رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عايشين فى النور

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب - حمدى أحمد:

يحتفل العالم فى الخامس عشر من أكتوبر من كل عام باليوم العالمى للكفيف، منذ توصية المجلس العالمى لرعاية المكفوفين باجتماعهم الذى عقد فى شهر فبراير من عام 1980م بباريس، بأن يكون 15 أكتوبر من كل عام يوماً للمكفوفين ويرمز لهذا اليوم بيوم «العصا البيضاء».

وقد بدأ استخدام العصا البيضاء فى عام 1931 وهى رمز استقلالية المكفوفين، لأنها تساعدهم على التحرك بحرية دون مساعدة أحد وتمكنهم من القيام بأمور حياتهم المختلفة دون الاعتماد على الآخرين، ومن خلالها يستطيع المكفوفون تفادى العوائق التى تواجههم، وتحديد مواقع الأشياء من حولهم، وأصبحت هذه العصا البيضاء اعترافاً صريحاً بقدرة الكفيف على العمل والإنتاج المنفرد والاعتماد على النفس.

ويقدر عدد المكفوفين وضعاف البصر حول العالم بما يقرب من 280 مليون شخص، منهم نحو 3.5 مليون فى مصر. ووفقاً لرئيس جمعية المكفوفين المصرية، وعضو المنظمة العربية للمكفوفين، الدكتور علاء عبدالحليم، فإن نسبة المتعلمين فى مصر من ذوى الإعاقة لا تتخطى 2%، بما يعادل 300 ألف متعلم، منهم اثنان من المكفوفين حاصلان على الدكتوراه.

ورغم قلة عدد المتعلمين منهم، فإن كلاً منهم يعد نموذجاً إنسانياً فريداً، وبعضهم حقق نجاحات مذهلة، سواء فى المجال العلمى أو الفنى، أبرزهم أوركسترا النور والأمل وفرقة المفتحين المسرحية.

«الوفد» التقت بنجوم الأوركسترا، وفرقة المفتحين، واثنين من المكفوفين الحاصلان على الدكتوراه، وكان التحقيق التالى:

أوركسترا النور والأمل.. 40 عازفة وصلت للعالمية

 

«وصلت إلى العالمية بجدارة، وكانت قد تأسست عام 1961، جابت دول العالم المختلفة، وكانت أول دعوة تلقتها من النمسا فى عام 1988، والمحزن أنها حاليًا تواجه شبح الإغلاق والتوقف عن العمل».. إنها أوركسترا النور والأمل، التى تعتبر من أهم إنجازات جمعية النور والأمل لتعليم ورعاية المكفوفين التى أنشئت عام 1954.

57 عامًا هى عمر هذه الفرقة الخاصة بالمكفوفين من الطالبات العازفات، التى ظهرت للنور على يد الدكتورة سمحة الخولى، رئيس الأكاديمية المصرية للفنون بوزارة الثقافة سابقاً، عندما أنشأت معهد موسيقى جمعية النور والأمل على أسس أكاديمية وعلمية، بحيث تدرس طالبات المعهد الموسيقى وفى الوقت نفسه المواد المدرسية المقررة بمدارس التعليم العام بمراحلها المختلفة، أى أنهم يجمعون بين دراسة مزدوجة، مدرسة النور والأمل صباحًا ومعهد الموسيقى مساءً.

بدأت الفرقة بخمس فتيات كفيفات، ثم زاد العدد حتى وصل إلى 40 عازفة حالياً، وتشمل 4 أقسام هى الأوتار والآلات الخشبية والآلات النحاسية وآلات الإيقاع، ويعزف أعضاؤها الموسيقى الشرقية والغربية، وخلال السنوات الماضية أسهم العديد من قادة الأوركسترا فى تطوير فنون وأساليب خاصة لتمكين الفتيات من العزف دون الحاجة إلى قراءة النوتة الموسيقية المكتوبة بطريقة البرايل أثناء العزف، ودون الاعتماد على عصا المايسترو الشهيرة.

