عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«تجار الرومانسية» يتنافسون لخطف أنظار المصريين

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب - أحمد سراج / إشراف: نادية صبحي

 

بدأ مؤخراً معرض الزهور بحديقة الأورمان فى دورته الـ85، فليس لشركات الزهور سبيل بتعريف المصريين بثقافة اقتناء الزهور إلا المعرض، وكعادة كل عام تكون بعض الزهور هى محور حديث زوار المعرض، منها زهرة «البرونوفلسيا» والتى أذهلت جميع زوار المعرض بمنظرها الرائع وطبيعتها العجيبة حتى أطلق عليها زهرة اليوم والأمس والغد، وذلك لتنوع رائحتها، ففى الصباح رائحتها أشبه برائحة الفل ومساء تتغير إلى رائحة الياسمين.. الصورة المبهجة للمعرض والوجوه المبتسمة كان وراءها أيضاً أحزان لا تنتهى، وشكاوى مستمرة، فالجميع يطالب بإنشاء بورصة للزهور لتعويض الخسائر التى يتعرضون لها سنوياً.

أثناء إقامة المعرض تتحول حديقة الأورمان إلى قلعة سياحية رائعة جاء إليها الجميع من أجل التقاط الصور التذكارية وشراء الزهور، وآخرون من طلاب الجامعات فى الدراسات العلمية، ويتضمن المعرض مشاركة 131 شركة، على مساحة 28 ألف متر مربع، منها 4036 متراً مربعاً من المساحات المغطاة، وباقى المساحة مكشوفة لعرض زهور القطف ونباتات الزينة، ويشارك بالمعرض عدد من الجهات التابعة للوزارة والجهات الحكومية الأخرى وشركات اللاندسكيب والمتخصصة فى إقامة المسطحات الخضراء ونباتات الزينة والمناحل ومنتجات عسل النحل ومستلزمات الإنتاج الزراعى وأسماك وطيور الزينة.

أسعار دخول الحديقة كانت زهيدة للغاية، «جنيهان» مقارنة بحجم المعرض المقام، وذلك لجذب عدد أكبر من الزوار خاصة المهتمين بالزهور، ولجأت الشركات إلى جذب أنظار الزوار بالتنسيق المتميز للزهور.. «الوفد» التقت عدداً من أصحاب الشركات لترصد أحزان تجار الرومانسية.

أمام معرض إحدى الشركات حيث احتل الورد البلدى نصيب الأسد من الزوار لما يتمتع به من رائحة ذكية ومظهر رائع، تحدث معنا أحد المسئولين عن المعرض المهندس سالم المصرى، والذى أكد أن المعرض هو أضخم معرض للزهور على مستوى الشرق الأوسط وننتظر المعرض سنوياً من أجل البيع وتعريف المواطنين بالزهور الحديثة القادمة من الخارج أو النباتات المصرية.

ويكمل «سالم»: إن أسعار الزهور فى المعرض متفاوتة ومنها نبات «البتونيا» وتتراوح أسعاره من 5 جنيهات إلى 100 جنيه، وذلك على حسب المعروض ولا يوجد توحيد للأسعار، وكذلك النخيل بالإضافة إلى نبات الجردينيا والذى يبدأ سعره من 50 جنيهاً ويصل إلى 150 جنيهاً، أما إن كانت هناك بورصة للزهور فسيجد المواطن الأسعار موحدة لدى الجميع.

ويكمل «سالم» قائلاً: إن مشاكل التسويق هى ما تعيق تجارة الزهور فى مصر فالجميع يرغب فى التصدير ولكن الوضع الحالى التعامل مع الخارج ضعيف.

