عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة 1919 رسخت مفهوم الوحدة الوطنية والديمقراطية وتكافؤ الفرص

جانب من المشاركين
جانب من المشاركين فى الندوة التثقيفية احتفالاً بثورة 1919

نظمت دار «ابن رشد» للنشر، بمقر مكتبة مصر الجديدة، أمس، ندوة تثقيفية ضمن برنامج يمتد على مدار العام احتفالا بمرور 100 عام على ثورة

1919، وخصصت الدار حلقة كل شهر للحديث عن مكتسبات وأحداث وإرهاصات ثورة 1919 والجوانب المضيئة فيها كمشاركة المرأة والأقباط وترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية ومفهومى المواطنة والديمقراطية وحرية الرأى والتعبير وتكافؤ الفرص.

شارك فى الندوة المهندس حسين منصور نائب رئيس حزب الوفد والدكتور محمد عفيفى رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة والكاتبة والروائية ضحى عاصى والباحثة الفلسطينية بيسان عدوان مديرة دار ابن رشد والكاتب الصحفى أكرم الألفى ولفيف من الحضور.

وقال المهندس حسين منصور نائب رئيس حزب الوفد، إن ثورة 1919، كانت واحدة من أهم الثورات الكبرى فى تاريخ العالم باعتبارها الثورة التى أسست لمعنى الدولة المصرية، متابعا: إذا كان محمد على مؤسس الدولة الحديثة فإن سعد زغلول وثورة 1919 هما مؤسسا فكرة الدولة المصرية.

وأضاف «منصور» خلال كلمته بالندوة «أن الشعب المصرى عندما خرج فى أعقاب هزيمة أحمد عرابى أمام الاحتلال البريطانى كان لقرار العصيان الصادر من الخليفة العثمانى أثر على هزيمة الثورة العرابية، فى وقت كانت فكرة الارتباط بالخلافة العثمانية ما زالت فى أذهان الشعب، رغم أن مصر كانت قد بدأت تأخذ طريقها نحو إقامة دولة وإقامة جيش وطنى»، مضيفا ثم جاءت بعد ذلك فترة الاحتلال البريطانى وكانت فترة مظلمة ساد مصر خلالها ظلام كامل أثر على جذور التعليم ومنع إقامة الصناعات وحول مصر إلى مزرعة قطن كبيرة لصالح المصانع البريطانية، بالإضافة إلى تفشى الأمراض وإصابة الفلاحين بأمراض مزمنة نتيجة احتجاز المياه ضمن خطط زراعة القطن.

وتابع: ثم دخلت مصر بعد ذلك عصر التنوير والمعرفة نتيجة عدة عوامل أبرزها هجرة الشوام الذين أسسوا صحف الأهرام والهلال وتأثير دعوة الشيخ الأفغانى ونهضة محمد على باشا بالإضافة إلى الترجمات والكتابات التى كانت قائمة، ثم تزامن كل ذلك مع ظهور حزب الأمة الذى دعا إلى وحدة المصريين وصياغة دستور، ثم محاولات مصطفى كامل لصياغة نوع من المقاومة ضد المحتل البريطانى، وفشلت جميعها نتيجة فشل تحالفه مع فرنسا والخديو عباس واضطراب الأوضاع فى ظل مقتل بطرس غالى، مضيفاً كل هذه الأحداث صاحبت فكرة اعتماد المصريين على أنفسهم فى تأسيس دولتهم.

وأشار نائب رئيس حزب الوفد، إلى أن سعد باشا زغلول كان من أبرز الزعماء المصريين الذين استطاعوا أن يعبروا عن هذه الفكرة بمصريته الخالصة وتميز بكونه ابن الريف المصرى وفلاحاً تلقى تعليمه فى الأزهر الشريف وعاش مناخ ثورة أحمد عرابى وتتلمذ على يد الشيخ محمد عبده واقترب من الأفغانى، وكل ذلك كان له أثر عليه وثقافته ورؤيته خاصة أنه تعرض للضرر إبان ثورة عرابى واتهم بتشكيل جماعة سرية، واحتجز ثم أفرج عنه وعمل بمهنة المحاماة ثم استطاع الحصول على ليسانس حقوق من فرنسا، ثم تعلم اللغة الفرنسية وتزوج ابنة مصطفى فهمى، مضيفاً كل ذلك كان له الأثر فى تكوين سعد زغلول وتفاعله مع قضايا العصر، حيث كان يمتلك ثقافة إسلامية مصرية ثم ثقافة غربية نتيجة اختلاطه بالغرب واعتداد وخبرة بالعمل السياسى والحركة الثورية عبر احتكاكه بالثورة العرابية بخلاف غيره من الرموز الذين تأثروا بالثقافة الغربية مثل مصطفى كامل.

