رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المستشار بهاءالدين أبوشقة في حوار لـ«الوفد»: الطبقات الكادحة.. خط أحمر

المستشار بهاءالدين
المستشار بهاءالدين أبوشقة رئيس حزب الوفد

 

حوار: سامية فاروق

الوفديون يتمتعون بحس سياسى عالٍ ينتصر للوطن والمواطن

الديمقراطية الحقيقية تتحقق بالرأى والرأى الآخر

تحقيق الديمقراطية والدولة العصرية يتطلب تفعيلاً حقيقياً للمادة الخامسة من الدستور

الإصلاح الاقتصادى دواء مر لا يعنى التخلى عن حماية الفقراء

المشاركة فى الأعباء واجب وطنى فى ظل نقص الموارد وعجز الموازنة

لابد من منظومة جديدة للدعم فى إطار سياسة التغيير المأمولة

لابد من نشر ثقافة الشفافية والنزاهة والوضوح فى مكافحة الفساد

الوفد حريص على سيادة مبدأ تحقيق العدالة بين المصريين

البلاد فى حاجة إلى عقول مستنيرة تتعامل مع الأزمات برؤية جديدة

يجب وضع تشريعات جديدة لتحقيق الانضباط فى الأسواق ومنع جشع التجار

نشر الوعى بين الناس سلاح قوى ضد الأخطار التى يتعرض لها الوطن

على المحافظين مكافحة كل الظواهر السلبية التى يتعرض لها المواطن

 

 

الحديث مع المستشار بهاءالدين أبوشقة، رئيس حزب الوفد، له طابع خاص، فهو رجل القانون الذى مارس المهنة قاضيًا ومحاميًا بارعًا، ويقود رئاسة اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، التى تقوم حاليًا بثورة تشريعية رائدة، وخاضت، ولا تزال، نسف منظومة التشريعات البالية، التى لم يجرؤ أى برلمان سابق على الاقتراب منها..

«أبوشقة» مؤخرًا تولى رئاسة الوفد، أكبر وأقدم حزب سياسى فى العالم، والذى يمتد لتاريخ طويل من الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والوقوف إلى جوار الطبقات الكادحة، والانتصار لحق المواطن فى الحياة الكريمة.. هذه هى سياسة حزب الوفد العريق الذى اقترب من مئوية تأسيسه. وكعادة حزب الوفد ورئيسه «أبوشقة» فى الوقوف إلى جوار الدولة الوطنية المصرية وحقوق المواطنين فى الحياة الكريمة والحفاظ على حقوق الدولة والمواطن، لم يدع «أبوشقة» الفرصة تمر دون أن يدلى بدلوه فيما يتعلق بقرارات الإصلاح الاقتصادى، إلى جانب الوقوف إلى جوار الطبقات المصرية الكادحة والفقيرة، ولذلك فتح «أبوشقة» قلبه فى هذا الحوار، وتحدث عن نظرية المشاركة فى الأعباء، خاصة أنه تناولها خلال الأعوام الثلاثة الماضية فى مقالات كثيرة من خلال مقاله اليومى المنشور فى جريدة «الوفد» بعنوان «كلمة عدل». لم يغفل «أبوشقة» فى حديثه رؤية حزب الوفد فى الوقوف إلى جوار الطبقات الكادحة من خلال نظرية الحماية الاجتماعية، وأهمية تفعيلها وتطبيقها فى ظل إجراء أى إصلاح اقتصادى.

وإلى نص الحوار:

ـ فى البداية.. تحدثتم عقب فوزكم برئاسة حزب الوفد عن مستقبل الديمقراطية فى مصر، فما هى رؤية حزب الوفد فى هذا الشأن؟!

< الاتجاه="" العام="" الذى="" يؤسس="" له="" المصريون="" بعد="" ثورة="" 30="" يونيه="" هو="" تأسيس="" دولة="" عصرية="" ديمقراطية="" تكون="" فيها="" السيادة="" للقانون،="" والديمقراطية="" لا="" تتحقق="" إلا="" بالرأى="" والرأى="" الآخر،="" وهذا="" يتطلب="" وجود="" 3="" أحزاب="" قوية="" -على="" الأقل-="" يمكن="" من="" خلالها="" تحقيق="" الديمقراطية="" والدولة="" العصرية.="" كما="" أن="" المادة="" الخامسة="" من="" الدستور="" تنص="" على="" أن="" النظام="" السياسى="" للدولة="" المصرية="" يقوم="" على="" التعددية="" الحزبية="" والتداول="" السلمى="" للسلطة..="" و«لتفعيل="" هذا="" النص="" لا="" ينبغى="" أن="" نكون="" أمام="" أحزاب="" مشرذمة،="" بل="" يجب="" أن="" تكون="" أحزاب="" مصر="" قوية،="" ويكون="" لكل="" منها="" برامج="" وسياسات="" واضحة،="" أما="" الأحزاب="" التى="" تكتفى="" بمقر="" فى="" شقة="" عليها="" لافتة،="" تقول="" هنا="" الحزب="" الفلانى،="" فهذا="" تهريج="">