المهندس هانى طه، أكد أن المعرض هو أقوى صرح للزهور على مستوى الشرق الأوسط، ودائماً ما يكون هناك نباتات حديث الزوار وهذا العام شجرة «البرونوفلسيا» والتى جاءت من تايلاند وتتميز باختلاف رائحتها فى المساء عن رائحتها فى الصباح لذلك أطلقنا عليها اسم شجرة اليوم والغد وأمس، ويبدأ سعرها من 50 جنيهاً حتى 2000 جنيه، وهناك زهرة البغبغان وجاءت من جنوب أفريقيا وكانت سعر الشتلة فى الخارج 500 دولار ولكن بعد أن حصلنا عليها وقمنا بزراعتها أصبح سعرها عشرين جنيهاً فقط، وهناك زهرة «ترومونسيا ترى ستار» وجاءت من هولندا وكان سعرها يصل إلى 800 دولار والآن بعد أن قمنا بعمليات الانتخاب لتناسب البيئة المصرية أصبح سعرها 70 جنيهاً فقط.

وأشار «هانى» إلى أن جميع الزهور الحديثة تأتى من الخارج على حساب المربين وليس لوزارة الزراعة أى دخل بل إن الوزارة منتجاتها بالمعرض محدودة وقديمة وغير متطورة.

أما أمير صلاح، مدير بشركة «سفتى لاند»، فتحدث عن أسعار الاشتراك والتى تبدأ من 65 جنيهاً للمتر المكشوف و75 جنيهاً للمغطى، والمعرض هو متنفس لجميع عشاق الزهور لتحفيز الزوار على الشراء وتشجيع ثقافة اقتناء الزهور ومعظمنا كمزارعين نعتمد على الخليج فى التصدير، أما أوروبا فليس هناك سوق بحجم الكبير بسبب تقدم العديد من الدول على رأسها هولندا والصين وأمريكا فى زراعة الزهور.

وطالب «صلاح» المسئولين بتخصيص قطعة أرض لشركات ومنتجى الزهور داخل التجمعات الجديدة، وذلك لتوفير فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى توفير الكثير على الدولة حيث سيقوم المنتجون بفرش الأراضى الصحراوية بالمساحات الخضراء.

والمعروف أن حديقة الأورمان بالقاهرة أنشئت عام 1875، وكانت فكرة إنشائها ترجع إلى الخديو إسماعيل عندما قام بزيارة إلى غابات بولونيا بباريس خلال إحدى زياراته حيث دفعه حبه الشديد للجمال إلى قرار إنشاء حديقة الأورمان بالقاهرة لنقل ما شاهده فى غابات بولونيا بمساعدة خبير فرنسى ومزارع مصرى، وكانت الحديقة جزءاً من قصر الخديو، وكانت تسمى بحدائق النباتات بالجيزة، ولشغف الخديو بالجمال وحبه للحدائق فقد أنشأها لغايته الخاصة، وجلب إليها من مختلف أنحاء العالم العديد من الأشجار والشجيرات والأزهار النادرة.

وكان يطلق عليها فى البداية اسم حديقة الليمون، حيث أنشأت لإمداد القصور الملكية بشتلات الموالح، واحتوت على 100 ألف شتلة ليمون وبرتقال ويوسفى حتى قرر الخديو إسماعيل نقل غابات بولونيا إلى مصر، فتم استقطاع أرض الموالح واستعان بخبير فرنسى ومزارع مصرى فى زراعة الحديقة التى صممت على الطراز الفرنسى الذى يتميز بالتصميم الهندسى المنتظم.

تتميز الأورمان كذلك عن غيرها من الحدائق بمبنى خاص يعرف باسم «المعشبة النباتية» يضم حوالى 5 آلاف نموذج نباتى مجفف، بينها نباتات جُمعت من معظم الحدائق المصرية وصحاريها ووديانها، وهى المعشبة التى أسسها الخبير النباتى محمد درار.

وقد أنشأ «درار» بالحديقة كذلك قسماً خاصاً لتبادل البذور المحلية مع الحدائق العالمية والجامعات والمراكز البحثية، حيث يتم تبادل البذور المطلوب زراعتها تحت ظروفنا المناخية والعمل على أقلمتها لزيادة الثروة النباتية فى الحديقة.

