رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدفع الإلكترونى يقضى على الرشوة والتهرب الضريبى والإكراميات

بوابة الوفد الإلكترونية

94 مليار جنيه تطير فى الهواء سنوياً.. بسبب السداد النقدى

مواطنون: الفكرة جيدة.. والتطبيق تشوبه مشكلات عديدة

ضعف الإنترنت والأمية والروتين.. تحديات تواجه الدفع الإلكترونى

 

94 مليار جنيه تخسرها مصر سنويا بسبب تدول الكاش، رقم خطير كشفه إيهاب نصر وكيل محافظ البنك المركزى المساعد فى مؤتمر الناس والبنوك، مشيرا إلى ضرورة التحول الرقمى والشمول المالى.

هذه الاحصائية تعنى أن مصر تخسر 257٫5 مليون جنيه كل طلعة شمس و10٫8 مليون جنيه كل ساعة و178 ألف جنيه كل دقيقة بسبب «الكاش» وضياع هذه المبالغ الضخمة هو بمثابة جرس انذار يؤكد خطورة استمرار السياسات النقدية الحالية، والغريب أن يستمر هذا الحال رغم أن البنك المركزى وضع الإطار العام للتحول إلى مجتمع رقمى، التعامل مع التحديات التشريعية وتحديات البنية التحتية والمخاطر المتوقعة أثناء مرحلة التحول من التعامل بالكاش إلى التحول الرقمى، واهم هذه الخطوات اصدار قانون تنظيم وسائل الدفع النقدى لتغيير فلسفة الجهات الحكومية فى التعامل مع النقد عند قبول الأموال أو السداد.

وخلال مؤتمر الناس والبنوك الذى عقد مؤخرا أكد وكيل محافظ البنك المركزى إيهاب خضر أنه يتم تطوير البنية التحتية للقطاع المصرفى من اجل استيعاب متطلبات التحول الرقمى، كما تم وضع ضوابط لمقدمى الخدمات من خارج البنوك، إلى جانب إصدار قواعد فتح الحسابات عبر الموبايل.

وأوضح «نصر»، أن الدراسات الدولية أثبتت أن تحقيق 10% من مراحل التحول إلى مجتمع أقل اعتمادا على الكاش يوفر نحو 200 ألف فرصة عمل

وفى منتدى التحول الرقمى الذى أقامه اتحاد المصارف العربية بمدينة شرم الشيخ فى شهر سبتمبر الماضى، أوضح ايهاب نصر أن عدد البنوك المرخص لها بتقديم الخدمات البنكية غير التقليدية وصل إلى 28 بنكًا، ووصل عدد حسابات المشتركين بخدمة الدفع عن طريق الهاتف المحمول نحو 13.5 مليون حساب بنهاية يونيو 2019، بإجمالى قيمة معاملات بلغت 20 مليار جنيه حتى سبتمبر 2019.

وأشار إلى أن الدولة بذلت جهودا كبيرة لتطوير البنية القانونية والتشريعية، حيث صدر القانون رقم 18 لسنة 2019 المعروف بـ«قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى» فى 16 أبريل 2019، بهدف وضع إطار تنظيمى للمدفوعات غير النقدية، والذى ألزم كلا من القطاعين العام والخاص بدفع المستحقات الحكومية الكترونيا، ما يسهم فى رفع مستوى فعالية وكفاءة نظم الدفع وتحقيق الشمول المالى.

ولكن كيف تضيع الـ 94 مليار جنيه بسبب الكاش؟

الخبراء أكدوا أن هذا يتم بسبب تلف العملات نتيجة لتداولها ما يستلزم إعادة طبع غيرها، ومن هنا أصبح التحول الرقمى امرا ضروريا، كما هو موجود فى معظم دول العالم المتقدم، ولتفادى هذا الضرر توسعت الدولة فى مجال التحول الرقمى، وتم التوسع فى اصدار بطاقات الدفع الالكترونى من مختلف البنوك، خاصة بعد إصدار وزارة المالية قرارها بسداد المستحقات الحكومية التى تزيد على 500 جنيه الكترونيا، بداية من شهر مايو الماضى.

ووقتها اعلنت وزارة المالية أن هذه الخطوة جاءت بعد أن انتهت الحكومة من سداد مستحقات المواطنين لديها بنفس الطريقة، وبدأت الحكومة فى توفير الكروت مسبقة الدفع للمواطنين من مختلف البنوك مجانا ولمدة 6 أشهر.

وأوضحت الوزارة أن المواطن سيستفيد من هذه الطريقة فى الدفع بتوفير الوقت والجهد والطوابير، بالاضافة إلى القضاء على الإكراميات ومنع الاحتكاك بين الموظف والمواطن، وفى حالة اصرار المواطن على السداد النقدى، تتم إضافة 10% مصاريف إدارية على قيمة المبلغ المسدد.

وفى اطار تنويع طرق الدفع الالكترونية أوضح ايهاب نصر وكيل محافظ البنك المركزى فى منتدى الدفع الالكترونى ان إطلاق منظومة الدفع الوطنية «ميزة»، وهى بطاقة وطنية لتسهيل عملية الدفع الالكترونى، والتى وصل عدد اصداراتها إلى 2 مليون بطاقة فى سبتمبر الماضى، مشيرا إلى أنه جرى الانتهاء من إجراءات تفعيل قبول بطاقات الدفع الوطنية ميزة على كل نقاط البيع الإلكترونية والتى يصل عددها إلى حوالى 76 ألف نقطة بيع إلكترونية، بالاضافة إلى ماكينات الصراف الآلى ATM التى تصل لنحو 13 ألف ماكينة، حيث تم اجراء 510 آلاف حركة، بإجمالى معاملات تصل إلى 564 مليون جنيه مصرى حتى سبتمبر الماضى.

هل هذا يعنى القضاء على الكاش؟

يجيب الدكتور يوسف ابراهيم استاذ الاقتصاد الاسلامى بجامعة الأزهر أن هذه الاجراءات كلها تهدف إلى تقليل التعامل بالكاش لما يصاحب ذلك من مخاطر أهمها السرقات ودفع الاكراميات والرشاوى وتقليل الفساد فى الجهاز الادارى للدولة بشكل عام، والقضاء على التهرب الضريبى، وضم الاقتصاد غير الرسمى إلى الاقتصاد الرسمى وكلها امور جيدة، ولكن هذا يتطلب أولا ضرورة توفير بيئة تكنولوجية مساعدة لتسهيل هذه الأمور.

 

مشاكل

ولكن المواطنين المتعاملين مع هذه الخدمات يؤكدون انها كفكرة جيدة ولكن تفعيلها على ارض الواقع تشوبه بعض المشكلات، أهمها أن الطوابير لم تنته، فمثلا فى الجامعات والمدارس الحكومية التى تزيد مصروفاتها على 500 جنيه، أصبح الدفع الكترونيا، ولكن المواطنين فوجئوا بمزيد من التعقيدات، يقول احمد السيد إن مصروفات ابنته فى احدى المدارس التجريبية 750 جنيها، يدفع منها 160 جنيها عن طريق البريد أو خدمة فورى، والباقى يسدد فى المدرسة وعندما توجهت للمدرسة فوجئت بأن المبلغ لن يودع فى المدرسة كالمعتاد إنما سيتم دفعه فى الادارة التعليمية عن طريق الفيزا، وبذلك بدلا من دفع المصروفات مرة واحدة كالمعتاد فى المدرسة، قمت باجراء 3 مشاوير، منها طابور فى البريد لدفع مبلغ الـ160 جنيها، إلى أن تبين أنه يمكن دفعه عن طريق فورى، ثم مشوار آخر للمدرسة، وثالث للادارة التعليمية واول مرة كان «السيستم» واقعا، ولكن فى المرة الثانية تم الدفع بعد عذاب!

وفى الجامعات بدلا من أن يقف الطلبة فى طابور لدفع المصروفات كاش، أصبح الطابور قائما للدفع بالفيزا، وهو ما اكدته نوران محمود الطالبة بجامعة القاهرة،  التى اضافت اننا كنا فى العام الماضى ندفع المصروفات كاش، وفوجئنا فى منتصف العام باستخراج فيزا بنكية لكل طالب لدفع المصروفات بها، واعتقدنا أن ذلك سيقضى على الطابور، لنفاجأ فى بداية العام الجديد أننا نقف فى طابور شئون الطلبة للحصول على اذن دفع، بعدها نتوجه للخزينة لنقف في طابور آخر للدفع حاملين الفيزا بدلا من النقود.

وأضافت الطالبة من الجيد أن يكون الدفع الكترونيا، ولكن لماذا لا يتم هذا من خلال البنك مباشرة ويتم التحصيل على حساب الجامعة مباشرة، وبموجب ايصال الدفع نتوجه لشئون الطلبة ونعطيهم هذا الايصال لاستخراج الكارنيه.

 

معوقات

وفى دراستها حول «الدفع الالكترونى فى مصر أوضحت

بسمة حلاوة الباحثة الاقتصادية بمعهد البحوث والدراسات العربية أن هناك قلقا متزايدا فى العالم من التعامل بالكاش بسبب ارتفاع معدلات غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبى والجرائم المالية بشكل عام.

واشرت إلى أن مصر بدأت تتجه للتحول المالى الرقمى منذ مطلع الألفية الجديدة، حيث بدأت بإنشاء غرفة المقاصة المُميكنة بين البنوك عام 2002، ثم قانون التوقيع الإلكترونى عام 2004، وإنشاء منظومة الدفع والتحصيل الإلكترونى للمدفوعات الحكومية، بالإضافة إلى البطاقات المدفوعة مسبقًا لدفع المرتبات الحكومية عام 2010، وبطاقات التموين الذكية عام 2014، وبطاقات الوقود الذكية عام 2015.

ثم تم اقرار قوانين الدفع عن طريق الهاتف المحمول عام 2017، وإنشاء المجلس القومى للمدفوعات عام 2017، بقرار من رئيس الدولة ويتضمن 16 عضوًا، ويختص بخفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفى وتحفيز استخدام الوسائل الإلكترونية، والعمل على تحقيق الشمول المالى، وحماية حقوق مستخدمى نظم وخدمات الدفع، وتحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها.

وترى «الباحثة» أن البداية الحقيقية لتفعيل نظام الدفع الالكترونى كانت فى شهر مايو الماضى حينما أعلنت الحكومة بدء عمل منظومة الدفع والتحصيل الإلكترونى بالهيئات والإدارات الحكومية، وقد سبق هذا القرار الموافقة على مشروع قانون تنظيم الدفع غير النقدى فى أكتوبر 2018، وتضمنت هذه المنظومة سداد المستحقات المالية الحكومية، بما فيها الضرائب والرسوم الجمركية فيما يزيد على 500 جنيه، بإحدى الوسائل الإلكترونية، مع إتاحة سداد ما دون هذا المبلغ بوسائل الدفع الأخرى، أما فيما يزيد على 10 آلاف جنيه فسيُسدد من خلال فروع البنوك العاملة بالسوق المصرفية المصرية.

وأضافت انه مع تطبيق نظام الخزانة الموحد للدولة ستُحول كل الحسابات الخاصة بالجهات الحكومية – والتى تبلغ 61 حسابًا إلى حساب واحد، وسيتمكن المواطن من الدفع إلكترونيًّا من خلال كارت «ميزة» الذى يصدر من البريد والبنوك الحكومية، ويمكن للمواطن استخراجه، ولا يُشترط أن يكون لديه حساب خاص فى أى بنك، ويمكن استخدامه من خلال الماكينات المنتشرة فى المحلات سواء للدفع أو الصرف، والتى يصل عددها إلى 15 ألف ماكينة.

وأكدت الباحثة أن نظام الدفع الالكترونى يحمل العديد من المزايا منها زيادة موارد الدولة الضريبية، والحد من عمليات التهرب الضريبى وغسل الأموال والرشوة والفساد، واكتشاف والقضاء على منابع القطاع غير الرسمى، كما انه يساهم فى تخفيض تكلفة طباعة النقود، وبالتالى استغلالها فى تطوير القطاع وتقدمه، وتجنب مخاطر سرقة الأموال، إلا أن هناك تحديات تحول دون ذلك، منها تضخم الجهاز الحكومى فى مصر، والبنية التحتية لشبكات الإنترنت والتى ما زالت ضعيفة، حيث تحتل مصر المركز 165 فى مؤشر سرعة الإنترنت من بين 178 دولة.

كل هذه الأسباب أدت إلى تأخر ترتيب مصر فى مؤشر التطور الرقمى، حيث تحتل المرتبة الـ 54 من بين 60 دولة حول العالم، وهو ترتيب متدنٍ جدا، لذلك تطالب الباحثة بضرورة اصلاح البيئة التكنولوجية حتى يتسنى لمصر التقدم فى هذا المجال، وحصد مكاسبه العديدة.

ويتفق مع هذا الرأى الدكتور صلاح الدسوقى استاذ الاقتصاد والتنمية ورئيس المركز العربى للدراسات الانمائية، مشيرا إلى أن مشاكل تدول العملات كثيرة بسبب تكلفة طباعة العملة التى تبلى وتتقادم وتضيع، لذلك تضيع الكثير من المليارات على الدولة لهذا السبب، ومن الأفضل للتحول الرقمى ووسائل الدفع الالكترونى لما لها من فوائد عديدة على الاقتصاد المصرى.

وأضاف أن مصر بدأت تخطو خطوات جيدة فى هذا المجال، إلا أن هناك بعض المعوقات التى تعرقل التحول الرقمى فى المدفوعات بشكل كامل، حيث إن عملية التغيير تحتاج إلى وقت، خاصة عادات المصريين فى الدفع، فالناس اعتادت على الدفع الكاش، ومع زيادة نسبة الأمية المنتشرة بين حوالى 35% من المصريين، يصبح التحول الرقمى فى المدفوعات أصعب، بالاضافة إلى عدم توافر بطاقات الدفع الالكترونى لدى كل الناس، وخدمات الشمول المالى لم تصل للجميع.

وأضاف الدكتور صلاح أن البيئة التكنولوجية فى مصر ليست مهيأة تماما ولابد من تهيئتها حتى نتمكن من تعميم هذا النظام والاستفادة منه، موضحا أن هذا قد يستغرق بعض الوقت حتى يتم تغيير هذه العادات، وتهيئة البيئة التكنولوجية، مؤكدا أن هذا التحول أمر لابد منه لضبط ايقاع الاقتصاد المصرى والقضاء على الفساد المتعلق بمعاملات المواطنين وموظفى الدولة.