عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ترويض الزيادة السكانية

بوابة الوفد الإلكترونية

شهدت معدلات الزيادة الطبيعية للسكان فى مصر تراجعًا كبيرًا, ووصل إجمالى عدد المواليد 2.3 مليون عام 2018, مقابل 2.5 عام 2017 بانخفاض 6.8%. هذا التراجع هو الثانى منذ 10 سنوات, حيث شهد عام 2015 تراجعًا أيضًا فى نسية المواليد التى انخفضت من 2 مليون و720 ألفًا و495 نسمة, إلى 2 مليون و696 ألفًا و231 نسمة, بما يعادل 24 ألف نسمة, بينما بلغت معدلات الوفيات 573 ألفًا و129 فى 2015, مقابل 531 ألفًا و864 فى 2014.

6.8% انخفاضًا فى معدلات المواليد.. ومطروح الأعلى إنجابًا وبورسعيد الأقل

التراجع دليل نجاح حملات تنظيم الأسرة.. والفقراء لا يزالون الأعلى مواليد

بعض الخبراء قالوا إن التراجع الأخير يعود إلى نجاح الدولة فى تطبيق سياسة تحديد النسل والتى تقوم على التوعية عبر الحملات الإعلامية، وتوفير كافة مستلزمات منع الحمل بالمجان، بينما أرجعه آخرون إلى الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد.

ويعود الاهتمام الكبير بقضية الزيادة السكانية باعتبارها معضلة كبيرةً تواجه الاقتصاد المصرى، خاصةً فى ظل الثقافة السائدة التى تحض على الزيادة المستمرة فى عدد المواليد، على اعتبار أن الولاد «عزوة»، وأن كل مولود يأتى برزقه، علاوةً على الآراء المغلوطة التى يتم توصيلها للعامة والتى تعتمد على نصوص دينية يتم تطويعها من بعض الدعاة.

أظهرت إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض حجم الزيادة الطبيعية للسكان من 2.010 مليون نسمة عام 2017 إلى 1.822 مليون نسمة عام 2018 بانخفاض قدره 188 ألف نسمة.

وجاءت محافظة القـاهرة فى المرتبة الأولى من حيث عدد المواليد، وذلك بـ222 ألف مولود، مقابل 239 ألف عام 2017، بانخفاض قدره 7.5%، وجاءت محافظة جنوب سيناء فى المرتبة الأخيرة بـ3023، مقابل 3140 عام 2017، بانخفاض قدره 3.7%، وسجلت محافظــة مطـروح أعلى معدل للمواليد الخام، حيث بلغ 51.8 لكل ألف مقابل 55.1 لكل ألف عام 2017، وسجلت محافظــة بورسعيد أقل معدل للمواليد الخام، حيث بلغ 16.9 لكل ألف عــام 2018، مقابل 19.1 لكل ألف عام 2017.

هذه الإحصائيات التى تكشف انخفاضًا فى المواليد البعض إرجاعها إلى نتاج جهود الدولة فى حملات تنظيم الأسرة والتى كانت تحت شعار «اتنين كفاية»، والتى كانت تهدف إلى خفض معدل المواليد إلى 2.4 وكانت هذه الخطة تعتمد بالأساس على نشر 12000 من دعاة تنظيم الأسرة فى 18 محافظة، وتعزيز الخدمات فى 6000 عيادة لتنظيم الأسرة فى البلاد، حيث تتلقى النساء فحوصات مجانية، علاوةً على توفير وسائل منع الحمل المدعومة.

وفى الإطار ذاته، حذر العديد من المسئولين منهم رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، على أن قضية الزيادة السكانية تمثل تهديدًا حقيقيًا للجهود المبذولة من جانب الدولة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، والذى يعطى مؤشرات إيجابية لتحسن الموقف على المستوى الاقتصادى، مؤكدًا أن الزيادة المطردة فى أعداد السكان، تلقى مزيدًا من الأعباء على موارد الدولة ويؤثر على فرص التعليم والتشغيل، خاصةً أن الدعم الموجه لـ95 مليون مواطن مقيم هو 330 مليار جنيه، كان من الممكن أن يكون أقل لو انخفض عدد السكان ولتحسن مستوى الخدمات التى تقدم للمواطنين.

سلاح ذو حدين

الزيادة السكانية سلاح ذو حدين، فإن لم يتم ترشيدها هذه الزيادة واستغلالها فى البناء والتنمية فى البلاد، تتحول إلى وحش يهدد أى تقدم أو تطور قد تشهده البلاد فى السنوات القادمة، وهذا ما أكده تقرير حديث لمركز أبحاث أمريكى، مؤكدًا أن مشكلة الانفجار السكانى فى مصر لا تقل خطورة عن الإرهاب.

وحسب تحليل المعهد والذى اعتمد فيه على الإحصاءات الرسمية، فإن معدل الزيادة السكانية خلال العشر سنوات الماضية يثير القلق، خاصةً أنه فى عام 2000 توقعت الأمم المتحدة أن يبلغ تعداد السكان فى مصر 96 مليون نسمة بحلول عام 2026، لكن عدد السكان تخطى هذا الرقم قبل عشر سنوات من التاريخ المذكور، فأظهر إحصاء عام 2017 أن عدد السكان بلغ 104.5 مليون نسمة، منهم 9.5 مليون فرد بالخارج، ما يعنى أنه بلغ معدل الزيادة السكانية 2.6% منذ عام 2006، حين كان عدد السكان 73 مليون نسمة.

وحذر المعهد من أنه ما لم ينخفض معدل الخصوبة لدى المصريين، والبالغ 3.47%، بحلول عام 2030 يُتوقع أن يبلغ عدد السكان 128 مليون نسمة، فى وقت تواجه فيه مصر تحديات غير مسبوقة، من تقلص رقعة المساحة الزراعية نتيجة التصحر والبناء السكنى، وارتفاع منسوب البحار نتيجة التغيرات المناخية، فضلًا عن احتمالات تأثر حصة مصر فى مياه النيل بسبب بناء سد النهضة فى إثيوبيا.

وأشار المعهد إلى أن الزيادة السكانية لها تأثير سلبى على جودة التعليم، حيث ارتفع عدد طلبة المدارس الابتدائية فى الفترة بين 2011 و2016 بنسبة 40%، وفى الوقت ذاته يدخل 700 ألف فرد سنويًا سوق العمل، بينما يعانى ربع الشباب فى سن 18-29 عامًا من البطالة، ويُعد ثلث هؤلاء العاطلين من حاملى الشهادات الجامعية، خاصةً فى ظل توقعات صندوق النقد الدولى بأن قوة العمل قد تبلغ 80 مليون فرد بحلول عام 2028.

ونوه التقرير بتبعات الزيادة السكانية على البطالة وسوق العمل داخل مصر، قائلًا: «يمكن للمرء أن يتخيل التأثير على نظام تعليمى لا يستطيع 35% من الطلاب الملتحقين بالمدارس المتوسطة القراءة أو الكتابة فيه».

وحسب التقرير، تمثل العمالة تحديًا آخر، حيث يدخل 700 ألف مشارك جديد سنويًا فى القوة العاملة، وأكثر من 25% من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا- ثلثهم حاصلون على شهادات جامعية- عاطلين عن العمل.

تحديات

رغم الانخفاض فى نسبة المواليد خلال العام الماضى، إلا أن خطر الزيادة السكانية لا يزال يهدد جهود التنمية التى تقوم بها مصر حسبما أكد اللواء أبوبكر الجندى الرئيس السابق للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، مشيرًا إلى أن مصر ما زالت فى مرحلة الخطر من ناحية الزيادة السكانية، والتى اعتبرها فيروسًا ينهش الاقتصاد

القومى.

وأشار إلى أن المعدلات الطبيعية العادية للزيادة السكانية السنوية لا تتجاوز 1.9٪ من عدد السكان، إذ تنطبق هذه المعدلات على جميع الدول الأوروبية المتقدمة، بينما ترتفع هذه المعدلات فى الدول النامية، بنسب تتراوح بين4 و5.5٪، لافتًا إلى أن مصر تحتل المركز الأول بين دول العالم النامية من حيث معدلات الزيادة الطبيعية للسكان.

من جانبها، اعتبرت د. إيمان زغلول خبيرة علم النفس التربوى أن مشكلة الزيادة السكانية ليست سببها الكم أى أعداد السكان، إنما يرجع السبب الرئيسى لها فى عدم وجود توزان حقيقى بين موارد الدولة الاقتصادية والطبيعة وبين الزيادة فى أعداد السكان، خاصةً أن زيادة المواليد تتطلب المزيد من الموارد الغذائية والمائية والصحية والتعليمية.

وأوضحت الخبيرة الاجتماعية أنه لاتزال معدلات الوفيات فى مصر أقل من معدل المواليد، رغم ارتفاعها العام الماضى، حيث قدرت عـدد الوفيات فى 2018 بحوالى 560 ألفًا، مقابل 547 ألفًا عام 2017، بارتفاع 2.4%، مشيرةً إلى أن تراجع معدلات الوفاة سببه تحسين الرعاية الطبية وتوفير كافة الخدمات الصحية، علاوةً على جهود الدولة فى مكافحة الأمراض الخطيرة وكان أبرزها حملة الرئيس عبدالفتاح لمكافحة فيروس سى، وسرطان الثدى لدى السيدات.

وأرجعت الزيادة عمومًا فى معدلات المواليد إلى عدة أسباب أهمها، الأسباب الثقافية والاجتماعية، حيث تعتمد الأسر الفقيرة فى الأرياف والمناطق الشعبية على الأطفال لكى يدروا دخلًا لهم من خلال عملهم فى مهن مختلفة، علاوةً على الثقافة السائدة فى تلك المناطق بأن كثرة الإنجاب تجعل الزوجة تحتفظ بالزوج، وذلك من خلال تكبيله بالمسئوليات والرغبة فى إنجاب الذكور!

ونوهت خبيرة علم النفس التربوى إلى العديد من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية جراء الزيادة السكانية بشكل عام، أهمها المشكلات الزوجية وزيادة معدلات الطلاق فى الأسر الأكثر إنجابًا بسب سوء الأحوال الاقتصادية وكثيرة المشكلات الأسرية، علاوةً على وزيادة معدلات البطالة وقلة فرص العمل المتاحة للخريجيين من الشباب.

من جابنه، اعتبر عبدالرحمن عليان الخبير الاقتصادى أن الزيادة السكانية تشكل عبئًا على الاقتصاد المصرى، خاصةً أن أى مولود جديد يكلف الدولة وأسرته الآلاف الجنيهات سنويًا فى ظل الوضع الاقتصادى الحالى للبلاد.

وأكد الخبير الاقتصادى أن تحسن الظروف الاقتصادية خلال السنوات السابقة وتطوير التعليم كان له دور كبير فى تراجع معدلًات الزيادة فى السكان، كما توقع أن يستمر معدل المواليد فى التراجع خلال السنوات القادمة، خاصةً فى ظل تراجع معدلات الزواج فى البلاد بسب ارتفاع تكاليف المعيشة، علاوةً أن وجود أطفال فى الحياة أصبح مكلفًا للغاية.

وأشار إلى أن الدولة استطاعت خلال الفترة الماضية ضبط معدل المواليد فى المدن والمحافظات المتحضرة، بينما لا تزال معدلات الزيادة مستمرة فى المناطق الشعبية والقرى، وبعض المحافظات خاصةً فى الصعيد، ما يعنى ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية للتوعية بهذا الخطر الذى يهدد أى تقدم فى البلاد.

على جانب آخر، أكدت د. ليلى عبدالمجيد عميد كلية الإعلام السابق بجامعة القاهرة، أن حملات التوعية التى قامت بها الدولة فى الفترة الأخيرة وتم تقديمها للمواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة كان لها دور فى انخفاض معدل المواليد، مشيرةً إلى أن الإعلام يلعب دورًا مهمًا فى تعريف المواطنين بأبعاد المشكلة وسبل حلها ومدى خطورتها على البلاد.  وأشارت إلى أن الخطاب المباشر والاتصال بشكل متواصل مع الجماهير له دور فى حل هذه أزمة، ذلك التوعية يجب ألا تقتصر على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فقط، بل لابد أن يتم أيضًا التواصل مع المواطنين وتوعيتهم وجهًا لوجه عبر تنظيم قوافل توعوية فى القرى والمناطق الشعبية، علاوةً على أهمية دور الأئمة فى المساجد، حيث ساعد تنظيم الخطاب الدينى فى الزوايا والمساجد على زيادة توعية المواطنين ونشر خطاب تنويرى ساعد على خفض المواليد بعد أن حرض لسنوات طويلة بعض الأئمة على الإنجاب. الخبراء يطالبون بقوافل توعية فى القرى والمناطق الشعبية لنشر ثقافة تنظيم النسل

أسباب اقتصادية واجتماعية وراء التراجع