وراء كل حادثة.. فتش عن قطع الغيار....المضروبة

عزبة شلبى وميت الحارون وكفر طهرمس أشهر مراكز تدوير الإطارات القديمة

الغشاشون يستغلون حكاية «الغالى ثمنه فيه» ويبيعون «المضروب» بسعر «المستورد»!

سماسرة يتخصصون فى تجميع السيارات القديمة.. وورش «بير السلم» تفككها وتعيد بيعها فى محلات وسط البلد وعلى الطرق السريعة

قبل أن ينطلق بسيارته مسافراً إلى الإسكندرية تأكد أحمد الصاوى، مدير عام بإحدى المؤسسات الصحفية، من سلامة إطارات السيارات وزيت الفرامل وغيرهما، ثم انطلق على طريق «مصر- الإسكندرية» الزراعى، وما إن وصل إلى مدخل قليوب ـ 15 كيلو شمال القاهرة، حتى فوجئ بثلاثة أطفال يعبرون الطريق أمامه، على الفور ضغط على الفرامل ليوقف السيارة حتى لا تصدم الأطفال الثلاثة، ولكنه فوجئ بالسيارة تنحرف عن مسارها وتطيح بالأطفال.

أصيب «الصاوى» بحالة من الهلع خوفاً على الأطفال، واتجه بهم مسرعاً لأقرب مستشفى وتواصل مع أسرهم، الذين رفضوا تحرير محضر بالواقعة بعدما علموا أن السبب هو القضاء والقدر.

الواقعة لم تمر على «الصاوى» مرور الكرام، فاتجه بسيارته لأقرب مهندس فنى وأخبره بأن سبب الحادث زيت الفرامل الذى لم يكن من النوع الجيد «صناعة بير سلم»، وهذه الحادثة واحدة من الكوارث التى تقع بسبب قطع غيار السيارات،

واقعة «الصاوى» ليست الأولى من نوعها، حيث أشار الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إلى أن النصف الأول من عام 2019 شهد 4426 حادثة فى نفس الفترة عام 2018 بنسبة ارتفاع قدرها 17,9٪ نتج عنها 1567 متوفياً، 6046 مصاباً، 8335 مركبة تالفة.

كما ارتفع معدل الحوادث إلى 870 (حادثة/ شهر) فى النصف الأول عام 2019 مقابل 738 (حادثة/ شهر) فى الفترة نفسه عام 2018، وتصدر شهر يناير من العام الماضى الأعلى نسبة فى الحوادث، حيث بلغ 968 حادثة بنسبة قدرها 18,5٪، يليه شهر مايو 917 حادثة بنسبة قدرها 17,6٪ من إجمالى الحوادث على مستوى الشهور، فالنصف الأول عام 2019.

وفى عام 2017 بلغ إجمالى عدد حوادث السيارات على جميع الطرق 5836، مقابل 7101 حادث فى نفس الفترة من عام 2016 بانخفاض بلغ نسبته 17,8٪ نتج عنها 1929 متوفى، و7217 مصاباً، و9006 مركبات تالفة.

السوق «المضروب»

«الوفد» كشفت العديد من الحقائق فى تحقيق ميدانى أجرته لكشف حالة سوق السيارات وقطع الغيار المغشوشة، وكانت البداية من سوق التوفيقية بوسط القاهرة، حيث ملاذ جميع السائقين لشراء أنواع الإطارات والبطاريات والزيوت كما تعد المنطقة الأشهر فى بيع قطع الغيار الأصلية.

كارثة أى سيارة تبدأ من قدوم الزبون إلى إحدى محلات بير السلم، يطلب منه تغير الإطار، فيعرض عليه البائع إطارات مختلفة الأنواع بنصف ثمن الإطار الجديد، ويحاول البائع إقناع الزبون بجودته، فلم يقع فى تلك المصيدة كثيراً سوى المسافرين على الطريق السريع فلم يجد اختيار أمامه سوى الشراء لقضاء مصلحته.

ورصدت «الوفد» أسعار الإطارات الجديدة، بحسب ما قاله أحمد على، بائع إطارات فى التوفيقية، فنجد ميشلان مقاس 13 من 500 إلى 600 جنيه ومقاس 15 من 850 إلى 950 جنيهاً، وتتراوح أسعار إطارات بريدجستون مقاس 13 من 600 إلى 800 جنيه، ومقاس 14 يصل إلى 950 جنيهاً، ومقاس 15 إلى 1200 جنيه، ومقاس 16 يصل إلى 1550 جنيهاً، ووصلت أسعار إطار كومهو مقاس 15 فيتنامى بسعر 920 جنيهاً، وإطارات لاسا مقاس 14 التركية بسعر 630 جنيهاً، كما سجلت إطارات نكسن مقاس 15 الكورية سعر 875 جنيهاً، وإطارات سوموتومو مقاس 14 اليابانية سعر 825 جنيهاً، والإندونيسية مقاس 16 من 950 إلى 1100 جنيه.