ولا بد من تفعيل المادة الخامسة من الدستور، وتفعيل المادة يحتم على الأحزاب المصرية أن تتجمع فى تكتلات لها برامج محددة، لتكون قادرة على المنافسة بقوة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وفى الانتخابات الرئاسية 2022. ومن الضرورى إفساح المجال لتقوية الأحزاب المصرية، من خلال تشريعات تجعل 75% من مقاعد المجالس النيابية والمحلية للقوائم الحزبية النسبية، و25% للفردى، فإذا لم يحقق حزب سياسى الأغلبية البرلمانية، فيكون للحزب الحاصل على أكثرية الأصوات الدخول فى ائتلاف مع حزب أو أكثر لتشكيل الحكومة.

وفى تقديرى أن السياسة العامة للدولة حالياً، وأن ما يسعى إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، هو ترسيخ الديمقراطية، وترسيخ سيادة القانون، كما أن التشريعات التى يصدرها البرلمان تسير فى ذات الاتجاه، وفى مقدمة تلك التشريعات قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، التى تكفل نزاهة وحيادية جميع الانتخابات فى مصر، وأيضاً جميع القوانين التى تتعلق بتفعيل الضمانات الدستورية الخاصة بالحريات، وقانون الاستثمار، وغيرها من القوانين التى تكفل تحقيق الاستقرار سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.

وحزب الوفد بتاريخه العريق، الذى يضعه مع حزب المؤتمر فى الهند على قمة أقدم الأحزاب فى العالم، قادر على أن يكون أحد الأحزاب الرئيسية ذات التأثير الكبير على الساحة السياسية.. و«حزب الوفد مؤهل لكى يكون أحد الأحزاب الرئيسية فى مصر، لتاريخه العريق، ولأنه يزخر بخبرات سياسية عديدة، ولأنه يمتلك لجانًا حزبية منتشرة فى كل ربوع مصر، ولأن له لائحة حاسمة تحدد اختصاصات كل مؤسسات الحزب، وهو الأمر الذى تفتقر إليه أغلب الأحزاب والتكتلات السياسية فى مصر».

الوفد له مكانة كبيرة فى نفوس المصريين منذ نشأته قبل 100 عام، وعلى مدى قرن من الزمان خاض الوفديون نضالاً كبيراً من أجل الحرية والاستقلال الوطنى، وقدم الوفد لمصر قوائم طويلة من المناضلين أصحاب الخبرات السياسية المتميزة، بدءًا من الزعيم سعد زعلول -مؤسس حزب الوفد- مروراً بالزعماء مصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين، بالإضافة إلى ممتاز نصار وعلوى حافظ وعلى سلامة.. وغيرهم العشرات والعشرات.

ولا يمكن تحقيق الديمقراطية بدون حزب الوفد، لما يتمتع به من تاريخ طويل فى الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان والانتصار لحقوق المواطن والوقوف إلى جوار الطبقات الكادحة.

ـ هناك شكوى مريرة من قيام الحكومة مؤخرًا بزيادة أسعار الوقود.. وما تعليقكم على هذا الإجراء؟!

< الإصلاح="" الاقتصادى="" دواء="" مر="" لا="" بد="" منه،="" ولكن="" لا="" يعنى="" ذلك="" أبدًا="" التخلى="" عن="" حماية="" الطبقات="" الكادحة="" التى="" تعانى،="" وهذا="" يتطلب="" حماية="" اجتماعية="" واسعة="" تتكاتف="" فيها="" كل="" الجهات="" المعنية="" وحزب="" الوفد="" منذ="" تأسيسه="" حتى="" الآن="" يقف="" إلى="" جوار="" المواطن="" والانتصار="" لحقوقه="" فى="" الحياة="" الكريمة="" التى="" يسعى="" إليها="" من="" زمن="">

ـ ماذا يعنى الوقوف إلى جوار الطبقات الكادحة؟

< أقصد="" هنا="" عدم="" التخلى="" عن="" حقوق="" المواطن="" فى="" الحياة="" الكريمة،="" وهذا="" يقتضى="" تفعيل="" نظرية="" المشاركة="" فى="" الأعباء،="" فتحمل="" المسئولية="" قضية="" مهمة="" لا="" بد="" أن="" تشغل="" بال="" المجتمع="" بشكل="" كبير،="" فليس="" من="" المنطق="" أو="" العقل="" أن="" تتحمل="" الدولة="" كل="" شىء،="" وليس="" من="" المقبول="" أن="" تكون="" الحكومة="" هى="" المسئولة="" وحدها،="" والدولة="" التى="" تتحمل="" كل="" الأمور="" بمفردها="" تخلق="" نظامًا="" استبداديًا،="" يعتمد="" على="" منح="" كل="" شىء="" للناس،="" وهذا="" يتناقض="" مع="" فكرة="" الدولة="" الجديدة="" القائمة="" على="" الحرية="">

وعدم المشاركة فى تحمل المسئولية، وترك الحكومة وحدها، قضية لا يجوز أبدًا أن تكون بعد ثورتين عظيمتين فى 25 «يناير» و30 «يونيه»، ولا يخفى على أحد عملية نقص الموارد البشعة فى الموازنة العامة للدولة، خاصة بعد ضرب كثير من هذه الموارد مثل السياحة وخلافها. وهنا يتعاظم دور المشاركة فى تحمل المسئولية،

وإذا كنا فعلًا نريد تحقيق العدالة الاجتماعية وعيش المواطن بكرامة، فلا بد أن تشارك الجماهير الحكومة فى تحمل المسئولية، لا أن نترك الأمر بمفرده للحكومة ونطالبها بتحقيق كل شىء للمواطنين، فى حين أن الموازنة العامة للدولة يلتهمها الدعم وخدمة الديون وأجور الموظفين، وهنا تأتى أهمية المشاركة فى تحمل المسئولية، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، وتقديم الخدمة الجيدة لمحدودى الدخل، وأهل العوز الذين يواجهون الأمرين فى مواجهة ظروف الحياة القاسية.

ماذا يضير رجلاً غنيًا يدفع آلاف الجنيهات فى شراء سلعة ما حين يتم خصم مائة أو مائتى جنيه منه، لتدخل فى خزينة الدولة، ويتم ردها للفقراء فى صورة خدمة جيدة أو دعم بأى شكل من أشكاله.

لا أعتقد أن هذا يمكن أن يؤثر على القادر، لكنه فى الوقت نفسه يفيد الفقير الذى لا يجد قوته إلا بشق الأنفس. وهذا ما طالبنا به من قبل فى تحديد رسم أو دمغة يتم تحصيلها من المنبع لنضمن وصولها إلى الدولة، ولا أعتقد أبدًا أن قادرًا من الممكن أن يرفض أن يشارك بهذا الشكل فى تحمل المسئولية.

لا بد من تغيير ثقافة المجتمع تمامًا، وأن يكون هناك فكر جديد يتمشى مع مصر الجديدة التى نسعى إلى تحقيقها من خلال بناء مؤسسات الدولة وتغيير ثقافة المجتمع الذى عاش عقودًا طويلة من الزمن، ولا بد أن تكون متوافقة مع الوضع الراهن الذى يؤسس لمصر العصرية الحديثة القائمة على سيادة القانون وتسعى إلى تحقيق آمال وطموحات المصريين.

ـ هل تقصد مراعاة الفقراء فى الدعم؟

< الدعم="" لا="" بد="" من="" تنظيمه="" حتى="" يصل="" إلى="" مستحقيه="" الفعليين="" الذين="" يعانون="" من="" الفقر="" والعوز،="" لا="" أن="" يهدر="" على="" أصحاب="" الدخول="" العالية="" الذين="" لا="" يحتاجونه..="" والنصوص="" التشريعية="" لا="" بد="" أن="" تراعى="" هؤلاء="" الفقراء="" المعدمين="" الذين="" يستحقون="" كل="" الاهتمام="" والرعاية،="" ولا="" بد="" أن="" يصل="" إليهم="" ما="" تقرر="" من="" دعم="" وألا="" يضيع="" هباء="" منثورًا="" على="" غير="" مستحقيه،="" ولهذا="" الأمر="" نصوص="" تشريعية="" تنظم="" عملية="" الدعم="" وعلى="" من="">

لو ضربنا مثلًا بدعم البنزين، فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن يصرف لأصحاب السيارات الفارهة، وطالما أن صاحب السيارة الفارهة يقدر على شرائها، فإنه قادر بالتبعية على شراء وقودها، ويجب أن يتخلى عن صرف البنزين المدعم، والأولى به أصحاب السيارات الأخرى من البسطاء، ولا بد من وضع النصوص التشريعية التى تنظم مثل هذه الأمور.

وليس الأمر مقصورًا فقط على البنزين بل يتعداه إلى سلع أخرى ومنها استهلاك الكهرباء فلا يجوز أن تتم محاسبة مستهلك لديه ستة تكييفات مثل آخر لا يملك هذه التكييفات، بل لا بد من المحاسبة طبقًا لشرائح محددة، يراعى فيها الفقير الذى لا يستهلك تيارًا كهربائيًا كثيرًا، وبالتالى تتحقق نظرية المشاركة فى الأعباء التى تعتمد على حساب القادر الغنى بأسعار مرتفعة لا يجوز تطبيقها على الآخر الفقير المعدم.

وأعلم أن وزارة الكهرباء تقوم حاليًا بإعداد نظام الشرائح بهدف إلغاء التسوية بين الفقير والغنى فى المحاسبة، وبين صاحب الاستهلاك العالى والمنخفض. الهدف هو

توفير الحياة الآمنة للمواطنين، وهذه هى سياسة حزب الوفد.

ولا بد من منظومة جديدة للدعم فى ظل سياسة التغيير المأمولة التى يجب أن تطرأ على البلاد وقضية الدعم الذى يكلف الدولة الكثير من الأموال يجب إيجاد حلول سريعة لها وناجزة حتى نضمن وصول هذا الدعم إلى مستحقيه من الفقراء وأهل العوز والمحتاجين بدلًا من المنظومة الحالية غير الطبيعية التى تضيع فيها أموال كثيرة، ولا يصل هذا الدعم إلى المستحقين الغلابة الذين يمثلون شريحة فى المجتمع وتعانى من شظف الحياة وقسوتها.

المطلوب منظومة جديدة تحول دون سيطرة القادرين على الدعم وحرمان مستحقيه الفعليين من الحصول عليه والدولة تقدم خدمات وسلعًا معقولة مدعومة، لكن هذا لا يصل إلى المستحقين بالفعل، بسبب فساد المنظومة التى تجعل القادرين يقتسمون مع الفقراء هذا الدعم.. والمعروف أن الدعم ليس فقط السلع لدى البقال التموينى وإنما يشمل سلعًا أخرى كثيرة ويأتى على رأسها البنزين والسولار والبوتاجاز والكهرباء، وهى مدعومة دعمًا كبيرًا من الدولة.

مثلًا البنزين الذى يحصل على دعمه الأغنياء والفقراء، وجدنا أن أصحاب سيارات فارهة تقدر أثمانها بالملايين من الجنيهات، يحصلون على هذا الدعم مثلهم مثل الفقراء أصحاب السيارات المتهالكة، وكذلك الحال بالنسبة لاستهلاك الكهرباء، فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن يتساوى الجميع فى هذا الشأن. فالمواطن الذى حرمه القدر من الأجهزة الكهربائية المختلفة، ولديه إنارة فقط، لا يجب أن يتساوى بالقادر الذى لديه كل صنوف الترفيه ويستهلك الكثير من الكهرباء.. فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن يتساوى الجميع فى هذا الشأن.

وكذلك أسعار المياه والمواصلات العامة وهى مدعومة بشكل ظاهر وواضح ولا يجوز أبدًا أن يتساوى الجميع فى ذلك.. فمثلًا المترو الذى تدعمه الدولة بالأموال الكثيرة ويتعرض هذا المرفق للخسارة، لا نطلب زيادة فى سعر التذكرة، وإنما يجب أن نفصل بين الفقير المحتاج والقادر الغنى، لماذا لا يتم تخصيص أماكن بالمترو أو تحديد عربات بأسعار مرتفعة لهؤلاء الأغنياء، دون المساس أو الاقتراب من تذكرة الفقراء.

فى هذا الإطار لا بد من تقديم الخدمة الجيدة للاثنين الفقير والغنى، ويتحمل القادر فروق هذه الخدمة. إذن قضية الدعم لا بد من تغيير منظومته فى إطار بناء الدولة الجديدة، ولا بد من وضع التشريعات التى تنظم عملها.

ـ هل لديكم رؤية بشأن الفلسفة العقابية حتى يصل الدعم إلى مستحقيه؟

< فى="" ظل="" الحديث="" عن="" الفلسفة="" العقابية="" الحديثة="" فإنها="" لا="" تركز="" فقط="" على="" المجرم،="" وتهتم="" بالجريمة="" وكيفية="" منع="" حدوثها="" أو="" وقوعها،="" مع="" ضرورة="" تدخل="" المشرع="" فى="" التوقيت="" المناسب،="" لمواكبة="" الواقع="" الجديد="" الذى="" تمر="" به="">

فالفلسفة العقابية تناقش أية ظاهرة إجرامية من جميع جوانبها، وليس التركيز فقط على المجرم، لأن الهدف هو منع تكرار الجريمة والبحث عن استقرار الوطن وتوفير الأمن والأمان للمواطن.

مثلًا فى الحديث عن الدعم الذى يكلف الدولة الكثير من الأموال ولا يصل إلى مستحقيه، نجد أن التركيز على المجرمين الذين يتسببون فى ضياع هذا الدعم وعدم وصوله إلى الفقراء وأهل العوز، والتسبب فى سرقة أموال هذا الدعم وتوصيله إلى من لا يستحقه.. والجميع يركز على المجرمين الذين يفعلون ذلك.. فى حين أن جريمة عدم توصيل الدعم إلى مستحقيه تعد جريمة حقيقية، يجب أن تناقش من كل الجوانب المختلفة حتى يتم الوصول إلى حلول سريعة وحاسمة لهذه القضية.

ومنذ قديم الزمن والدولة تتحمل المليارات من الجنيهات من أجل الدعم، ولا يزال المواطنون يشكون من عدم وصوله إليهم، والحديث ينصب فقط على البحث عن المجرمين الذين يفعلون ذلك، وتغيب دائمًا مناقشة هذه الظاهرة الإجرامية من جوانب مختلفة حتى يتم الوصول إلى الحلول السليمة التى تمنع تكرار هذه الظاهرة. وهذا يستدعى وجود لجان متخصصة فنية تعالج الأمر من جميع جوانبه المختلفة.

والفلسفة العقابية الجديدة تستلزم عدم التركيز فقط على المجرم وإنما مناقشة الجريمة من كل الزوايا والاتجاهات بهدف عدم تكرار هذه الظاهرة، مع التدخل التشريعى المناسب الذى تتحقق من خلاله فلسفة الزجر والردع، والوصول إلى علاج حقيقى لهذه الظاهرة الإجرامية، ولذلك فإن تطبيق الفلسفة العقابية الجديدة كفيل بحل كارثة ضياع الدعم وسرقة أمواله التى تخصصها الدولة ولا تصل إلى المستحقين من الفقراء والمحتاجين وأهل العوز.

والفلسفة العقابية الحديثة التى باتت علمًا فى كل أنحاء الدنيا، تستوجب تغيير الثقافة القديمة واستبدالها بأخرى حديثة تتواكب مع التطور العلمى والواقع الجديد الذى تمر به المرحلة الحالية بعد الثورتين العظيمتين فى 25 يناير و30 يونيه.

ـ هل تقصد أن المواطن هو الذى يدفع ثمن الفساد؟

< لا="" بد="" من="" شعور="" المواطن="" بأنه="" أمام="" ثقافة="" جديدة="" قائمة="" على="" الشفافية="" والنزاهة="" والوضوح="" فى="" مكافحة="" الفساد،="" فطبقًا="" لفكر="" الثورتين="" العظيمتين،="" لا="" بد="" من="" وجود="" فكر="" جديد="" فى="" هذا="" الشأن="" يلتزم="" بكشف="" الحقائق="" وإظهارها="" حتى="" نضمن="" تنمية="" حقيقية="" وإصلاحاً="" صحيحًا="" فى="" إطار="" عمليات="" البناء="" التى="" تتم="" حاليًا="" للبلاد،="" والمعروف="" ان="" الذى="" يستفيد="" من="" الفساد="" قلة="" محدودة="" على="" حساب="" جموع="" الشعب،="" فالمصريون="" هم="" الذين="" يدفعون="" الثمن="" غالبًا="" من="" التنمية="">

والخدمات وخلافه، مما يكون الفساد سببًا رئيسيًا فى التأثير عليه.

