رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الكاتبة منى الشيمى:القيمة المادية للجوائز المصرية مؤسفة

الكاتبة منى الشيمى
الكاتبة منى الشيمى

حوار: نهلة النمر

 

قبولى جائزة «كتارا» ليس تعبيراً عن موقف سياسى

لا يمكن كتابة السيرة الذاتية بموضوعية بعيداً عن انحيازات الكاتب

 

فى البداية كانت الصورة لامرأة ترتدى الزى الأسود الصعيدى الفضفاض، وتجلس أمام «ماجور» العجين، تقتطع منه دوائر صغيرة تصنع منها فطائر للرحمة، وتقول اقرأوا الفاتحة لزياد ابنى الذى أكمل اليوم عاماً فى ضيافة الرحمن، شعرت بغصة فى قلبى لم تكد تندمل حتى وجدتها تكتب بعدها بثلاثة أيام، أن زوجها لم يكمل أسبوعاً فى الحياة بعد وفاة ولدهما، وأنه فضل الرحيل ومؤانسة ابنه على البقاء على قيد الحياة. كانت تجربة مراقبة وجعها من بعيد مؤلمة حد المشاركة فيه، كنت أعلم أنها الكاتبة منى الشيمى التى تسكن مدينة نجع حمادى فى قنا، والتى خاضت حروباً كثيرة ضد الحزن والثابت والمنقول، واختارت البوح ورفضت الاعتراف سراً مثل أغلب النساء، وفضلت أن تكون أحادية الوجه والخطاب ، وأنها تُعد من أهم كاتبات الألفية الثالثة، وصاحبة عدد من الجوائز يقارب عدد أعمالها. تلك الجوائز التى حازتها جميعاً وهى تقيم فى صعيد مصر بعيداً عن مركزية الثقافة وشلليتها. منها؛ جائزة دبى الثقافية والشارقة، و«ساويرس» عن «بحجم حبة العنب» الرواية التى وصلت إلى القائمة الطويلة للبوكر، وأخيراً جائزة «كتارا» الفرع غير المنشور عن رواية «وطن الجيب الخلفى».

عندما ظهرت من بعيد وأنا فى انتظارها فى الموعد المحدد بيننا لإجراء هذا الحوار، وجدتها تحمل مظلة، لم استغرب المشهد أبداً، فالتى خاضت كل تلك المعارك وواجهتها، ليس صعباً عليها أن تحمل مظلة فى وسط القاهرة، بعدما هجر المصريون المظلات منذ زمن، لكن الغريب حقاً كان صوتها الهادئ، وملامحها التى تحمل خجلاً طبيعياً تجعلك تندهش وتتساءل؛ كيف لامرأة جنوبية تجاوزت خطوطاً بكل ألوانها، ما زالت تحمل ملامح امرأة خجلى.

< فى="" نهاية="" السبعينيات="" شهدت="" مصر="" مداً="" دينياً="" مثّل="" أحد="" مظاهره="" ارتداء="" النساء="" للحجاب،="" ما="" نتج="" عنه="" الآن="" أن="" أغلب="" نساء="" مصر="" محجبات،="" لتأتى="" منى="" الشيمى="" وتخلع="" هذا="" الحجاب="" منذ="" عام="" تقريباً،="" كيف="" واجهتِ="" المجتمع="" بهذ="">

- بالنسبة لجزئية الآن؛ ربما لأننى لم أفكر فى أمر الحجاب من الأساس قبل الآن، ارتديت الحجاب كطقس طبيعى لأى فتاة صعيدية، بعدها كان لدى أشياء أخرى أفكر فيها، كمسئولياتى تجاه هذا المجتمع الصعيدى بشكل عام، وتجاه أولادى بشكل خاص. وبمرور السنوات والتخفف من الأعباء، بدأت أراجع نظرة الإسلام الأول للمرأة، ووجدت أن الأمر أبسط كثيراً مما تم تناوله، فسقطت فكرة الحجاب بداخلى، وبالتالى سقط معها الخوف من كيفية مواجهة المجتمع بدونه، فالمجتمع يبدو فى البداية غولاً، لكنه بعد ذلك يصبح مستأنساً، ولقد واجهته فيما هو أصعب، واجهته بأفكار كثيرة لا تتسق معه. وعلى الرغم من أن العالم العربى كله يسير الآن نحو شعبوية يمينية متدينة، لكن أعتقد أنه يمكن لأى شخص أن يخلق لنفسه حياته الصغيرة والممتعة التى تخصه وحده، وهذا لا يعنى انسحاباً من الحياة، لكن أحياناً يصبح أمراً لا بد منه. كما أن علاقتى بربى تخصنى وحدى، ولدى ما أقوله له، ولدى قناعة كبيرة بأنه غفور رحيم، إلى جانب أننى أرى نفسى الآن أجمل. وفى النهاية لو أنا على خطأ فلدى ثواب الاجتهاد، ولو كنت على صواب فلدى ثوابان.

< عندما="" فازت="" منى="" الشيمى="" بجائزة="" «كتارا»="" القطرية="" هذا="" العام،="" كتبت="" فى="" جملة="" مقتضبة:="" لمن="" لا="" يرى="" غضاضة="" فازت="" روايتى="" «وطن="" الجيب="" الخلفى»="" بجائزة="" كتارا.="" لماذا="" كنت="" ترين="" أن="" فى="" الأمر="" غضاضة،="" على="" الرغم="" من="" تقدم="" حوالى="" 350="" كاتباً="" مصرياً="" للجائزة="" هذا="">

- لا أنكر أن لدى تحفظات على موقف قطر السياسى، كتحفظاتى على مواقف كثيرة من الدول العربية الأخرى، وقبولى لجائزة كتارا ليس إعلاناً لموقفى سياسى. وأنا لا أرغب فى التنصل من الفوز وأقول إننى عندما تقدمت للجائزة لم تكن المقاطعة قائمة، فربما إن كانت قائمة كنت تقدمت أيضاً. والحكاية أننى تلقيت «إيميل» من إدارة الجائزة يطلبون منى المشاركة فيها، وكان ذلك فور انتهائى من كتابة رواية «وطن الجيب الخلفى»، فأرسلت لهم أننى لدى رواية لم تنشر، فأكدوا لى أن لديهم فرعاً للروايات غير المنشورة. فى بداية الأمر تصورت أنهم اصطفوا منى الشيمى، وهو ما شجعنى على المشاركة، لكنى اكتشفت بعدها أن هذا الإيميل يرسل لجميع الكتاب فى العالم العربى، لكن يمكننى أن أقول الآن إننى كنت محظوظة بفهمى الخاطئ للأمر، لأنه كان السبب فى المشاركة، وبالتالى حصولى على الجائزة.

النقطة الثانية وراء قبولى الجائزة بالتأكيد كان المقابل المادى، أنا معترضة تماماً على حال الجوائز فى مصر، للأسف ليس لدينا جائزة ثقافية واحدة تعكس قيمتها مادياً، فمثلاً جائزة اتحاد كتاب مصر ثلاثة آلاف جنيه، وكذلك جائزة الهيئة العامة لقصور الثقاقة، تقريباً تماثلها، وطالبت أكثر من مرة فى أكثر من مناسبة بأن تطلق مصر جائزة أدبية تليق بمكانتها، والأمر ليس صعباً، إذا ما تبنت الجائزة إحدى شركات الاتصالات أو أحد البنوك الكبرى، على غرار جوائز عربية كثيرة قيمة، تستطيع من خلالها مصر استعادة اسمها الثقافى.

< «وطن="" الجيب="" الخلفى»="" رواية="" اشتهرت="" قبل="" أن="" تقرأ،="" فلماذا="" لم="" تنشر="" حتى="" الآن="" رغم="" مرور="" عام="" تقريباً="" على="" حصولها="" على="">

- كان هناك عرض من إدارة الجائزة بنشر الرواية وترجمتها للإنجليزية والفرنسية، وكذلك طرحها فى معارض خارجية وأوربية، على أن يتم نشرها فى أكتوبر القادم، فى نظير احتكارها ثلاث سنوات بمقابل مادى. لكننى أعتقد أننى لدى من الشغف الآن فى وصول الرواية ليد القارئ، ما يجعلنى أنهى التعاقد بعد العام الأول وأتنازل عن العائد المادى وأنشرها.

 

 

< عدد="" كبير="" من="" الكتاب="" العرب="" رفض="" السفر="" إلى="" «فلسطين»="" لحضور="" الملتقى="" الفلسطينى="" العربى="" الأول="" للرواية2017،="" ولكن="" منى="" الشيمى="" كعادتها="" تأتى="" مختلفة،="" وتذهب="" إلى="" الملتقى="" ولا="" تلق="" بالاً="" لاتهامها="" بالتطبيع،="">

< لأن="" مفهومى="" عن="" التطبيع="" مغاير،="" لذلك="" لم="" أشعر="" بأزمة="" فى="" زيارة="" فلسطين،="" ومازلت="" أرى="" أن="" مفهوم="" المثقفين="" العرب="" للتطبيع="" مفهوم="" خاطئ، ="" فالتطبيع="" هو="" التعامل="" المباشر="" أو="" غير="" المباشر="" مع="" الكيان="" الإسرائيلى،="" فعندما="" ذهبت="" لحضور="" الملتقى="" الفلسطينى="" العربى="" الأول="" للرواية،="" كانت="" إقامتى="" فى="" «رام="" الله»،="" ولكنى="" لو="" كانت="" أتيحت="" لى="" الفرصة="" لزيارة="" القدس="" لم="" أكن="" أتردد.="" كانت="" لدى="" رغبة=""  شديدة="" فى="" مشاهدة="" الموقف="" الفلسطينى="" من="" الداخل،="" لقد="" عشت="" هناك="" تجربة="" أشبه="" بالحلم،="" وذهبت="" فى="" جولة="" خاصة="" بى="" بعيداً="" عن="" الملتقى،="" بمساعدة="" أصدقاء="" فى="" لجنة="" المرأة="" فى="" منظمة="" التحرير="" الفلسطينية،="" فزرت="" مخيم="" «بلاطة»="" فى="" «نابلس»="" لأرى="" كم="" أن="" الفلسطينيين="" هناك="" مفعمون="" بالحياة="">

< التاريخ="" الأدبى="" لأى="" كاتب="" يؤكد="" أنه="" مهما="" بلغت="" حبات="" العقد،="" تظل="" هناك="" درة="" لهذا="" العقد،="" وبما="" أننا="" لم="" نقرأ="" «وطن="" الجيب="" الخلفى»ح="" تى="" الآن="" فتظل="" «بحجم="" حبة="" العنب»="" هى="" درة="" عقد="" منى="" الشيمى،="" فتأخذنا="" إلى="" أدب="" الاعتراف="" وكتابة="" السيرة="" الذاتية.="" متى="" تستطيع="" المرأة="" العربية="" الكتابة="" من="" خلال="">

- نعم؛ مازالت «بحجم حبة العنب» الأكثر حضوراً فى كتاباتى، ولا أعلم لماذا، ربما للحظات الحزن الحقيقية التى عشتها وقدرتى فى الكتابة عنها، وربما شخصيتى وتجربتى ذاتها، لا أعرف ما الذى دفعنى للكتابة بهذه

التعرية فى هذه اللحظة بالذات. لكننى لست مع مصطلح الاعتراف فى هذه الرواية، لأننى بعد مرور هذه السنوات على صدورها، يمكننى أن أعترف بأشياء مختلفة تماماً، أعترف أننى عندما كتبتها لم أكن أملك الحقيقة، وأن بعض تصوراتى عن الأشياء والأشخاص فيها كانت ناقصة، وأننى لو كتبتها الآن ستكون مختلفة إلى حد كبير، ربما بمزيد من الاعتراف، لذلك لا يمكننى أن أوافق على اعتبار «بحجم حبة العنب» سيرة ذاتية لى؛ لأن الوقت أثبت لى أننى كنت أمتلك أنصاف الحقائق فقط لحظة كتابتها، كنت أمتلك رؤية تخصنى وحدى، الآخرون غير مسئولين عنها، لقد اكتشفت أن السيرة أكذوبة تندرج بعد فترة من سيرة ذاتية إلى سيرة روائية، فقد كتبت عن هؤلاء البشر من وجهة نظر تخصنى وحدى، وليس من وجهة نظر الحقيقة أو الموضوعية، أو حتى من وجهة نظرهم، بالتأكيد كانوا يملكون ردوداً أو مبررات لكنى لم أسمعها. هذا ليس اعتذاراً لشخصيات «بحجم حبة العنب»، فعلى الرغم من أننى اكتشفت أننى كنت طيبة فى كتابة بعضهم لأنهم أسوأ كثيراً مما كتبتهم، لكنى اكتشفت أيضاً كم كنت سيئة فى أحكامى على بعضهم والذى اتضح لى مع الوقت كم هم طيبون، لذلك أنا أعتقد أن السيرة لا يمكن أن تكتب بموضوعية، ليس لأن الكاتب منحاز لنفسه، لكن لأن لا أحد يملك الرؤية الكلية.

