رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فساد الذوق العام.. خطر يهدد الشارع

بوابة الوفد الإلكترونية

أعد الملف: نشوة الشربيني ودعاء مهران - اشراف: نادية صبحى

 

في الزمن الجميل اعتبروا «بنسوار يا هانم» «تحرشاً».. واليوم الأفعال الفاضحة «إبداع»

الفهلوة وفرد العضلات وبلطجة الرأي بداية الانهيار

 

حادث المريوطية الذي هز المجتمع في الأيام الأخيرة أصاب الجميع بصدمة، خاصة بعد أن كشفت التحقيقات أن المتهم في الواقعة هو «الأم»، صحيح أن الجريمة في الأصل إهمال.. لكن طريقة التخلص من الأبناء وتفاصيل الجريمة البشعة وضعت الجميع علي خط المواجهة مع ما يطرأ علي المجتمع من تغيرات، وصحيح أن هذه الأم تعتبر حالة شاذة ليست هي الأصل في مجتمعنا المعروف بالرحمة والتسامح، إلا أن فكرة الانهيار الأخلاقي وتردي القيم تسيطر علي كثير من النقاشات في أي تجمعات، فمظاهر تراجع القيم الطيبة في المجتمع أصبحت عديدة وبارزة.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة أين ذهبت أخلاق المصريين؟!

وكيف تسربت قيم دخيلة ومتدنية إلي المجتمع لتطفوا علي السطح وتزعج الجميع المظهر والملابس تبدلت.. كانت في الماضي ملابس النساء تتمتع بالحرية من غير بذاءة، الآن انتشر الحجاب مع الملابس الفاضحة علي جسد واحد، وبَعُد مظهر الرجال والشباب في الغالب عن الوقار والاحترام لتظهر الملابس الممزقة المتسخة والشعر الطويل المربوط بـ«توكة من الخلف».

تغيرت اللغة لتفوح من الأفواه ألفاظ كريهة، واستبدلت الكلمات العربية والعامية بلغة خليطة مسخ مشوهة لا أحد يعلم مصدرها.

وعم السباب والشتائم في الشوارع وفي الفنون علي حد سواء وصار أبطال السينما الذين كانوا نموذجاً للرقي والموضة والرجولة من أصحاب السوابق والبلطجية وصلت الأصوات المنكرة محل الطرب والشجن في مهرجانات الفوضي والصراخ.

وطفت جرائم شديدة «الشذوذ» والخروج عن المألوف لتدق أجراس الخطر في كل مكان.. تفزع لها القلوب.. كيف وصلنا إلي هنا.

ومن يرسم طريق العودة إلي مصر الحقيقية الأصلية ليفتش عن أخلاق المصريين ويزيح عنها غيامة الانهيار!

تجردت أم من مشاعر الأمومة والإنسانية بعد أن قامت بتعذيب وقتل أطفالها الثلاثة. فهذه الأم القاسية تدعي أماني كانت تعمل عاملة في أحد الفنادق السياحية وتقضي أغلب أوقاتها في عملها، وتترك صغارها بمفردهم داخل شقة زميلتها في العمل، وبعد عودتهما من تلك الليلة المشئومة فوجئتا باشتعال النيران في جسد الأطفال، فقررتا التخلص منهم بمنتهي القسوة، فقامتا بوضعهم داخل سجادة ملفوفة وأكياس قمامة وتم إلقاؤهم بمكان العثور عليهم في منطقة «المريوطية».. هذه الحادثة المأساوية لم تكن الأولي ولن تكون الأخيرة، لأمهات تجردن من لقب «الأمومة» فهن عديمات الضمير والرحمة، تعذب وتقتل أطفالهن، إما ذبحاً أو شنقاً أو حرقاً أو تجميداً في الثلاجة، بلا رحمة أو شفقة بطفولتهم البريئة.

مثل هذه الحوادث الغريبة والشاذة مجرد حلقة في سلسلة مفزعة من تردي الأخلاقيات وتراجع القيم المألوفة لدي المصريين.

الشاب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى البجاحة ويقول لها دون سابق معرفه (بنسوار ياهانم)»، مقولة قالها فكرى باشا أباظة عام 1932، أبدى فيها انزعاجه من التحرش آنذاك، تجسد وتلخص القيم والأخلاق التى كان يتحلى بها المصريون، ليس بزمن بعيد، حينما كانوا يعتبرون أن (بنسوار يا هانم) تحرش، والغريب أن كل هذه الأخلاق سرعان ما تبدلت إلى الأسوأ بصورة سرعة جداً، بعد أن غزته بعض العادات الدخيلة عليه والتى لا تتناسب معه، وكان ينتقدها هو فى وقت من الأوقات، فأصبحت جزءاً منه، فضلاً عن تقليد الدول الأوروبية فى كل ما هو سيئ.

حال الشارع المصرى فى الوقت الحالى يجسد مقولة الكاتب الكبير فاروق جويدة، حينما قال «إن من يتابع الجرائم فى الشارع المصرى وما يحدث فيه الآن يبكى على أيام كانت شوارع مصر لا تنام ما بين الفن والثقافة والعلاقات الإنسانية الجميلة والراقية، متسائلاً أين تجمعات المصريين أمام المسارح والحفلات والمكتبات ودور العبادة؟ أين العلاقات الأسرية حين كانت القلوب تواسى بعضها فى الشدائد وتفرح مع بعضها فى المناسبات السعيدة.. ما هذا الحجم من الكآبة الذى يطفح على وجوه الناس؟ ولكن الغريب أن الجميع يعلم أسباب انتشار كل هذا الكم من الأخلاق غير الحميدة فى المجتمع المصرى، ولكن غير المؤكد أن هناك أحداً يحاول تغيير وإصلاح تلك العادات الرديئة على المجتمع المصرى.

«الوفد» ترصد فى هذا التحقيق أهم العادات الدخيلة على المجتمع المصرى، وماهى أسباب تزايدها؟ وما هى الحلول لعلاج تلك المشكلة؟.

انتشار الألفاظ البذيئة والتحرش اللفظى والجسدى.

الأخلاق الحميدة كانت أحد أهم صفات المصريين وكانت أحد ما يتميز به المصريون، ولكن سرعان ما تغير الحال، إلا من رحم ربى، وأصبحت الألفاظ غير المعتادة على المصريين معتادة وأمراً طبيعياً، وصار التحرش عادة لصيقة بالشعب المصرى حتى أصبحت البلاد الأجنبية تحذر رعاياها من شيئين أثناء زيارة مصر أولها التحرش، وتغير المجتمع بصورة سيئة، بعدما كان الرجل يعتبر أى فتاة بالشارع فرداً من عائلته يخاف عليها، ومن تسول له نفسه بذلك مصيره لا يعلمه إلا الله، فيجد العديد ممن يقفون له ويدافعون عن تلك الفتاة، فتسير فى أمان واطمئنان فهى ليست وحدها، ومع تغير الوقت تحول بعض الرجال الشرقيين الذين كانوا يحمون النساء فى الشوارع من أى تطاول هم أنفسهم من يتحرشون بها.

التفكك الأسرى

العلاقات الاجتماعية كانت من أهم ما يميز المصريين، فكانت شقق الجيران دائماً مفتوحة على بعضها ونادراً ما كنت تجد باب شقة مغلقاً، بينما اليوم سكان الشارع لا يعرف بعضهم بعضاً، بل إن هناك جيراناً يسكنون فى عمارة أو بيت مع بعضهم البعض لا يعرفون بعضهم إذا تقابلوا.

كما أن العلاقات الأسرية كانت شيئاً عادياً ومن سمات المصريين، بأن تجد الأسرة مع بعضها دائماً، وكانت الأسرة تتجمع مع بعضها وتتناقش فى كل شىء وتتبادل الآراء بينهم، بجانب يوم العائلة الكبيرة وصلة الرحم فتتجمع العائلة يوماً فى الأسبوع «بالبيت الكبير» وسط الأجداد، وكانت تلك العادة راسخة فى المجتمع المصرى ومعروفة به، ولكن اليوم تحولت تلك العادة الدينية والاجتماعية التى تحمل فى طياتها العديد من الصفات والسمات الهادفة، لعادة مملة للأجيال الجديدة، ويكاد الأبناء لا يشاهدون آباءهم إلا دقائق معدودة فى اليوم أو الأسبوع، وأصبحت وسيلة التواصل بينهم «الموبايل» من خلال أى من برامج التواصل به.

 

يرفعون شعار «الواقعية» وقانون «السوء»

مشبوهون ينتجون أغانى المخدرات والجنس وأفلام «السوابق»

 

تلعب الدراما سواء التى تقدم من خلال السينما أو التليفزيون دوراً مهماً فى تشكيل صورة الأخلاق فى المجتمع، كما يعتبر الفن بشكل عام طرفاً مهماً في المعادلة، وقد شهد المجتمع المصرى انحداراً شديداً فى المحتوى الفنى.. يرجع إليه كثير من الآراء السبب الرئيسى فيما تشهده الأخلاق من تغير للأسوأ فمن أغانى المخدرات والكيف والجنس فى المهرجانات إلى تقديم نماذج البلطجية والسوابق كنجوم وأبطال فى الدراما.

