رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هنا عاش السيد المسيح | رحلة العائلة المقدسة تتجسد على أرض المنيا

إذا أردت أن ترى كف المسيح عليه السلام، وتلمس بيديك أشجارًا وجبالا انحنت له إجلالًا وترحيبًا.. فاذهب إلى المنيا، وإذا أردت أن تزور حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتستأنس بالجلوس إلى عدد من صحابة النبي.. فاذهب إلى المنيا، وإذا حدثت نفسك برؤية أساطير فرعونية صوتًا وصورة فما عليك إلا أن تذهب إلى المنيا.

هنا عاش السيد المسيح، عليه السلام والسيدة العذراء، هنا ينبت السلام ترعاه الأيادي والقلوب، ويهطل الحب مدرارا، لا حدود و لا أحقاد تفرّق هذا عن ذلك، و هنا يتناهى إلى أسماعنا صوت كل الحضارات التي مرّت من هنا، وهنا أيضا وشم التاريخ أكثر ما أمكن من الرموز و النقوش، لتكون قرائن وشواهد وأدلّة على أن الإنسانية بمختلف أعراقها ومشاربها وهوياتها مرّت من هنا وحطّت الرحال، وجعلت من المكان مستقرّا وجنّة مقدّسة، إنك وأنت تطأ المكان لابد أن تشعر بتلك الرهبة والخشوع اللذان يغزوان داخلك احتراما لكلّ ذلك الزخم من المعالم التاريخية والدينية والإنسانية، قف واستقم واخشع فإنك في المنيا.

فالمنيا ليست مجرد أرض وبشر ونيل وزرع، ولكنها سجل تاريخي ليس له مثيل، ففيها أقام الفراعنة حينا من الدهر وتركوا آثارًا ونقوشًا تحكي أساطير مثيرة، وفيها عاش المسيح والقديسة العذراء «عليهما السلام» وتركوا آثارًا تهفو لها القلوب، حتى أن الكف الشريفة للسيد المسيح انطبعت على أحد جبال المنيا ومازال أثرها باقيًا، وفي المنيا أيضاً آثار إسلامية نادرة "الوفد"، تلقي الضوء على المنطقة الأثرية الدينية المهمة، وما تحويه من مزارات سياحية، جعلتها تستقبل نحو 2 مليون زائر سنويًا، قبل أن يُدرجها بابا الفاتيكان ضمن مسار العائلة المُقدسة، وأعمال التطوير التي من شأنها أن تُزيد من أعداد الزائرين والسائحين.

توضح الدراسات الموثقة عن مباركة العائلة المقدسة لمحافظة المنيا، حيث مرت على البهنسا، وجبل الطير، والذي يقع على بعد 5 كيلو مترات من الضفة الشرقية لنهر النيل بمركز سمالوط، شمال محافظة المنيا والذي شهد رحلة العائلة المقدسة لـ "مصر"، واختبأت فيه ثلاثة أيام وتركت تراثًا فى ذلك المكان ، مما جعل المكان ذو قيمة تراثية استثنائية يستحق التسجيل تراث عالمى باليونسكو.

بينما يتحدث القمص متي كامل، كاهن كنيسة السيدة العذراء بجبل الطير، للوفد موضحًا أن الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الأول جاءت إلى جبل الطير عام 328 م، وعندما علمت من الأهالي أن العائلة المقدسة زارت هذه المنطقة واختبأت في المغارة، أمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة، وأطلقت عليها اسم كنيسة السيدة العذراء، وهى عبارة عن صخرة واحدة تم تفريغها إلى أربعة حوائط صخرية، وبالصحن عشرة أعمدة صخرية، وفى عام 1938 تم تجديد وبناء الطابق الثانى والثالث بالكنيسة.

ومضيفا القمص متي، أنه يوجد داخل كنيسة "دير جبل الطير" خمس مناطق أثرية هي "المغارة" و"المعمودية" الأثرية وهى منحوتة في أحد أعمدة الكنيسة، ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، و"اللقان الأثري" بصحن الكنيسة وهو عبارة عن تجويف تستخدمه الكنيسة، و"حامل الأيقونات"، كما توجد "أيقونة السيدة العذراء"، وأيقونة القديسة دميانة والأربعين عذراء، وأيقونة القديس العظيم مار جرجس ويرجع تاريخ هذه الأيقونات إلى عام 1554 للشهداء وقام برسم هذه الأيقونات، الفنان انسطاسي القدسي أو الرومي وأيقونة السيدة العذراء، رسمها القديس لوقا الطبيب، كما توجد أيقونة أخرى للعذراء مريم والسيد المسيح.