مرت الفرقة بعدة أجيال، قدم أولها فى عام 1972، وكان مكوناً من 15 عازفة، أول حفل موسيقى خارج مقر جمعية النور والأمل فى دار الأوبرا المصرية القديمة بالقاهرة، وفى عام 1988 قدم الجيل الثانى المكون من 34 عازفة أول حفل خارج البلاد فى قاعة دار البلدية بمدينة فيينا بالنمسا، أما الجيل الثالث، فقد عزف فى 2005 على مسرح الكلية الأمريكية بأثينا باليونان، والآن يقدم الجيل الرابع حفلات بالقاهرة فى مراكز ثقافية ومدارس متنوعة.

وفى عام 2009، قدمت فرقة الأوركسترا حفلًا فى مدينة كوفريه بفرنسا، مسقط رأس لويس برايل، مخترع نظام القراءة والكتابة للمكفوفين، للاحتفال بمرور 200 عام على مولده.

ونجحت الأوركسترا فى إبهار الجمهور بقارات العالم الست، حيث سافرت للخارج أكثر من 28 مرة، وقدمت حفلاتها الموسيقية فى 24 دولة من بينها 14 دولة أوروبية و5 دول عربية و3 دول آسيوية فضلًا عن كندا وأستراليا، بحسب تصريحات سابقة لآمال فكرى، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية النور والأمل.

ورغم هذا النجاح الكبير والوصول إلى العالمية، فإن فرقة الأوركسترا يحيط حولها حالياً شبح الإغلاق والتوقف عن العمل نهائياً، بسبب نقص الدعم المادى المقدم لها، حيث إنها قائمة على التبرعات بنسبة كبيرة، إضافة إلى عائد الحفلات، وقد انخفضت قيمة التبرعات منذ ثورة يناير 2011، وفقًا لنجاة رضوان، المدير التنفيذى لمعهد موسيقى جمعية النور والأمل، التى أكدت أن هناك العديد من المشاكل التى تواجه الأوركسترا حاليًا تهددها بالإغلاق وإنهاء العمل بشكل كامل بعد النجاح الكبير الذى قدمته خلال السنوات الماضية.. وقالت: «المشكلة الأكبر والأهم التى تواجه الأوركسترا تتمثل فى نقص الدعم المادى لأعضاء الفرقة ومعهد الموسيقى، مشيرة إلى أن المعهد كان يتلقى تبرعات كثيرة قبل ثورة 25 يناير 2011، كانت تساعده فى تنفيذ أهدافه بشكل كبير، ولكن بعد الثورة انخفضت قيمة التبرعات وأصبح المعهد مهدداً بالإغلاق لولا بعض المساعدات التى يتلقاها.

«المفتحين».. أول فرقة مسرحية فى الشرق الأوسط

 

«يناير 2013 كانت البداية بقصر ثقافة طنطا، ووقتها كانت تضم 15 عضواً، وفى 30 مايو 2015 كان موعد العرض الأول لأولى مسرحياتهم بكلية الآداب القديمة بطنطا، ويحاول أعضاؤها استمرار العمل بها منذ سنتين ولكن دون جدوى فى انتظار ممولين».. إنها فرقة المفتحين المسرحية، أول فرقة مسرحية من المكفوفين معتمدة من وزارة الثقافة على مستوى مصر والشرق الأوسط.

حلم التكوين والإنشاء بدأ فى يناير 2013 عندما اجتمع أعضاء الفرقة وهم 15 عضوًا برئاسة سيد مجاهد، مؤسس الفرقة، بقصر ثقافة طنطا، على أمل تكوين فرقة مسرحية تهتم بتقديم أعمال فنية خاصة بمشاكل ذوى الاحتياجات الخاصة والمجتمع بشكل عام، وبالفعل بدأ أعضاء الفرقة تعلم تقنيات التمثيل على مسرح قصر ثقافة طنطا لمدة عام، حتى بدأوا فى إجراءات اعتماد الفرقة رسمياً.