< لمن="" تدين="" منى="" الشيمى="">

- أنا بدأت الكتابة دون معرفة عن معناها، بدأتها بجرأة لا متناهية، وربما لو كان لدى مفهوم عميق عنها وقتها كنت فقدت كثيراً من هذه الجرأة، أنا مدينة بالكتابة للجرأة التى ليس لها سند من الخبرة، وبعد مرور كثير من الوقت اكتشفت ماهية الكتابة التى لم يكن من الممكن أن اكتشفها إلا إذا مررت بالتجربة، ولتصبح الكتابة بالنسبة لى هى القدرة على مواجهة صعوبات الحياة نفسها، فحينما أكتب أخرج جزءاً من ذاتى على الورق، جزءاً يتحول لأشخاص وحواديت وحديث، وفى الأوقات التى تكون هناك عوامل تصرفنى عن الكتابة، أشعر أننى منتزعة من طاقتى ومن نفسى، ومن القدرة على المواجهة.

< فى="" عام="" 2006="" اشتركت="" منى="" الشيمى="" فى="" أحد="" منتديات="" القصة="" العربية="" على="" الإنترنت="" بقصة="" «بين="" نافذتين»،="" فى="" باب="" المعمل="" الأدبى="" والذى="" كان="" يعرض="" الأعمال="" بدون="" توقيعات="" أصحابها.="" أنت="" اليوم="" تقدمين="" نفس="" الفكرة="" من="" خلال="" صفحتك="" على="" «فيس="" بوك»="" والتى="" تلقى="" تفاعلاً="" واسعاً،="" ما="" الذى="" أفادك="" فى="" التجربة="" كى="" تقدميها="">

- اشتركت فى هذا المنتدى لأننى كنت أبحث عن مكان على الإنترنت لتلمس الأدب من مكانى فى الصعيد، وكنت معجبة جداً بهذا المنتدى، وبالمناسبة لقد تم هجره الآن بعد ظهور «فيس بوك» «وتويتر» و...، وبالفعل تقدمت فيه بقصة «بين نافذتين» وتفاعل أعضاء المنتدى مع العمل وتم تشريحه ونقده، ورغم غيرتى على العمل فأنا أظنها كانت فرصة لملامسة مواطن الضعف لدى، استفدت كثيراً من التجربة، وعرفت أن العمل عندما يكون يتيماً ويقيّم بمعزل عن اسم صاحبه يصبح التقييم مختلفاً، وأظن أنه اذا ما تم طرح عمل لأى كاتب بمعزل عن اسمه، سيتم تشريحه ونقده بطريقة مختلفة، خاصة فى ظل هوجة المجاملات غير العادية التى كرست لها مواقع التواصل الاجتماعى الآن.

< فى="" «الكفة="" الراجحة»="" كانت="" البطلة="" ملكة="" فرعونية،="" وفى="" «لون="" هارب="" من="" قوس="" قزح»="" صوت="" الراوى="" فيها="" كان="" لمومياء،="" ما="" حكايتك="" مع="" مصر="">

- حكاية فتاة عاشت هذا العصر، لقد دخلت كلية الآثار بالصدفة لأننى حصلت على مجموع كبير فى الثانوية العامة، لكن لم أندم لحظة واحدة على هذه الصدفة، فقد عشت تاريخ مصر القديمة ولم أقرأه، تعرفت عليه عن طريق الرؤية وليس عن طريق الحكى، رؤية الأثر، كنت طوال دراستى فى كلية الآثار أتخيل نفسى فتاة تعيش فى مصر القديمة, فأنا أكتب عن هذا العصر كعائشة فيه وليس كدارسة له.

< رواية="" «وطن="" الجيب="" الخلفى»="" والتى="" لم="" تنشر="" حتى="" الآن،="" تدافع="" عن="" تاريخ="" مصر="" القديم="" ضد="" محاولات="" الصهيونية="" تزييف="" التاريخ="" المصرى="" القديم="" لصالحها="" بمخالفة="" الحقائق="" فى="" جزيرة="" «إلفنتين»="" بأسوان،="" فماذا="" عن="" الرواية="">

- لدى رواية بدأت فيها وأنجزت منها شوطاً مهماً، والغريب أن المنجز الذى تم فيها، تم فى وقت قصير جداً، وهذا ما أربكنى فأنا لم أعتد السرعة فى الكتابة. فكونى أنجز نصف رواية فى أقل من عام، جعلنى أتوقف عنها قليلاً برغبتى، لكنى منذ أسبوع أعدت قراءة الجزء المكتوب بحساسية القارئ، واستشعرت رضا عنها كمسودة أولى، لذلك فقريباً جداً سأعيد شحن نفسى وأواصل الكتابة وأحاول الانتهاء منها.

< وما="" أجواء="" تلك="">

- لا أجواء يمكننى البوح بها الآن، لكن يمكننى أن أخبرك فقط أن اسمها «البدل الزرقاء» لكن دون تفاصيل.