لذلك فإن «الأورمان» فضلاً عن اعتبارها مزاراً ترفيهياً يقصده الباحثون عن الطبيعة والجمال، فهى أيضاً كما يذهب الدكتور سيد حسين، مدير الحديقة، «مزار علمى يقصده ويتردد عليه طلاب كليات الصيدلة والطب فضلاً عن طلاب كليات العلوم والزراعة وباحثو المركز القومى للبحوث الزراعية، لأخذ عينات طبية وصيدلية واستخراج مواد فعالة منها، والتعرف على النباتات النادرة الموجودة بها».

واشتهرت حديقة الأورمان باستضافتها «معرض زهور الربيع»، منذ ما قبل ثورة 23 يوليو 1952، حيث كان أشبه بساحة يتبارى فيها باشاوات ذلك الزمان فى استعراض نباتاتهم النادرة مقابل جوائز يتسلمونها من الملك شخصياً.

وقد تنقل المعرض بعد الثورة أكثر من مرة بينها وبين حديقتى الأسماك والمتحف الزراعى، ليعود إلى الأورمان بشكل مستمر منذ عام 2004 وحتى الآن فى صورة أكثر شعبية، مع وجود عشرات «المشاتل» العارضة، وعشرات الآلاف من الزائرين الباحثين عن جمال الطبيعة فى «الأورمان» ومعرضها لزهور الربيع.

 

فى أعياد الربيع.. شوف الزهور.. واتعلم

«إن دبلت الوردة ريحتها فيها» هذا حال تجارة الورد فى

مصر، والتى تصل إلى 0.02% من إجمالى صادرات الزهور بالعالم، والطلب على نباتات الزينة يتزايد بسرعة بمعدلات سنوية تتراوح بين 6٪ و9٪، حتى وصل حجم تجارتها الدولية لـ 5 مليارات دولار فى العام، وهو ما جعل العديد من الدول تدخل كمنتجين ومصدرين لحلبة التنافس الدولى، وعلى رأس الدول المنافسة لمصر فى مجال تصدير الزهور هى إسرائيل وكينيا وإثيوبيا والأخيرة هى ثانى أكبر مصدر للزهور فى أفريقيا، خاصة بعد اعتماد هولندا، والتى تعتبر بورصة الزهور بالعالم، على زراعة مساحات شاسعة فى إثيوبيا.

62 مليون دولار هو حجم صادرات مصر من الزهور العام الماضى، فى حين أن إثيوبيا يصل حجم صادراتها إلى 250 مليون دولار سنوياً، ومتوقع زيادتها إلى 550 مليون فى الفترة القادمة، وهذا ما دفع اتحاد منتجى ومصدرى الحاصلات البستانية إلى إنشاء بورصة للزهور لاستهداف الأسواق العالمية وتوعية المزارعين وتقديم الخدمات لهم.

حسين الحناوى، رئيس اتحاد منتجى ومصدرى الحاصلات البستانية، يقول: أنشأنا جمعية فلاحة البساتين المصرية، والتى ينحصر عملها فى تطوير الزراعة البستانية وتعريف أعضاء الجمعية بالأصناف الجديدة، إلى جانب تقديم الخدمات الإرشادية لهم.

وأوضح الحناوى أن الجمعية تقيم معارض سنوية للتعريف بمدى التقدم فى الزراعة البستانية ومستلزمات إنتاجها ونشارك حالياً فى معرض زهور الربيع والمقام حالياً فى حديقة الأورمان، وتتقاسم الجمعية صافى إيرادات المعرض مناصفة مع وزارة الزراعة سنوياً.

