عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الركين» يتحدى القانون بالبلطجة!

بوابة الوفد الإلكترونية

مواطنون: ندفع مضطرين ونتعامل مع «سوابق»!

برلمانيون: الحكومة لا تستفيد من حصيلة انتظار السيارات!

البلاغ ضد السايس يعامل معاملة السرقة بالإكراه!

فى كل الشوارع الرئيسية والفرعية تجدهم يتربصون لأصحاب السيارات، وما أن يقف قائد السيارة محاولاً العثور على مكان لركن سيارته، حتى يظهر له فجأة من يخبره بأنه سايس المنطقة، ويساعده على الوقوف فى أفضل زاوية مقابل تحصيل بعض المال، يحدده هو مسبقاً كأنها رسوم جبرية.

وفى الفترة الماضية توسع السياس فى نشاطهم واتسعت امبراطوريتهم وانتشروا بطريقة كبيرة سواء فى الأحياء الشعبية أو الراقية، البعض منهم تحولوا إلى بلطجية رافعين شعار «أما الدفع أو تخريب السيارة».

«حمد الله على السلامة يا هانم.. نورت يا بيه..  الركنة هنا بـ10 جنيه فى الساعة».. جملة اعتاد عليها قائدى السيارات يوميًا خلال تعاملاتهم مع السياس، الذين استطاعوا ممارسة نشاطهم بـ«الفهلوة»، متخذين من فوطة صفراء مبللة  بالزيت والكيروسين وجردل وصفارة أدوات له.

وتختلف تسعيرة الركنة بحسب المكان، فى بعض المناطق تصل سعر الركنة 40 جنيهًا فى الساعة، دون وجود قانون صارم ينظم عمل السايس أو يمنع نشاطهم من الأساس.

وفى بيان صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن فى عام 2015 بلغ عدد السيارات فى مصر مصر 8.6 مليون سيارة، تقع أغلبية أصحابها تحت مطرقة استغلال أباطرة السياس.

ومؤخراً ناقشت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب مشروع قانون بشأن تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات، وأكد اللواء ممدوح مقلد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، أن ظاهرة «السايس» أصبحت مدعاة لممارسة البلطجة وتجاوز القانون، مشيراً إلى أن الحكومة لم تستفد من الأموال التى يتحصلون عليها، وطالب الإدارة العامة للمرور بتوقيع أشد عقوبة ضد يمن يمارس هذه المهنة دون ترخيص.

وتشير الأرقام إلى أن عدد المحاضر التى تم تحريرها ضد حراس السيارات عام 2014 بلغ 169 محضراً و47 محضر بلطجة لمن يجبرون سائقى السيارات على دفع إتاوة.

ولفظ «السايس» قديماً كان يطلق على راعى الحمير والأحصنة، أما فى الوقت الحالى فبات «السايس» هو راعى مواقف السيارات، ومع زيادة ممارساتهم الخارجة على القانون مع أصحاب السيارات وفرض رسوم أشبه بـ«الإتاوات»، أطلق عليهم المواطنون «البلطجية».

والتقت «الوفد» عن قرب عدداً من السياس، الذين كشفوا عن أن أعدادهم كبيرة جداً، خاصة فى القاهرة، وقال طايع محمد، سايس: إنه يرجع لأصول الفلاحين فى البحيرة، وجاء القاهرة بحثاً عن لقمة العيش، واحترف عمل السايس عن طريق الصدفة، من خلال قائد سيارة كان حائرًا فى البحث عن مكان يترك فيه سيارته لحين قضاء بعض المصالح، وجاء له يعرض له مكانًا مميزًا، حتى فرح قائد السيارة وأعطاه «بقشيش».

قال: «القصة أحلوت فى عينى قولت ليه مشتغلش الشغلانة دي؟».. يكمل السايس حديثه، وقال إنه يعمل فى هذا النشاط منذ 10 أعوام، ووجد منه نشاطًا لكسب الرزق وسد احتياجات منزله، مشيرًا إلى أن كثيرًا من تجاوزات السياس أساء لنشاطهم، وكثيرًا ما يتهمهم البعض بالبلطجة.

وتابع: «السايس مهمته الأساسية حراسة السيارات من أى تخريب لحين عودة صاحبها، ولكن ما يفعله السايس فى هذه الأيام من تجاوزات أساء للمهنة»، مشيرًا إلى أن العديد من المناطق يقوم فيها السايس بفرض مبالغ معينة مقابل «الركنة الواحدة»، وغيرها من أعمال التخريب حال عدم حصوله.

من جانبه قال صابر محمود، سايس: إن عدداً كبيراً من السياس أساسهم بوابين، ومع مرور الأيام أصبحوا يتحكمون فى مربع المنطقة وأى فرد يريد ركنة سيارة، يسارع إلى خدمته نظير تحصيل المال، مشيرا إلى أن كثيرًا من القادمين من الصعيد أتوا إلى القاهرة وعجزوا عن الحصول على وظيفة فقرروا العمل كبوابين على العمارات، ومنهم من يباشر سيارات أصحاب الشقق ومع الوقت يمتد نشاطه إلى السيارات الأخرى فى المنطقة من الغرباء ويطلق على نفسه «سايس».

الأمر نفسه أكده سامى على، سايس فى منطقة الدقى، وقال: إنه من الصعيد بالتحديد محافظة الأقصر، جاء للقاهرة بحثًا عن الرزق، ولم يوفق، خاصة أنه سعى فى العمل داخل العديد من الشركات الخاصة كفرد أمن، ولكونه مسئولاً عن أسرة مكونة من 4 أفراد كان لا بد أن يسعى للبحث عن أى عمل حتى ولو عمل بواباً لإحدى عمائر منطقة الدقى.

