رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمهات فى الظل

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - دينا توفيق:

الأم هى أساس الحياة.. وهج الحب ورمز الحنان، مصدر السعادة والعطاء الذى لا ينضب.

صنعت من المعاناة وقسوة الظروف نجاحات أقرب إلى القصص الخيالية وروايات الشرف والكبرياء.

حوَّلت الحرمان إلى طاقة تمرد على الظروف، ضحت وكافحت لتقدم أبناءً يفخر بهم الجميع.

هى الأم التى وضعت حياتها بين يدى أبنائها، ودفنت أحلامها فى أعماق قلبها، ونسجت من أحزانها ثياب فرح كست به أطفالها، وصنعت من حرمانها الشديد، إحساس الغنى فى نفس وروح صغارها.

إنها قصص كفاح اختلطت فيها الدموع بالعرق.. ومشاعر الأرق والتعب بالحب والرضا، لترسم من خلالها ملحمة إنسانية تؤكد أن المرأة هى الأصلب فى المحن والأشد فى مواجهة الأزمات، وأن الفقر والجهل والحزن ليست مبررات للفشل ولا مدعاة لليأس، بل هى فى الواقع الدوافع لكل نجاح.

كان لنا لقاء مع بعض الأمهات اللاتى لم يسمع عنهن أحد شيئاً.. لكنها نماذج تستحق كل التقدير.

إنهن أمهات فى الظل ولكنهن أضأن حياة أبنائهم بما بذلوه من تضحيات كثيرة.

ماجدة: «لم أفقد الأمل فى إنقاذ ابنى من مخالب التوحد»:

ماجدة مشهور، أم تقاتل لمحاولة انتزاع طفلها من مخالب التوحد وتعليمه وتأهيله ليتمكن من العيش فى مجتمع لا يعترف بحق مثل هؤلاء الأطفال فى الحياة.

والدة الطفل يوسف البالغ من العمر 14 عاماً هى نموذج للأم الصبورة التى أفنت حياتها من أجل رعاية ابنها خصوصاً بعد وفاة زوجها.

كافحت وناضلت وسهرت وتألمت لمرض طفلها الذى قضى سنوات عمره القصير منزوياً وصامتاً فى كنف عائلة محبة قامت برعايته ودعمه بكل الحب.. وبالرغم من أن الأم تدرك أن ابنها لن يصبح أبداً كباقى الأطفال ولكنها كانت ترى محاولاته للتعبير عن نفسه ومشاركته حياة العائلة خطوة كبيرة فى تحسن حالته.

ولم تفقد ماجدة الأمل أبداً، وتقبلت حالة ابنها وتفرغت لرعايته.

ويذهب يوسف الآن إلى مركز للتأهيل بعد أن فشلت المدرسة فى التعامل مع حالته المرضية فى الوقت الذى نجح المركز فى أن يجعل حالته تتحسن تدريجياً.

والدة الشهيد عمرو صلاح: عيد الأم أصعب أيام حياتى

سلوى وحيد –والدة الرائد «عمرو صلاح» شهيد عملية تطهير «الواحات»، والذى انضم للعمليات الخاصة حتى لحظة استشهاده، تحكى الأم المكلومة التى تحمل صورة ابنها الشهيد معلقة فى صدرها: يوم عيد الأم بالنسبة لى هو يوم قاس على قلبى، وربما كان من أصعب الأيام لأن «عمرو» وهو أصغر أخوته كان ما زال يعيش معى، فكان دائماً يشترى لى أى شىء ليسعدنى وكنت أجد الابتسامة تضىء وجهه وهو يقدم لى الهدية التى كنت أتمناها.

وتتنهد «سلوى» والدموع فى عينيها وتقول: ربنا يصبرنى على فراقه... «عمرو» كان محبوباً من كل الناس، وكثيراً ما كان يخرج إلى مأموريات خطيرة ولا أعلم عنها شيئاً وكنت أسمع من زملائه عن شجاعته أثناء المداهمات.. وعندما كنت أبكى عند مشاهدة الجنازات العسكرية، كان «عمرو» يقول لى: إن الشهادة نعمة من عند الله ولا ينالها إلا البعض منا، فقط الذين يختارهم الله ليكونوا بجواره.

«أم مريم»: «تفوق بناتى فى الدراسة أفضل هدية»

«أم مريم» تسكن فى عزبة خير الله، ولديها ابنتان وولد.. لا تعرف الأم المستحيل.

حكايتها لا تختلف عن نساء العزبة اللاتى دفعتهن ظروف الحياة القاسية إلى العمل مثل الرجال فى «فرن عيش» لمساعدة زوجها على نفقات المعيشة، وهى تبذل جهداً كبيراً من أجل توفير ثمن الإيجار وحتى تستكمل ابنتاها تعليمهما الابتدائى والإعدادى.. وتقول: «نفسى يكون ليهم مستقبل عظيم وأشوفهم أحسن منى».. وأدعو الله أن يرزقنى برزقهم.. فالحياة صعبة وابنى يحتاج باستمرار لجلسات العلاج الطبيعى لكنى أحمد الله على كل شىء.. وما دمت واقفة على قدمىّ، سأظل أعمل حتى آخر نفس فى صدرى حتى أستكمل رسالتى وأضمن لابنتىّ حياة كريمة.. ويكفينى أن أراهما متفوقتين فى الدراسة، فهذه أجمل هدية يمكن الحصول عليها فى عيد الأم.

