رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التحرش جريمة تحتاج إلى رادع أخلاقى وقانونى

بوابة الوفد الإلكترونية

اقتراح برلمانى بزيادة عقوبة المتحرش إلى السجن حتى 10 سنوات ومليون جنيه غرامة

النائب محمد إسماعيل: العقوبة يجب أن تشمل كل من يبرر التحرش بدعوى الملابس المثيرة

نهاد أبوالقمصان: يتحدثون عن الحجاب والنقاب ولا أحد يتحدث عن غض البصر

عزة سليمان: الخطاب الإعلامى وراء زيادة جرائم التحرش

 

فى لحظة يتحول الإنسان إلى كائن أحط قدراً من الحيوان.. يمزق أخلاقه، وينزع عن نفسه بقايا الدين الذى يعتنقه، ويستسلم لأغلال نار موقدة، لا يطفئها إلا لهيب جسد أنثوى.. وعندها يتخلى عن إنسانيته وقيمه ومبادئه ودينه ويصير متحرشاً.

الخبراء أرجعوا عملية التحول هذه إلى اختلالات فى التربية والتدين والسلوك العام، ودار الإفتاء المصرية قالت إن التحرش يعتبر من كبائر الذنوب، ورغم ذلك لا تتوقف جرائم التحرش رغم كل الجهود التى تقوم بها أجهزة الدولة فى مواجهتها.

صحيح أن معدلات انتشار الجريمة في تراجع، ولكن بين الحين والآخر تظهر على السطح جريمة تحرش بشعة، كان آخرها قضية المدرس الذى تحرش بـ120 تلميذة فى المدارس الابتدائية، وهى القضية التى أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها بفصل المدرس المتحرش، وتعود الواقعة لعام 2013، والمدرس كان يعمل مدرس رياضيات بمدرسة بإدارة الجمرك، تحرش فى ذلك الوقت بـ120 تلميذة بالصف السادس الابتدائى، فى فصلين كاملين، وتمت إدانة المدرس «م. ع» فى القضية رقم «1078/117 ج اللبان» وحكم عليه بالسجن المؤبد فى عام 2015، وما زال يقضى العقوبة بالسجن، وتم رفع اسمه من الخدمة بمديرية التربية والتعليم بالقرار رقم 18 بتاريخ 14 مايو 2017، المدرس تقدم بالطعن على قرار فصله أمام المحكمة الإدارية العليا، والمحكمة العليا الإدارية أصدرت حكماً بتأييد قرار الفصل بتاريخ 9 فبراير 2020.

كان معروفا عن المصرى شدة الاحترام للمرأة، حتى كتب الأستاذ فكرى أباظة، عام 1932، مقالاً يهاجم فيه تدهور أخلاق الشباب وفساد تربيتهم، وقال إن الشاب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف محطة الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى البجاحة ويقول لها دون سابق معرفة «بنسوار يا هانم».. وكان هذا الموقف يحمل قمة التجاوز فى ثلاثينيات القرن الماضى، ولكن الأمور تدهورت عاماً بعد آخر، حتى وصلت مع مطلع القرن الحالى إلى شكل من التحرش فاق كل الحدود.

والتحرش الجنسى ضد النساء مشكلة عالمية، وهو شكل من أشكال العنف الجنسى، ويشكل التحرش انتهاكاً لحقوق الإنسان.

وفى السنوات الأخيرة زادت نسبة التحرش فى الوطن العربى بشكل ملحوظ جداً حتى وصلت إلى التحرش واغتصاب الأطفال، رغم أن التحرش يخالف قواعد وتقاليد وأعراف وعادات المجتمع العربى.

والتحرش له نوعان، الأول: جسدى وهو الأكثر بشاعة.. والثانى: تحرش لفظى وهو أقل نسبياً من النوع الأول، وفى إحصائية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فإن واحدة من كل أربع نساء تتعرض للتحرش بشكل يومى.

واقعة التحرش بفتاة المنصورة بمحافظة الدقهلية، والتى حدثت خلال الاحتفال ببداية العام الجديد 2020، دفعت النائب محمد إسماعيل، إلى التقدم بمشروع قانون بمقترح لتغليظ العقوبة على المتحرش، حتى تصل إلى السجن من خمس إلى عشر سنوات، وغرامة مالية تبدأ من خمسين ألف جنيه إلى نصف مليون جنيه.

وفى المقابل يرى بعض الحقوقيين، أن تشديد العقوبة على المتحرش إحدى الأدوات الرادعة ولكنها ليست كل الأدوات، مؤكدين أن العقوبات الحالية تعتبر رادعة، ولكن هناك خللا فى تطبيق العقوبة، مطالبين باستكمال التحقيقات حتى إن قامت الفتاة بالتنازل عن المحضر، جراء التهديدات التى تتلقاها من أسرة المتحرش هى وأسرتها.