وأضاف أن سعد زغلول هيأه القدر والظروف لفكرة خروج الدولة المصرية وساعدته أحداث كثيرة مثل حادثة دنشواى، حيث عمل وزيراً للمعارف وواجه بقوة المستشار البريطانى واستطاع إعادة فتح المدارس وتعميم تعليم اللغة العربية، ثم إنشاء مدرسة القضاء الشرعى وأخذ خطوات حاسمة فى تطوير التعليم، وبعد ذلك شغل منصب وزير الحقانية ونجح فى استصدار قانون نقابة المحامين وارتفع بمهنة المحاماة وكان أول محام يتم اختياره قاضيا، واشترك فى تأسيس جامعة القاهرة، وبعد خروجه من الوزارة قرر أن يخوض التحول الحادث فى ذلك الوقت مع الشعب فدخل الانتخابات، ومن ثم كانت كل ذلك الأحداث وغيرها الكثير إرهاصات أولية وبداية فى تأسيس الدولة المصرية.

وتابع نائب رئيس حزب الوفد: بعد إعلان مبادئ ويلسون الأربعة عشر لتقرير مصير السلام فى العالم، قررت الكثير من الدول تقرير مصيرها وسعت نحو الاستقلال وكانت مصر من أولى تلك الدول وسعى سعد زغلول إلى ذلك رغم محاولات إخفاء قيمته ليس داخل مصر فقط بل على المستوى الدولى بضغوط من بريطانيا الذى استطاع أن يهز عرشها، وكانت فى ذلك الوقت الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس، مشيراً إلى أن سعد زغلول قاد أعظم ثورة فتحت الباب أمام الآخرين وكان نموذجاً لأيرلندا وغاندى فى مطالبتهما بالاستقلال، كما كان سعد زغلول أول صوت يرتفع عندما قرر مقابلة السير ونجت، ومن ثم انطلقت عملية جمع التوكيلات.

وأشار إلى أن سعد زغلول كان يؤمن بالرأى والرأى الآخر وسمح لطالب بتعديل صياغة التوكيل بحذف اسم بريطانيا، وكانت هناك إرادة لدى المصريين لينتزعوا حقوقهم وتم تشكيل لجان أولية لجمع التوكيلات فى المحافظات والقرى إلى آخر هذه الأحداث المعروفة التى كانت لبنة أولى فى تاريخ ثورة 1919، إلى أن نفى سعد زغلول ورفاقه واندلعت أحداث الثورة بداية من 10 مارس، مضيفاً عندما انفجرت الثورة تحركت جموع الشعب فى الريف والحضر وكبار الملاك من باشوات والمضاربين فى البورصة والبنوك وكل الشرائح المصرية شاركت فى ثورة 1919 والجميع كان يسعى إلى فكرة الاستقلال الوطنى.

وأكد «منصور»، أن سعد زغلول كان قيمة واستطاع ان يدفع بالثورة إلى الأمام، فظلت من 17 عاماً من 1919 إلى 1936 وهى تشتعل وتندلع وتدخل فى جمود، كما وقعت خلال أحداث الثورة الكثير من المذابح، ومن أهم عوامل نجاح ثورة 1919 وجود زعامة وهو سعد زغلول ومن معه وعدم وجود اختلاف أو تنازع كما لم يكن هناك إخوان مسلمون على عكس ما حدث فى ثورة يناير 2011، هذه الظروف أتاحت لظهور أول ثورة مدنية بالكامل لا يقف فى خلفيتها لا قوة ولا شىء يساندها سوى الحق وهذا أمر بالغ الدلالة والقوة على عظمة تلك الثورة.

