن المشكلات أيضا مبيدات مصانع بير السلم التى لا يعلم مصدرها الفلاحون وتؤثر على التربة والمحصول، ولذلك يجب تشديد الرقابة على المبيدات التى تؤثر فى النهاية على صحة المواطن، كما أنه لابد من وجود رش إجبارى ومكافحة للآفات والأمراض التى تصيب المحاصيل الزراعية بشكل مستمر حتى لا تتلف المحاصيل.

وطالب تمراز، بضرورة عودة الإرشاد الزراعى للقرى من جديد بعد انقراض هذه الوظيفة تقريبا خلال السنوات السابقة، لافتا إلى أن بديل موظفى الإرشاد الزراعى هو نزول الـ13 ألف باحث الموجودين فى مركز البحوث الزراعية من مكاتبهم إلى الأراضى الزراعية والتواصل مع الفلاحين، بإحلال الباحث محل المرشد الزراعى.

كما طالب بحل مشاكل التسويق التى تواجه الفلاحين فى معظم المحاصيل من خلال إعلان الحكومة أسعار المحاصيل الاستراتيجية قبل الزراعة بمدة كافية وتوفير مستلزمات الإنتاج بما يوفر هامش ربح للفلاح، وعمل خريطة صنفية للمحاصيل الاستراتيجية ووضع استراتيجية طويلة الأجل للزراعة لمدة 50 عاما دون الارتباط بأى من الوزراء أو الحكومات، وعودة الدور الرئيسى للجمعيات التعاونية من جديد لما لها من وظائف مهمة للفلاحين من خلال قانون التعاونيات الجديد.

واقترح عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، إنشاء صندوق دعم الفلاح ضد الكوارث دون تكليف الدولة أى مصروفات من خلال فرض رسوم بسيطة على كل من يعمل فى إطار الاقتصاد الزراعى، فضلا عن ضرورة تقنين أراضى وضع اليد والتصالح مع الفلاحين لتحصيل مليارات الجنيهات الدولة فى أشد الحاجة إليها، وإعطاء الأراضى للفلاحين بنظام الانتفاع من أجل زيادة مساحة الرقعة الزراعية بدلا من التعدى على الأراضى الموجودة حاليا.