استمرت إجراءات الاعتماد نحو ستة أشهر، حتى جاء موعد العرض الأول لأولى أعمالهم الفنية، وهى مسرحية حكايات مصرية، التى عرضت فى 2015، على مسرح كلية الآداب القديمة بطنطا، وحضرها عدد كبير من الجمهور وصل إلى 600 فرد لمدة 5 أيام، لكن أعضاء الفرقة لم يستطيعوا الاستمرار فى العمل بعد ذلك بسبب ضعف التمويل واعتمادهم على جهودهم الذاتية، وهم فى انتظار من يعيد إليهم الأمل والروح حاليًا سواء بالتبرعات أو الرعاية من جانب أحد الرعاة.

الدكتور جمعة دُبل، أحد مؤسسى فرقة المفتحين المسرحية، قال إن آخر عمل قدمته الفرقة كان فى 2015 هو حكايات مصرية، وكان يصف المجتمع المصرى بعد الثورة، ولكن توقف عمل الفرقة لنقص الدعم المادى لأننا كنا نعمل بالجهود الذاتية وبسبب التكاليف العالية جداً توقف المشروع للأسف.

وأضاف «جمعة»: الفرقة تحتاج إلى أحد الرعاة الذين يتكفلون برعاية أعضائه وتكاليفها، لأن هذه الفرقة أول فرقة مسرحية من المكفوفين معتمدة من وزارة الثقافة على مستوى مصر والشرق الأوسط وإذا تم رعايتها سيكون لها شأن كبير فى البلاد».

وأوضح «جمعة» أن العمل توقف فى الفرقة منذ سنتين بسبب غياب الدعم المادى وقال: ولذلك نطالب الدولة أو أحد الرعاة بالدعم، فنحن لم نكن فرقة مسرحية عادية

وإنما كنا نعبر عن مشاكل المكفوفين فى المجتمع، فضلاً عن المشاكل العامة أيضاً، قائلاً: «إحنا محتاجين راعى زى فرق كرة القدم ولو ده تم الفرقة سيكون لها شأن كبير فى المجتمع».

ولفت «جمعة» إلى أن عدد أعضاء الفرقة 15 فرداً، وقال: «لم نعرض مسرحياتنا خارج وزارة الثقافة بسبب العمل الروتينى، وكنا نأمل فى العمل بالقطاع الخاص لزيادة الإيرادات ولكن لم يحدث ذلك للأسف.

«صابر حمد» صاحب أول دكتوراه فى الدراسات الإعلامية:

نظرة المجتمع للمكفوفين تحتاج إلى تصحيح

.. و«جمعة دُبَل» صاحب الدكتوراه فى الدور الحضارى للعميان فى المشرق: التعيينات أزمة تنتظر الحل

 

لم يكتفيا بالمؤهلات العليا، كالبكالوريوس أو الليسانس، بل تحديا الصعاب وفعلا ما لا يستطيعه الأصحاء فى كثير من الأحيان، وحصلا بإصرارهما على شهادات الماجستير والدكتوراه فى مجاليهما، إنهما الدكتور صابر حمد، أول كفيف يحصل على الدكتوراه فى الدراسات الإعلامية، والدكتور جمعة دُبَل، الحاصل على الدكتوراه عن الدور الحضارى للعميان فى المشرق الإسلامى.

ورغم ما يعانيه كل منهما فى حياته اليومية والصعوبات التى يواجهانها فى المجتمع، فإنهما رفضا الاكتفاء بالشهادة الجامعية فقط، وأصرا على توصيل رسالة للمجتمع بأن المكفوفين يستطيعون القيام بما لا يتوقعه البعض، حتى تتغير صورة المجتمع الذهنية عنهم بأن المكفوف لا يستطيع القيام بشىء بسبب إعاقته، ولكنهما حصلا على الدكتوراه فى الدراسات الإعلامية والتاريخ.

قال الدكتور صابر حمد، أول كفيف يحصل على دكتوراه فى الدراسات الإعلامية بمصر والعالم العربى، إن طلاب الدراسات العليا المكفوفين والحاصلين على شهادات الدكتوراه يعانون معاناة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، رغم الإعلان دائمًا من جانب المسئولين عن الاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة، ولكن ذلك لا يحدث على أرض الواقع.

وطالب «حمد» الجامعات بضرورة الاهتمام بطلبة الدراسات العليا وتوفير الكتب والمناهج الدراسية اللازمة لهم، فضلًا عن تعيين الحاصلين منهم على الدكتوراه فى وظائف الدولة بدلًا من حصولهم على الشهادة وجلوسهم فى المنزل ونقل طاقة سلبية للطلاب الصغار، إضافة إلى ضرورة تكريم الحاصلين على درجات علمية فى المجالات المختلفة.

وأشار أول كفيف يحصل على الدكتوراه فى الدراسات الإعلامية، إلى أن نظرة المجتمع للمكفوفين تحتاج إلى تعديل وتصحيح، لأن الكثيرين لديهم فكرة أو صورة سلبية عن أن الكفيف غير قادر على العمل والعطاء، أو أن يحصل على أعلى الدرجات العلمية، موضحًا أن هناك عدداً كبيراً من المكفوفين متميزين فى الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والثقافة وغيرها من المجالات إذا ما توافرت لهم أبسط السبل لذلك.

أما الدكتور جمعة دُبَل، الحاصل على الدكتوراه عن الدور الحضارى للعميان فى المشرق الإسلامى، قال إن أبرز المشاكل التى تواجه المكفوفين حالياً، تتمثل فى عدم تعيين الخريجين مباشرة، مقارنة بما كان يحدث فى الماضى، حيث إن هناك خريجين منذ 2009 لم يتم تعيينهم حتى الآن، فقد كان المعاق بصفة عامة وليس المكفوفين فقط قبل هذا التاريخ بمجرد حصوله على المؤهل الدراسى العالى، سواء بكالوريوس أو ليسانس، فإنه كان يتم تعيينه مباشرة، لكن هذا الوضع تغير منذ سنوات.

وأضاف «دُبَل»، أن من ضمن المشاكل أيضًا رفض القطاع الخاص رفضًا تامًا تعيين المعاقين وخاصة المكفوفين، وفى حالات محدودة من الممكن أن يعين الصم والبكم، وعندما يكشف السبب يقول: «هشغل الكفيف والمعاق الذهنى إيه؟»، كما أن الدولة لا تهتم بالمكفوفين وذوى الإعاقة فى المجال الرياضى رغم أن من يحقق إنجازات رياضية لمصر عالمياً هم ذوو الإعاقة وليس الأصحاء.

ومن أهم المشكلات التى كشفها دبل، أن الحاصلين على الماجستير والدكتوراه من المكفوفين للأسف لا يتم تعيينهم فى نسبة الـ5% الخاصة بذوى الإعاقة فى الجامعات، ورغم أن لدينا كليتين لعلوم الإعاقة فى مصر «بنى سويف والزقازيق» ولكن كل أعضاء هيئة التدريس بهما أصحاء رغم أنهما لعلوم الإعاقة، مشيرًا إلى أن الأولى تعيين ذوى الاعاقة بهما لأنهم الأقدر على معرفة مشاكل المعاقين عن أى شخص آخر، قائلاً: «مين اللى هيعرف علوم الإعاقة أكتر من المعاق نفسه».

وتابع: «المدرسون الأصحاء فى مدارس التربية الخاصة لذوى الإعاقة يحصلون على حافز 55% لكن إذا تم تعيين أحد المعاقين الحاصلين على مؤهل عالٍ فى مدارس التربية والتعليم لا يعامل بنفس المعاملة ولا يحصل على هذه النسبة، ولذلك يجب المساواة بين الطرفين».

وطالب دبل وزيرى التعليم العالى والتربية والتعليم، بأن يحصل على فرصة عمل فى كلية علوم الإعاقة والتأهيل بجامعة الزقازيق كعضو تدريس استثنائى أو وظيفة إشرافية أو قيادية فيما يخص التربية الخاصة وأيضًا نفس الوظيفة الإشرافية أو القيادية بإدارات التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم.