عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمود أباظة فى حوار خاص لـ«الوفد»:سيادة الأمة والوحدة الوطنية.. ثوابت الوفد التاريخية

بوابة الوفد الإلكترونية

حوار - ممدوح دسوقى - تصوير - حسام محمد

 

 «أبوشقة» جمع شمل الوفديين فور توليه رئاسة الوفد

الوفد ليس به جبهات لـ«أباظة» ولا لـ«أبوشقة» أو لـ«البدوى» أو لـ«بدراوى»

 مصر عاشت نظاماً سياسياً مغلقاً منذ إلغاء الأحزاب فى 1953

 شيوخ الوفد تلتف حول «أبوشقة» لنقل الأمانة للجيل التالى

 مبادئ ثورة 19 فى عمق الشعب المصرى مما أفشل مخطط الإخوان

 عندما تهمل الفئات الأفقر والأضعف تنفجر الدولة وتختفى

 فى السابق من يحكم كان يفوز بالانتخابات وليس من يفوز بها يحكم

الشعوب التى لا تستفيد فى تجاربها تفنى وتزول

 الحكومة تخطئ لأنها تجامل الأحزاب الدينية

 الإخوان تلاعبت بالأجهزة الأمنية.. والخطأ يتكرر مع الأحزاب الدينية

الدول من حولنا تنفرط بسبب جرح المواطنة

 

المستشار بهاء الدين أبوشقة جمع شمل الوفديين فور توليه رئاسة الوفد، ولا يوجد جبهات لـ«أباظة» ولا لـ«أبوشقة» ولا لـ«البدوى» أو لـ«بدراوى»، وسيادة الأمة والوحدة الوطنية من ثوابت الوفد التاريخية.. هكذا بدأ محمود أباظة حواره الذى أكد فيه أن مبادئ ثورة 19 فى أعماق الشعب المصرى مما أفشل مخطط الإخوان طوال 30 عاماً الماضية ولا نريد تكرار الخطأ مع الأحزاب الدينية التى تجاملها الحكومة. وأشار أباظة إلى الدول التى تنفرط من حولنا وتختفى بسبب جرح المواطنة، مشيراً إلى أن إهمال الفئات الأفقر والأضعف يفجر الدولة من الداخل ويفتتها.

وأضاف أن مصر عاشت نظاماً سياسياً مغلقاً منذ إلغاء الأحزاب فى 1953 وكان من يحكم يفوز فى الانتخابات وليس من يفوز بها يحكم، مضيفاً أن الشعوب التى لا تستفيد من تجاربها القاسية تفنى وتزول.

 

> كيف ترى عودة الوفديين المهاجرين من الوفد مرة أخرى إلى الحزب؟

- هذه العودة تأخرت كثيراً وكان يجب ألا يخرج الوفديون أو ينعزلوا عن الوفد، ودائماً أقول إن أول واجبات رئيس الوفد أن يجمع شمل الوفديين، وهذا ما قام به المستشار بهاء الدين أبوشقة فور توليه رئاسة الوفد.

> هل حزب الوفد به ما يسمى جبهة أباظة أو أبوشقة أو البدوى أو بدراوى؟

- لا يوجد جبهات لأحد فى الوفد، لكن هذا يقال كأداة من أدوات الصراع السياسى التى كانت تحدث فى الوفد، وفى النهاية كل من عمل فى الوفد سنوات لابد أن يكون له آراء وهذا ليس بجريمة، طالما أن مؤسسة الحزب تحسم هذه الآراء، وهذه قدرة رئيس الوفد، دائماً يسمح بإبداء الرأى ثم يخلق توافقاً حوله.

> لكن لماذا تظهر صراعات وخلافات فى حزب عريق مثل الوفد؟

- الانشقاقات والخلافات فى الوفد أمر طبيعى ويحدث فى أحزاب العالم، لأن الحزب أداة فى أدوات خدمة الوطن وليس غاية فى ذاته، والصورة واضحة بالنسبة لـ«الوفد» الذى كان يطالب بالاستقلال، وإذا اختلفنا فى وسيلة خدمة الوطن يخرج المختلف ويشكل حزب آخر أو ينضم لحزب موجود وهذا ليس مأساة فى حد ذاته.

> كيف والخلاف يتحول إلى اتهام وتشكيك وصراع؟

- لأن المأساة أن يصبح هذا الخروج ناتجاً عن مشروع شخصى والأحزاب اليوم أصبحت تشبه اللوكاندة فالعضو يحمل شنطة ويجلس فيها، إذا ارتاح استمر وإذا لم يسترح يذهب إلى لوكاندة أخرى والمسألة لم تصبح تحقيق أهداف لخدمة وطن بل أصبحت تحقيق هدف شخصى والتنقل أصبح ظاهرة عامة وليس الاختلافات والانشقاقات.

> ما ثوابت الوفد التاريخية التى لا يحيد عنها؟

- أهداف الوفد تبلورت فى ثورة 19 وأصبحت من ثوابت الحركة الوطنية المصرية، أولاً سيادة الأمة ولها مظهران الاستقلال على الصعيد الدولى ويعنى جلاء الاحتلال، وأصبح بعد ذلك يعنى استقلال الإرادة الوطنية بما يضمن القدرة على الحفاظ على الإرادة الوطنية، والوجه الآخر على الصعيد الداخلى وهو الدستور الذى يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبغير الدستور يكون الحكم مطلقاً ولا تكون السيادة للأمة، ثانياً الوحدة الوطنية وتعنى المواطنة باعتبارها دون غيرها مناط الحقوق والواجبات العامة بصرف النظر عن الدين والعرق والجنس، أى أنها مصدر المساواة بين جميع أفراد الشعب، وقد بلور الوفد فى مؤتمره العام سنة 1935 على لسان مكرم عبيد هذا المفهوم باعتباره الرافد الآخر للوحدة الوطنية حين قال: الوحدة الوطنية لا تلتئم أبداً فى وطن يهمل أبناءه الأفقر والأضعف واليوم نحن أحوج إليها عما كنا عليه فى القرن العشرين لأننا نرى دولا تنفرط حولنا وتختفى نتيجة جرح المواطنة وعدم تحقيق الوحدة الوطنية وتوجد خرائط جديدة ترسم لتفتيت دول، وحيث يهمل الفئات الأفقر والأضعف تنفجر الدولة وتختفى ولكن أجدادنا تمسكوا بهذه المبادئ فى ثورة 19 وتجذرت هذه المبادئ فى عمق الشعب المصرى مما أفشل مخطط الإخوان فى المنطقة كلها.

> لماذا أعلنت تأييدك للمستشار أبوشقة وقلت إنه الأجدر لرئاسة الوفد؟

- الوفد كان فى حاجة إلى من يجمع شمله ويعيد بناءه وهذا يحتاج إلى حكمة الشيوخ والقدرة على التجميع وعدم الدخول فى صراع الأقران ونحن كشيوخ الوفد نلتف حول المستشار أبوشقة لأنه ليس لدينا أطماع ولنا أمانة سابقة تريد أن ننقلها إلى الجيل التالى لنا وهذا يحتاج أن يكون الحزب متماسكاً خاصة أنه يعانى من أزمة مالية مستحكمة والاستقلال المالى ضرورة ملحة للعمل السياسى.

> ما الذى لم تحققه خلال رئاستك لـ«الوفد» وتتمنى أن يحققه المستشار بهاء الدين أوشقة؟

- أولاً أتمنى من المستشار أبوشقة ونحن جميعاً حوله أن نحقق تجاوز الأزمة المالية التى يتعرض لها الحزب، لأنه بدون تجاوزها لا أمل إطلاقاً فى شىء، ولابد للوفديين أن يعلموا ذلك لأنه سيتطلب منهم تضحيات ومعاونة، بل هذا مطلوب من جميع المصريين لأن الوفد ليس شأناً خاصاً للوفديين بل لشعب مصر بأكمله، ونرجو أن نصل إلى مرحلة أن يصبح لدينا حزب سياسى حديث لأن السياسة لم تعد خطبا ومؤتمرات بل أفكار وبرامج ودراسات والقدرة على الإقناع وأيضاً كنت بدأت فى تجديد الخطاب الحزبى وتجديد الدماء، وتجديد الوسائل، ولكن كانت توجد رعشة داخلية للدولة ككل حيث كانت تختمر حالة الثورة وسقوط نظام مبارك.

> ماذا ينقص الأحزاب السياسية لكى تقوم بدورها مع وجود أكثر من 100 حزب؟

- لا يوجد مشكلة فى وجود 100 حزب، فى الدورى مثلاً يوجد الأهلى والزمالك يحصلون على الدورى و100 ناد لا يشعر بها أحد فهل تلغيهم؟ فلن يوجد دورى ثم إن لديهم فرصة أن يصدروا لاعبين إلى الأندية الأخرى وإلى المنتخب، إذن المشكلة فى كيفية عمل الأحزاب، لأن مصر كانت فى نظام سياسى مغلق منذ يناير 1953 عندما ألغيت الأحزاب، ومررنا بنظام الحزب الواحد بدءاً من هيئة التحرير ومروراً بالاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى، ثم انتقلنا إلى نظام التعدد الحزبى ولكنه تعدد مقيد هو فى حقيقته يسمى بنظام الحزب المسيطر وهو ما عرفناه فى ظل حكم مصر والحزب الوطنى، حيث تتواجد أحزاب أخرى إلا أن تداول السلطة بينها غير وارد، لأن الكل كان يعرف أن من يحكم يفوز بالانتخابات وليس من يفوز بالانتخابات يحكم، والشباب يئس مع أحزاب المعارضة التى كان دماؤها تهدر فى كل انتخابات.

> وهل كانت المعارضة تصيد أخطاء فقط؟

- لا.. المعارضة ليست تصيد أخطاء ولا قذفاً أو سباً، بل المعارضة خلاف حول وسائل تحقيق مصالح الوطن والمواطنين، لأن طبيعة السياسات أن يوجد لها أكثر من بديل للاختيار.

> هل يوجد حوار مجتمعى حول الإصلاح الاقتصادى؟

- حتى الآن لا يوجد حوار جاد حول هذه السياسة ولو وجد سنجد البعض يقول عنها سياسة مرهقة مصدرها الضغط علينا عن طريق صندوق النقد الدولى، والبعض الآخر سيقول إنها سياسة ضرورية لإصلاح الاختلالات الاقتصادية التى تراكمت خلال سنوات طويلة بسبب التأجيل المتكرر لإصلاحها خوفاً من نتائج الإصلاح، وغالباً أن هذا الحوار لن ينتهى باتفاق الطرفين، ولكنه سوف يؤدى قطعاً إلى إنارة الطريق لمتخذى القرار، وهذه الحوارات لا يقوم بها إلا الأحزاب.

> الأهم أن تكون الحلول الفنية قابلة للتنفيذ مع القدرة على الإقناع عن طريق الأحزاب؟

- نعم فالأحزاب يكون لديها سياسات بديلة وخبراء يضعون هذه السياسات ثم يكون لديها تنظيم شعبى يستطيع إقناع الناس به، طالما أنه متواجد فى الشارع وسط الناس، لأن الذى يدير الدولة إذا أخطأ فالمواطن سيتحمل نتيجة هذا الخطأ، وإذا نجح فالمواطن سيشعر بهذا النجاح إذن لابد من الاستماع المشترك.

> لكن هذا يتم من خلال حوارات الرئيس الشهرية التى يستمع فيها إلى الشباب؟

- هذا جانب جيد ولكنه لا يغنى عن الأحزاب المتواجدة مع الناس يومياً، ثم كم عدد هؤلاء الشباب؟!، فلابد أن يوجد تبادل آراء بين الحاكم والمحكوم، وهذا لن يحدث إلا عن طريق الأحزاب.

> إذن كيف ترى عدم وجود حزب سياسى للرئيس؟

- هذا جيد لأن رئيس الجمهورية فور انتخابه لمنصب الرئيس يجب أن يترك الحزب لأنه يكتسب صفة مزدوجة، فهو من ناحية رئيس الدولة ورئيس لكل المصريين، ومن ناحية أخرى رئيس السلطة التنفيذية التى تمارس الحكم، مستندة إلى أغلبية نيابية تعطى الثقة للحكومة التى يعينها الرئيس، وهذا استناداً إلى الصفة الأولى ولهذا لا يجوز أن يكون حزبياً واستناداً إلى الصفة الثانية لابد أن يحظى بأغلبية برلمانية تؤيد الحكومة التى عينها سواء مستندة إلى حزبه أو ائتلاف حزبى، ومن ناحية أخرى تبقى المعارضة جزءاً من الوطن أى من النظام السياسى القائم ولكنها لا توافق على سياسات الحكومة ومن ثم تعارضها وتقدم بدائل ويكون على البرلمان أن يمارس التشريع والرقابة على الحكومة فى إطار هذه الثنائية بين المعارضة والموالاة.

ومن ثم فإن رئيس الجمهورية لا يجوز له أثناء ممارسة مهام منصبه أن يكون رئيس الحزب ولكنه من ناحية أخرى يصل إلى منصبه من خلال انتخابات رئاسية تجرى بين مرشحين متعددين وترسم الخط بين الأغلبية والمعارضة وغالباً تنعكس هذه القسمة فى الانتخابات التشريعية التى تليها.

> كيفية تحقيق معادلة التوازن بين متطلبات الحرية وبين النظام؟

- منذ بدء التاريخ والبشرية لديها حاكم ومحكوم والحاكم يضمن حياة الشعب ضد أعداء الخارج ويحمى الأرض التى يعيش عليها، وعند حدوث الاختلافات تتدخل أجهزة الحاكم للفصل بينها، وفى المقابل الشعب يعترف للحاكم بالسلطة وينفذ أوامره مقابل أنه يحظى بالأمن الداخلى والخارجى وبالعدل والمساواة وبضمان حرياته الأساسية وإلا اختل التوازن وقامت الثورات، ومع تطور المجتمعات وتعقدها يحتاج المجتمع

إلى مزيد من الحريات التى تكفل مزيداً من التقدم، كما يحتاج إلى مزيد من تدخل الدولة لتوفير الاحتياجات الأساسية للمجتمعات الحديثة، وزيادة فى هذا الإطار تتوازن العلاقة بين الحاكم والمحكوم أى بين الحرية التى لا غنى عنها لحياة الإنسان وبين النظام الذى لا غنى عنه لحياة المجتمعات، ومن هنا تبرز قضيتان أساسيتان، قضية حق المحكوم فى أن يختار حاكمه وأن يراقبه وأن يحاسبه من خلال المؤسسات الدستورية، والقضية الأولى هى واجب الحاكم فى أن ينهض بشئون الدولة بما يكفل الحياة الكريمة لأبناء هذا الوطن فى إطار الدولة الحديثة بكل مقتضياتها.

> وما دور الإعلام فى هذه الرقابة المنشودة؟

- للإعلام دور أساسى لا يقتصر على الرقابة وإنما هو المرآة التى يجب أن يرى فيها الشعب نفسه وأن يرى فيها الحاكم شعبه وهى مسئولية كبرى تقوم على الحرية أولاً، وعلى ضوابط هذه الحرية من بعد.

> هل كان يوجد صفقات بين الوفد وبين الحزب الوطنى فى السابق؟

- بالطبع لا.. لم يكن يوجد صفقات بين الوفد وبين الحزب الوطنى.. وفؤاد باشا سراج الدين كان يقول عندما يسأل مثل هذا السؤال يا ليت فيه صفقات بين الوفد وبين الحكومة، ولكن هذا مستحيل، لأن الصفقة هى عقد بين طرفين، ومع عدم تنفيذه من طرف فمن الطبيعى أن يذهب الطرف المتضرر إلى القضاء فأين هى المحكمة التى سيذهب إليها الوفد إذا لم تنفذ الحكومة الصفقة؟ وكان يقول: إن هذه الاستحالة ترجع إلى طبيعة النظام الذى كان قائماً فى مصر أى نظام الحزب المسيطر لأن المفترض أن هناك اتفاقاً على ترك عدد من المقاعد لأحزاب المعارضة، وهذا يحدث فى دول كثيرة، فكيف يمكن تنفيذ هذا عندما يكون الحزب مختلطاً بالدولة من أول رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف بها.

> هل الأحزاب المصرية ما زالت ديكوراً فى الحياة السياسية؟

- نعم.. ما زالت هكذا، لأننا ما زلنا نعيش على أرض بها أنقاض نظامين سقطا، أحدهما شاخ بعد أن حكم ستين عاماً ثم انهار، ونظام فاشى ظل 80 سنة يدعى أنه هو البديل للأنظمة الحاكمة، وحكم سنة وسقط، وهذه الأنقاض ما زالت على الساحة وما زلنا نعانى منها، ولم نستصلح الأرض حتى نبنيها، ولم نقم بالانتهاء بعد من رفعها لاستكمال البناء الجديد.

> ومن هذا تجامل الحكومة الأحزاب الدينية رغم مخالفتها للدستور؟

- نعم.. وأرى أن هذه المجاملة سياسة خاطئة لأن هذه الأحزاب خرجت من الخصم الرئيسى للدولة، وهو جماعة الإخوان، ولكن الحكومة تسعى إلى منع تشكيل جبهة موحدة للتيار الفاشى بكافة مكوناته عن طريق استمالة قطاع منها وهذه سياسة، لكن الواقع غير ذلك تماماً، لأنهم اعتبروا ولمدة ثلاثين عاماً أن جماعة الإخوان تقى الدولة شر الجماعات المتطرفة وأرادوا أن يلعبوا بهم ضد هؤلاء، لكن الحقيقة أن الإخوان هى التى لعبت بالأجهزة الأمنية السابقة، ولا نريد أن يتكرر هذا الخطأ مع الأحزاب الدينية.

> ما التناقض بين المشروع الدينى والمشروع المدنى؟

- حتى هذه اللحظة لازال التناقض الرئيسى هو بين مشروعين، مشروع الدولة الدينية الفاشية ومشروع الدولة الوطنية الحديثة، وكل من يريد الدولة الدينية الفاشية فى جانب، وكل من يسعى لحماية الدولة الوطنية الحديثة فى الجانب الآخر، ولن يلتقيا ولكن أنصار الدولة الوطنية الحديثة عليهم أن يفهموا أنهم لن يستطيعوا أن يغلبوا التناقض الفرعى مع الحاكم حول الحريات والعدالة الاجتماعية وهذا تناقض مشروع لكن الأهم ألا يغلبوه على التناقض الرئيسى، لأن كل نقطة يخسرها المشروع الوطنى الحديث، يكسبها مشروع الدولة الدينية الفاشية بما يسمى اللعبة الصفرية، ولابد أن يكونوا مدركين لهذا، لأن أصحاب مشروع الدولة الدينية الفاشية مدركون لهذا، ويلعبون عليه لأنهم تربية التنظيمات السرية.

> هل ترى فى الأفق بوادر أو نية للمصالحة مع الإخوان؟

- فى حوار لى مع بعض الأهالى فى محافظة الشرقية قال أحدهم: لابد أن نتصالح مع جماعة الإخوان، لأن الرسول عندما دخل مكة قال للكفار اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عنهم وسامحهم.. فرد عليه آخر قائلاً: هذا صحيح لكنه عفا عنهم بعدما حطم الأصنام، والآن التنظيم هو صنم الإخوان، والفكرة جميلة وجيدة، وهذا الرد البليغ هو نتيجة الحوار السياسى الذى يجب أن يكون متصلاً دائماً بين كل المعنيين بالشأن العام والقواعد الشعبية فى جميع أنحاء مصر، فهذا الحوار أشبه بالتمثيل الكلوروفيلى فى عالم النبات، ولهذا أقول لا يستطيع أحد أن يسمح بعودة الإخوان بأى شكل من الأشكال بعد تجربتهم الفاشية الفاشلة التى لازال المجتمع المصرى يدفع ثمنها بل وسوف يظل سنوات قادمة يدفع الثمن، ويجب ألا يفوتنا أبداً أن التيار الدينى هو الذى يولد العنف فى كل مرة تتعرض لها البلاد منذ قبل الأربعينيات بالقتل والتفجير وبإسالة الدماء وبالتالى لا تصالح مع الإخوان قبل أن يدخلوا إلى صف الجماعة الوطنية كأفراد وليس كأعضاء فى هذه الجماعة الإرهابية.

> لكن البعض يضع السم فى العسل متعللاً بضرورة احتوائهم حتى لا يتسللوا إلى العمل السرى؟

- الإخوان ليس لهم أمان، ألم يحتوهم الرئيس السادات وأخرجهم من السجون وأعادهم إلى وظائفهم وسمح لهم بالعمل فى أنحاء الجمهورية ولكنهم انقلبوا عليه، وهذه عادتهم والشعوب التى لا تستفيد من تجاربها تفنى وتزول.

> كيف ترى دعوات تعديل الدستور خاصة أن سلطات رئيس الجمهورية تم تقليصها فى هذا الدستور؟

- لا يجب المساس بالدستور إلى أن يتم تفعيله كله، ولابد ألا نهمل تجاربنا السابقة ويجب ألا نظل أسرى لها.

> هذه معادلة كيف يتم تحقيقها؟

- نعم.. هذه معادلة وإذا كان علينا الاختيار بين الحلول الصعبة فلنختر أقلها ضرراً والشعب المصرى لديه تجربة مريرة من المدد المفتوحة للرئيس مبارك لأن النتيجة كانت سيئة، مع إننى أرى أنه ليس هناك مبرر بأن تكون مدة الرئيس أقل من مدة مجلس النواب، لأنه فى يوم ما سيوجد لدينا انتخابات رئاسية مفتوحة، والرئيس حينها سيحل البرلمان القديم، وهنا سيوجد نوع من أنواع القلقلة السياسية، والمفترض أن مدة الرئيس تكون أطول من مدة البرلمان أو مساوية له وينتهيان مع بعضهما، ومع هذا فإن التوقيت الحالى ليس مناسباً لتعديل الدستور.

> هل لديك إضافات أخرى؟

- كل الذى أريد أن أؤكده هو أننا فى مرحلة إعادة بناء للدولة الوطنية الحديثة، التى وضع محمد على لبناتها الأولى، وتوالت الأجيال تستكمل البناء، ولكنه تعرض لإهمال شديد فى العقود الأربعة الأخيرة، بحيث انهارت أجزاء منه ولذلك استناداً إلى الخبرة الطويلة للحركة الوطنية المصرية يجب أن نتمسك اليوم بثوابت هذه الحركة وأن نضيف إليها ما تقتضيه التطورات العميقة والسريعة التى حدثت فى هذه السنوات على مستوى العالم والإقليم والوطن وهى مهمة تقتضى الحكمة والحسم.