رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انفراجة فى أزمة الأرز أصناف جديدة عالية الإنتاج يتم ريّها بالصرف الزراعى

بوابة الوفد الإلكترونية

فى السنوات الأخيرة تحول الأرز إلى معادلة صعبة تشبه احسبة برماب.. فسنويًا نستهلك 4 ملايين طن أرز، وحتى ننتج هذه الكمية نحتاج إلى زراعة حوالى مليون فدان بالمحصول، وزراعة هذه المساحة تحتاج إلى كميات هائلة من المياه، وهو ما لم تعد تتحمله حصة مصر من المياه.

وأمام هذا الحال خفضت الحكومة مساحات الأراضى المسموح بزراعتها أرز إلى 724 ألف فدان فقط، فتراجع انتاجنا المحلى من هذه السلعة الاستراتيجية إلى 2.8 مليون طن، وصار لازمًا أن نستورد 1.2 مليون طن وهو ما يتكلف مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة.

وهكذا صارت مصر أمام أحد خيارين، كلاهما مر، فإما التضحية بالعملة الصعبة لاستيراد أرز يكفى المصريين، أو التضحية بالمياه لزراعة مزيد من الأراضى بالأرز.

وأخيرا جاء الحل العبقرى لهذه الأزمة الخانقة.. انتاج أصناف جديدة من الأرز توفر 55٪ من مياه الرى، ويمكن ريها بمياه الصرف الزراعى.

 

 

الأصناف الجديدة للأرز تمثل ثورة فى الزراعة تسمح - كما قال الدكتور عزالدين أبوستيت وزير الزراعة - بالتوزيع العادل للمياه بين المحافظات، فضلًا عن تطبيق القانون لردع المزارعين المخالفين لهذه الأنواع من المحاصيل لترسيخ منظومة زراعية تعمل وفقا للمصلحة العامة للدولة والمزارع، مشيرا إلى أن الأصناف الجديدة المصرح بزراعتها لمحصول القمح جميعها أصناف تبشر بالخير وتزيد من إنتاجية المحصول.

 

الزراعة فى كل المحافظات

قال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن زراعة أصناف أرز يتحمل الملوحة، يوفر المياه بنسبة 55%، إضافة لزيادة إنتاجية الفدان، والنضج المبكر.

وأضاف أن زراعة الأرز بأصناف موفرة للمياه، تسمح بزراعة مساحة مليون و100 ألف فدان هذا العام بعد توفير تقاوى من الأرز سخا «107»، والذى أطلق عليه المزارعون «الشبح»، والذى تم تسجيله 2016م، وتم تجربته لدى بعض المزارعين فى عدد من المحافظات العام الماضى، وسيتم تعميمه ابتداء من هذا العام  مع زراعة الأصناف الأخرى التى تحمل نفس الصفات كجيزة 179، وجيزة 178، وهجين مصرى 1 وسخا 108، والتى زرعت تحت طرق الزراعة الحديثة التى غيرت البصمة المائية للأرز لتوفر هذه الأصناف مع طرق الزراعة الحديثة كالزراعة بالتسطير (حوالى 2800-3300 م3 / فدان) مقارنة بالأصناف القديمة جيزة 171 حيث كانت تستهلك حوالى 7500 م3 من المياه، فيما تستهلك 3700-4500 متر مكعب من المياه فضلا عن إمكانية ريها، بماء الصرف الزراعى، مع معاملتها بالسماد البوتاسى، وتحت ظروف الأراضى المتأثرة بالأملاح مع إعطاء محصول عالٍ وجودة عالية خالية من العناصر الثقيلة.

وأشار «أبوصدام» إلى أن مياه الصرف الزراعى، والتى تقدر بـ 16 مليار متر مكعب كانت تصب فى البحر المتوسط، دون أن نستفيد منها والمحصول الوحيد القادر على النمو بالرى بمياه الصرف هو الأرز، لذا تعد هذه الخطوة ممتازة وتحقق أحلام كثير من الفلاحين والمهتمين بالشأن الزراعى، والذين طالبوا طويلًا بتغيير طريقة ترشيد استهلاك المياه.