نعم المواطن البسيط هو الذى يدفع ثمن الفساد من خلال التأثير السلبى الذى يتركه على كل عمليات التنمية، والتأثير المباشر الآخر على عملية اقتصاد الوطن، ويتضرر المواطن كثيرًا بسبب الفساد من خلال الخدمات المقدمة إليه. وبالتالى لا بد من قطع دابر الفساد لتلاشى كل التأثيرات السلبية التى تؤثر على مناحٍ كثيرة، نتيجتها هى قيام المصريين البسطاء بدفع فاتورة هذا الفساد. ومن هنا وجب القضاء على كل مظاهر الفساد فى شتى المجالات، وقطع رؤوس أهله، حتى تستطيع الدولة الجديدة التى تسعى إلى النهضة والتنمية، أن تقوى على المهمة الكبرى وهى الإصلاح.

فليس من العدالة الإنسانية، أن تستفيد قلة على حساب جموع المصريين الذين يدفعون فاتورة هذا الفساد من خلال ما يقدم إليهم من خدمات مختلفة، ولأن ذلك يتنافى مع فكرة الدولة المصرية الحديثة، فلا بد من سبيل إلى القضاء عل الفساد وأهله وفى أسرع وقت ممكن، ونعلم أن الدولة حريصة كل الحرص على أن تسود العدالة الإنسانية بين جموع المصريين، ولا يتحمل المصرى أكثر من هذا، وكفى ما تحمله من متاعب وآلام طوال عقود زمنية مضت.

وإعلان الحرب على الفساد من أجل الإصلاح يشعر المواطن بأن هناك يدًا حانية عليه، وأن الخدمة المقدمة إليه لا يشوبها نقصان أو تقصير أو ما شابه ذلك. ولذلك يجب أن يسود منطق الشفافية والأمانة والنزاهة فى التعامل مع كل هذه الأمور، ولو نجحت البلاد من خلال الأجهزة الرقابية فى محاصرة الفساد وضبط الرؤوس الكبيرة ممن يرتكبون جرائم فى حق الشعب المصرى، لاختلفت الصورة وتمكن المصريون من الحصول على خدماتهم كاملة دون نقصان، بعد تحقيق الإصلاح المطلوب الذى يساعد على التنمية الحقيقية التى يحلم بها الجميع بلا استثناء.. وبهذا الشكل نضمن تحقيق النهضة المطلوبة فى مصر الحديثة العصرية.

ـ من وجهة نظر المستشار أبوشقة.. كيف نحمى المواطن من نار الأسعار؟!

< فى="" البداية="" لا="" أحد="" يريد="" زيادة="" معاناة="" المواطنين،="" لكن="" لا="" يجب="" أبدًا="" تحميل="" الدولة="" كل="" شىء="" فى="" ظل="" خزانة="" خاوية="" وميزانية="" مثقلة="" بالكثير="" من="" الأعباء،="" وكلنا="" مع="" أهمية="" تذويب="" الفوارق="" بين="" جموع="" المواطنين،="" وهناك="" وسائل="" كثيرة="" للتغلب="" على="" هذه="">

نحن فى مصر بحاجة شديدة وملحة إلى عقول مستنيرة تتعامل مع الأزمة بمنطق آخر مختلف وهو عدم تحميل المواطنين أعباء وكذلك الدولة، مثلًا لماذا لا تكون هناك تذكرة مميزة فى عربات محددة بالمترو بسعر أعلى من العربات الأخرى، وبذلك نضمن دخلًا لهذا المرفق بطريقة صحيحة مائة فى المائة، فالقادر مثلًا الذى يختار العربة المميزة فى القطار أو المترو تكون تذكرته بسعر أعلى من غيره.. وتظل الخدمة واحدة للجميع، لأنه لا يعقل أبدًا أن يتساوى الغنى والفقير الذى يستخدم هذه الوسيلة سواء أكان فى المترو أو القطار.

نحن فى مصر فى أشد الحاجة إلى عقول تفكر بمنطق آخر مختلف عن الذى يسود، فالأزمة الحقيقية ليست فى قلة الموارد وحسب وإنما فى طريقة التفكير وطرح الأفكار المناسبة لعلاج المشاكل، وليس من المنطق والعقل أن نحمل الدولة كل الأعباء، ولا أن نحمل المواطن كل الأزمات، لو أن هناك تفكيرًا سليمًا فى التعامل مع كل مشكلة لتم القضاء على الكثير من المشكلات التى نعانى منها منذ زمن طويل. ولا يجوز بأى حال من الأحوال أن يتساوى كل المواطنين فى دعم الدولة لهم، فليس من المعقول أن يحصل الغنى والقادر على دعم الدولة، والأولى بهذه الخدمة وتلك الرعاية الفقير، وعلى الغنى أن يتحمل جزءًا من حصوله على الخدمة!

وعن تحقيق الانضباط فى الشارع؟!.. هذه القضية تشغل بال الجميع، والانضباط فى الشارع له جوانب عديدة بحيث يحقق ما تصبو إليه الدولة من مصلحة وعلى رأسها أمن وأمان المواطن.. وهناك عدة مسائل يجب أن تكون هناك مواجهة فورية لها بما لا يصطدم بحق المواطن، والمحاكمة الناجزة السريعة.

على سبيل المثال لا الحصر، لا بد من وضع نصوص تشريعية تضمن توقيع العقاب الرادع ضد محتكرى السلع الذين ينتهزون حاجة الناس ويرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه، ويتذرعون بذرائع ما أنزل الله بها من سلطان حتى يرفعوا قيمة السلعة وبذلك يعانى المواطن أشد المعاناة، مما يقتضى أن تكون فلسفة عقاب هؤلاء محققة للردع والزجر، وما يجعلهم وأمثالهم لا يستغلون حاجة المواطنين فى توفير السلعة وبالسعر المناسب.

ولذلك نجد فجوة كبيرة بين قيمة السلعة فى مواقع الإنتاج وفى الأسواق، وفى هذه المنطقة الوسط يتم التلاعب ورفع الأسعار بهذا الشكل المبالغ فيه ما يسبب ضجرًا شديدًا للمواطنين.. وخير مثال أيضًا على ذلك ما يقوم به التجار المحتكرون من زيادة سعر السكر، بل تعمد إخفائه وتعطيش السوق والنزول به بعد ذلك بسعر باهظ الثمن. كل هذه الظواهر السلبية لا يردعها إلا النصوص التشريعية العقابية التى تحقق فلسفة الزجر والردع. ومن المهم فى هذا الشأن أن يتم إعمال القانون وتنفيذه، فلا معنى لنص قانونى دون تنفيذه.

لو تم تطبيق القانون على المحتكرين والتجار الجشعين لاختلفت الصورة تمامًا وتوفرت السلعة فى الأسواق بالسعر المناسب.

القضاء على فوضى الأسواق وضبط الأسعار قضية عاجلة لا تحتمل التأجيل فى ظل هذه الأوضاع الحالية، ولذلك فإن النصوص التشريعية الحاكمة لذلك مسألة بالغة الأهمية.

ـ هل للمحافظين دور فى هذا الأمر؟

< فى="" إطار="" المشاركة="" فى="" الأعباء="" لا="" بد="" من="" تشجيع="" المواطنين="" على="" ذلك،="" من="" خلال="" اهتمام="" كل="" محافظة="" بهذا="" الشأن="" عن="" طريق="" قيام="" كل="" محافظ="" بدور="" فعال،="" ولا="" يمكن="" ترك="" الأمر="" كله="" للحكومة،="" لو="" أن="" كل="" محافظ="" قام="" بحصر="" احتياجات="" محافظته="" فى="" كل="" الأنشطة،="" والتقى="" بالقادرين="" من="" أبناء="" الإقليم،="" وعرض="" عليهم="" المشاركة="" فى="" المشروعات="" التى="" تحتاجها="" المحافظة،="" لوجد="" هناك="" من="" الأفراد="" من="" يريد="" المشاركة="" فى="" تحمل="">

وهناك محافظات تحتاج إلى مستشفيات وأخرى للمدارس وثالثة لرصف طرق وخلافه، والميزانية المخصصة لا تكفى فلماذا لا تتم دعوة أهل المحافظة القادرين على المساهمة للمشاركة فى هذه المشروعات. والمصريون بطبيعتهم لديهم الشهامة وحب تقديم الخير، والأمر يحتاج إلى تنظيم من كل محافظ، ولإقناع أهل محافظته بمشاركته لتحمل الأعباء جنبًا إلى جنب مع الدولة.. والمشاركة فى الأعباء لا تعنى فقط عمليات التبرع التى تقتضى المساهمة الفعالة من خلال وسائل كثيرة ومتنوعة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مفروض أن يقوم القادرون بدفع فاتورة للعلاج تختلف عن قيمة فاتورة الفقراء رغم أن الخدمة موحدة ولا فرق فى تقديم العلاج بين فقير وغنى.

القادرون فى كل المحافظات يجب عليهم أن يشاركوا الدولة فى تحمل الأعباء بكل المجالات بدون استثناء وتشمل أن يتحمل الغنى والقادر تكلفة الحراسة الخاصة لمحلاته وفنادقه وخلافه بحيث يكون ذلك تحت اشراف أمنى وعلى القادر أن يدفع فاتورة للكهرباء والمياه مختلفة عن الفقير الذى لا يستهلك نفس الكمية، فلا بد للمستهلك الذى يحصل على كميات زائدة أن تكون محاسبته مختلفة عن المعتدل فى الاستهلاك، فالمقاهى التى تسهر حتى الصباح، لا بد أن يكون لها استهلاك مختلف عن المواطن البسيط داخل شقته الصغيرة، المساواة هنا فيها ظلم فادح وغير مقبول.

مساهمة الأغنياء ومشاركتهم فى تحمل الأعباء تأخذ منحنى مختلفًا عن التبرعات، فهناك طرق مختلفة فى تحمل الأعباء منها المساهمة المباشرة التى تتمثل فى تقديم الخدمة من خلال المساهمة فى مشروعات يتم القيام بها. وأخرى تعنى الحصول على الخدمة بسعر مختلف عن باقى الناس، وبمعنى أدق وأوضح هو الحصول على الخدمة من الدولة بسعر يزيد على المقدمة به للفقراء والمحتاجين.

ـ فى نهاية الحديث مع رئيس حزب الوفد، ماذا تريد أن توجهه فى ظل هذه الظروف الراهنة؟

< ضرورة="" نشر="" الوعى="" بين="" الناس="" حتى="" يكون="" نمط="" حياة="" للجميع،="" وبه="" تستقيم="" أمور="" كل="" شىء،="" وللوعى="" مظاهر="" كثيرة="" منها="" الوعى="" بالأخطار="" التى="" تحاك="" ضد="" الوطن="" والمواطن،="" والوعى="" بكل="" ما="" يتعلق="" بشأن="" الحياة="" العامة="" وخلافه.="" إن="" الوعى="" سلاح="" فتاك="" وقوى="" ضد="" كل="" الأزمات="" التى="" يتعرض="" لها="" المواطن.="" فى="" ظاهرة="" فوضى="" الأسواق="" وانفلات="" الأسعار="" وممارسة="" الاحتكار="" التى="" يقوم="" بها="" التجار="" الجشعون،="" فبالإضافة="" إلى="" الإجراءات="" العقابية="" فى="" القانون،="" لا="" بد="" أن="" يتم="" استخدام="" سلاح="" الوعى="" فى="" هذا="">

لا بد من خلال الوعى أن يتم ترشيد النمط الحياتى للإنسان، فى مواجهة ظاهرة الغلاء، فلا يترك المواطن الأمر دون أن يكون له موقف بشأن ارتفاع أية سلعة، ومن خلاله يتمكن من ضبط حركة السوق ووقف جشع التجار، ما يساعد إلى جوار الإجراءات الحكومية فى خفض ثمن السلعة. وهناك وسائل متعددة تتم ممارستها من خلال هذا الوعى، إما بالاستغناء عن السلعة من الأساس، وإما الحصول على الاحتياج الفعلى فقط من هذه السلعة.

وهذا ما نطلق عليه أيضًا المشاركة المجتمعية، فهى ليست فى المساعدة من خلال الدعم المادى فحسب، وإنما فى تحمل المسئولية وممارسة الوعى فى مكافحة كل الظواهر السلبية التى يتعرض لها المجتمع. كما ان الوعى ليس سياسيًا فحسب، وإنما يشمل كل مناحى الحياة بلا استثناء، وعندما يتمتع المرء بالوعى الكامل نجد ان الأمور تتغير تماماً، وتأخذ شكلًا آخر، أوله الحد من الظاهرة السلبية، بالإضافة إلى منع وقوع الجريمة، والوعى أمر بالغ الأهمية إلى جوار النصوص التشريعية التى تعتمد على الفلسفة العقابية الحديثة.

كما أن هناك أمرًا مهمًا لا يمكن أن أغفله أو أتغاضى عنه أبدًا، وهو أن حزب الوفد بجميع قيادات وأعضائه لديهم حس سياسى عالٍ ووعى كبير بأهمية وضرورة الحفاظ على أمن وسلامة الوطن، وكذلك الحفاظ على حقوق المواطن من أجل أن يحيا حياة آدمية كريمة، يحلم بها منذ زمن طويل.. كما أن حزب الوفد المدافع عن المواطن والوطن منذ تأسيسه يقف إلى جوار المواطن ويشعر بآلامه لا يمكن أبدًا أن يفرط فى حق من حقوق المواطن.