عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأوتوبيس النهري.. «طوق النجاة» للهروب من الزحام المروري

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق: حسام أبوالمكارم / إشراف: نادية صبحي

 

للهروب من الزحام المستمر وقضاء أوقات ممتعة مع الأسرة والاستمتاع بالطبيعة الساحرة فى جو من السعادة، لجأ القليل من المواطنين للاستفادة من نهر النيل فى التنقل بالأوتوبيس النهرى، وأن مزاياها تجعلها «طوق نجاة» للكثيرين، بعيدًا عن المشاكل المرورية، ليس التنقل فقط وإنما فسحة للعشاق والمحبين، وللتخلص من الهموم والمشاكل اليومية.

وساعد على ذلك انخفاض أسعار الرحلات النيلية.. فالرحلة من «ماسبيرو – كوبرى الجامعة» تتكلف 2 جنيه للفرد، ومن «ماسبيرو – القناطر الخيرية» بسعر 15 جنيهاً للفرد، وهى بالتأكيد تناسب الشباب وجميع الأسر والعائلات المصرية، التى طغت على ملامح وجههم الفرحة، سواء من الصبية أو الفتيات، اللاتى جلسن بجوار بعضهن البعض داخل هذه الوسيلة الممتعة.. ولا يمكنك الشعور فيها بالوقت أو بعناء الوسائل التقليدية.

«الوفد» قررت استقلال الأوتوبيس النهرى للوقوف على هذه الوسيلة الجديدة القديمة.

 

البداية كانت مع أحد الركاب للتعرف على رأيه فى أهمية المراكب النيلية كحل للزحام المرورى، واسمه أحمد عبدالمنعم، «موظف»، فى البداية أبدى أحمد إعجابه الشديد بالأوتوبيس النهرى، وطالب المسئولين بضرورة الاهتمام بالوسائل النهرية، إنقاذاً للمال العام، وتوفيرًا للوقت والجهد، باعتبارها رحلة مدعومة، وبعيدًا عن مصادر التلوث والضوضاء المستمرة، وبما يعزز الاقتصاد المصرى.

واستكمل الحديث محمود عبدالله، عامل بإحدى الشركات الخاصة، قائلاً: أضطر فى أغلب الأحيان لركوب الأوتوبيس النهرى، خصوصاً أنه وسيلة ممتعة لا تجعلك تشعر بالملل بداخلها، وموفرة للمال والجهد أيضًا، فى حين أن الوسائل التقليدية تحتاج إلى وقت أطول ومعاناة أكبر يومياً فى إشارات المرور مرات عديدة، مع وجود الزحام الشديد فى أغلب الأماكن الحيوية.

ولفت إلى أن أمامنا خيارين، إما ركوب الأوتوبيس النهرى أو التاكسى النهرى الذى يتميز بسرعته الكبيرة، رغم أن الأخير أسعار رحلاته مرتفعة قليلاً.. مستنكرًا ارتفاع أجرته.. قائلاً: مين هيدفع 40 جنيهاً على محطتين بس.. يا ريت توفير هذه الوسائل بأسعار تناسب الجميع.

وأضاف: بالتأكيد يمكن للأوتوبيس النهرى أن يدر للدولة عوائد مالية، بما يؤدى إلى زيادة الناتج المحلى.. إذا تم تطويره والاهتمام به، وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً نتذكر أن رحلة الأوتوبيس النهرى فى الستينات، كانت تمثل أهم فقرات برامج شركات السياحة لعملائها، واليوم نحن بحاجة إلى اهتمام الدولة بهذه الوسائل الجذابة للترويج سياحيًا عنها فى البلاد المختلفة، خاصة أنه شىء يتباهى به المصريون.

وفى تمام الساعة الثانية ظهراً، وبالقرب من محطة كوبرى الجامعة، اقتربنا داخل الأوتوبيس النهرى وتحدثنا إلى أحد المسئولين عن تلك الوسيلة -رفض ذكر اسمه- قائلاً: الأوتوبيس النهرى يعانى مشكلات عديدة، منها عدم مواكبة الأوتوبيسات التطور العالمى، وهو بحاجة إلى تطوير مستمر.