وأرجعت سامية خضر، أستاذة الاجتماع، سبب تدهور الأخلاق فى الشارع المصرى فى الوقت الحالى إلى انتشار الأفلام الهابطة، والتى كانت سبباً رئيساً فى انتشار الألفاظ البذيئة والأخلاق المتدنية، وبث أسوأ ما فى المجتمع المصرى، وتجسيده فى أفلام رخصية، تحت مسمى رصد الواقع، واصفة هؤلاء بالفاشلين نتيجة إخراجهم الأفلام الفاشلة، قائلة الفاشل لا يخرج إلا شيئاً فاشلاً، فى الوقت الذى يوجد فى المجتمع المصرى العديد من النماذج الناجحة.

كما وصفت تلك الأفلام والمسلسلات بأنها بعيدة عن التعبير عن واقع المجتمع المصرى وقضاياه، مؤكدة أن تلك الأفلام تدعو إلى نشر العنف والبلطجة والرذيلة وغيرها من الأنماط المجتمعية، التى يرفضها المجتمع المصرى، عبر نشر مشاهد وترويج جمل وألفاظ لم تعرفها السينما المصرية عبر تاريخها الطويل.

وأوضحت أن انتشار العديد من القنوات الفضائية، دون الرقابة عليها، أدت إلى بث العديد من البرامج والأفلام الهابطة دون رقابة عليها، بهدف رفع نسب المشاهدة وزيادة نسب الإعلانات.

قالت إن المجتمع المصرى إذا أراد العودة لأخلاق المصريين الأصيلة، عليهم العودة إلى زمن الفن الجميل والأغنية التى تغذى كلماتها الروح، لافتة أن الحكومة لها الدور الأكبر، فى إصلاح أخلاق وعادات المصريين إلى ما كانت عليه، موضحة أن المصريين قديماً كانوا لا يسمعون لفظاً خارجاً فى أى مسلسل أو فيلم، بينما اليوم نجد الضرب والقتل والألفاظ الخادشة والمشاهد التى تخدش الحياء فى أغلب الأفلام والمسلسلات بشكل عادى جداً وكأنها جزء من سمات السينما المصرية، مؤكدة أن سبب تدهور أخلاق المصريين، يرجع لتدهور السينما والفن المصرى فى الآونة الأخيرة.

وأوضحت أن الأطفال والشباب اليوم أصبحوا يأخذون عاداتهم من السينما والتلفزيون، لافتة أن الكثير من المصريين أعطوا ظهورهم للأخلاق المصرية الأصيلة، متسائلة كيف نأخذ عاداتنا من المجتمع الغربى وأمريكا التى لا تتعدى حضارتها الألفي عام، بينما حضارة المصريين تصل لآلاف السنين.

وأكدت أن من ضمن عادات المصريين التى تغيرت للأسوأ هى الألفاظ البذيئة التى تقال فى الشارع بصورة عادية جداً، موضحة أن تلك الألفاظ البذيئة جاءت من أفلام البلطجة التى تقال فى أحداث وسياق المسلسلات والأفلام، بينما كان التلفزيون المصرى كان ينتج شهرياً أغانى جميلة، وكانت كلمات الأغنية لها سحر وغذاء للروح، كما أن الكلمة الطيبة صدقة.

وأكملت أن من أسوأ عادات المصريين الجديدة، هو نظرة الأشخاص لبعضهم، ماذا عند الآخرين، كما أن الجميع اليوم أصبح يحب المظاهر، التى قتلت كل المعانى الجميلة، وأصبح الإنسان يقيم بماركة القميص الذى يرتديه، ونوع الهاتف الذى فى يده.

وأكدت أن برامج أبلة فضيلة كانت تزرع الأخلاق فى كل من يشاهدها، بينما اليوم الكثير من البرامج تخلق ألفاظاً جديدة خارجة، وبرامج مصطفى محمود، الذى كان ينشر التعليم الصحيح، موضحة أن انتشار الفضائيات بصورة ضحمة، مع عدم وجود رقابة قوية عليها، أتاح لها الفرصة فى تقديم برامج هزيلة ورخيصة من شأنها جذب الجمهور ورفع نسب المشاهدة.