 ونوه نقيب عام الفلاحين إلى عدم وجود عوائق فى زراعة الأرز بالأصناف الجديدة، مشيرًا إلى الأرز يزرع لمدة ثلاثة أشهر فقط، وفى ذروة فيضان نهر النيل ومعظم زراعته بمياه صرف زراعى غالبا ما تهدر بالبحر دون فائدة، ولا يستهلك الأرز كل الماء بل تنزل المصارف لإعادة استخدامها مرة أخرى.

وتابع: «مع امتلاكنا لأصناف من الأرز ذات عمر قصير، وتستهلك مياها أقل فلا مانع من التوسع بزراعة الأرز، لا سيما أن الأرز سلعة أساسية، وهو أهم الأغذية للمصريين ويدر دخلا اقتصاديا عاليا للفلاحين بالنسبة للزراعات الصيفية الأخرى.

وأشار النقيب العام للفلاحين إلى أن الأرض الساحلية المنخفضة مالحة وإنتاج المحاصيل الأخرى بها ضعيف وزراعتها بالأرز يمنعها من طفح الملح وتبويرها، فيلزم غمرها بالماء حتى بدون زراعة أرز، ولا توجد زراعات صيفية تعوض المزارعين عن الأرز، مؤكدًا أن عدم زراعة الأرز، كان سيؤدى لفقدان خبرات علمية وزراعية تكونت منذ سنين وارتفاع نسبة البطالة جراء تقليل زراعة الأرز وتعطيل المضارب وارتفاع أسعار الأعلاف لفقد سرس الأرز.

وأكد «أبوصدام» إمكانية زراعة الأرز فى محافظات لم يسبق لها زراعة الأرز كالفيوم والوادى الجديد مع الـ 9 محافظات التى حددت من قبل وهى «الإسكندرية والبحيرة والدقهلية والشرقية وكفر الشيخ والغربية ودمياط والإسماعيلية وبورسعيد»، لزراعة الأرز بدون خسائر مائية، إذا استخدمنا الأصناف قليلة استهلاك المياه عملا بمبدأ المساواة بين المواطنين الذى نص عليه الدستور مع إلزام كل من يسمح له بزراعة الأرز بتوريد المحصول للحكومة بسعر يحدد مسبقا به هامش ربح مقبول لتعم الفائدة على جميع المصريين.

 

20 عامًا من التجارب

وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة، وخبير الموارد المائية، إن زراعة الأرز ستشهد انفراجة كبيرة خلال الفترة المقبلة من خلال زراعة مليون فدان بأنواع موفرة للمياه، مشيرًا إلى أن ما أعلن عنه الدكتور عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة خلال جولته فى الشرقية، هو نتاج 20 عامًا من العمل والتجارب حينما اكتشف أستاذ رى بجامعة الزقازيق، أنواعا جديدة من محصول الأرز توفر فى استهلاك المياه.

وأضاف «نور الدين» أن الأنواع الجديدة من المحاصيل هى «عرابى، عرابى 1، عرابى 2، عرابى 3، عرابى 4»، وتم إجراء إعداد العديد من التجارب الأولية قبل إعلان الوزير عن المشروع، وحققت نجاحات كبيرة فى الشرقية.

وأشار خبير الموارد المائية، إلى أن استهلاك فدان الأرز 5 آلاف متر مكعب من المياه، ولكن مع الأنواع الجديدة، سيتم استهلاك 4 آلاف متر مكعب مياه فقط.. وقال المحاصيل الموفرة للمياه مصرية خالصة،

وتتراوح أسعارها ما بين 20 إلى 30 جنيهًا للشوال الواحد، ووزنه 30 كيلو جراما.

وتابع: توزيع تقاوى تلك الأصناف سيتم عن طريق وزارة الزراعة تصرف الأجولة على الجمعيات الزراعة فى قرى المحافظات، ومن المتوقع زيادة إنتاج هذه المحاصيل مع إشراف وزارة الزراعة عليها.

 

تسجيل الأصناف الجديدة

وقال الدكتور على إبراهيم، استشارى وخبير التنمية الزراعية، والاستاذ بمركز البحوث الزراعية، إن الأصناف الجديدة من محصول الأرز الموفرة للمياه، ليس اكتشافًا بل ناتج عن تهجينات ومساعى البحث فى استخراج أصناف جديدة.