والدة الشهيد محمد أبو شقرة: «أفتقد إلى حضنه فى هذا اليوم»

والدة الشهيد محمد أبو شقرة، الذى دفع حياته قبل 5 سنوات ثمناً من أجل الدفاع عن الوطن، ما زالت تذكر ابنها البطل الذى لقى حتفه وهو فى الثلاثين من عمره، على أيدى الإرهابيين فى العريش.

هذا البطل ضابط الأمن الوطنى كان من أكفأ 10 ضباط مقاتلين فى وزارة الداخلية.. مثله مثل شهداء الوطن الذين يرحلون عنا بأجسادهم لكن

تظل أرواحهم باقية وذكراهم العطرة ستبقى خالدة.

لم يتزوج «محمد» ولكنه تكفل بطفل يتيم، وكان رحيماً بكبار السن والمحتاجين، فقد كان نموذجاً للرجولة والشهامة.. هكذا تحكى عنه والدته التى ما زالت تذكر احتفاله بها فى عيد الأم، حيث كان عند دخوله إلى المنزل يحتضنها ويقبلها على جبينها ثم يصطحبها إلى أفخم المطاعم ويقدم لها الهدية التى اشتراها قائلاً لها: «هذا كله من خيرك يا أمى».

وتضيف والدة الشهيد: «ما زلت أبكى على فراقه فقد كان يملأ حياتى بالبهجة ولكننى أحمد الله لأننى أعلم أنه فى مكان أفضل بكثير.. وإذا كان الله قد حرمنى منه فى الدنيا فهو قادر على أن يجمعنى به فى الآخرة».

نيفين: «ابنتى صاحبة القدرات الخاصة.. بطلة سباحة»

نيفين سعيد، والدة آية بطلة السباحة البارالمبية البالغة من العمر 17 عاماً.

تلك البطلة من ذوى القدرات الخاصة التى ضربت أروع مثال للتحدى.. تحكى والدتها عن مشوارها مع طفلتها التى اكتشفت وهى فى سنها الصغيرة أن لديها إعاقة، لكنها أصرت على الوقوف بجانبها.

وتقول والدة آية: عندما رزقت بطفلتى كنت أستعد لامتحانات «الماستر»، وبالفعل حصلت على شهادة «الماستر»، ثم توقفت من أجل التركيز على تنمية مهارات ابنتى فشجعتها على الاشتراك فى تمارين لمتحدى الإعاقة، وكانت تظل لمدة 9 ساعات فى المياه، ثم بدأت تمارين السباحة شيئاً فشيئاً حتى تمكنت من تحقيق بطولات الجمهورية والحصول على لقب أحسن سباحة، ثم تم اختيارها من قبل المنتخب وحصلت آية على ميداليات كثيرة.

وتؤكد والدة آية أنها تفرغت لرعاية ابنتها، فهى تصاحبها فى كل سفرياتها من أجل مساندتها والوقوف بجانبها.

وتختم حديثها بقولها: «إن الله عندما يأخذ شيئاً من أحد عباده يعطيه شيئاً آخر فى المقابل حتى لا يحزن.. وبالإرادة القوية تمكنت آية من تحقيق حلمها.

جملات: «باشتغل ليل ونهار علشان أجوز بناتى»

جملات عتمان، ربة منزل بسيطة فى الخمسين من عمرها وأم لابنتين.

تبذل الأم المكافحة كل جهدها منذ سنوات طويلة من أجل الإنفاق عليهما ومساندة زوجها الذى يعمل كهربائياً.

فكانت تقوم بإعداد المأكولات والأطعمة الشهية وتبيعها من أجل تعليم ابنتيها ثم تجهيزهما حتى لا ينقصهما شىء.

فكانت تعمل ليلاً ونهاراً، بل حتى فى أوقات مرضها لم تتوقف عن الطبخ وتوصيل المأكولات بنفسها.

وتمر السنوات وتتزوج ابنتاها ويصبح لها أحفاد وهى ما زالت تتحمل جزءاً كبيراً من مسئوليتهم.

فدورها ما زال مستمراً، إذ اعتادت على العطاء وأصبح سمة فى حياتها، وهى تقول: «لا أستطيع أن أرى أحداً من أحفادى يحتاج شيئاً دون أن أقدم أية مساعدة».

وتقوم جملات بعمل «جمعيات» من أجل توفير المال اللازم لشراء احتياجات البيت.. وتقول: «فرحتى فى عيد الأم لا تقدر بثمن عندما يلتف حولى بناتى وأحفادى وساعتها يختفى فى لحظات كل ما أشعر به من تعب، ويكفينى ما أراه من إحساس بالسعادة فى أعينهم وهم يحتفلون بى».