ويشير القمص ثوفيلوس، كاهن كنيسة أبو مقار بجبل الطير، أنه ومن خلال الدراسة إلى التراث اللامادى بجبل الطير، الذى أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى طيور البوقيرس المهاجرة، التي كانت تأتى سنويًا وتستقر على سفح الجبل وتنقر بمنقارها في صدع الجبل، وسمى أيضا الدير بالبكارة، ويطلق أحيانًا على المنطقة دير الكف أو جبل الكف أو كنيسة الكف، تكريمًا لكف السيد المسيح التي طبعت على الصخرة، ويوجد الكثير من القصص والروايات والمعجزات.

ويتابع أن هناك حوالى ثلاثة ملايين زائر من المسلمين والمسيحيين، يشاركون فى الاحتفال بالذكرى السنوية التي تستمر لمدة عشرة أيام، خلال شهر مايو من كل عام، ويقصد الجميع هذا الدير للتبرك به والدعاء بقضاء الحوائج ويحرصون على تكرار الزيارة التي يتم تحديدها في شهر مايو من كل عام ويتوافد ما يقرب من 3 ملايين زائر من المواطنين من أنحاء محافظات مصر المختلفة، ولذلك أصبحت منطقة تراث عالمى، حيث تنطبق عليها شروط الإدراج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، الذي يستلزم مجموعة من الشروط والضوابط الواجب توافرها في الآثر أو المزار أو الموقع.

ومدينة البهنسا إحدي قرى مركز بني مزار، والواقعة أقصى شمال محافظة المنيا، منذ زمن بعيد، حكمها حاكم روماني جبار يسمى بطليموس وكانت له فتاة ذات حسن وجمال، ومن شدة جمالها أطلق عليها بهاء النسا ومن هنا سميت المدينة بـ«البهنسا»، ومن المعالم التاريخية الموجودة فيها شجـرة مـريم «عليها السلام»، وسميت كذلك لأنه يقال إن مريم العذراء انحنت تلك الشجرة لها وجلست تحتها ومعها المسيح عيسى بن مريم، لتستظل بها عندما كانوا في رحلة إلى صعيد مصر.

ويعد مزار شجرة مريم هو أكثر مزار يقصده الأقباط، والذي يؤكد أحد خدام هذه الشجرة أن عمرها يرجع لآلاف السنين، وهي عبارة عن شجرة تقع بجوار بئر مردومة، شربت منها السيدة العذراء وطفلها عيسى (عليه السلام)، وذكر أهالي البهنسا، أن شهادات الأجداد أكدوا أن المسلمين حينما دخلوا البهنسا وكانت الشجرة والبئر على حالهما حافظوا عليهما وشربوا من البئر تبركا بها لأن نبي الله المسيح عيسى بن مريم شرب منها، واستظلوا بالشجرة كذلك وحافظوا عليها، وقيل إنهم عمقوها وحافظوا على آثار العائلة المقدسة بالبهنسا.

قال الدكتور ثروت الأزهري، مدير إدارة السياحة في المنيا، إن الكنيسة المتواجدة داخل الدير، تحمل اسم السيدة العذراء أنشأتها الملكة والقديسة هيلانة 328 ميلادية وجدّدها الأنبا ساويرس مطران المنيا والأشمونين 1938 ميلادية ويوجد داخلها مغارة تُسمى السيدة العذراء اختبأت فيها العائلة المُقدسة 3 أيام، إضافة إلى هيكل من الخشب به زخارف منفذة بالحشوات المجمعة يعلوه صور لـ"العذراء" و"القديسين"، كما يعلو صحن الكنيسة قبة قائمة على مناطق انتقال من جسور حجرية ويُحيط بالجدران

الداخلية مصاطب منحوتة للجلوس عليها، بالإضافة إلى الأيقونات والمعمودية الأثرية.

وأوضح أشرف رزق شاروبيم ، احد مثقفي بجبل الطير ، أن العائلة المقدسة وصلت إلى منطقة جبل الطير قادمة من قرية البهنسا في مركز بني مزار شمال مُحافظة المنيا خلال رحلة هروبها من بطش الرومان، وتضم المنطقة أيضًا، ديرًا أثريًا يقع مدخله الرئيسي في الناحية الغربية مواجهًا للهيكل، وجدرانه بها أعداد كبيرة من النوافذ، وفي الناحية الشمالية يوجد بروز تعلوه المنارة المركب فيها جرس الكنيسة، بينما يعلو الجدار الغربي 4 نوافذ على شكل صليب ويوجد داخله ممر مستطيل أمام الباب الجنوبي ولوحة من الفسيفساء في الجدار الشرقي وفي الجهة الغربية سلم صاعد إلى أعلى الدير ، كما يوجد سلم داخل الممر المتواجد أمام الباب الغربي يصل إلى أعلى الدير.