وحسب الخبراء فإن أشهر طرق التلاعب فى قطع غيار السيارات تم من خلال إعادة استخدام أجزاء من سيارات قديمة متهالكة ويتم تشحيمها وتغليفها وإعادة طرحها للبيع على أنها قطع غيار جديدة فيما تتم إعادة تدوير إطارات السيارات وإعادة بيعها على أنها جديدة!

 وحول كيفية تدوير إطارات السيارات القديمة فى ورش بير السلم، قال بائع طلب عدم ذكر اسمه، إن تلك العملية لا يقوم بها سوى معدومى الضمير لأنها تزهق أرواح مئات المواطنين، وأضاف التدوير يبدأ بصقل وكشط كامل للإطار للتخلص من المداسات القديمة ثم يتم التنظيف الإطار وإزالة المطاط المقطوع والأسلاك ورش الإطار بمواد لإزالة الأتربة وبعدها يتم تركيب طبقة مطاطية جديدة، ويتم بعدها عمل المداس الجديد، ويقوم فنى بعمل النقشة الجديدة.

 وأضاف فكرة تجديد مداس الإطارات لخفض التكلفة بدأت من أوروبا، وكان ذلك بسبب أسعار إطارات الطائرات المرتفعة، فحاول الأوروبيون ابتكار أساليب جديدة وبديلة للهرب من نار الأسعار، بشرط أن تكون صناعة صديقة للبيئة، ثم انتقلت الفكرة لإطارات سيارات النقل الثقيل والمعدات الثقيلة.

صنايعية الموت

التقت «الوفد» بأحد باعة الإطارات المعاد تدويرها وقد اشترط عدم ذكر اسمه.. وقال أشهر ورش تدوير الإطارات القديمة توجد فى عزبة شلبى وميت الحارون، كما توجد ورش على طريق كفر طهرمس.

وحول طرق تدوير هذه الإطارات قال يقوم العمال بإعادة نقش الإطارات المستعملة، وهناك ورش تحفر بماكينات، وورش تحفر يدوياً بأدوات وطرق بدائية مخالفة للمواصفات القياسية وهو أمر فى غاية الخطورة.

وتابع الإطار يتراوح ما بين 100 و200 جنيه حسب مقاس السيارة.

«أسعار بيع قطع الغيار المضروبة فى منطقة وسط البلد هى نفس سعر القطع الجديدة».. بهذه الجملة استهل أحد بائعى قطع غيار السيارات كلامه وقال إن البائعين يلجؤون لحيل شيطانية لإقناع السائقين بشراء قطع غيارات مضروبة بأسعار عالية، وتابع: «الممنوع مرغوب.. كلما تلاقى السعر عالى يطمئن قلبك للسلعة» اعتقادا منهم أن الغالى ثمنه فيه.

وأشار البائع إلى أن عمليات الغش تبدأ من السريحة وجامعى القمامة الذين يرشدون عن السيارات المتهالكة المركونة فى مكان ما، وذلك مقابل «إكرامية» يدفعها البائع للسريح، وحينها إما أن يقوم البائع بنفسه بالانتقال إلى مكان السيارات المتهالكة أو يرسل السريح لنقل الهياكل مقابل مبلغ مالى وبعد ذلك يقوم البائع بتقطيع السيارة وتفكيك جميع قطع الغيار وإعادة تدويرها من خلال التنظيف بفرشاة وإعادة تشحيمها، ثم تباع مرة أخرى فى سوق وسط البلد على انها جديدة، وتباع أيضاً على الطرق السريعة على أنها معاد استخدامها، وتابع: «زبون وسط البلد يمكنه أن يتجول بين المحلات ومن

الصعب عليه أن يكتشف الفارق بين قطع الغيار الجديدة من القديمة حتى إن كان سائقاً ذا خبرة على الأسفلت.. أما زبون الطريق السريع فلا بديل أمامه سوى شراء المستعمل إذا كان محدود الدخل».

زيت الفرامل

وكشف أحد سائقى النقل الثقيل، ويدعى رامى شوكت، تفاصيل أكثر عن «زيت الباكم» الخاص بفرامل السيارات، قائلاً إنه الأكثر استخداماً فى السوق بين التجار وكثيراً ما يتسبب فى الحوادث المتكررة.

وتابع: «زيت الباكم» عادة ما يستخدمه معدومو الضمير أيضاً فى تلميع قطع الغيار لتصبح أشبه بالقطع الجديدة، وسعره لا يتجاوز الـ25 جنيهاً للزيوت الأفضل استخداماً والأكثر شيوعاً بين السائقين.