كما أن ثورة 1919 أثبتت من خلال تلك الأحداث التى مرت بها حدوث تنظيم لتحركات الشارع لاسيما على مستوى الطلبة والعمال والفلاحين، وكان هناك شغل وتناسق بين الجميع، وتشكلت حالة من الوعى العام لدى جميع المصريين وتكون ظهير شعبى وقف خلف سعد زغلول، كل ذلك كان عوامل أدت إلى نجاح ثورة 1919، مضيفاً أن قيمة ثورة 1919 يجب أن نتوقف أمامها كثيرا فى كيفية قيادة الناس بالإضافة إلى جوانب الوحدة الوطنية ومشاركة المرأة لأول مرة.

وقال الدكتور محمد عفيفى رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة، إن البرنامج الذى وضع من قبل دار «ابن رشد» للاحتفال بثورة 1919 على مدار العام شىء جيد، وثورة 1919 تستحق لأن تاريخ الأمم لم نشاهد كثيراً من الثورات التى مر عليها هذا الوقت باستثناء فرنسا وروسيا وهذا شىء نادر أن تحتفل الشعوب بمئوية الثورة الأم، مضيفاً بهذه المناسبة يجب على مصر كلها أن تحتفل بهذه الثورة الأم، وليس مصر فقط بل إن ثورة 1919 تركت أثراً لها فى العالم العربى، فوقعت ثورة 1920 فى العراق ثم انتفاضات فلسطين، ثم ثورة السودان 1924 وثورة سوريا 1925 ضد الانتداب الفرنسى.

وأضاف «عفيفى»، أن نجاح ثورة 1919 وتصديها للاستعمار كان له انعكاس إيجابى وأثر شجع الشعوب العربية على الانتفاض، مضيفاً كان يجب أن تنظم احتفالات فى السفارات المصرية فى الخارج بمناسبة مرور 100 عام على ثورة

1919وخاصة فى لندن وباريس، وإذا تحدثنا عن دور الوفد المصرى فى باريس وفى الخارج هناك الكثير من الحكايات والقصص وثورة 1919 تستحق الكثير، متسائلاً ما الذى دفع اليهود للاحتفال قبل مصر بثورة 1919 وإبراز دور اليهود فيها إنما هو لعظمة تلك الثورة ودورها الكبير وانعكاساتها فى العالم.

وأشار رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة إلى أن الدولة المصرية الحالية قائمة على شرعية ثورة 1919 ولولا وجود هذه الثورة لاستمرت مصر تحت الحماية البريطانية، والدليل أن إمارات الخليج العربى ظلت حتى عام 1977 محمية ضمن محميات بريطانيا العظمى، ومصر كانت كذلك لولا ثورة 1919، وسعد زغلول ورفاقه عندما ذهبوا إلى المندوب السامى، قال لهم ليس هذا وقت إلغاء الحماية أو جلاء القوات البريطانية 1914، حتى تقطع صلتها بالدولة العثمانية، ثم إعلان المملكة المصرية عام 1922 وهذه شهادة ميلاد لتأسيس دولة مصرية لها شرعية.

وأكد «عفيفى» أن هناك تقصيراً تاريخياً فى تناول الدور الأدبى والسينمائى لأحداث ثورة 1919 وإبراز ما جاء فيها من مشاركة المرأة والأقباط والفلاحين حتى الطبقات الغنية، كما أن هناك حالة من اللاوعى والتغييب التاريخى عن الشباب لأحداث ثورة 1919 وهذا التغييب لم يحدث فى دول العالم التى تهتم بتناول تاريخها من جوانب كثيرة كالسينما والمسرح والأدب، متابعاً هناك جوانب كثيرة لم تعالج فى ثورة 1919 داخل مصر وتمت معالجتها فى الخارج وخاصة فى اليونان وإيطاليا.

وقالت الباحثة الفلسطينية بيسان عدوان، مديرة دار «ابن رشد» للنشر، إن أهم ما تميزت به ثورة 1919 هو تدشين مفهومى الديمقراطية والمواطنة والتأكيد على حقوق المواطنين، وأن الجميع متساوون فى الحقوق والواجبات والحريات وتكافؤ الفرص وحرية الرأى والتعبير، مضيفة أن صالون ابن رشد سوف ينظم على مدار هذا العام ندوات شهرية للتعريف بثورة 1919 وماذا حققت وكيفية مشاركة المرأة والأقباط، والإرادة التى تكونت من قبل المصريين لتأسيس دولة حديثة وما نتج عنها من مفاهيم ديمقراطية وحقوق شملت كل طبقات الشعب المصرى،

وأضافت أن عملية جمع التوكيلات من قبل المصريين كانت حدثاً كبير وعظيماً ويستحق أن يكتب فيه كتب ومجلدات، فضلاً عن مشاركة كل فئات المجتمع ومشاركة النساء لأول مرة بهذا الزخم الكبير بجانب مشاركة الأقباط، ورفع وقتها شعار الهلال مع الصليب، وكانت صورة نمطية تعبر عن الوحدة والتكاتف بين المصريين حتى إن كان للأقباط مشاركات سابقة فى بناء الدولة الحديثة فى عهد محمد على باشا.

وأكدت الكاتبة والروائية ضحى عاصى، أن الروايات والكتابات الأدبية التى كتبت عن ثورة 1919 كانت قليلة جداً رغم أن كتاباً كثراً فى العالم الغربى كتبوا عن هذه الثورة وتناولها روائيون فى الأدب الأيرلندى ونظموا عنها قصائد فى الشعر، متسائلة لماذا لم تأخذ ثورة 1919 حقها فى تاريخ الأدب المصرى ولماذا لم تكن مثيرة للكتاب وملهمة للروائيين وهل كان لثورة 1952 تأثير عليها، وهل نجحت فى تشويهها والقضاء عليها؟

وأضافت «عاصى»، خلال كلمتها فى الندوة الثقافية التى نظمتها دار «ابن رشد»، بمناسبة مرور مائة عام على ثورة 1919، لم نعلم سبب عزوف كتاب الرواية الأدبية عن ثورة 1919 فى مصر ولماذا لم تأخذ حقها فى الأدب رغم أنها كانت ثورة كبيرة شهدت أحداثاً عظيمة وأحداثاً كثيرة ومتنوعة، متابعة: لم تتم تغطية ثورة 1919 بالشكل اللائق أدبياً رغم مرور 100 عام.

وقال أكرم الألفى الصحفى والباحث فى النظم السياسية: إن أعوام ما قبل 1919 شهدت انقساماً طائفياً بين المسلمين والأقباط فى مصر وفى ذلك التوقيت كان تعداد السكان نحو 12 مليوناً ونصف المليون نسمة منها 2 مليون قبطى ووقتها قال القمص سرجيوس سرجيوس وهو خطيب ثورة 1919 وكان فصيح اللسان وهو أول رجل دين مسيحى يقف فوق منبر الأزهر الشريف «لو أن مليون قبطى مات وظل المليون الآخر فمن أجل مصر».

وأضاف خلال مشاركته فى الندوة التثقيفية التى أعدتها دار «ابن رشد» للنشر، بمناسبة مرور 100 عام على ثورة

1919، هل كانت ثورة 1919 تعبيراً عن وحدة المصريين أو وحدة متراكمة أو لحظة استثناء، بينما حدثت مئات الوقائع التى كانت تقول إن هذا المجتمع مقسوم طائفياً، حتى إن اللورد «كرومر» قال إن الأقباط ليسوا متخلفين عن المسلمين لما شهد من دفاعهم عن مصر مروراً بحادثة اغتيال بطرس غالى، ورفع الجزية عن الأقباط من قبل الخديو إسماعيل، ثم السماح لهم بتولى مناصب إدارية فى الدولة والـتأكيد على حقوق الأقباط، كل ذلك كان من أهم ما تميزت به ثورة 1919 وعبقرية الزعيم سعد زغلول الذى قال إن «الأقباط لهم مالنا وعليهم ما علينا»

وتابع: أن عبقرية الزعيم سعد زغلول وما نسميه الحراك الاجتماعى يتضحان فى تأكيد فكرة التخلص من الاحتلال من قبل الفلاحين وكل شرائح المجتمع، وجميعها كانت مبادرات نظمها عدد من قيادات الأقباط بالانضمام إلى الزعيم سعد زغلول ثم السماح لهم بتولى زمام المبادرة فى 1919 والتى نتج عنها شعار الوحدة «يحيا الهلال مع الصليب».