وأكدت أن أفلام الزمن الفن الجميل كانت ترسخ عادات ومفاهيم المصريين الأصيلة، بينما اليوم نجد أن الأفلام والسينما أصبحت المصدر الأول لتشويه عادات وأخلاق المصريين، مما دفع الأطفال لانتقاء ألفاظهم من التلفزيون والمسلسلات.

وأكدت أن أول الخطوات المطلوبة لعودة الأخلاق المصرية الجميلة، تبدأ من وزارة الثقافة بالإضافة إلى ضرورة عودة وزارة الإعلام، لكى يعزفوا لحن القضاء على العادات والخلاق الرديئة، من خلال تدشين وزارة الثقافة لبرامج وحفلات قوية تحسن على الفن الجميل.

وأوضحت أن وزير الإعلام علية أن يعمل على عودة السينما الجميلة والقضاء على الأفلام الهابطة، والقضاء على كل الأفلام التى تنشر الأخلاق الخبيثة والعادات السيئة، تحت مسمى رصد الواقع، والتى من شأنها نشر الفوضى والعنف فى الشارع المصرى، مؤكدة أن أفلام رصد الواقع، التى يتحدث عنها المخرجون ووصفها بالفن والإبداع، أدت إلى تدهور الأخلاق المصرية بصورة بشعة، مؤكدة أن بعض المخرجين يرصدون أسوأ ما فى المجتمع وكل ما هو سيئ، يعد هروباً من زمن الفن الجميل، لكونه فاشلاً، ولذلك يخرج كل ما هو فاشل وسيئ.

وأكدت أن الإنسان الناجح يخرج كل ما هو ناجح للمجتمع، ويحث المشاهدين على العمل والنجاح، لافتة إلى أن مصر مليئة بقصص النجاح والعمل، كما أن رصد الواقع السيئ، يزيد من معاناة المجتمع بنشره تلك الأخلاق السيئة لملايين المشاهدين.

 

أعمارهم بين 15 و35 عاماً

دراسة علمية تؤكد «الهوس الإلكترونى» فخ اصطياد الفتيات والفتيان

 

حذرت دراسة أعدها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان «ثقافة الشباب العربى» من ظهور «لغة موازية» يستخدمها الشباب فى محادثاتهم عبر الإنترنت، تهدد مصير اللغة العربية فى الحياة اليومية، وتؤثر على سلوك الشباب بشكل عام.

واعتبرت الدراسة أن اختيار الشباب ثقافة ولغة خاصة بهم هو تمرد على النظام الاجتماعى، لذلك ابتدعوا لوناً جديداً من الثقافة لا يستطيع أحد فك رموزه باستثنائهم.

وأشارت الدراسة إلى أن ثقافة «الفهلوة» التى ظهرت بين الأوساط الشبابية في ثمانينيات القرن الماضى عادت وبقوة فى الآونة الأخيرة، محمولة على أكتاف مجموعة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية أيضاً.

وركزت الدراسة على شريحة شبابية تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عاماً، ورصدت وجود تأثير للإنترنت فى مفردات اللغة المتداولة بين الشباب على المواقع والمدونات، وفى غرف المحادثات، مؤكدة أن طبيعة الشبكة العنكبوتية، باعتبارها وسيلة اتصال سريعة الإيقاع، قد واكبتها محاولات لفرض عدد من المفردات السريعة والمختصرة للتعامل بين الشباب الجديد هو تطبيق مجانى لنظامى الأندرويد والآبل، وهو عبارة عن لوحة مفاتيح لاتينية وعربية بما يطلق عليه «فرانكو عربى» وهو مصطلح يمزج بين اللغة العربية والإنجليزية، وانتشر فى الآونة الأخيرة بين الأوساط الشبابية، ويمثل أحد أوجه الغزو الثقافى، حيث يمكنك كتابة كل الرسائل اللاتينية العربية مثل (hi 7bibi وkifak وwenak وsu man و7ayete) بطريقة سهلة ومرحة، ويكفى تحميل التطبيق فتصبح لوحة المفاتيح جزءاً من لوحة المفاتيح الأصلية، ويمكن استعمالها فى كل التطبيقات (بريد إلكترونى، فيس بوك، واتس آب، وتويتر) وتحولت تلك اللوحة إلى عنصر رئيسى فى توصيل تلك الكلمات إلى الشباب دون البحث عن الجديد، فهى تقوم بعمل تحديث تلقائى لكل الكلمات الجديدة.