ويكمل الحناوى حديثة قائلاً: إن وزارة الزراعة أنشأت بورصة للزهور وهى عبارة عن سوق يجمع تجار الزهور ونباتات الزينة من أجل توفير التقاوى وإرشاد المزارعين ومساعدتهم على تصدير المنتج، ونسعى لزيادة اهتمام الدولة بالزراعة البستانية، فهى موفرة للمياه إلى جانب أنها تجلب عملة صعبة.

وأشار الحناوى إلى غياب ثقافة الاهتمام بالزهور لدى المجتمع المصرى، على عكس المجتمع الغربى فتقريباً الزهور تدخل المنازل يومياً، فقد غاب اهتمام المصريين باقتناء الزهور على عكس ما كنا نرى فى المعابد اهتمام المصريين القدماء بالزهور وتقديس لأعياد الربيع التى تتفتح فيه الورود.

وأشار الحناوى إلى أننا لابد أن نحسب لتر المياه يعطى كم دولاراً ويوفر كم فرصة عمل، فالمحاصيل التى تزرع فى مناطق فيها مطر، تكون تكاليف الرى بالنسبة لها صفراً، وأما نحن فلابد أن نعظم العائد من المياه.

حسن الخضرى، مدير مشاتل جرين لايف، أكد أن صناعة الزهور فى مصر قديمة ويعتمد عليها سكان القناطر بالتحديد، وكان يتم الإنتاج للسوق المحلى وللتصدير لجميع دول العالم خاصة الورد البلدى حتى عام 2008، وللأسف انخفضت صادراتنا لأوروبا، لاستحواذ هولندا على نصيب الأسد من الزراعة البستانية، فهى تقوم بتطوير مستمر للنباتات، لذلك يلجأ المربون إلى التصدير للدول العربية بسبب انخفاض الأسعار وارتفاع تكلفة النقل، فنحو 80% من صادراتنا يتجه للدول العربية والشرق الأوسط، و20% فقط للدول الأوروبية، ورغم تدنى النسبة، إلا أننا ما زلنا متميزين، خاصة فى زهور الصيف، والتى تنتج لدينا فى الشتاء لدفء الجو قياساً بالأجواء الأوروبية.

أما بالنسبة للورد البلدى فالمنافسة تأتى من أفريقيا لأنه منخفض التكلفة هناك، والسبب يرجع إلى أن الزراعة هناك تكون على مرتفعات، فكلما ارتفعنا على سطح البحر تكون الزهرة أكبر، ونحن فى مصر ننتج كل أنواع الزهور، لكنها زهور معدلة بإبرام عقود مع الشركات الدولية التى قامت بتطويرها ونأخذ منها البذور، ونقوم بزراعتها ثم نعيد تصديرها.

وأشار «حسن» إلى أن مصر لا تقدر على إنتاج كل أنواع الزهور، لأن هناك أنواعاً من الزهور تحتاج إلى زراعتها فى الأرض، ثم توضع بعد ذلك فى صوب زراعية حتى يتم التحكيم فى الإضاءة لزيادة فترة النهار أو تقصيرها حتى تزهر فى مواعيد محددة، أما بالنسبة للمحاصيل الحقلية، والتى تعرف عالمياً بالمحاصيل اليتيمة، فنحن فى مصر نبحث عن المحاصيل عالية القيمة والتى أقل استهلاكاً للمياه، بالإضافة إلى أن هناك نباتات هى بالأساس استوائية تنمو تحت الأشجار الكثيفة، وتتحمل الإضاءة الخافتة، ونحن لا نستطيع المنافسة فى إنتاج زهور المناطق الاستوائية، لأن المناخ هناك مختلف عنه فى مصر، فالمنتجون هناك لا يحتاجون إلى التدفئة أو التبريد، فالجو هناك معتدل طول العام، ولا يوجد فرق كبير بين درجات الحرارة فى النهار أو الليل ولا فى الصيف أو الشتاء، وهذه النوعية من الزهور لا تنتج فى مصر بسبب ارتفاع التكلفة بسبب التغيرات المناخية لدينا.