ومضيفا شاروبيم ، ان البعض يطلق على الدير اسم جبل الطير ، بسبب تجمع أعداد كبيرة من "طير البوقيرس" داخله، كما يطلق عليه البعض اسم جبل الكف لمنع "عيسى عليه السلام" سقوط صخرة عليه ووالدته بعد أن أشار إليها بـ"كف يده" التي انطبعت على الصخرة حتى الآن ويتم عرضها داخل "المتحف البريطاني"، كما يشتهر باسم دير "البكارة" لوجود بكرة كانت تستخدم في الصعود والنزول من الجبل.

 

ومن ضمن محتويات المنطقة أيضا شجرة لبخ عالية تسمى "العابد" تكون جميع فروعها هابطة باتجاه الأرض ثم صاعدة بالأوراق الخضراء يُقال لأنها سجدت لـ"السيد المسيح"، وشكّلت محافظة المنيا لجنة لتطوير المنطقة، من خلال إنشاء عدد من المحلات التُجارية وبعض المكاتب الإدارية ونقطة أمنية متكاملة وبها "إسعاف و إطفاء" وعدد من الأماكن المخصصة لاستراحة المواطنين ومسطحات خضراء ودورات مياه ومحطة مياه للشرب والصرف الصحي، ومحطة معالجة ثلاثية وتشجير الطرق وتطوير المرسى النيلي وتجميل القرية بأكملها.

 

وتحمل ذكرى دخول العائلة المقدسة مصر أهمية تاريخية ودينية كبيرة لدى المصريين، كما أنها تعد من التراث الديني العالمي والذي تنفرد به مصر عن سائر بلدان العالم، وبفضلها تبوأت الكنيسة القبطية المصرية مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية في العالم، لارتباطها بهذه الرحلة المباركة لأرض مصر الغالية على مدار أكثر من 3 أعوام ونصف، باركت خلالها العائلة أكثر من 25 بقعة في ربوع مصر المختلفة تحمل ذكراهم العطرة، حيث تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء شرقا إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أقاصي صعيد مصر.

 

وعن شجرة العابد بجبل الطير يضيف أشرف رزق شاروبيم ، من أبناء القرية، ان تلك الشجرة من أشجار اللبخ ذات الأوراق الخضراء ، ويطلق عليها أهل المنطقة شجرة العابد،  وتلك الشجرة هي التي سجدت للسيد المسيح ( عليه السلام ) عند مروره من أمامها وذكرت قصتها في الروايات التي تحدثت عن مجيء العائلة المقدسة إلى أرض مصر.

 

وكان اللواء أسامة القاضي ، محافظ المنيا، قد اعلن  الانتهاء من التطوير الشامل لمسار العائلة المقدسة بمنطقة دير جبل الطير، شرق النيل بمركز سمالوط،، بعد أن تم إدراج الدير من قبل بابا الفاتيكان ضمن مسار العائلة المقدسة على مستوى العالم، وأكد المحافظ الانتهاء من النقاط المحددة لتنفيذ الأعمال بالتنسيق مع جهاز الخدمة الوطنية لخروج مشروع التطوير في أفضل صورة ممكنة وبشكل يليق باسم مصر في المنطقة والعالم، مما يحقق إستراتيجية شاملة ومحكمة لرؤية مصر المستقبلية للقطاع السياحي.

 

وأضاف «القاضي» خلال جولة بالمنطقة، أنه تم إنهاء الأعمال التي تم تنفيذها بالمدخل الرئيسي للمنطقة والاستراحة والطريق السياحي، وكذلك الانتهاء من تركيب اللوحات الإرشادية وتمهيد الطريق المودي للكنيسة الأثرية بالبازلت وأعمال التشجير، وقال المحافظ ،  إن هناك اهتمام كبير من القيادة السياسية للدولة، لتنفيذ أعمال التطوير الشامل لمسار العائلة المقدسة بجميع المحافظات، والذي يعد أهم المشروعات التراثية والحضارية والثقافية والدينية لتضاف لرصيد الانجازات التي حققتها مصر على الصعيد الثقافي والحضاري.

 

يذكر أنه تم إدراج منطقة دير جبل الطير، ضمن رحلة العائلة المقدسة، بعدد من محافظات الجمهورية، لتضع المحافظة على خريطة السياحة العالمية، وبما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة، وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة.