رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعلانات الأطفال.. «جريمة» على الهواء مباشرة

بوابة الوفد الإلكترونية

كعادة كل عام، ما إن يظهر هلال رمضان إلا وينطلق معه مدفع الإعلانات بعدد ضخم من الحملات الإعلانية التى تدعو أهل الخير إلى التبرع لإنقاذ حياة مريض أو مساعدة أرملة أو معاق وغيرهم من ذوى الاحتياجات ووسط سيل الإعلانات يتم استغلال أطفال لترويج منتجات أو لخلق تعاطف تجاه مؤسسة أو جمعية ما، وفى خلال 30 يوماً يرى ملايين المصريين مشاهد قاسية لأطفال يروون تجاربهم مع المرض.

العديد من التساؤلات يثيرها ظهور الأطفال الصغار فى الإعلانات وأكد رجال قانون وعلماء دين وإعلاميون لـ«الوفد» أن عرض الأطفال بالإعلانات بهذا الشكل على شاشات التليفزيون جريمة يعاقب عليها القانون ويجرّمها الدستور، ووسيلة رخيصة لجمع الأموال.

وبدورها هاجم عدد من منظمات حقوق الطفل استغلال الأطفال فى الظهور على الشاشات، من أجل تحصيل أكبر قدر من التبرعات من المواطنين خلال شهر رمضان، من خلال إعلانات، تعرض مشاهد قاسية لأطفال مرضى يحكون تجاربهم مع المرض، وتصوير بعضهم فى حالة مأساوية نتيجة للعلاج الكيميائى الذى يستخدمه مرضى السرطان، بالإضافة إلى دعوات التبرع بجمل من نوعية «أنا عايز أعيش» «أنا نفسى شعرى يبقى طويل» «عايز أكل حاجات كتير». وقال مسئولو حقوق الطفل إن تلك الإعلانات تتدرج ضمن الاتجار بالبشر وعمالة الأطفال، خاصة أن كل عام تظهر نوعية جديدة من الإعلانات تثير استياء المشاهدين، منها إعلان «الدندو» قبل عامين وإعلان الطفل «بيجاد» لأحد المستشفيات الشهيرة، واعتبروا استخدام الأطفال فى الإعلانات أمراً غير مقبول إنسانياً ويمثل انتهاكًا لخصوصية وحرمات البشر، بما تحويه تلك الإعلانات من مشاهد قاسية للمرضى والمحتاجين، كما أن استخدامهم بهذا الشكل يعتبر ضد حقوق الطفل المتعارف عليها.

المجلس القومى للطفولة والأمومة، أعلن عن اتخاذ إجراءات التصدى لظاهرة انتهاك حقوق الطفل فى الأعمال والإعلانات الدرامية التى يتم عرضها فى شهر رمضان الكريم، وذلك بعد تلقى عدد من البلاغات على خط نجدة الطفل حيث استقبل المجلس عددًا من الشكاوى والبلاغات خلال شهر رمضان، تفيد بظهور أطفال فى بعض الإعلانات بصورة مسيئة.

وتضمنت البلاغات طلبات بوقف إعلان لأحد المستشفيات المتخصصة فى علاج الحروق، يتضمن مشهداً لنشوب حريق فى منزل وإصابة طفلة بحروق أدت إلى وفاتها، ما جعل الأطفال يصابون بالخوف والرعب من هذه المشاهد، وهو ما أطلق عليه الخبراء اسم إعلان «الهلع» بما يحتويه من استغلال للطفلة بشكل مسىء ويضر بمشاعر المشاهدين ويؤثر على الحالة النفسية للأطفال.. إحدى أولياء الأمور قالت فى بلاغها لخط نجدة الطفل: «إننا نعلم أولادنا اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية نحو حماية أطفالنا من التحرش فكيف يظهر الطفل بهذا الشكل؟ فيما وصفت إحدى الأمهات هذا الإعلان بأنه أبشع إعلان بما يتضمن من استغلال للطفل وما يحتويه من مشاهد سيئة تهدم كل ما يعمل أولياء الأمور على تعليمه لأطفالهم من سلوكيات إيجابية، مناشدة المجلس وقف إذاعة هذا الإعلان.

وعلى أثر تلك البلاغات ناشد المجلس جميع وسائل الإعلام مراعاة عدم عرض أى مواد إعلامية تتضمن انتهاك لحقوق الطفل، مشددةً على أن المجلس سيقوم باتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال أى مخالفات يتم رصدها أو ترد للمجلس عن طريق خط نجدة الطفل 16000، حرصًا على حقوق الطفل المصرى.