و«لكن الخطر فى أن بعض الناس يستعملون زيت الباكم من أى نوع وخلاص وده بيعمل مشكلة كبيرة»، كما قال شريف صبرى، سائق نقل: «من الضرورى على المشترى من السائقين أن يلتفت إلى نوع الباكم الذى يتم وضعه لسيارته»، وتابع: «لو حطيت أى زيت وخلاص هتلاقى الماستر العلوى ضرب لأن الجلد بتاعه نشف من الزيت وطبعاً ده هيخليك تروح تشترى ماستر فرامل جديد».

سوق «المضروب»

أجرت «الوفد» جولة داخل عدد من أسواق قطع غيار السيارات، وكشفت العديد من الحقائق عن حالة سوق السيارات وقطع الغيار المغشوشة، وكانت البداية من سوق التوفيقية بوسط القاهرة، وهو ملاذ جميع السائقين لشراء أنواع الإطارات والبطاريات والزيوت كما تعد المنطقة الأشهر فى بيع قطع الغيار الأصلية.

والكارثة تبدأ من قرار الشراء من إحدى محلات بير السلم،، فيعرض عليه البائع إطارات مختلفة الأنواع بنصف ثمن الإطار الجديد، وعلى خلاف الحقيقة يحاول البائع إقناع الزبون بجوته.

وحسن أحمد على، بائع إطارات فى التوفيقية، فإن سعر أحد أشهر ما كان الإطارات مقاس 13 تتراوح بين 500 و600 جنيه ومقاس 15 من 850 إلى 950 جنيهاً، وتتراوح أسعار إطارات ماركة أخرى مقاس 13 من 600 إلى 800 جنيه، ومقاس 14 يصل إلى 950 جنيهاً، ومقاس 15 إلى 1200 جنيه، ومقاس 16 يصل إلى 1550 جنيهاً، ووصلت أسعار نوع ثالث من الإطارات مقاس 15 فيتنامى بسعر 920 جنيهاً، وإطارات ماركة أخرى مقاس 14 التركية بسعر 630 جنيهاً، كما سجلت والإطار الاندونيسى مقاس 15 سعر 875 جنيهاً، والإطار اليابانى مقاس 14 اليابانية سعر 825 جنيهاً، والإطار الكورى مقاس 16 يتراوح سعر من 950 إلى 1100 جنيه.

من أجل قيادة آمنة

قدم ناصر العشرى، صاحب أحد معارض السيارات الشهيرة، بعض النصائح لقائدى السيارات لعدم السقوط فى شباك بائعى المستعمل، وقال يجب عدم شراء أى إطار صنع قبل عام مضى من التصنيع أو بعد عامين من ضمان صلاحية، وأضاف تركيب إطار غير ملائم للسيارة من حيث المقاس، السرعة القصوى، طبيعة المناخ، الحمولة الزائدة للركاب والبضائع، يعرض السائق للحوادث.

وتابع: عيب الاهتمام بإطارات السيارة ومن ثم يجب التأكد من سلامة الإطار وجودته، مع ملاحظة أن ضغط الهواء المنخفض مع ارتفاع درجة الحرارة يتسبب فى تدمير مفاجئ للإطار، وضبط استقامة الإطارات والاتزان من الأمور المهمة لتحقيق السلامة الكافية أثناء القيادة، تفحص إطارات سيارتك مرة على الأقل كل شهر للبحث عن أى تلف أو قطع بجسم الإطار.

وأشار العشرى إلى أن الإطارات التى تحتوى على شمبر داخلى يفضل فيها شراء الإطارات ذات التاريخ القديم، فكلما كان الإطار أقدم كلما كان أفضل وأقوى، مشيراً إلى أن هذا الإطار لا يفضل استخدامه فى الأحمال والمسافات الطويلة.

كما قدم «العشرى» بعض النصائح المهمة للسائقين حال تعرضهم لانفجار إطار السيارة على الطريق، وقال يجب أن يتحكم فى نفسه إذا انفجر أحد إطارات سياراته أثناء السير وعليه أن يظل هادئاً على قدر المستطاع، وألا يضع قدمه على الفرامل ولا يقوم بضغطها نهائياً وإلا انقلبت السيارة على الفور، كما يجب ألا يحاول الخروج من الطريق، فيجب البقاء على مسار مستقيم قدر الإمكان.

 

أنفو

5220 حادث سيارات وقع فى الشهور الستة الأولى من 2019

1567 مصرياً فقدوا حياتهم بسبب حوادث السيارات فى 180 يوماً

8335 مركبة تلفت بسبب الحوادث خلال النصف الأول من العام الماضى