رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«عالج نفسك بنفسك».. شعار يقود للهلاك

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق: أمانى زايد - اشراف: نادية صبحى

 

«اسأل مجرب ولا تسأل طبيب».. تلك المقولة الشعبية التى سادت بين كثير من الناس أصبحت شائعة بعد ارتفاع الأسعار، وخاصة فى المناطق الشعبية، حيث وجد فيها البعض وسيلة لمحاربة الغلاء ولتوفير ثمن الكشف، فبمجرد شعور المريض بآلام تشابهت مع أحد أفراد عائلته أو أصدقائه يلجأ بلا تفكير ودون استشارة الطبيب لتشخيص مرضه بنفسه وشراء العلاج من الصيدلية، حتى باتت المسكنات والمضادات الحيوية من أكثر الأدوية التى يقبل المرضى على شرائها وتناولها بصورة عشوائية، دون مراعاة للمخاطر التى قد تنتج عنها، والتى قد تسبب مضاعفات تؤدى للوفاة.

تقديرات منظمة الصحة العالمية أكدت أن ما يزيد على نصف الأدوية يتم وصفها أو صرفها أو بيعها على نحو غير ملائم، وأن نصف المرضى لا يتناولون الأدوية على نحو صحيح. كما يؤدي الإفراط في استخدام الأدوية أو استخدامها غير الكافي أو سوء استخدامها إلى إهدار الموارد القليلة وانتشار المخاطر الصحية على نطاق واسع.

وشددت منظمة الصحة العالمية على ضرورة الالتزام بالمعايير الطبية في ترشيد تناول الدواء عبر إنشاء هيئة وطنية متعددة الاختصاصات للأدوية، وإدراج التدريب القائم على حل مشاكل المعالجة الدوائية في المناهج الجامعية في التعليم الطبي المستمر، مع أهمية استخدام المعلومات المستقلة حول الأدوية بهدف تثقيف الناس.

وتشير الدراسات إلى أن حوالي 50٪ من المرضى لا يلتزمون بتناول الأدوية باستمرار لأسباب عديدة، حتى إن هذه المشكلة أصبحت عالمية، ومن ناحية أخرى، كشفت دراسة حديثة عن أن هناك علاقة بين تناول جرعات عالية من مسكنات الألم من مضادات الالتهاب والإصابة بالنوبات القلبية.

واعتمدت الدراسة على نتائج أبحاث سابقة ربطت بين هذه العقاقير والإصابة بالأمراض القلبية, وتوصلت إلى أن مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بين أولئك الذين يتناولون هذه العقاقير تكون أعلى خلال 30 يوماً من بدء استخدامها.

وركزت على الأشخاص الذين تم إعطاؤهم وصفات طبية لتناول مسكنات الألم من مضادات الالتهاب. كما أن تناول جرعات مكثفة من الأدوية المسكنة، التي تحتوي على مادة الباراسيتامول يؤثر على الكبد، بشكل أخطر من السرطان.

وأوضحت الدراسة أن تلك الأدوية قد تكون سبباً رئيسياً في ارتفاع حالات تليف الكبد الحاد في العالم، خاصة لأولئك الأشخاص، الذين أصبحوا مدمنين على تعاطي المسكنات. كما أثبتت الدراسات الألمانية أن الأدوية العشوائية تقتل الجراثيم المفيدة للجسم وتترك الجراثيم الضارة، وأن التناول العشوائي للمسكنات يؤدي إلي الإصابة بالتهاب أسفل المريء وجدار المعدة، وقد يتطور الأمر إلي الإصابة بقرحة المعدة والاثنا عشر‏،‏ وكذلك التهابات الكلي والكبد‏.

وأكدت تقارير منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يزيد على 10 ملايين حالة وفاه سنوياً فى العالم, تأتى نتيجة لتناول المضادات الحيوية بطريقة غير ملائمة، وأنه وفي حالة تناول المريض مضاداً حيوياً غير مناسب للبكتيريا التي أصيب بها؛ فإنه مع مرور الوقت تتكون مناعة مقاومة من طرف البكتيريا لهذه المضادات الحيوية يصعب علاجها، ففي ألمانيا تخضع الصيدليات لشروط مشددة جداً ولا يستطيع الصيدلي أن يصرف الأدوية إلا من خلال روشتة من الطبيب، وإلا فإنه يتعرض للمساءلة القانونية.

وتشير الأرقام إلى أن إجمالى عدد شركات الأدوية التى تعمل فى مصر نحو 52 شركة، منها 8 شركات بالقطاع العام والأعمال العام، و44 شركة بالقطاع الخاص، بالإضافة إلى 1260 شركة أدوية محلية صغيرة.

 وأكدت دراسات حديثة أن مصر بها نحو ٧٪ من حجم الأدوية المغشوشة فى العالم، وأن نحو ٢٠٪ من العقاقير المتداولة فى مصر غير صالحة للاستخدام، ما يشكل خطراً كبيراً على صحة المواطنين.

الأطباء حذروا من التناول العشوائى للأدوية وطالبوا المرضى بضرورة استشارة الطبيب قبل تناول أي عقاقير، حفاظاً على حياتهم.

من جانبه يرى الدكتور جمال عصمت استشارى أمراض الكبد، ونائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق, ومستشار منظمة الصحة للفيروسات الكبدية, أن استخدام الأدوية بصورة عشوائية أمر فى غاية الخطورة وقد يؤدى إلى الوفاة، وخاصة المضادات الحيوية والأدوية المضادة للروماتيزم، وأدوية الهرمونات

التى تستخدم فى صالات الجيم، فإذا لم يتم تناولها وفقاً لإشراف الطبيب المعالج فإنها تكون ضارة بالجسم، ويقول: بعد انحسار الأسباب المؤدية للإصابة بفيروس سى، أصبحنا نرى مؤخراً العديد من المشاكل الناتجة عن سوء استخدام الأدوية، فضلاً عن التناول الخاطئ للأدوية مع بعضها، مما يؤدى لحدوث تفاعل يضر بصحة، وفى بعض الأحيان قد يقوم المريض بقطع علاجه بمجرد شعوره بالتحسن، وهذا كثير الحدوث مع المضادات الحيوية، مما يساعد على اكتساب البكتيريا مناعة مقاومة للفيروس.

ويستكمل قائلاً: فى البلدان المتقدمة لا يتم صرف المضادات الحيوية إلا من خلال روشتة طبية، وهذا مع الأسف لا يحدث فى مصر, لذا فإننا نحذر من تناول الأدوية بطرق عشوائية وخاصة مرضى الكبد الذين يكونون أكثر عرضة لمشاكل صحية، لأن الكبد هو المكان الذى يمر عليه جميع الأدوية, وإذا كان يعانى من مشكلة, فإن تركيزات الأدوية هنا تؤدى لحدوث تسمم، ويصل إلى الوفاة فى أغلب الأحيان، أما بالنسبة للمريض العادى فقد يصبح عرضة للإصابة بالتهاب الكبد والصفراء والوفاة.

وينصح الدكتور جمال المواطنين بعدم شراء الأدوية من الصيدليات دون استشارة الطبيب لأن هذا الأمر أصبح فى غاية الخطورة، ويسبب العديد من الأمراض.

أما الدكتور عصام القاضى عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، فيرى أننا نعانى من مشكلة كبيرة ونحتاج إلى تثقيف المواطنين بالخطورة الداهمة لثقافة «اسأل مجرب»، فعند تناول أدوية خاطئة دون استشارة الطبيب، تكتسب الفيروسات قوة وتقاوم الميكروب ولا تتعامل معه وتقتله, فالطبيب وحده هو الذى يمكنه تشخيص نوع الميكروب وما يلزمه مع علاج مقاوم له وعدد الجرعات التى يمكن للمريض تناولها، ويقول: أصبح من الشائع مؤخراً وخاصة بعد الحالة الاقتصادية السيئة التى عانت منها البلاد، أن يلجأ المريض للصيدلية لشراء علاج للإنفلونزا أو مخفضات الحرارة أو المسكنات, بعد تشخيص مرضه بنفسه، وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثير من الناس، فتناول دواء غير ملائم يؤثر سلباً على الكبد والكلى، ويؤدى للهلاك.

ويستكمل قائلاً: مع الأسف لسنا قادرين الآن على إصدار التشريعات التى تمنع صرف الأدوية من الصيدليات دون روشتة طبية، وذلك نتيجة لمعاناة المواطنين من غلاء الأسعار، وعدم قدرة أغلب الناس على دفع ثمن تذكرة الطبيب، لذا تكون الصيدلية هى الحل الوحيد أمامهم.

وينصح الدكتور «عصام» المرضى غير القادرين بعدم تناول الأدوية دون استشارة الطبيب واللجوء لطبيب الوحدة لتوقيع الكشف الطبى، ويأمل أن يصحح قانون التأمين الصحى الجديد تلك المفاهيم الخاطئة، وأن يصحح الكثير من الأوضاع السيئة التى نعانى منها الآن، وأن يتمكن كل مريض من الحصول على حقه فى العلاج الملائم.