 

الإيشارب مع «الليجن» للبنات.. وذيل الحصان مع الـ«هوت شورت» للأولاد!

بعد البدلة والفستان.. لبسنا «المقطع والقذر»

 

كان المصرى فى وقت ليس ببعيد يعتبر الطربوش «قيمة وهيبة» وكان لا يتحرك الأفندية من بيوتهم إلا بالبدلة ورابطة العنق بينما يحرص ولاد البلد على لبس «الجلابية والطاقية».

وفى وقت آخر كانت البنات والهوانم يرتدين أرقى «التاييرات» والفساتين، صحيح كان بعضها مكشوفاً وقصيراً لكن من غير ابتذال.. وكانت بنات البلد يرتدين الملاية والجلابية والطرحة، كل حسب بيئته.. الآن انتشر الإيشارب والبنطلون «الليجن» فى آن واحد وعلى جسد واحد، وارتدي الشباب والفتيات نفس التى شيرت الديرتى والبنطلون الرابيد والهوت شورت وتساووا فى ربط «الهورس تيل» أو ذيل الحصان.. الملابس والمظهر من أهم الصور التى يبدو عليها المجتمع وأخلاقياته.. فكيف كنا وكيف أصبحنا؟!

الذوق الرفيع فى ارتداء الملابس كانت قديمة هى ثمة العصر، فكان الرجل يرتدى البدلة وكانت السيدات يرتدين الفساتين القصيرة، بينما اليوم نجد فى بعض الأحيان إذا نظرت من بعيد تكاد لا تعرف الشخص الذى تنظر إليه سيدة أو رجل، نتيجة أن هناك بعض الشباب ممن اتخذوا موضة السيدات من ملابس وإكسسوارات مظهراً لهم، ويظهر الشاب بالبنطلونات «الليجن، الفيزون، السترتش، مع البلوزات المزركشة والمفتوحة والبديهات»، بالشارع، فضلاً عن ارتدائه الألوان الزاهية من البنطلونات مثل البنطلون الأحمر والأخضر والأزرق الزهرى، كما يلجأ هؤلاء الشباب إلى قصات الشعر الغريبة ومن بينها «الرستا»، بجانب قيام الشاب بسشوار شعرهم كالفتيات، بجانب بعض قصات الشعر التى نهى عنها الدين، وهناك حديث شريف يوضح ذلك، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ الْقَزَعِ) قيل لنافع: ما القزع؟: قال: (أن يحلق بعض رأس الصبى ويترك بعضه).

كما أن الفتيات اتخذن من الموضة العالمية ستاراً لهن لكى يغيرن مفاهيم الذوق المصرى، وراحت ترسم لنفسها ذوقاً خاصاً فى ارتدائها ملابسها خليطاً من الوربى والخليجى، وأصبحنا نجد الفتاة محجبة وفى ذات الوقت ترتدى بنطلونات مقطعة، حتى سار هناك نكات تطلق عليهن (الفتاة محجبة ولكن البنطلون

تمزق من كثرة السجود)، كما أن هناك بعض الفتيات اتخذ من الحجاب الخليجى موطناً لهن، وصارت الفتاة تضع أكثر من خمس طرح فوق شعرها، مما يجعلها وكأنها تضع كورة قدم فوق شعرها.

وقالت الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع جامعة عين شمس، إن أخلاق المصريين وعاداتهم تغيرت بصورة كبيرة جداً، نتيجة أن العالم تحول إلى قرية صغيرة، بسبب انتشار التكنولوجيا والإنترنت، لافتة إلى أن العادات والتقاليد تستمر مع الأشخاص طالما أنهم يعيشون فى مجتمع مغلق، وإنما المجتمعات المفتوحة على العالم كله، لا نجدها متمسكة بالعادات والتقاليد.

وأكدت أن نتيجة الانفتاح بدأ الكثير من الأشخاص يتركون جزءاً كبيراً من عاداتهم ويتمسكون بعادات جديدة على ثقافتهم، موضحة أن أعياد الميلاد أصبحت شيئاً عادياً فى المجتمع المصرى ولا تلقى أى غرابة من قبل أى شخص، رغم أن التاريخ المصرى وعادات وتقاليد المصريين، لم يعرفوا شيئاً عن إقامة حفلات أعياد الميلاد، كما أن أنواع الطعام تغيرت إلى أنواع مستحدثة، وطريقة النوم والصحيان تغيرت تماماً عما فى الماضى، مؤكدة أننا أمام كثير من الجيل لا ينام سوى بعد أذان الفجر، رغم أن المصريين أغلبهم يصحون من النوم مع أذان الفجر، ويبدأون يومهم مع شروق الشمس.

وأوضحت «منصور» فى حديثها لـ «الوفد»، أن من أخطر ما يوجه المجتمع المصرى، هو أننا نأخذ العادات والتقاليد الأوروبية التى لا تناسب مجتمعاتنا، ونترك عاداتهم فى الجدية بالعمل والالتزام والإنجاز والعادات الإيجابية الأخرى، ولكننا دائماً ما ننبهر بالعادات السلبية السهلة، موضحة أن سبب عدم أخذ العادات الإيجابية من الدول الأوروبية، لكونها صعبة التنفيذ عليهم مثل الالتزام والجدية فى العمل والاعتماد على الضمير الإنسانى، بينما العادات السلبية سهلة تنفيذها، كما أنها تبرر لنا أشياء كثيرة للاستمتاع.

وأكدت أن هناك عوامل اقتصادية وظروفاً مجتمعية، أصبحت تجبر بعض الشباب فى تقليد المجتمعات الأوربية، خاصة بعد ارتفاع تكاليف الزواج، وهو الحياة، مما دفع الكثير للتغير للأسوأ، مؤكدة الدول الأوروبية ملتزمة جداً بعاداتها وهناك صرامة فى تنفيذها، بينما نحن نأخذ عاداتهم مشوهة جداً، نتيجة لوجود نوع من أنواع الفهلوة والفبركة، متساءلة لماذا لا يأخذ المصريين عادات وتقاليد الدول الأوربية فى تكاليف الزواج، مؤكدة أن الزواج فى أوروبا لا يحتاج إلى سوى خاتم فقط، بينما تكاليف الزواج عند المصريين تصل إلى 400 ألف جنيه، لافتة إلى أن عادات الزواج عند المصريين أصبحت رديئة جداً وتقهر كل ما يفكر فى الزواج نتيجة للغلاء فى متطلبات الزواج.

وطالبت الجهات المعنية وبوضع أسس اجتماعية، نستطيع السير عليها، لمحاربة العادات الأوروبية الدخيلة، والتى لا تناسب مجتمعاتنا.

 

«الحلوة بزيادة» لو عجبها يبقى «كراش» ولما تفركش يبقى «X» وإن زودها تعملوا «بلوك»

لغة الشباب.. كارثة!

 

يعانى المجتمع المصرى حالة من التردى الفكرى والثقافى وانتهت بانهيار منظومة القيم، والتدهور الأخلاقى، والانحراف السلوكى وزيادة معدلات الجريمة.. ثورة جديدة من المفردات اللغوية «الوهمية» وغير مألوفة شفرتها «فر انكو عرب» «جيمس» و«ديف» عبر أجهزة التكنولوجيا الحديثة والتى لم يقتصر تداولها على فئة بعينها، وإنما دبت فى أوصال المجتمع، حتى تحولت إلى ظاهرة تستوجب وقفة من المجتمع بأكمله.

كما أن القضية لديها أبعاد كبيرة وخطيرة الآن.. فـ «الانحراف الأخلاقى» كسر كل الحدود والحواجز السلوكية وابتعد عن الاعتدال، وهذا ما تدعمه مشاهدات وملاحظات المهتمين بقضايا المجتمع.. فالمتابع لكثير من المواقع والمدونات وفى قاعة المحادثات على الشبكة المعلوماتية، والأفلام السينمائية، يلاحظ فى العقود الأخيرة كثرة ظهور موجة جديدة من ثقافة «الفهلوة» و«التمرد» و«استعراض العضلات» و«التغريب» وكثرة من يصرحون بـ«التحرر الفكرى» الذى لا يخلو من الأكاذيب والمراوغة والشائعات والإثارة، واستحلال المحرمات، والخروج على ثوابت الوطن.

وغابت البرامج التثقيفية والتنويرية، مع «السفسطة» و«الفرقعة الإعلامية» و«سبوبة التعليم» وغربة «لقمة العيش» وهوس التطلع، مما أدى إلى تفكك منظومة القيم وضياع أبنائنا.

واصطبغ الحديث بصيغة تحمل مفردات الغزو الثقافى مثل «الكراش» و«TYT» خد وقتك و«إكس حياتى» و«البلوك»، أما «كائن الباندا» هى الحلوة بزيادة و«الفاكس معناها مرفوض» و«WB أهلاً بعودتك» و«على فكرة BTW» و«ياربى OMG» و«ATW دون تفكير» و«FTW شىء بيفوز بالنهاية» «IMO برأيى»، و«IMHO برأيى المتواضع» و«BMW عضو مصيره الطرد» وty شكراً» و«أهلاً بك YW» والجرين سوب هى الملوخية.

وزاد الأمر سوءاً مع فقدان ما كان يمتاز به الشعب المصرى وهو احترام الكبير وتوقيره وأدب الحوار، إلي أن أصبحت من أكثر الظواهر خطراً على المجتمعات.

مما يطرح الكثير من الأسئلة: لماذا انهارت منظومة الأخلاق والقيم والفضائل بين فئة الشباب؟ وما الذى طرأ عليه؟ نحن نحاول قدر المستطاع التعرف على حقيقة هذه القضية وأخطر الأسباب التى أدت لظهورها بين شبابنا، والخطوات العملية الواجب اتخاذها للتصدى لها.

 

خبراء: غياب دور الأسرة وضعف الوازع الدينى وتجاهل الرقابة أسباب الانهيار

ثقافة الحوار واحترام الرأى الآخر واحترام لقانون بداية الحل

 

الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس والاجتماع، عميد معهد إعداد القادة بحلوان، أوضح: أن الضغوط تزايدت بشدة على المجتمع، وهو ما يولد الأزمات النفسية والعصبية.. فإما أن يخرج فى صورة خناقات وسباب وعراك وتصادم بين المواطنين فى الشوارع، أو يظهر فى صورة أمراض جسمانية كأمراض الكحة والسكر، أو اللجوء إلى الإدمان.

وأشار إلى أن الانحلال الفكرى والأخلاقى تعددت مسبباته، لكن بعضها مشترك بين غياب دور الأسرة ونقص الوازع الدينى وضعف الحالة الاقتصادية، وبعضها قد يكون مرتبطاً بتدنى الرقابة على الرسائل التثقيفية والتعليمية.

وأضاف أستاذ علم النفس والاجتماع، نحن نحتاج إلى عودة القواعد الضابطة لسلوك الفرد، فاللغة هى جزء من هذا السلوك، ووجه رسالة للمصريين، قائلاً: «أنتم مسئولون أمام العالم عن توصيل القيم الأصيلة للشعوب الأخرى».

كما طالب أستاذ علم النفس والاجتماع بضرورة عودة العلاقات الإنسانية والاجتماعية المنضبطة، ودعم ثقافة الحوار والنصح والتوعية والتوجيه السليم والتربية الصحيحة، والتمسك بالعادات والتقاليد، واحترام الرأى الآخر، وتفعيل الرقابة على الوسائل الإعلامية بما تضم الأعمال الدرامية والثقافية والحوارية والقنوات التعليمية، مع أهمية احترامنا فكرة سيادة القانون.

الدكتورة نوارة فؤاد، أستاذة علم الاجتماع السياسى، قالت: وصلت حالة التدهور الأخلاقى إلى الاختلاف، والإساءة، وإهانة واحتقار الآخر، والاستهزاء، والتكهم، وعدم احترام كبار السن، والسخرية من الأنماط المجتمعية، وعدم قبول الآخرين، مما يتطلب تضافر كل الجهود من أجل ضبط السلوك الاجتماعى، وذلك من خلال المؤسسة التعليمية، التى عليها عبء تربية نشء جديد، إلى جانب دور الأسرة وهو الأكثر أهمية، بخلاف دور المؤسسة الثقافية فى التوعية والتنوير، ومراقبة المضامين الإعلامية والوسائل الإلكترونية، وأيضاً دور الأندية الرياضية فى تنمية الولاء والانتماء لدى الشباب من الجنسين، بما يهدف إلى إعادة غرس الأخلاق والقيم الإيجابية داخل المجتمع، ومواجهة الصعوبات.

الدكتورة أسماء عبدالعظيم، أستاذة التنمية البشرية، والصحة النفسية، استشارى إرشاد أسرى: ظهرت فى الآونة الأخيرة ثقافة «التمرد» و«الفهلوة» فى شكل حدوث تجاوزات فى السلوك، أو إطلاق ألفاظ غريبة على أخلاقنا وتقاليد وثوابت مجتمعنا العريق من فقدان توقير واحترام الكبير وأدب الحوار واعتراض طريق السيدات فى الشوارع.. كل هذه نماذج شاذة يرفضها المجتمع شكلاً ومضموناً.

وأكدت أستاذة التنمية البشرية أنه إذا صلح الأخلاق والسلوك صلحت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى المجتمع، لأن السلوك الغريب أو الأخلاق المنعدمة هى انعكاس طبيعى لوجود مشاكل وأزمات داخل أى مجتمع، حيث غابت القدوة الحسنة والضوابط التربوية الإيجابية، وتعنيف الأطفال داخل الأسرة، وغياب برامج الدعم النفسى والاجتماعى والعمل الجماعى وإعلاء المصلحة الفردية، وغياب تكافؤ الفرص، وانتشار الواسطة والمحسوبية والمحاباة والتهميش، وارتفاع معدلات البطالة والأمية الأسرية والرفاهية المفقودة وهوس التطلع والشعور بالإحباط وعدم الرضا واتساع وقت الفراغ وتعاطى المخدرات والأنانية والحقد الطبقى والاكتئاب النفسى وغياب دور العبادة والتردى الثقافى والأخلاقى والفوضى الإعلامية والانفتاح المعلوماتى.

وأضاف أنه لا يزال الأمل باقياً لإصلاح هذه الأوضاع المتردية، وهذا يتطلب أن تتماسك الأمة بمختلف فئاتها وطوائفها حتى نستعيد أنفسنا، خاصة أننا نتحدث عن شعب مصر العظيم الذى يرجع حضارته وتاريخه لآلاف السنين، مثلما تتميز الشعوب العربية بأصالة ورقى شعبها.

وعن علاج هذه الظاهرة أوضحت أستاذة التنمية البشرية ضرورة نشر ثقافة المحبة واحترام الآخر وإثراء البرامج الثقافية والتنويرية لتشكيل وعى الشباب والمراهقين، ومواجهة التطرف الفكرى والأخلاقى والدينى عن طريق تفعيل دور المؤسسات التربوية، مع أهمية تخصيص حصة لتعليم الأخلاق والقيم داخل المدارس، وتحفيظ القرآن من الصغر، والتنوع الثقافى، وتقنين الفتوى، وتفعيل برامج تعديل السلوك فى اتجاه إيجابى، وربط أبنائنا بالتحديات المفيدة، وغرس القيم الأخلاقية لديهم، وتنمية قيم الهدف الجماعى، والقيمة فى الحياة لكى يتحقق فيهم الصلاح، وتوفير وسائل للترفيه والتنفيس عن النفس للتخفيف من حدة الضغوط اليومية، والفلترة الإعلامية فيما يقدم من محتوى إعلامى محايد وملتزم بمعايير الدقة والموضوعية، بما يوصل المعنى دون المساس بالآداب والذوق العام وتحصين المجتمع.

أما الشيخ على أبوالحسن، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، فيقول: إن الخلق عبادة يؤجر عليها الفرد، ومجالاً للتنافس بين العباد، لكننا نشعر حالياً بحالة من الفوضى اللغوية التى تتجه نحو التدهور الأخلاقى، فنجد معظم الشباب يتحدثون مع بعض مستخدمين كلمات ومفاهيم غريبة وأحياناً غير معروفة للآخرين، وهذا متعارف عليه فى كل بلاد العالم، فعندما نقول إن حرية الرأى والتعبير مكفولة للجميع ولكن شريطة ألا يخدش حياء الآخر أو يضره، ولكنها تعبر بوضوح عن فجوة الأجيال.

وأكد رئيس لجنة الفتوى الأسبق أن المسئولية الأولى تقع على عاتق مقدمى ومعدى البرامج الثقافية والدينية باعتبارهم أداة مخاطبة المسئولين، فإذا كان الإعلام منفلتاً تضعف وتسوء أخلاق الأمة، من هنا ضرورة قياس الآثار المترتبة التى ستعود على متلقى المعلومة من الندوات أو النقاشات الحوارية فيما يقدمونه أمام الله والوطن.

ودعا رئيس لجنة الفتوى الأسبق إلى أهمية الالتزام بالوسطية، والاعتدال، والتحلى بالأخلاق الحميدة والذوق والآداب العامة والابتعاد عن استخدام الأسلوب اللغوى الهزيل، ومحاربة الأفكار المتشددة والمضللة والأفعال الرذيلة ومعاقبة المتطرفين والمفسدين، وإنهاء العداوة والاهتمام بالعلم وعودة لغة الحوار بين الآباء والأبناء حتى تعود الأسرة المصرية إلى سابق عهدها، من الاستقرار والتماسك الاجتماعى.