قال النائب محمد إسماعيل: إنه قدم مقترحا ليس لتشديد العقوبة على المتحرش فقط، بل هناك عقوبات سوف تقع على كل من يحاول أن يعطى ذريعة للمتحرش للقيام بجريمته، ومن هؤلاء بعض الإعلاميين الذين يتحدثون دائماً عن لبس الفتيات وهو ما يدفع بعض الأشخاص للتحرش، لافتاً إلى أن المتحرش لا يفرق بين منتقبة أو متبرجة أو فتاة صغيرة أو سيدة طاعنة فى السن، ولكن هناك فى غرضا فى نفسه يريد التخلص منه وبأى صورة، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك عقوبة مالية ومنع الكاتب من الكتابة وعدم ظهور الإعلامى الذى يعطى ذريعة للمتحرش بالقيام بفعلته من على الشاشة.

وقال: العقوبة على المتحرش نفسه سوف يتم تشديدها، من غرامه تبدأ من خمسين ألف جنيه إلى نصف مليون جنيه، لكى تكون رادعا لأى متحرش والحبس يبدأ من خمس إلى عشر سنوات، موضحاً أن هناك استجابة من النواب للقضاء على ظاهرة التحرش وتشديد العقوبات على المتحرش.

وأكد أن عدم إبلاغ الكثير من الفتيات اللاتى يتعرضن للتحرش، نتيجة خوف الفتاة من نظرة المجتمع لها يساعد المتحرش على مواصلة جرائمه يوماً بعد آخر.. وقال: بعض الفتيات غير المتزوجات يعتقدن أن العرسان سوف يبتعدون عنها وفرصة زواجها سوف تنخفض، كما أن السيدة المتزوجة تخشى المعاناة من أزمة نفسية مع زوجها وأولادها، مضيفاً أنه لابد أن من تغير نظرة المجتمع للمرأة، ولابد أن يكون هناك دورات تدريبية للقضاء على بعض العادات والتقاليد الخاطئة، ويجب أن يكون للدراما دور قوى فى توعية المجتمع من خلال الأفلام التى تحث على عدم التحرش ونبذ العنف ضد النساء، كما يجب نشر التوعية الدينية فى الفترات القادمة سواء الدين الإسلامى أو المسيحى.

كما يجب أن يكون هناك توعية كبيرة حول التأثير النفسى على ضحايا التحرش، ونوع من التوصيات تتمثل فى البعد عن أماكن التجمعات والأماكن التى يوجد بها ممن لا يدركون للحفاظ على النفس، وضرورة أن يكون هناك توعية تعليمية، مع تطبيق العقوبات المالية التى ستجعل كل من تسول له نفسه القيام بهذا الأمر التفكير ألف مرة قبل الإقدام عليه، خاصة بعدما أصبحت هذه الظاهرة تؤرق المجتمع، وضرورة أن يكون هناك أعمال فنية هادفة، والبعد عن الأعمال التى ترسخ لمثل هذه الأفعال والتى تحتوى على بعض المشاهد أو الألفاظ الخادشة للحياة، خاصة أن الفن من الأسلحة التى الممكن أن يكون لها دور كبير فى زيادة الوعى لدى المواطنين، والعمل على إرساء الأخلاق الرفيعة، وإلقاء الضوء على بعض الحالات المتحرشين الذين يتم توقيع عقوبات عليهم حتى يكون عبرة لغيره، مؤكداً أن القانون الحالى تضمن عقوبات مغلظة، ولكن لابد من فرض غرامة مالية على المتحرشين، وفى حال عدم القدرة على الدفع يستبدل ذلك بسنوات حبس إضافية.

 

انحدار فى القيم

قالت عزة سليمان، رئيس مجلس أمناء مركز قضايا المرأة: إن ردع المتحرش ليس فى تغليظ العقوبات فقط، ولكن فى تغير الفكر التى تتعامل به أجهزة الدولة مع جريمة التحرش وأغلبها يرى دائماً أن الست هى المسئولة عن زيادة نسب التحرش، وهناك استباحة رسمية للمرأة، وبالتالى المجتمع يستبيح السيدات وهو ما أفرز التحرشات الجماعية التى بدأنا نراها منذ فترة ليست بعيدة.

وأضافت: العقوبات هى إحدي أدوات مواجهة التحرش ولكنها ليست كل الأدوات، لافتة إلى أنه منذ سنوات تم إنشاء وحدة مناهضة العنف ضد النساء فى وزارة الداخلية، مؤكدة أنها لا ترى تلك الوحدات تعمل إلا فى الأعياد أو المواسم، كما أن الخطاب الإعلامى بدأ يتحدث فى بعض البرامج أن الستات هن السبب فى التحرش، وبعض أساتذة الجامعة وبعض الشيوخ يؤكدون أن المرأة هى السبب فى وقوع جريمة التحرش، لافتة إلى أن الدولة مسئولة عن تلك الخطابات الإعلامية والدينية التى تحرض ضد المرأة.

وأوضحت أن القضاء على التحرش ليس بتشديد العقوبات فقط، ولكن يجب على الدولة وضع استراتيجية لمنع التحرش، لافتة إلى أن القضاء على التحرش لن يأتى لا بالقضاء على التمييز ضد السيدات ويكون هناك خطاب إعلامى ودينى وخطاب تعليمى لا ينال من كرامة النساء، ويعزز مكانة المرأة فى المجتمع.

وأكدت أن عدم إبلاغ الفتيات عن التحرش الذى يتعرضن له نتيجة عدم الثقة وغياب العدالة فى تلك النقطة، كما أن تعيين النساء فى أقسام الشرطة شىء ضرورى للتعامل مع السيدات المتحرش بهن.

وأوضحت عزة سليمان أنها تخطت الخمسين من عمرها، ولم تر فى جيلها ظاهرة التحرش الموجودة فى الوقت الراهن، والتى تصل بالبشاعة إلى الشروع فى الاغتصاب، مطالبة بضرورة وضع استراتيجية لمناهضة العنف ضد المرأة، متسائلة أين دورة وحدة مناهضة العنف ضد المرأة التى قام المجلس القومى للمرأة بإنشائها، أين دور الدولة فى الخطاب التعليمى؟.. رافضة تعليق زيادة نسب التحرش على شماعة الانفتاح التى يعيشها المجتمع، ولكنها مؤكدة أن نسب التحرش فى زيادة نتيجة عدم وجود رادع مع وجود تشجيع مجتمعى وإعلامى فى استباحة السيدات.

 

تطبيق القانون

قالت نهاد أبوالقمصان، رئيس مجلس إدارة المركز المصرى لحقوق المرأة: إن هناك قوانين رادعة وكفيلة للقضاء على التحرش، وتم تشديد القانون فى عام 2017، مضيفة أن العقوبة الحالية على المتحرش تصل إلى خمس سنوات وغرامة تصل إلى خمسين ألف جنيه، لافتة إلى أن المشكلة تكمن فى تطبيق القانون، مؤكدة أن تلك الجرائم لا يتم التعامل معها بالشكل الجاد، كما أن هناك منظومة حماية الجناة، كما رأينا فى ضحية المنصورة، بعدما تقدم الفتاة الضحية البلاغ، يقوم أهل المتحرش بالضغط عليها هى وأسرتها سواء بالترغيب أو التهديد، فتقوم الفتاة بالتنازل عن المحضر، مؤكدة أن التنازل يجب الا يؤخذ به، لكونه أن هناك شيئا اسمه الحق العام وحق الدولة، والتى تسعى أن يكون فيها أمان، مؤكدة يجب أن يتم استكمال التحقيق حتى ولو تنازلت الفتاة عن المحضر، موضحة أن هناك نقصا فى آليات التنفيذ وتطبيق نص القانون، مضيفة أننا نحتاج إلى إصلاح فى المحاكم والتى تكدست فيها القضايا، كما أن النيابات ليست مشجعة لكى تتقدم الضحية بالبلاغ، مطالبة بضرورة انشاء نيابات متخصصة للتحرش والتى موجودة فى العالم كله.

مضيفة أن الفتاة إذا رأت أنها سوف تأخذ حقها سوف تذهب إلى النيابة، ولكن بعض السيدات يرى أنها لن تأخذ حقها وسوف تتعرض للبهدلة، مؤكدة أن الفتاة إذا تأكد لها أنها سوف تأخذ حقها وسوف تتعامل باحترام وتضمن خصوصيتها وسوف تأخذ حقها، ستشجع كل الضحايا لتحرير بلاغات ضد المتحرشين، مضيفة أن فى كل قضية سوف نجد من يبرئ المتهم وليس فى قضية التحرش فقط، فبعض السارقين نجد من يدافع عنهم بحجة أنهم فقراء.

وأكدت أن التوعية الدينية لها دور إيجابى فى زيادة نسب التحرش، مضيفة أننا نحتاج إلى ثورة فى المفاهيم، لافتة إلى أن الكثير يدعو للحجاب والنقاب ولا أحد يتحدث عن غض البصر، كما أن الخطاب الإعلامى له دور فى محاربة التحرش، مؤكدة أن الفيس بوك كان له دور قوى فى نشر الوعى ضد التحرش، إنما الإعلام التقليدى لم يكن مؤثرا فى محاربة التحرش.