وتابع: الأوتوبيس النهرى يعمل من السادسة صباحًا حتى السادسة مساء، فيما يكتمل عمل المراكب التى تتجه إلى القناطر فى أوقات متأخرة من الليل، مشيرًا إلى أن الإقبال على ركوب هذه الوسيلة لا يزال محدودًا، مقارنة بفترات الأعياد العامة التى تشهد إقبالاً كثيفاً من المواطنين.

 

مسافرون على صفحة النيل

السير وسط شريان الحياة يعطيك طاقة إيجابية، وقدرة على تحمل أعباء الحياة، ودفعة للعمل، والإبداع، وحفاظًا على الوقت، وتجنبًا للمهازل المرورية.

حياته بسيطة، مثل كل المواطنين وأحلامه لم تتعد المأكل والمشرب، ووجود وسيلة مواصلات مريحة، تساعده على العمل والإنتاج، فهو يدعى جمال عفت، موظف فى القطاع العام، ويقول: الأوتوبيس النهرى يسير من ماسبيرو إلى محطة كوبرى الجامعة، بهدوء، دون أعباء أو معارك يومية أو أزمات مرورية، قادرة على تحطيم عظام المواطنين، خصوصاً الانتظار لساعات فى الإشارات، ما يخلق أزمة فى العمل والتعرض لمشكلات عديدة بسبب التأخير.

وقال: أنا بانزل قبل ميعاد شغلى بساعة.. أعشق المنظر المحيط بمياه النيل أثناء استقلال الأوتوبيس النهرى.. وتمتلكنى السعادة أثناء النظر لرؤية مصر بشكل عام بجانب الابتعاد عن الشوارع ومشكلات المواصلات العادية، ما يجعلنى أرغب فى الحياة داخل أحد المراكب وسط النهر.

وأكد أن الأوتوبيس النهرى آمن، وتكلفته أقل من وسائل المواصلات العادية وأسرع، خاصة فى وقت الزحام، مشيراً إلى وجود رقابة أمنية عليه من جانب شرطة المسطحات بصفة دورية، ما يجعله يفضله فى التنقل والذهاب إلى العمل.

واستكمل: فى الوقت الحالى لا أستطيع استقلال وسائل المواصلات العادية لأنه وسيلة نقل نظيفة وآدمية، مطالبًا بضرورة خفض سعر التاكسى النهرى حتى يتيح الفرصة للجميع للاعتماد عليه فى تنقلاتهم للهروب من تكدس الشوارع.

 

محطات الأوتوبيس

الأوتوبيس النهرى فى القاهرة له 5 محطات أو مراسى، هى: «مرسى كوبرى الجامعة ومحطة الساحل، ومحطة مصر القديمة، وإمبابة، وآخرها وأبعدها محطة القناطر الخيرية»، ويعمل من السادسة صباحاً حتى السادسة مساء فى الغالب لا يتحرك قبل أن يحمل نصف عدد الركاب على الأقل.

 

وسائل الأمان

تمثل طفايات الحريق المتواجدة بداخل الأوتوبيس النهرى وأطواق النجاة المعلقة بشكل دائرى حول جوانب المركب، وسائل أمان لكن عددها أقل بكثير من عدد أفراد الرحلة بجانب عدد قليل من سترات النجاة، وهى وسائل الأمان الوحيدة المتواجدة بالأوتوبيس، ومن المفترض أن يتواجد فنى ومنقذ مع كل رحلة، حتى يتدخل عندما يحدث أى عطل، عادة ما يكون صوت موتور الأوتوبيس عالياً ولكن هذا شىء

لا يزعج الكثير لأن الراكب تعود عليه.

 

خبراء: المرفق يعمل بشكل عشوائى.. ودعمه ضرورى

الدكتور مصطفى صبرى، أستاذ تخطيط النقل وهندسة المرور بجامعة عين شمس، يرى أن استغلال النقل النهرى حل سحرى للتخفيف عن الطرق، والزحام المرورى، ووسيلة آمنة فى نقل البضائع ثقيلة الوزن، التى يصعب نقلها عن طريق وسائل النقل البرية، ولا مانع من استخدامه فى نقل المواطنين بشكل يومى، لكن فوائده ليست بالكثيرة، لأن المواطن عادة ما يلجأ إلى استخدام وسائل النقل التقليدية التى تعوَد عليها منذ نشأته.