الهجوم الشديد على الإعلان، دفع هبة السويدى، رئيسة مجلس إدارة الجمعية لكتابة منشور عبر فيسبوك تدافع فيه عن الإعلانات الخاصة بالمستشفى، معلنة عن وجود 250 ألف حالة حرق سنويا، 20 ألفاً منهم فقط يتمكنون من العلاج بسبب عدم توافر إمكانيات لعلاج حالات الحروق التى يموت الكثيرون بسببها.

وقالت: «لأن الحرق ليس مثل أى مرض يمكن أن يوضع على قوائم الانتظار، والمصاب أمامه ست ساعات فقط حتى ننقذ حياته أو يموت».

وأكد أحمد المصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر بنقابة المحامين، أن الإعلانات التى يظهر فيها الأطفال لجمع التبرعات جريمة نص عليها القانون رقم 126 لسنة 2008 وتصل عقوبتها فيها إلى الحبس لمدة خمس سنوات ولا يعتد بموافقة الطفل أو أسرته.

وأضاف «مصيلحى»، أن الدستور جرم أى استغلال للأطفال مهما كان الغرض المعلن، كما حظر القانون نشر صور الطفل أو أى بيانات له حال عرض أمره على الجهات المختصة كوزارة الصحة والمستشفيات التابعة لها، وفى حال مخالفة هذا تعاقب الجهة التى نشرت الصور بغرامة تحددها النيابة العامة أو المحكمة، مشيرًا إلى أن انتشار ظاهرة استغلال الأطفال فى الإعلانات فى الفترة الأخيرة يؤكد وجود نية مبيتة لهذا الأمر وهو ما تكتمل به جريمة الاستغلال.

محمود البدوى، المحامى بالنقض والدستورية العليا والخبير الحقوقى، أكد أن فكرة تقديم المساعدات للمحتاجين أصحاب المرض أو الإعاقة وغير القادرين على سداد تكاليف العمليات الجراحية أو العلاج هو أمر إنسانى ويتوافق مع المبادئ الأخلاقية للمجتمع التى تصنف كنموذج للسلوك البشرى الذى يفُهم عموماً بأنه حقوق أساسية لا يجوز المساس بها مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونه إنساناً وهو ما عبرت عنه كافة المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والتى أكدت مفاهيم التكافل بين البشر جميعاَ. ومع هذا بات هذا الحق مهدداً بمواسم السبوبة والاستعطاف والمتاجرة بآلام المحتاجين أو المرضى أو أصحاب العاهات من جانب بعض الكيانات التى تجيد العزف على وتر حب الإنفاق والصدقات ومواسم الزكاة وفى مقدمتها شهر رمضان المبارك، وهو ما يتم ترجمته فى صورة حملات إعلانية ضخمة تتكلف ملايين الجنيهات لحث الناس على إخراج صدقاتهم لتلك الجهة دون غيرها، ولا يمنع الأمر من استقدام نجم مشهور يتكلف ظهوره بتلك الحملة مئات الآلاف من الجنيهات أيضًا للمشاركة بالحملة لتشجيع الناس على التبرع!

ويضيف «البدوى» مع هذا نرى أن الإعلانات تحولت لتجارة رائجة لها مواسم معلومة سلفاً، فتلك الأموال الطائلة الخاصة بالحملات التلفزيونية كانت أفضل لو تم توجيهها إلى دعم المرضى والمحتاجين، بدلًا من إهدارها عمدًا فى شكل مادة إعلانية تستعطف الناس من ناحية، ومن ناحية أخرى تتاجر عمدًا بآلام وأحزان المرضى وأصحاب الحاجة والمعوزين بل وتتجاوز هذا إلى حد المساءلة القانونية التى تتحقق حال استغلال أطفال مرضى أو أيتام أو محتاجين أو نزلاء دور أيتام فى تحقيق هذا الكسب.

ويكمل البدوى أن نصوص قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010، غلظت العقوبات وفقًا للمادة 6 فقرة 6 فى حالة ما إذا كان المجنى عليه طفلًا أو من

عديمى الأهلية أو من ذوى الإعاقة، ليعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، كما أن نصوص التجريم الخاصة بحالة الاستغلال وفقًا لهذا القانون لا تواجه الأفراد فقط، بل إنها تطال الأشخاص الاعتبارية كالمؤسسات والجمعيات ودور الأيتام وذلك وفقًا لصحيح نص المواد 10 و11 و12 من القانون.

حمدى مصطفى، باحث بالمركز القومى لرعاية الطفولة، أكد أن توظيف براءة الأطفال فى إعلانات تجارية أو حتى فى جمع التبرعات يهدف فى المقام الأول إلى الربح المالى قبل أى شىء، وقال هناك أسر كثيرة تتمنى أن يظهر ابنها فى الإعلانات حتى تشعر بالسعادة والفخر وأيضا تربح بعض المال فما يحدث على الشاشات ومن خلال هذه الإعلانات أو هذه البرامج وان كانت أغراضها نبيلة فهى مهزلة أخلاقية تتم باسم التكافل والإنسانية.