«الناس قالولى اشتغل سايس بدل ما تكون عاطل».. يقول السايس: إن العديد من البوابين نصحوه بأن يعمل «سايس» أمام العمارة، وبالفعل خطط لذلك، وبدأ يلمع زجاج سيارات المقيمين بالعمارة التى يعمل بها، واستغل المساحة أمام العمارة فى ذلك، ومع الوقت بات يسيطر على الشارع بأكمله، وحمل على كتفه الفوطة الصفراء، وفى رقبته الصافرة لتنبيه أصحاب السيارات الغرباء عن المنطقة بضرورة اتباع التعليمات التى وضعها.

«قانون الشارع اللى بيحكم».. كان هذا رد أحد السياس على سؤال حول القانون الذى يحكم السُيَّاس فى الشارع، هل المرور أم الإدارة المحلية، وأشار إلى أن كل منطقة لها سايس خاص بها يضع لها ضوابط خاصة به وتسعيرة تختلف عن باقى المناطق.

وعن تسعيرة الركنة، رد قائلاً: إن التسعيرة لم تكن واحدة، فتختلف من مكان عن آخر، فقد تكون

بـ10 جنيهات للساعة، وفى بعض المناطق تصل لـ40 و50 جنيهًا فى الساعة، وكلما كانت السيارة من الأنواع الفارهة زادت سعر ركنتها فى المناطق الشعبية.

ومن «السُيّاس» لأصحاب السيارات الملاكى، الذين أعربوا عن استيائهم الشديد، وقالوا: إن «السايس» تحول لبلطجى ويفرضون أمور البلطجة على أصحاب السيارات.

وحال اعتراض أحد على عدم دفع المبلغ المطلوب، يطردوه كأن الشارع ملكاً لهم أو يكون عقابه تهشيم سيارته ثم يدعى السايس أنه لا يعلم عن هذا الفعل المشين أى شىء.

«حسبنا الله ونعم الوكيل ناس ما عندهاش ضمير».. بهذه الكلمات استهل إيهاب شريف، صاحب سيارة ملاكى، من سكان منطقة الدقى، وقال إنه يدفع فى الركنة الواحدة ما بين 10 و15 جنيهاً، فى حين فى مناطق أخرى يدفع 30 جنيهاً مثل فى جاردن سيتى أو الزمالك.

وأضاف: إذا كنت اضطر لدفع 200 جنيه للسايس على الأقل شهرياً، وأدفع خارج منطقتى للركنة 10 جنيهات كحد أدنى فى المرة، يعنى أحتاج ألف جنيه فقط لركن السيارة، كيف سأعيش وهل يضيع دخلى على ركن السيارة؟

«ساعات كتير برجع بلاقى عربيتى فيها تكسير».. هكذا يجيب هانى على، صاحب سيارة ملاكى من سكان منطقة المهندسين على تساؤل: هل تعرضت سيارتك لتكسير بعد امتناعك عن دفع قيمة الركنة للسايس، وأشار «على» إلى أن «السُيّاس» لا يحكمهم سوى قانون الشارع ورغم علم الحكومة بتجاوزاتهم، فإنَّ الظاهرة فى ازدياد مستمر يوماً بعد يوم، ويمارسها بلطجية وسوابق.

وتابع: «اللى مايدفعش للسايس يقرأ الفاتحة على عربيته ومش هيلاقيها تانى، ومش هيعرف يجيب حقه».

كما قال كمال طاهر، صاحب سيارة ملاكى، إنه يدفع بشكل يومى ما لا يقل عن الـ100 جنيه لركنات سيارته، لكثرة تجوله فى الشوارع بحكم عمله مندوب مبيعات، مشيراً إلى أنه فى عدد من المناطق تصل قيمة الركنة الواحدة لـ30 جنيهاً.

اللواء ممدوح مقلد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، قال: إنه جهز مشروع قانون لتنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات، لما يشهده الشارع من تجاوزات «السياس» وبلطجتهم على أصحاب السيارات، مشيراً إلى أن مشروع القانون مكون من 15 مادة تمت مناقشة ثلاث منها حتى الآن، كما تمت الموافقة على المشروع من حيث المبدأ، وبعد الانتهاء من مناقشة جميع المواد سيتم عرضه على اللجنة العليا.

وأضاف «مقلد»، فى تصريحات خاصة لـ«الوفد»، أن العقوبات الواقعة على «السايس» بموجب مشروع القانون المقدم تتراوح ما بين الحبس 6 أشهر والغرامة التى لم تحدد بعد، مشيراً إلى أن الوضع الحالى يعامل «السايس» أمام القانون حال تقدم أحد المواطنين ببلاغ ضده، بأنه سارق بالإكراه، وقد تصل عقوبته للسجن المشدد 20 عاماً مقابل ما يتقاضاه 10 جنيهات للركنة الواحدة للسيارة.

وقال اللواء رفعت عبدالحميد، الخبير الأمنى، إن المحليات هى المسئولة عن انتشار هذه الفئة، ولا بد من إخضاعها لإشراف مباحث المرور، مشيراً إلى ضرورة التنسيق بين وزارتى الداخلية والتنمية المحلية للحد من انتشار المواقف العشوائية التى يتمركز فيها «السُيّاس» ويمارسون بها أنشطتهم وفرض المبالغ المالية على أصحاب السيارات.

وأضاف «عبدالحميد» لـ«الوفد»، أن رؤساء المباحث فى الأقسام المختلفة يقومون بتوسيع دائرة الاشتباه، والتأكد من شخصية السايس، مشيراً إلى أن البعض منهم قد تكون عليه أحكام مسبقة، ولهذا لا بد أن تكون لهم أعين داخل هذه المواقف، ويتقربون من هذه الشخصيات للتأكد من خلو صحيفتهم الجنائية من الجرائم.