وشدد «صبرى» على ضرورة توافر ميزانية كبيرة لإصلاح الصنادل والمعديات المتهالكة وإعادة تأهيل المراسى وزيادة وسائل أمان التشغيل، متمنياً البدء فى استخدامه سريعًا.

ومن ناحية أخرى، طالب بضرورة استكمال مراحل مترو الأنفاق، لأن الجمهور يفضل استخدام المترو مقارنة بأى وسيلة مواصلات أخرى لما يحققه من تقليل الزحام ومواعيده المنتظمة.

ولفت إلى أن النقل النهرى يعمل بصورة عشوائية، خصوصاً أن المراكب التى يمتلكها الأهالى أو الأوتوبيسات المتهالكة الموجودة حالياً غير قادرة على تحمل أعداد كبيرة من المواطنين، أما المشكلة الأخرى، التى تعتبر الأهم والعقبة الكبرى فى تطوير منظومة النقل النهرى هى أن منسوب النيل ليس ثابتاً، كما فى الماضى، وأيضاً انخفاض منسوب النيل فى السدة الشتوية، كل هذه العوامل تعتبر تحديات صعبة يجب أن تؤخذ فى الاعتبار عند تطوير وسائل النقل النهرى.

ويقول الدكتور جمال السعيد، أستاذ الأشغال العامة والموانئ الملاحية الداخلية بكلية الهندسة بشبرا جامعة بنها، أن الأنهار توفر ثلاث فوائد أولها توفير مياه نقية للشرب والزراعة وثانيها نقل الأفراد والبضائع وثالثها توفير الطاقة والاستخدامات الصناعية المختلفة.

وأضاف: لو تم حل المشاكل المتعلقة بالنقل النهرى.. فإنه سيصبح مفيداً جداً للمواطنين وفى نقل البضائع أو السياحة، لأن المسألة تحتاج إلى تنظيم وتحسين لوسائل النقل النهرى، حيث يمكنه المساهمة فى حل مشاكل المرور بالقاهرة، وتابع: «أعتقد أن المشكلة مشكلة إدارة وسائل مواصلات».

ويؤكد: من الممكن استغلال مميزات النقل النهرى وتكامل خدماته، لأنه بالطبع أقل تكلفة من وسائل النقل الأخرى ويمكن استخدامه كوسيلة للجذب السياحى وله أهمية كبيرة فى نقل السلع الثقيلة الوزن، مثل: « الأسمنت والفحم والرمل والمواد البترولية، فتطوير النقل النهرى بأكمله يحتاج إلى استثمارات لبناء وتحسين المراسى والاهتمام بصيانة الأوتوبيسات النهرية ورفع كفاءة العاملين بالقطاع النهرى؛ فهذا مرتبط بإدارة رشيدة وحسن استغلال الموارد من أجل النهوض بهذا الشريان الحيوى الذى لو قمنا بالاهتمام به، فسوف يكون منفذاً لحل أزمات المرور».

وأضاف أن مياه النيل تستخدم فى الشرب والزراعة والصناعة والطاقة منذ سنوات طويلة، ولكن للأسف أنه لم يتم استثمار النهر فى النقل الداخلى والملاحى والسياحى على الوجه الأكمل حتى الآن، رغم امتداد نهر النيل كمحور رئيسى من الجنوب إلى الشمال.

وتابع: استغلال نهر النيل هو أكثر الطرق فاعلية فى التخفيف من الزحام الشديد على على الطرق البرية، التى تعانى من الشلل المرورى، مشددًا على أهمية ربط النقل النهرى مع البر من خلال إنشاء محطات متقاربة بين النقل البرى والنقل النهرى، وهو ما يجذب المواطن للركوب بشكل مستمر.

وطالب أستاذ الأشغال العامة الدولة بضرورة إعادة النظر وتأهيل مجرى نهر النيل لاستخدامه كأحد المحاور الرئيسية فى نقل الأفراد والبضائع، خاصة مع فوائده العديدة، كما يجب مراعاة الحفاظ على المياه من جميع أنواع الملوثات التى قد تنتج عن استخدامات النقل النهرى المختلفة.