 وأشار «مصطفى» إلى أن تلك الممارسات هى متاجرة ببراءة الأطفال وقال الشركات تستخدم الأطفال، فى بعض الأحيان، من أجل جمع التبرعات ومن أجل الابتزاز العاطفى، حيث يتأثر المشاهد عاطفياً عندما يرى طفلاً يبكى على الشاشة، أو طفلاً محروماً من متعة معينة، أو مقارنة بين أطفال فقراء وغيرهم سعداء، كل هذا يؤثر فى المشاهد بطريقة فعالة ويجعله راغباً فى التبرع بشكل كبير.

وأوضح مصطفى أن عمل الخير يجب ألا يرتبط بالألم وغير مقبول إنسانياً استخدام الأطفال والمرضى فى إعلانات الحصول على التبرعات، لأن الأمر يمثل انتهاكًا لخصوصية وحرمات البشر، بما تحويه تلك الإعلانات من مشاهد قاسية جداً للمرضى والمحتاجين، خاصة أن استخدام الأطفال تحديداً فى هذه الإعلانات يعتبر ضد حقوق الطفل المتعارف عليها.

رفض شعبى

ظهرت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى فيسبوك ترفض استخدام الأطفال فى الإعلانات الخيرية والمتاجرة بآلامهم حيث عبر أعضاء الصفحات عن سوء إعلانات المؤسسات الخيرية حيث قالت مروة محمد: «أكتر حاجة بكرهها ف رمضان، طريقة التسول وقلة الحيلة بتاعة فكرة الإعلان مبيساعدش إطلاقا على إثارة عواطف الناس وأنهم حالاً هيقومو يتبرعو بكل اللى حيلتهم أعتقد شفنا إعلانات محترمة كتير لدول عربية تانية وشفنا احترام الذات والطريقة المبدعة ف تقديم الهدف من الإعلان ف صورة جميلة عاطفية تُحترم، يا رب نحترم عقول المشاهد، وآدمية الناس اللى بتبقى فى نفس الظروف».

أما خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة السابق أكد فى تدوينه على حسابة الشخصى قائلاً: «‏فكرة استغلال الأطفال لاستدرار عطف المتبرعين ودافعى الزكاة تحتاج إلى مراجعة ومراقبة وإعادة نظر، خصوصًا من بعض المؤسسات التى تهتم بشئون الطفل.

أمراض نفسية

الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس أكدت أن استخدام الطفل فى الإعلانات يصيب الأطفال بقلق الطفولة لأن كلاً منهم يضع نفسه مكان المريض بالإعلان. فظهور الطفل بشكل المريض، سواء حروق أو سرطان أو ضعيف البصر قد يؤثر على الطفل بالسلب ويتسبب فى خوف الطفل ويصيبه بالعزلة بعيداً عن أصدقائه.

وأشارت «هبة» إلى أن تأثير الإعلانات على الأطفال مختلف عن كبار السن، فكل مرحلة عمرية تتعامل مع الإعلان على أنه محتوى جذاب يعتمد على المهارات البصرية والسمعية وهو ما يؤثر على أجهزة الجسم كالمخ، فكثرة المشاهدات تؤثر على التعليم والإدراك والتركيز والتواصل والانتباه.

والواقع أن استغلال الأطفال بشكل سيئ فى الإعلانات مكررة منذ فترة، ففى عام 2016 أقيمت دعوى قضائية ضد إحدى شركات منتجات الألبان معتبرة الإعلان الخاص بها نوع من السخافة والبذائة عوضاً عن أن الإعلان غير مناسب أخلاقياً أو اجتماعياً ويشجع على التحرش بما يخالف قانون الطفل المصرى رقم 126 لسنة 2008.

وفى عام 2014 أقيمت دعوى قضائية ضد المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، لامتناعه عن إصدار قرار بمنع ووقف إعلانات الشحاتة والتسول والمسيئة للمريض أو المحتاج.. ورغم كل ذلك لا تزال إعلانات المتاجرة بالأطفال تتوالى.

 

 

ظهور الأطفال بصورة مؤثرة استغلال تجارى

حقوق الطفل مهدرة فى سباق «بزنس الخير»

الاستغلال التجارى للأطفال فى الإعلانات اتجار بالبشر

أحمد المصيلحى

محمود البدوى

 

إنفوجراف

< 16="" ألف="" بلاغ="" ضد="" إعلانات="" الأطفال="" منذ="" مطلع="" رمضان="">

< 5="" سنوات="" سجناً="" عقوبة="" استغلال="" الطفل="" فى="">

100 ألف جنيه غرامة أقل عقوبة لجريمة استغلال الأطفال فى الحملات الإعلانية.