وأضاف الخبير بمركز البحوث الزراعية، أن الدكتور سعيد سليمان الذى توصل إلى الأصناف الجديدة وعرضها على مركز البحوث ومنها أرسل المركز لجنة لفحص تلك الأصناف، وقريبًا سيتم اعتمادها، مشيرا إلى أن تلك الأصناف ستساعد فى زراعة العديد من المناطق المحظور فيها زراعة الأرز، لكونها موفرة للمياه.

وتابع: «الأصناف الجديدة حال زراعتها ستؤدى إلى تخفيض أسعار الأرز فى الأسواق المحلية بعدما شهدت ارتفاعا كبيرًا خلال الفترة الماضية»، وحول تحديات تلك التجربة وعوائق تطبيقها على أرض الواقع رد قائلًا: إن التجربة ناجحة ومن السهل تنفيذها وستحقق مكاسب مالية كبيرة.

للنجاح شروط

قال خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن محصول الأرز استراتيجى لا يقل أهمية عن القمح، لذلك فإن تحديث وسائل زراعته واستنباط أصناف جديدة، يعد توجها جيدا جدًا من الدولة لدعم المزارعين للتوسع فى زراعة الاصناف الجديدة.

وأضاف: ما يتطلبه الأمر لنجاح هذه التجربة هو عدم إسناد هذا المشروع إلى إدارات وزارة الزراعة الملقى على عاتقها مئات الملفات، فلن تعطى هذا الملف الحيوى الاهتمام المطلوب، خاصة أن زراعة الأرز لها أكثر من شق الأول، مرتبط بحجم، إنتاج المحصول الاستراتيجى والثانى مرتبط بتوفير المياه فى وقت نعانى فيه أزمة كبيرة فى توافر المياه الصالحة للزراعة والشرب والاستهلاك اليومى.

وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن نجاح منظومة زراعة أصناف أرز جديدة يتطلب جهة مستقلة مثلا مكونة من خبراء فى الزراعة، على أن تكون تحت إشراف الوزارة، لأن هذا الملف يعد الأهم فى الفترة القادمة لمواجهة الفقر المائى، وتوفير احتياجات المواطنين السنوية، إذن عواقب الأمر كله ترتبط بالجهة التى ستشرف عليه، فإذا رغبنا فى جعله مشروعا عاديا، فيمكننا أن نترك الأمر لإحدى الهيئات أو الإدارات داخل وزارة الزراعة، لكن إذا أردنا نجاح المشروع لابد أن تكون هناك جهة مستقلة تشرف عليه وبرعاية الوزارة.

أكد الخبير الاقتصادى أنه لا يوجد لدينا أزمة. فالقضية كلها عملية حسابية يمكن تلخيصها كالتالى «الحكومة قلصت المساحات المزروعة إلى 724 ألف فدان، وارتفعت حتى 850 ألف فدان لكنها خلقت فجوة حيث تراجع إنتاج مصر من الأرز إلى 2.8 مليون طن فى وقت يصل حجم الاستهلاك السنوى من الأرز وفق تقديرات الجهات الرسمية حوالى 4 ملايين طن. إذن أصبح لدينا فجوة قرابة 1.2 مليون طن أرز سنويا».

وتابع: القطاع الخاص قام باستيراد قرابة 600 ألف طن أرز خلال الفترة الأخيرة من الصين ودول أخرى، لكن هناك قرابة 800 ألف فدان يتم زراعتها من الأرز، لكنها غير مرصودة، أى أنها خارج نطاق المساحات التى حددتها وزارة الزراعة، كما أن هناك انخفاضا فى استهلاك الأرز عقب زيادة أسعاره بحولى 400 ألف طن سنويا.

أما بشأن الأفكار الجديدة لاستنباط سلالات الأرز الجديدة، فلا بد أن يتم تعميمها فى المحافظات المختلفة وعدم اقتصارها على الـ 9 محافظات التى حددتها الحكومة لزراعة الأرز، وهى: الإسكندرية والبحيرة والدقهلية والشرقية وكفر الشيخ والغربية ودمياط والإسماعيلية وبورسعيد، فالأصناف الجديدة من تقاوى الأرز، ستتحمل الجفاف نوعا ما وتتحمل درجة الملوحة والعطش وتسمى بالأرز الجاف، والموفرة للمياه.